تواجه المرأة العديد من القضايا الاجتماعية، خاصة مع ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، ومواصلة العمل على تمكينها في كل المجالات، وتعزيز دورها بالمحافل الدولية. ويعتبر تعزيز دور المرأة في القضايا الاجتماعية والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي في ظل أزمة المناخ والحد من أخطار الكوارث أحد أكبر التحديات العالمية التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين.
مختارات عن دور المرأة في القضايا الاجتماعية في المجتمعات العربية
وفقاً للأمم المتحدة، تشكل النساء نسبة 70% من 1.3 مليار شخص يعيشون في ظروف من الفقر. وتتحمل النساء في المناطق الحضرية مسؤولية إعالة ما نسبته 40% من أفقر الأسر. وتشكل النساء والفتيات نسبة 40 % من النازحين حول العالم بسبب الكوارث والتغيرات المناخية.
يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس/آذار في كل عام، لكن ما تحمله منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" من امتنان للمراة يجعلنا نسلط الضوء على أفضل ما قدمناه دعماً لها، وتقديراً لدورها الفعال في كل المجتمعات.
كيف يمكن مكافحة "الوباء الخفي" للعنف القائم ضد المرأة؟
غالباً ما يتزايد العنف ضد المرأة أثناء حالات الطوارئ الصحية، وفقاً للصحة العالمية، وهذا ما أكدته نسبة الزيادة في العنف القائم على نوع الجنس خلال جائحة "كوفيد-19"؛ كنتيجة غير مقصودة لأوامر المكوث في المنازل وعمليات الإغلاق. وقد أطلق على هذه المشكلة اسم "الوباء الخفي".
وقد زادت كمية التقارير الواردة التي تتحدث عن العنف الأسري وعدد الاتصالات بالخطوط الساخنة المخصصة للعنف الأسري بنسبة 25% في الأرجنتين وفرنسا وسنغافورة، وفقاً للأمم المتحدة، وتصل إلى 48% في بعض البلدان في شرق إفريقيا.
7 مبادرات مبتكرة لتعزيز مكانة المرأة العربية في سوق العمل
تتجه مكانة المرأة في اقتصاد المنطقة نحو التحسن عبر شَغل مناصب بارزة في قطاع الأعمال والإدارة، لكن لا تزال طاقاتها غير مُستغلة بالكامل، وتواجه قيوداً تؤثر على قراراتها، مثل عدم القدرة على التنقل بحرية، ونقص الدعم التكنولوجي والمالي، ومسؤولية رعاية الأطفال وغيرها، ما يُفضي إلى ضياع فرص مهمة للتنمية الاقتصادية في المنطقة وفق تقرير منظمة العمل الدولية.
أشارت دراسة مؤسسة التمويل الدولية عام 2010 إلى أن المنطقة تعاني من ثاني أعلى فجوة في تمويل المشروعات متناهية الصغر للنساء (29%)، وفجوة قدرها 16 مليار دولار بين احتياجات رائدات الأعمال في المنطقة من الائتمان، والتمويل الذي يحصلن عليه.
حول الأسباب التي تدفع المرأة في المنطقة إلى العمل، أظهر استبيان "المرأة العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" أجراه موقع التوظيف "بيت.كوم" عام 2021، أن الرغبة في تحقيق الاستقلال المالي (57%) هو السبب الرئيسي في بحث المرأة عن وظيفة، فيما كشفت 48% من المشاركات في الاستبيان بأنهن يبحثن عن عمل لدعم عائلاتهن مالياً، وعبّر 48% منهن عن رغبتهن بتوسيع آفاقهن في الحياة.
النساء العاملات في القطاع غير الرسمي: فرص مهدرة وموارد غير مستغلة
تعاني المنطقة العربية أكثر من غيرها فيما يتعلق بالحديث عن تمكين المرأة في سوق العمل، إذ بلغ معدل مشاركة المرأة العربية في سوق العمل 18.4%، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 48%. وفي المقابل يزداد عملهن غير المأجور في المنزل لنحو 5 مرات عما يقوم به الرجل من أعمال الرعاية غير المأجورة.
ولكن حتى هذه النسبة القليلة تعاني الكثير من الحقوق المهدرة في سوق العمل خاصة في قطاع العمل غير الرسمي، الذي تزداد مشاركة النساء فيه أكثر من العمل الرسمي لعدة أسباب مثل عدم وجود بدائل، وانخفاض مستويات التعليم، ونقص المهارات لدى السيدات، إلى جانب توفير بعض المرونة في العمل من المنزل، وعدم تطلب هذه الوظائف للتفرغ الذي لا تستطيع المرأة توفيره بسبب أعباء رعاية الأطفال وكبار السن التي تقع على عاتقها على نحو غير متكافئ. إذ إن 58% من النساء العاملات يعملن في وظائف غير رسمية، وترتفع هذه النسبة إلى 75% في بلدان أميركا اللاتينية، و89% من بلدان جنوب آسيا، وتصل إلى أكثر من 90% في بلدان إفريقيا وفقاً لمنظمة "العمل الدولية".
