دروس مستفادة في القيادة

القيادة
Shutterstock.com/Elnur
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هذا المقال هو الجزء الأخير من سلسلة حول الدور الذي لعبته القيادة للقطاعات المختلفة في إنعاش ديترويت. للاطلاع على الجزء الأول من السلسلة؛ اقرأ: القيادة متعددة الخبرات لحل مشكلة إفلاس ديترويت، وللاطلاع على الجزء الثاني؛ اقرأ: القيادة تعيد إحياء ديترويت، وللاطلاع على الجزء الثالث؛ اقرأ: تولي القيادة في أوقات مختلفة.

دروسٌ في القيادة للمُدُنِ الأخرى

برادلي: دعنا نُركّزُ الآن على الدروس التي تقدمها ديترويت للمدن الأخرى. كما قلت ريب؛ تُعتَبَرُ ديترويت فريدةً من بعض النواحي وفي بعض النواحي نموذجٌ لما يحدث في الكثير من الأماكن. مُعظمُ المدن لن تكون في حالة إفلاس؛ هذا شيءٌ جيدٌ بالطبع؛ ولكن هذا يعني أيضاً أنه ليس لديهم نقطةُ إعادةُ التعيين الواضحة هذه. مات، ما الذي يمكن أن تتعلمه المدن الأخرى من تجربة ديترويت؟

 

كولين: من الواضح أن جميع المدن لن تمر بالإفلاس؛ لكني أعتقد أن ديترويت لا تزال طائر الكناري في منجم الفحم للعديد من المدن – خاصةً تلك التي تُعاني من نفس المشكلات الهيكلية التي نواجهها. من أهم الأمور التي يجب اتباعها هو فهم نوع القيادة الضرورية لضمان أن تقوم المدينة بأكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة؛ ولكنها في الواقع تزدهر. نحن بحاجةٍ إلى أشخاصٍ أكِفاء يُمكنُهم لعب أدوار غير جامدة، والتعاون عبر القطاعات، وخلق فرص الشمولية.

 

ومع ذلك؛ عند مشاركةِ دُروس ديترويت، نحتاجُ إلى أن نكون واضحين حقاً – كما هو الحال بالتأكيد محلياً – في أننا لم نصل إلى الهدف النهائي بَعد. لم نصل بعد إلى أرض الميعاد. تتركزُ مُعظم الأشياء المُثيرةِ التي تحدثنا عنها في ثمانية أو 10 أميالٍ مربعةٍ، بينما تتكون مدينتنا من 139 ميلاً مربعاً. لدينا أحياءٌ لا تزالُ تخسرُ السكان، ولدينا نُدرةٌ في الوظائف، وما إلى ذلك.

 

الدرس النهائيُّ للمُدُنِ الأخرى هو الانتباهُ إلى ما يحدُثُ من حولك، لأنّ هذه المواقف يمكن أن تتكدّس، وعندما يحدث ذلك، يصطدمون مثل قطار الشحن. علاوةً على ذلك؛ حتى لو لم تكن تعاني من أزمة، فمن المهم أحياناً أن تتصرف كما لو كنت تعاني. تأكّد من جمعِ الأشخاص معاً لمعالجة المشكلات على أساسٍ استباقيٍّ، حتى لا تنتظر حدوثَ الأزمة، وتأكّد أن لديك هذا النوع من القيادة التعاونية والشاملة التي يتطلبها الأمر لتكون ناجحاً سواءً كانت لديك أزمةٌ أم لا.

 

