كيف يمكن مكافحة “الوباء الخفي” للعنف القائم ضد المرأة؟

العنف القائم على نوع الجنس
shutterstock.com/KATTY ELIZAROVA
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على الرغم من انتشار العنف القائم على المرأة، فإنه ليس أمراً حتمياً، وفقاً للأمم المتحدة التي أكدت أن وقف هذا العنف يبدأ من تصديق الناجيات، واعتماد نهج تعالج الأسباب الجذرية له، وتغير الأعراف الاجتماعية الضارة، وتُمكن النساء والفتيات.

غالباً ما يتزايد العنف ضد المرأة أثناء حالات الطوارئ الصحية، وفقاً للصحة العالمية، وهذا ما أكدته نسبة الزيادة في العنف القائم على نوع الجنس خلال جائحة “كوفيد-19″؛ كنتيجة غير مقصودة لأوامر المكوث في المنازل وعمليات الإغلاق. وقد أطلق على هذه المشكلة اسم “الوباء الخفي“.

وتشمل فئات النساء اللواتي تعرضن للعنف في أثناء فترة الجائحة، النساء النازحات المهاجرات أو اللاجئات، واللواتي يعشن في المناطق المتضررة بالنزاعات، والنساء ذوات الإعاقة؛ وذلك بسبب تطبيق التدابير الرامية إلى مكافحة انتشار الوباء التي أدت إلى عزلهن مع أفراد قد يميلون إلى العنف.

وبالتالي، فقد زادت كمية التقارير الواردة التي تتحدث عن العنف الأسري وعدد الاتصالات بالخطوط الساخنة المخصصة للعنف الأسري بنسبة 25% أو أكثر في بلدان مثل الأرجنتين وفرنسا وسنغافورة، وفقاً للأمم المتحدة، ووصلت إلى 48% في بعض دول شرق إفريقيا. ولذلك عملت هيئة الأمم المتحدة للمرأة على تقرير أصدرته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بعنوان: “قياس الوباء الخفي: العنف ضد المرأة في أثناء كوفيد-19” (Measuring the shadow pandemic: Violence against women during COVID-19)، استند إلى بيانات قُدمت من 13 دولة منذ بدء الجائحة، وكانت النتيجة أن أثنتين من كل ثلاث نساء شاركن بالاستطلاع، أبلغن عن تعرضهن أو تعرض امرأة واحدة على الأقل في نطاق معرفتهن، للعنف خلال جائحة “كوفيد-19”.

نموذج من قرارات الولايات المتحدة لمكافحة العنف

في الوقت الذي تواجه فيه المرأة الكثير من التحديات بسبب العنف، هناك بعض الدول التي تكثف جهودها لوضع حد لآفة العنف القائم على المرأة، سواء داخل أو خارج أراضيها.

تعتمد الولايات المتحدة على عدد من الاستراتيجيات لمكافحة الوباء الخفي أو العنف ضد المرأة الناتج عن فترة الجائحة، لذلك فإن هذه الجهود اللافتة للأنظار تعد نموذجاً ملهماً لدعم المرأة على الصعيد العالمي، فهناك استراتيجية وطنية للولايات المتحدة بشأن الإنصاف والمساواة بين الجنسين، التي صدرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حيث أعلن البيت الأبيض، عن تعزيز السياسات الوطنية والعالمية للقضاء على جميع أشكال العنف القائم ضد المرأة، ودعم الناجيات سواء عن طريق توفير الخدمات الشاملة، أو تكثيف جهود الوقاية.

وفي تغريدة نشرها مكتب وزير الخارجية لشؤون المرأة في العالم على موقع “تويتر” أكد، أن امرأة واحدة من كل ثلاث نساء تعاني إما من العنف الجنسي أو البدني؛ ما يمنح مكافحة العنف أولوية وضرورة حتمية لضمان حقوق الإنسان.

وقالت حكومة بايدن-هاريس إن القضاء على العنف هو واجب أخلاقي واستراتيجي؛ لأنه لا يضر السلامة الجسدية أو النفسية للمعنفين، بل يشكل تهديداً واضحاً للعائلات والمجتمع، وينعكس على الاقتصاد أيضاً.

لكن قبل الجائحة، كانت هناك بعض الخطوات التي اتُخذت في الولايات المتحدة، وأدت دوراً خاصة في السنوات الأخيرة، لمكافحة العنف، وقامت بما يلي:

  • إنفاق ما يقرب من 87 مليون دولار بين عامي 2014 و2016 لتوفير برامج استشارية في إثيوبيا والعراق وسوريا ونيجيريا وهايتي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبورما وجنوب السودان ومالي والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى وباكستان والفلبين واليمن.
  • العمل مع القطاع الخاص لتوفير الموارد للناجيات من العنف في 15 دولة من خلال شراكةيو إس دريمز” (US DREAMS). وتهتم البرامج الناتجة عن هذه الشراكة بتمكين الشابات وحمايتهن.
  • دمج جهود منع العنف والتصدي له في مشاريع النمو الاقتصادي حول العالم، والبحث في كيفية تأثير مكافحة العنف في النمو الاقتصادي.
  • دعم مشاريع تعزيز جهود الوقاية، وتشجيع المساءلة، ومعالجة العوائق المنهجية التي تواجهها الناجيات، بما فيها تلك العقبات التي تشكلها الأنظمة القانونية.
  • الشراكة مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المعنية بحماية المرأة في مناطق النزاع والصراعات، حيث أعلنت أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها ستقدم أكثر من 30.8 مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة للسكان؛ لمساعدة النساء والفتيات، ممن فررن من العنف أو الأزمات الناتجةمناطق النزاع. .

ختاماً، فإن الجهود الرامية إلى منع جميع أشكال العنف تعد حجر الأساس للالتزام بتعزيز الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان وتعزيز المساواة بين الجنسين، يعني ذلك العمل على وضع مجموعة من الاستراتيجيات الشاملة مع مراعاة أن تكون طويلة الأجل لتعالج الأسباب الجذرية للعنف، وتحمي حقوق النساء والفتيات، وتعزز حركات حقوق المرأة القوية والمستقلة، كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش”. علماً أن القضاء على العنف ضد المرأة يعتبر هدفاً يجب أن نعطيه الأولوية؛ حتى تتمتع النساء والفتيات بحياة بلا خوف من الإساءة والعنف، وبالتالي سيكون بمقدورهن إطلاق العنان لمواهبهن. فالتغيير أمرٌ مستطاع.