تعرف إلى أهم أسس نجاح العمل الخيري ومبادئه

نجاح العمل الخيري
shutterstock.com/Dragana Gordic
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لم يعد بناء المؤسسات غير الربحية عالية الأداء والحفاظ على استمراريتها مهمة سهلة في ظل الوضع المعقد الذي يعيشه العالم اليوم؛ وبالتالي تتغير أسس ومبادئ نجاح العمل الخيري وتتطور وفقاً للظروف المحيطة.

على الرغم من أن مقاييس نجاح العمل الخيري التقليدية لا تزال سارية، مثل الجدوى المالية، أو عدد التبرعات أو عدد المستفيدين؛ فإنها بدأت تتغير لتلائم متطلبات المرحلة وتحقق استمرارية العطاء. نعرض في هذا المقال 5 مبادئ يلزم استحضارها لنجاح العمل الخيري جنباً إلى جنب مع 6 أُسس لتطبيق هذه المبادئ بطريقة ملموسة.

5 مبادئ لنجاح العمل الخيري

يتطلب تحقيق الاستقرار المالي وبناء قاعدة من المتطوعين الفعّالين، قيادة ملتزمة بالمساواة على مستوى المؤسسات الخيرية واستراتيجية تأخذ في عين الاعتبار الأسباب الجذرية للتفاوتات الاجتماعية.

ويؤدي فهم ركائز إدارة العمل الخيري وتطبيقها إلى تحقيق أهدافه ومقاصده بأقل وقت وجهد وتكلفة، إذ أكدت دراسة بعنوان: المبادئ الإدارية في العمل الخيري أن العمل الخيري الناجح يسهم بفاعلية في إحداث تنمية شاملة ومستدامة.

وهناك خمسة مبادئ يجب على المؤسسات الخيرية مراعاتها للنجاح في مهامها:

  1. احترام المجتمعات المحرومة والمهمشة باعتبارها أفضل مصدر لتحقيق العدالة والإنصاف.
  2. تحديد المشاكل بدقة للتمكُن من حلها، وفهم طبيعة الأنظمة التي تؤدي إلى التفاوتات الاجتماعية وما الذي يبقيها في مكانها.
  3. إعطاء الأولوية للبرامج والمبادرات التي تؤدي إلى التغيير الفعلي.
  4. فهم العوامل المحيطة التي تؤثر في العمل الخيري وتُعزز دوره والاستفادة منها.
  5. إعادة النظر في التصورات حول المخاطر، والخروج من دائرة القيود الزائفة ومنطقة الراحة التي يمكن تعيق اتخاذ خطوات أكثر أهمية.

يمكن للمؤسسات غير الربحية تطبيق هذه المبادئ على التخطيط وتحسين الاستراتيجية باستمرار، وتطوير البرامج والمبادرات الفردية، ويحتاج ذلك إلى مجموعة من الأسس تستند عليها المؤسسات في عملها اليومي.

6 أسس لنجاح العمل الخيري

تتغير العوامل التي تجعل المؤسسة غير ربحية ناجحة وفعّالة وعالية الأداء باستمرار، لكن هناك عدد من السمات الإيجابية التي يمكنك بناؤها لمساعدة المؤسسات في تجاوز معوقات العمل الخيري، وخلق نموذج عطاء يواكب احتياجات المجتمع، وهي:

1. التركيز على المهمة والهدف

تنطلق المؤسسة غير الربحية من أهداف واضحة وغرض أساسي تعمل عليه ومن أجله، ولتحافظ على فاعليتها ونجاحها، تحتاج إلى إعطاء الأولوية للأهداف والمهام وتدوينها في بيان واضح ومشاركتها إلى جانب القيم والرؤية مع الموظفين وأصحاب المصلحة، وضمان احترام بيئة العمل والالتزام بمبادئ الإنصاف عبر تفويض الأشخاص للمساعدة في المهام.

تُولِد القيادة المدفوعة بالأهداف إحساساً واضحاً بالهدف لدى الموظفين، وتساعدهم في إدراك دورهم لتحقيق الغايات الآنية وطويلة المدى، ما يعزز من استدامة المؤسسة غير الربحية وقابليتها للتطوير، وتحفيز المجتمعات وأصحاب المصلحة للمشاركة في الوصول إلى نتائج نهائية مرضية.

2. حشد المشاركين وإلهامهم

يعد حشد الموظفين والمتطوعين والمتبرعين من أهم أسس ومبادئ نجاح العمل الخيري، إذ تعمل المؤسسة غير الربحية الناجحة باستمرار لدمج الأفراد بمهمتها وقيمها الأساسية، وبناء علاقات وطيدة معهم تتجاوز حدود المؤسسة.

في حين أن التركيز على جودة مجالس الإدارة غير الربحية، وفريق جمع التبرعات عاملاً ضرورياً لنجاح العمل الخيري، فهو مرتبط أيضاً بخلق تأثير اجتماعي واسع النطاق، وتغيير في مواقف الأفراد وسلوكياتهم. تدرك المؤسسة غير الربحية أنها بحاجة إلى التأثير في السياسات وخلق المحادثات والتحركات الاجتماعية إلى جانب توفير برامج وخدمات عالية الجودة للمستفيدين منها.