رابسون: تعاني جميع المدن تقريباً من مشكلاتٍ تتعلقُ بالآفات والتخلي عن الأراضي والأعمال التجارية الصغيرة وقضايا التنويع الاقتصادي وقضايا الفضاء العام وما إلى ذلك، وتختلف المعادلة من مكان إلى آخر؛ لكن حقيقة أن بعضَ الأدوار يجب أن تُلعب ثابتةٌ لا تتغير؛ شخصٌ ما عليهِ ضبط الجدول، شخصٌ ما عليه تيسير الحوار، بينما يجب على شخصٍ آخر اتخاذُ الخطوة الأولى في التخلص من مخاطر المعاملات المعقدة، وعلى شخصٍ آخر ايضاً بناءُ القُدُرات حيث لا توجد قدرةٌ كافية. إنّ جعل المجتمعات المختلفة تتحدث عن كيفية تشكيل وفرز تلك المسؤوليات المختلفة ذو قيمةٍ هائلة، وربّما ما تفعله ديترويت هو إعطاءُ الناس فرصةً أو عذراً للالتقاء ومقارنة الملاحظات. نحن [كريسجي] نُحاول الآن إنشاء مجموعةٍ تتكون من اثنتي عشر مدينة أو نحو ذلك حتى يتمكن الأشخاص من الاجتماع معاً وطرح بعض هذه الأفكار، مُدركين أنهم سيحتاجون إلى تخصيص الأساليب ومقاربتها.

 

برادلي: كيفين، يمكنني أن أتخيل أن الأشخاص يأتون إليك ويسألوك “ما الذي نحتاج إلى معرفته من ديترويت لتجنّبِ هذا المأزق، وكيف نضع أنفسنا في وضع ماليٍّ أكثر استدامةً؟”

 

أور: يجب أن أبدأ بالتأكيد على تفرُّد تجربةِ ديترويت. على سبيل المثال؛ لم أرَ حتى الآن مستوىً للتعاون بين المجموعات المختلفة مثل الذي شاهدته في ديترويت. إن رؤية مجتمع الأعمال الذي يغلب عليه البيض يتمتع بمستوى الاهتمام والالتزام تجاه ديترويت، وهو مجتمعٌ أمريكيٌّ من أصولٍ أفريقية منخفضُ ومتوسطُ ​​الدخلِ إلى حدٍّ كبير؛ أمرٌ فريدٌ من نوعه. كانت ديترويت محظوظةً بما يكفي لوجود عدد من الأشخاص المستعدين للقيام بذلك في الوقت المناسب تماماً وبالطريقة الصحيحة، ويبقى أن نرى ما إذا كانت المجتمعات الأخرى ستكون محظوظةً بامتلاك ملفات شخصية ندّةٍ لديترويت في الشجاعة.

 

لكن مع ذلك؛ أود أن أشير إلى خمس أشياء ذات صلة بالمدن في جميع أنحاء البلاد: أولاً؛ القيادة هي وظيفة الشجاعة والمخاطرة. تناول الحاكم سنايدر القضايا التي تواجه ديترويت ابتداء من عام 2011. حذر العديد من مؤيديه السياسيين من ذلك، مدعياً أن ديترويت كانت ثالث قطار لسياسة ميشيغان؛ لكنه أكد أنه من واجبه معالجة قضايا المدينة.

 

ثانياً؛ أود أن أشير إلى المستوى العالي من التعاون. تشبيه مات بالقفز من على الجرف معاً واكتشاف الخطّة للحل قبل أن نصل إلى الأرض – هذه إلى حد كبير الطريقة التي يحدث بها الأمر! عندما وصلت إلى ديترويت، كان لدي أكثر من 200 اجتماع مختلف لأصحاب المصلحة، وعندما انتهوا، تُرِكْتُ مُرهَقاً وأتساءلُ عمّا إذا كان بإمكاني الهروب؛ لكننا كنا نعلم أنه يتعيّن علينا جميعاً اكتشاف ذلك، وما جعل ذلك ممكناً هو المستوى الهائل من التعاون.

 

ثالثاً؛ يُعدُّ التواصلُ الشفاف والعملية المستمرة لنشر المعلومات للجمهور أمراً مُهماً. قد تكون بعض هذه المعلومات غامضةً وتقنيةً؛ لكنك تريد أن تكون كلّها متاحةً ومتوفرةً. كان للقاضي رودس والقاضي روزين دورٌ حاسمٌ في إطلاعِ الناس على آخر المستجدات في كل مرحلةٍ من مراحل الإفلاس.

رابعاً؛ هناك حاجةٌ إلى مستوى استثنائيٍّ من المواهب في جميع المجالات – أشخاصٌ مبدعون مُكرّسونَ للتوصُّلِ إلى حلولٍ ومستعدون للتفكير خارج الصندوق.

