ما الفرق بين العمل الخيري والعمل التطوعي؟

3 دقائق
العمل الخيري والعمل التطوعي
shutterstock.com/Oleksandr Khmelevskyi

قد يجد البعض صعوبة في رسم الحدود الفاصلة بين العمل الخيري والعمل التطوعي، وتمييز دور كل منهما، خاصة أنهما يعطيان الانطباع بالترادف أحياناً ويشتركان في الغايات الكبرى من قبيل تنمية المجتمع ودعم الفئات الأكثر احتياجاً، وإن كانا في الحقيقة مختلفان. فما الأسس والخصائص التي يمكنها تحديد الفارق بينهما؟

خصائص العمل التطوعي

يختلف العمل التطوعي عن العمل الخيري في عدة خصائص من أبرزها أنه يعد جزءاً من العمل الخيري، وغير مرتبط بمشاريع مؤسساتية ورسمية بالضرورة، ويعد داعماً لأهداف العمل الخيري.

العمل التطوعي جزء من العمل الخيري

يعد العمل التطوعي جزءاً من العمل الخيري، ونوعاً من أنواعه، إذ يعتبر المتطوع عنصراً فعالاً في المجتمع غير الربحي المستدام؛ لذلك تعمل العديد من المؤسسات الخيرية، على توفير تجربة إيجابية للمتطوع وتعزيز فرصه في المشاركة في العطاء وعمل الخير بعدة طرق منها منح الأموال من أجل قضية ما، وبالفعل، يؤدي المتطوع دوراً حاسماً في دعم القطاع الثالث، والذي يسمى أيضاً بالقطاع غير الربحي، ما دفع بعض المؤسسات الخيرية إلى بحث الخطوط العريضة لكيفية نجاحها وفقاً لدور المتطوع، وتُحدد خصائص واتجاهات التطوع ضمن فعالياتها، بعد دراسة الأهمية الاقتصادية للأحداث الخيرية.

أما بالنسبة لبعض المؤسسات الأخرى فهي تحث المتطوع على التبرع بوقته وتخصيصه لمساعدة الآخرين، وقد يصل الوقت المخصص للتطوع من أغلب المتطوعين الجدد إلى نحو 10 ساعات كل شهر.

يشكل التطوع أيضاً وسيلة من وسائل الابتكار الاجتماعي الداعمة للعمل الخيري حول العالم، وقد ناقش كتاب "طبيعة القطاع غير الربحي" (The Nature of the Nonprofit Sector)، هذا الأمر في فصل كامل، فأهمية التطوع تنتج من تأثيره في تعزيز أساليب الابتكار الاجتماعي، وتنمية المجتمعات بما أسماه اقتصاد المنح الخيرية.

العمل التطوعي خيار فردي

للتأكد من الفرق بين العمل الخيري والعمل التطوعي من حيث رسالة كل منهما، يجب معرفة الفرق بين مفهوم كل منهما، وكيفية تطورهما وتأثيرهما في المجتمعات.

العمل التطوعي هو خيار فردي يتخذه الفرد بإرادته الحرة للمشاركة في عمل ما سواء مادي أو معنوي يعود بالنفع على المجتمع دون الحصول على مقابل مالي.

ويسهم شعور الفرد بالإيثار، في انتشار نسبة التطوع في العالم، فهو وسيلة الفرد المختارة لرد الجميل لمجتمعه، لذلك يخصص من وقته ومجهوده وماله للتطوع والمشاركة الفعالة في أنشطة لدعم تنمية المجتمع، وفي أثناء هذه الرحلة يمكنه أيضاً تطوير مهاراته الاجتماعية المهمة.

التطوع لا يرتبط بالمؤسسات الخيرية

تتعدد أدوار التطوع الرسمية التابعة للمؤسسات غير الربحية والجمعيات الخيرية، لتشمل جمع التبرعات، وتنظيم الفعاليات، وتنظيم بعض الأحداث الإنسانية المعنية بتطوير المجتمع، وإعطاء النصائح، وتقديم الاستشارات، ومساعدة الفقراء أو المصابين بالأمراض.

هل شعرت أنك لم تتطوع أبداً؟ قد تكون على خطأ. تذكر جيداً.

