تختلف مجالات العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية وتختلف من بيئة إلى أخرى، وذلك تبعاً لاحتياجات المجتمع نفسه، لذا نجد أن التطوع يشكل جزءاً من كل الأنشطة.
مفهوم العمل التطوعي
يُعرف العمل التطوعي بأنه المساهمة بالوقت والجهد والموهبة لحاجة أو سبب أو قضية ما دون مكاسب مالية بهدف مساعدة الآخرين في المجتمع. وينتشر التطوع من واقع اقتناع الأفراد بحقوق الآخرين وكرامتهم وثقافتهم، ما يحافظ على حقوق الإنسان وتعزيز فرص المساواة.
وعلى الرغم من أن التطوع ينتج عن دوافع فردية؛ فإن مجالات العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية توفر العديد من الفرص لكل الأعمار، للانخراط في تقديم الدعم ومد يد العون بالخير إلى من يحتاجه، وقد انعكس دعم المؤسسات غير الربحية للتطوع ونشر ثقافة العطاء على زيادة عدد المتطوعين في الوطن العربي.
مجالات العمل التطوعي
في الوقت الذي تتعدد فيه أنواع العمل الخيري، تختلف توجهات التطوع بين الأفراد، وقد أكدت دراسة بعنوان "توظيف رأس المال الاجتماعي في تعزيز مجالات العمل التطوعي" للباحثة مها أبوالمجد، شملت 422 طالباً من جامعة بنها المصرية، أن الجهود التطوعية باتت من أسس تطوير المجتمعات، وينخرط الأفراد في عدة مجالات للعمل التطوعي أبرزها: محو الأمية وتعليم الكبار، وتنظيم الفعاليات، وخدمات الإسعاف والرعاية الصحية، إضافة إلى تقديم خدمات لنشر الوعي البيئي، ما يسهم في تنمية المجتمع المحلي.
في ظل الأزمات التي تنتشر في المجتمعات العربية، تتفق العديد من الجمعيات على حث الأفراد على العمل التطوعي في عدد من المجالات التي يمكنها تحسين جودة حياة الأفراد، منها:
نشر الثقافة والتعليم
تعد برامج تعليم الكبار، ومحو الأمية، وتعليم الفقراء من أكثر مجالات العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية انتشاراً، فهذا السلوك الاجتماعي الناتج عن نشر الثقافة يعتمد على تبرع الأفراد بعلمهم إلى من هم بحاجة له، سعياً لتطوير المجتمع وتحسين مستوى المعيشة فيه، ويؤكد الباحث السعودي علي الزهراني في دراسته بعنوان "مجالات العمل التطوعي في الميدان التربوي" أن برامج التعليم تعمل على زيادة الوعي التربوي ما يقلل نسبة الجريمة في المجتمع وتحقق الأمن الشامل.
مساعدة أصحاب الهمم
تنتشر الأرقام الصادمة فيما يتعلق بأًصحاب الهمم، حيث يعيش ما يقرب من 15% من نسبة سكان العالم مع شكل من أشكال الإعاقة، فيما تتواجد نسبة 80% منهم في البلدان النامية، ولا يستطيع 50% منهم تحمل تكاليف الرعاية الصحية، لذا تعتبر قضاياهم من مجالات العمل التطوعي المهمة في الجمعيات الخيرية. فعلى سبيل المثال، تنظم جمعية رسالة في مصر أنشطة للمتطوعين بهدف مساعدة أصحاب الهمم غير القادرين على الحركة نهائياً لحضور بعض الاحتفالات الترفيهية، والندوات التعليمية الشهرية، سعياً لدمج أصحاب الهمم من الأطفال مع غيرهم.
تنظيم الفعاليات والحملات
تنتشر فكرة الاعتماد على المتطوعين من أجل تنظيم الفعاليات الكبرى، وقد شهدنا مؤخراً مشاركة المتطوعين في تنظيم كأس العالم 2022، وهو الحدث الرياضي الأكبر على الإطلاق، لكن بالنسبة للجمعيات الخيرية، فإنها تنظم مجموعة البرامج الخاصة بالمتطوعين من أجل تنظيم الاحتفالات الخاصة بالأطفال الأيتام أو أصحاب الهمم، أو الترتيب للندوات الثقافية والتعليمية، أو تنظيم حملات جمع التبرعات، أو حملات التبرع بالدم، وفي هذه الحالة، توضح الجمعية أهمية تبرع المتطوع بوقته ومجهوده دون انتظار مقابل مادي، والعمل على الانخراط في العمل التطوعي وفقاً لرسالة الجمعية ذاتها.
القوافل الطبية
تعطي بعض الجمعيات الخيرية الفرصة للأطباء وكل من يعمل بمجال التمريض، للتطوع في القوافل الطبية لدعم الفقراء والفئات المتعففة في القرى، فمثلاً، هناك جمعية بداية للأعمال الخيرية، تمكن الأطباء من التطوع في قوافلها الطبية التي تنظمها بهدف المساهمة فى مساعدة الجمعية فى تحسين مستوى الخدمات الطبية فى القري الفقيرة؛ من خلال الكشف على الأسر المحتاجة ومساعدتهم على الشفاء، كما يمكن لغير الأطباء التطوع بالمساعدة فى توزيع الأدوية على الأسر المحتاجة بالقري الفقيرة.
دعم الحالات المتضررة من الأزمات
لأن العمل التطوعي يعزز من الإيثار داخل الإنسان، فإن الأزمات يمكنها أن تُخرج أفضل ما في جعبته من مهارات تُنمي الابتكار الاجتماعي لتقديم الحلول للمشكلات، فالقوي يأخذ بيد الضعيف، والصغير يمكن أن يكون سنداً للكبير، لذا فإن الحالات المتضررة من الأزمات تلقى اهتماماً ملحوظاً من المتطوعين لعمل الخير؛ الذين يجدون في الجمعيات الخيرية مقصداً مهماً يمكن أن يرشدهم إلى طريق المحتاجين.
العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية متنوع ومتشعب، ويمكنه تحقيق أفضل النتائج بأبسط المشاركات، كما يمكن للجمعيات الخيرية أن تطور من مجالاته في حالة احتياج المجتمع لذلك.