خامساً؛ الالتزام بالمتابعة حتى في أحلك الأيام، استمر الناس في المضي قُدُماً، مُصممين على الوصول إلى النهاية.

 

السياسة المدنية الوطنية

رابسون: من المهم أيضاُ أن نُدرك مدى استثنائية القيادة الفيدرالية في ديترويت. من المُغري الاعتقادث بأن إدارة أوباما خَصَّت ديترويت على أنها تدخُّلُها الوحيد؛ لكن هذا ليس هو الحال في الواقع؛ أعتقدُ أنّهم سَعَوا إلى نمذجةِ سُلوكياتٍ معينةٍ في ديترويت. لقد أنشؤوا فريقاً مُتعدّدَ الأقسام مَقرُّهُ في ديترويت؛ والذي أصبح فيما بعد أساساً لمبادرةِ المدينة الذكية / المجتمع الذكي الوطنية، لقد جربوا رفع القيود التنظيمية؛ مثل قواعد نشر CDBG [منحة تنمية المجتمع]. تم تمديد هذه السياسات في وقت لاحق إلى المجتمعات الأخرى، حتى عندما لا تستطيع تقديم قدر كبير من الموارد، يمكن للحكومة الفيدرالية أن تظل شريكاً. كان هذا صحيحاً بشكلٍ خاص في عهد سكرتير HUD شون دونوفان؛ بحثَ فريقه بنشاطٍ عن طرقِ جعل الوكالات الفيدرالية أكثر ارتباطاً بجهاز حل المشكلات في الحكومة المحلية.

 

أور: عندما جئت لأول مرة إلى ديترويت، تم تعليق أكثر من 35 مليون دولار من التمويل الفيدرالي لأن المدينة لم يكن لديها قدرة كافية على إدارة المنح؛ سونيا ميس، في فريقي، أخذت زمام المبادرة لتصحيح هذا. بحلول نوفمبر، أعادت الحكومة الفيدرالية تشغيل الضخّ المالي؛ ولكن كما ذكر ريب؛ لم يكن الأمر مجرد العودة إلى أموال CDBG، فقد بدؤوا أيضاً في إيجاد طرق إبداعية لتخفيف القيود المفروضة على كيفية استخدام التمويل الآخر؛ حيث خصصوا بالفعل بعض أموال TARP المُستَرَدّةِ إلى المدينة للمساعدة في مكافحة الآفة.

 

رابسون: ما أنشأته ديترويت على مدى السنوات الماضية هو مجموعةٌ من الهياكل التوزيعية للابتكار. تأتي الأفكار الجديدة من جميع أجزاء المجتمع، ومع ذلك؛ أشعر بالقلق من أننا لا نخلط بين التعرف على تلك الطاقة وإضفاءِ بريقٍ عليها. هناك ألف فكرةٍ جديدةٍ، ونحن نبتكر بأقصى استطاعتنا؛ لكنّ كل واحدة منها تعتبر بمثابة رفع حملٍ ثقيل.

 

وما لم تكن هناك محاولة لإنشاء إطارٍ منظمٍ، يُمكن أن يكون الأمرُ فوضوياً ويخرجَ عن نطاق السيطرة، لهذا السبب من المهم أن نفهم أننا عملنا بجد لوضع بعض الأوعية للمساعدة في الحفاظ على هذا الإبداع؛ مما يمنح المبتكرين الثقة في أن شخصاً ما يهتم بأفكارهم ويلتزم بالمساعدة في دفعها إلى الأمام. إن الجمع بين الإفلاس، ووجود حكومةِ بلديةٍ شديدةِ الفعالية والتركيز، وهياكلَ وسيطة مثل خطة مدينة ديترويت المستقبلية، والدور القيادي في منطقة الأعمال المركزية – وخاصةً في كويكن – توفرُ جميعُها إطاراً يُمكنُ أن تتدفق فيه تلك الطاقة الإبداعية.

اقرأ أيضاً: كيف تتميز في رئاسة مجلس الإدارة؟

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.