أبرز 3 مؤسسات خيرية بقيادات نسائية في المنطقة العربية
على الرغم من تزايد تمثيل المرأة في القوى العاملة للمؤسسات غير الربحية، فإن الوضع مختلف بالنسبة لعمل النساء في المناصب القيادية والمساواة في الأجور، وبحسب "فوربس" شَغل الرجال عام 2018 الوظائف الأعلى أجراً في 9 من أفضل 10 مؤسسات غير ربحية في الولايات المتحدة الأميركية، وكانت "كلير بابينو فونتينوت" (Claire Babineaux-Fontenot)، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "إطعام أميركا" (Feeding America) المرأة الوحيدة ضمن القائمة.
السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: ما الفارق الذي ستحدثه المرأة في المناصب القيادية بالقطاع الخيري؟ أظهرت دراسة أجرتها "هارفارد بزنس ريفيو" في عام 2019 تفوق النساء على الرجال في المهارات القيادية مثل اتخاذ المبادرة، والتصرف بمرونة أكبر، وممارسة التطوير الذاتي، وإظهار النزاهة والصدق، وعمل باحثون من جامعتي "بينغهامتون" و"إنديانا" على دراسة في عام 2020 بعنوان: "القيادات النسائية وأداء مجلس الإدارة في المؤسسات غير الربحية التي تخدم الأعضاء"، وتوصلوا إلى أن شغل المرأة رئاسة مجلس إدارة المؤسسات غير الربحية مرتبط بتحسين النتائج، واتباع نهج التخطيط الاستراتيجي، والتقييم الذاتي للأداء.
كيف يمكن تأمين المستلزمات الصحية لإنهاء العار المصاحب للطمث؟
على الرغم من أن غالبية النساء ملزمة بالتعايش مع الطمث لمدة 40 عاماً تقريباً، فإن الناس نادراً ما يتحدثون عن الطمث في اليابان، وهي دولة تأتي في المرتبة 120 بين 156 دولة في "مؤشر الفجوة بين الجنسين" لعام 2021 الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي". في الواقع، يعد الطمث في اليابان موضوعاً شبه محظور اجتماعياً، فمثلاً عندما يشتري شخص ما منتجات صحية من متجر صغير أو كبير في اليابان، يلفها العامل دائماً بكيس ورقي غير شفاف، لأنه يفترض أنها ستكون مصدر إحراج في حال رآها الآخرون في حوزة المشتري.
في أوائل عام 2021، أجرت مؤسسة "بلان إنترناشيونال جابان" (Plan International Japan, an international)، وهي مؤسسة غير حكومية دولية تسعى إلى تمكين الأطفال والنساء، استقصاء آراء ألفي امرأة يابانية تتراوح أعمارهن بين 15 و24 عاماً. وأبرزت النتائج وصمة العار المرتبطة بموضوع الطمث أو ما يسمى بـ "العار المصاحب للطمث". قال العديد منهن إن شراء اللوازم الصحية بأنفسهن أو طلب شرائها لهن من والديهن أو أولياء أمورهن يشعرهن بالإحراج، وأفادت نسبة 30% منهن أن معرفة زملاء العمل أو الدراسة عن دورتهن الشهرية أحرجتهن.
كيف تدعم المؤسسات المرأة أمام المعاناة المجتمعية؟
يزداد عدد رائدات الأعمال في اليابان اللواتي يعملن على بناء خطوط جديدة من الملابس الداخلية المخصصة لفترة الطمث. تعد شركة "بي أيه" (BeA) (اختصاراً لعبارة "كُنَّ طموحات" (Girls Be Ambitious) في اليابان رائدةً في هذا المجال، ونظمت حملة تمويل جماعي في عام 2020 لتغطية نفقات البحث والتطوير، وكان هدفها المتواضع جمع مليون ين (10 آلاف دولار)، لكنها جمعت أكثر من 100 مليون ين (مليون دولار). تقول كومي تاكاهاشي رئيسة العمليات في الشركة: "لقد فوجئنا"، إذ تستطيع أن تلمس حقاً تطلعات النساء في اليابان وحماسهن. نريد بناء مجتمع تحظى فيه المرأة بحرية أكبر وتفعل ما يحلو لها".
وفي الصين، تنتج المؤسسة الاجتماعية "ريليف" (Relief) التي تديرها نساء في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهن ملابس داخلية مخصصة لفترة الطمث أيضاً. تأمل المصممة والمؤسِّسة "إيما تشِن" أن تزيد منتجاتها ثقة المرأة، وتسهم في معالجة مسألة العار المصاحب للطمث، وتؤدي في النهاية إلى تحقيق قدر أكبر من المساواة.