هل قررت مساعدة مسن يرتعش بسبب بعض الأحمال الثقيلة في يديه؟ هل أخذت بيد جارك الكفيف لتصل به إلى المنزل سالماً؟ هل نزلت إلى الشوارع المغمورة بمياه السيول وبدأت تنظيفها من أجل سلامة المواطنين؟ كل هذا وأكثر من الأنشطة البسيطة التي قد تكون شاركت فيها من أجل حماية أسرتك ومجتمعك، وهي تعتبر من أنماط التطوع لكنها غير رسمية؛ لذلك فهذا النمط من المتطوعين لا تشملهم الدراسات الاستقصائية، وبالتالي، يصعب الوصول إلى عدد المتطوعين الحقيقي في العالم، فكل نشاط بسيط لمساعدة الآخرين سواء كان دافعك شعورياً أو لا يعتبر تطوعاً.

التطوع الافتراضي

إيماناً بأهمية التطوع وتأثيره في التنمية، تحث الدول على تعزيز فرص التطوع، فمثلاً نجد أن الإمارات العربية المتحدة تتجه نحو نشر ثقافة العمل التطوعي لتعزيز التنمية المستدامة، ومن ثم إيجاد حلول واقعية لبعض المشكلات الاجتماعية، كما أصدرت بعض التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تدعم بناء مجتمع متجانس ومترابط يحافظ على هويته، وأطلقت مبادرات محلية وعالمية لدعم العمل التطوعي. كما ظهرت العديد من المبادرات العربية التي تسهل فرص التطوع.

وقد تأثرت أشكال التطوع بالتطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، حيث ظهر التطوع الإلكتروني عربياً وعالمياً، حتى يكمل ما يقوم به المتطوع الميداني، وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي وسيلة جديدة يمكن استغلالها لدعم القضايا الإنسانية.

خصائص العمل الخيري

بخلاف العمل التطوعي، يمثل العمل الخيري تلك المظلة الجامعة للمبادرات والجهود وينتظم بشكل جهد مؤسساتي ورسمي ويرتبط بتقديم بيانات دقيقة للمانحين، كما يتأثر ببعض الأزمات والمتغيرات الدولية.

العمل الخيري عمل جماعي

ارتبط العمل الخيري حول العالم بالتعاليم الدينية، لكنه بالأصل يخضع لقواعد مجردة تماماً من الانحياز، إذ يعتمد بالضرورة على الموضوعية في تقديم الدعم دون النظر إلى نوع، أو جنسية، أو عمر معين، وهو عمل جماعي يشترك فيه مجموعة من الناس لتحقيق مصلحة عامة، وغالباً ما تكون الأعمال الخيرية مادية، سواء عن طريق جمع التبرعات المالية، أو توفير الطعام، أو تقديم الأدوية للمصابين بالأمراض المزمنة، أو توفير نفقات العلاج، أو دعم الطلاب، أوكفالة الأيتام.

العمل الخيري يجمع تبرعات الأفراد والمؤسسات

وتشمل الأعمال الخيرية كلاً من العمل التطوعي بدون مقابل لأداء بعض المهام لدعم وتوفير الاحتياجات الأساسية للمحتاجين، والعمل بمقابل مالي على حد سواء.

ويأتي التبرع بالأموال ضمن أنواع الأعمال الخيرية، حيث يقدم الأفراد أو المؤسسات على التبرع بصفة منتظمة لدعم القضايا التي يؤمنون بها، وذلك لمعرفتهم بالتأثير الإيجابي لها على حياتهم.

العمل الخيري يقوم على العمل المؤسسي

العمل الخيري عمل خاضع لمعايير مؤسسية ويحتكم ،لمبادئ احترام المجتمعات المحرومة والمهمشة، وتحديد المشاكل التي تواجهها للتمكُن من حلها، فضلاً عن فهم طبيعة الأنظمة التي قد تسهم في انتشار الظلم الاجتماعي، وإعطاء الأولوية للبرامج والمبادرات التي تؤدي إلى التغيير الفعلي، وفهم العوامل المحيطة التي تؤثر في العمل الخيري وتُعزز دوره.

العمل الخيري يتأثر بالتطورات الدولية

يتأثر العمل الخيري بالقضايا الكبرى ويمكن للأزمات أن تحدد توجهاته، بخلاف العمل التطوعي الذي يبقى أقل تأثراً بالتطورات الدولية ومرتبطاً بشكل أكبر بالسياقات المحلية.

وسواء كانت مبادرات العمل التطوعي تدخل ضمن مشاريع خيرية أكبر أم لا، فلا شك أنه يمكن الوقوف على التأثير الإيجابي له على المجتمع في أدق التفاصيل، وبشكل يؤثر في حياة الناس ويترك بصمة إيجابية

المحتوى محمي