ولا يتوقف الأمر عند تغيير حياة المستفيدين عبر البرامج غير الربحية؛ بل يجب وضع المشاركين في محور الإدارة والقيادة والاستفادة من خبراتهم لتحقيق أثر اجتماعي أعمق، وإعادة التفكير في تأثرهم بإدارة هذه المؤسسات ليس فقط من خلال استراتيجيات التغيير الاجتماعي المعتمدة أو البرامج المقدمة.

3. تطوير مصادر مالية متنوعة

لا تختلف المؤسسة غير الربحية عن الشركات والمؤسسات الربحية الأخرى. بغض النظر عن حقيقة أن المؤسسات غير الربحية تركز على التغيير الاجتماعي وليس الربح، لكن لا يمكنها الاستمرار إذا لم تحافظ على استقرارها المالي.

وعليه، يعد استخدام مصادر متنوعة  ممارسة ناجحة لتحقيق الاستدامة المالية، إذ يمكن الجمع بين التبرعات الفردية والمنح ورعاية الشركات، ورسوم العضوية وغيرها من الموارد لتجنب أي أزمات مالية مستقبلية، ويمكن للقادة غير الربحيين الاستفادة من عشرة نماذج تمويل مستخدمة في القطاع الربحي لوضع استراتيجية مالية واضحة على المدى الطويل.

4. دمج التكنولوجيا في العمل الخيري

غيّر التطور التكنولوجي عادات العطاء لدى الأفراد وكيفية اندماجهم في العمل الخيري ودعم القضايا المجتمعية، والمنظمات غير الربحية الأكثر نجاحاً هي التي تستفيد من الوسائل الرقمية لتعزيز مهامها وتحقيق أهدافها، وتعمل باستمرار على دمج التكنولوجيا في جميع عمليات المؤسسة غير الربحية، واكتساب المعرفة بالأدوات والتطبيقات والمنصات الجديدة.

ووفق دراسة بريطانية بعنوان الفِرق الرقمية في 2018: المشهد الجديد للمشاركة الرقمية (Digital Teams in 2018: The New Landscape of Digital Engagment)، تكون المؤسسات غير الربحية أكثر فعّالية عندما تتمتع الإدارة العليا بخبرة رقمية وتنقلها إلى جميع أقسام المؤسسة، وعندما يكون لفريقها الرقمي دوراً قيادياً بارزاً في الإدارة التنظيمية والحملات. إذ يعزز تبنّي الحلول الرقمية من القدرة التنافسية، ويحسن الكفاءة التشغيلية وتزيد من تأثير البرامج والحملات.

5. التخطيط الاستراتيجي والطابع المؤسسي

كان  نجاح العمل الخيري قائماً على الجهود الفردية والعلاقات العامة للمؤسسات التي تميزها عن منافسيها، وتدفع الجهات المانحة إلى التحركات غير المركزة نحو جهة أو قضية معينة، ما يؤدي إلى خسارة فرص التغيير المستدام، وعليه، ظهرت الحاجة إلى التخطيط الاستراتيجي لتحقيق الأهداف الخيرية على نحو منظم واتخاذ القرارات المبنية على البيانات، والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة على المدى البعيد.

ويركز النهج الاستراتيجي على إضفاء الطابع المؤسسي على الأعمال الخيرية من أجل بناء هيكلية واضحة لاتخاذ قرارات جماعية وتحديد المهام عبر لوائح منظمة تضمن تحقيق التعاون بين فِرق العمل، ما يساعد في التنبؤ بالتحديات المستقبلية والتوصل إلى أفضل الحلول بكفاءة عالية، فقد شكّل العمل المؤسسي إحدى ركائز عمل مؤسسة مصر الخير لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والربط بين الأرباح والأهداف لتحسين النتائج.

وللاستفادة من هذا النهج في تعزيز العمل الخيري بالمنطقة العربية، أطلقت جامعة نيويورك أبوظبي في عام 2021 مبادرة العمل الخيري الاستراتيجي لحث المانحين على العطاء من خلال تقديم نماذج جديدة للاستثمارات الخيرية والشراكات الفاعلة بين المؤسسات الخاصة والعامة وغير الحكومية في جميع أنحاء المنطقة.

6. الاستماع إلى ملاحظات المشاركين باستمرار

تخصص المؤسسات غير الربحية الناجحة وقتاً كافياً للاستماع باستمرار إلى آراء المستفيدين، والموظفين والمتطوعين والمانحين وغيرهم من أصحاب المصلحة، من أجل تطوير البرامج والمبادرات لتلائم احتياجات المستفيدين ومتطلباتهم.

ويعكس تعزيز ثقافة النقاش وتبادل الآراء والحصول على ملاحظات المستفيدين سعي المؤسسة غير الربحية للتعلم والنمو باستمرار من خلال استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب المبتكرة لتحديد النتائج والدروس المستفادة من برامجها ومبادراتها لتطوير خدمات جديدة أفضل.