يتطلب تحقيق الجمعيات الخيرية لغاياتها المرتبطة بخدمة الصالح العام الانطلاق من أهداف دقيقة ومحددة، ومن تصور واضح للنشاطات التي تعزز هذه الأهداف.
تتمثل نشاطات الجمعية الخيرية في البرامج التي تنفذها لتحقيق غرض غير ربحي، ويُعد تقديم مخطط تفصيلي للبرامج الحالية والمستقبلية وإبراز مدى صلتها بالأهداف، من متطلبات تأسيس الجمعية، وبالتالي، يجب توفير معلومات كافية في هذا الإطار حول ما تريد تحقيقه، وكيفية تحديد المستفيدين واختيارهم، وكذلك مدة النشاط وتكراره والنفقات المتوقعة منه، وتفاصيل أخرى حول إشراك الموظفين والمتطوعين والوسطاء الآخرين.
وتندرج نشاطات الجمعية الخيرية وفقاً للأهداف ضمن الفئات الأربع الآتية:
1. القضاء على الفقر
تضع الأمم المتحدة القضاء على الفقر كأولوية قصوى ضمن أهدافها للتنمية المستدامة، وعليه، تركز نشاطات بعض الجمعيات الخيرية على المساهمة في تقليل معدل الفقر، خاصةً الناجم عن الصراعات والأزمات، مثل جائحة كوفيد-19، إذ توقع تقرير إحياء التكامل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عصر ما بعد جائحة كورونا لعام 2020، ارتفاع عدد الفقراء في المنطقة من 178 مليون نسمة إلى 200 مليون نسمة، من أصل نحو 450 مليوناً يسكنون المنطقة.
ويمكن للجمعيات الخيرية المساعدة في القضاء على الفقر من خلال تأمين الموارد المائية والغذائية، وتوفير المأوى والملابس للمشردين، وسد الفجوة في التعليم وفرص العمل، فمثلاً نفذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه في السعودية عام 2015 وحتى نهاية سبتمبر/أيلول عام 2022، نحو 2,100 مشروع في 86 دولة بتكلفة إجمالية بلغت 5.9 ملايين ريال، تركزت في قطاعات الأمن الإغاثي وإدارة المخيمات والإيواء، والتعليم والمياه والغذاء.
2. تعزيز التعليم والقضاء على الأمية
تشير تقديرات منظمة اليونيسف إلى أن نحو 617 مليون طفل ومراهق حول العالم غير قادرين على الوصول إلى الحد الأدنى من مستويات الكفاءة في القراءة والرياضيات، وتضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 15 مليون طفل خارج المدرسة، ومن المرجح تسجيل 5 ملايين طفل وطفلة إضافيين خارج المدرسة، وارتفاع معدل البطالة بين الشباب بنسبة 11% بحلول 2030، فضلاً عن أن نظام التعليم لا يتوافق مع متطلبات سوق العمل، من هنا يأتي دور الجمعيات الخيرية في تنظيم نشاطات وبرامج تزيد فرص التعليم عبر تقديم المنح والفصول المجانية لغير القادرين، ودعم تحسين جودة المناهج التعليمية. وتعد مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، التي انطلقت عام 2015 بهدف تمكين الشباب الإماراتي والعربي من خلال التعليم، أحد أهم المبادرات الخيرية في المنطقة العربية بهذا المجال، فقد دعم صندوق تعليم اللاجئين التابع للمؤسسة ما يزيد عن 38,500 شاب من اللاجئين والنازحين في الإمارات والأردن ولبنان.
3. تقديم الرعاية الصحية
نحو 800 مليون شخص يخصصون ما لا يقل عن 10% من دخلهم على النفقات الصحية، وما يقرب من نصف سكان العالم على الأقل غير قادرين على الحصول الخدمات الصحية الأساسية، لذا تضطلع العديد من الجمعيات الخيرية بأدوار هامة في رفع مستوى الصحة العامة للفئات الأقل دخلاً وغير القادرة على تكاليف الرعاية الصحية، من خلال توفير العلاج مجاناً، أو منصات تربط بين المتبرعين والمرضى لتقديم الدعم الطبي.
4. الحفاظ على البيئة
مع التوقعات بارتفاع متوسط درجات الحرارة خلال الأعوام المقبلة؛ ستشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ضغوطاً على الموارد المائية والغذائية، ما يؤدي إلى انخفاض غلة المحاصيل في الأردن ومصر وليبيا بنحو 30% بحلول عام 2050، وقد يدفع التغير المناخي أكثر من 100 مليون شخص إلى الفقر بحلول عام 2030.
يمكن أن تساهم نشاطات الجمعية الخيرية في الحفاظ على البيئة واستدامتها، عبر تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة مثل إعادة التدوير، واعتماد الطاقة المتجددة، والحفاظ على الحياة البرية والبحرية. ومن أمثلة المبادرات البيئية بالمنطقة، نجاح جمعية الإمارات للطبيعة في خفض مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً من خلال تطبيق معايير الإضاءة الداخلية مع الشركاء الحكوميين، والحد من انبعاثات الكربون بنسبة 16% سنوياً عبر توعية الأسر والشركات بضرورة خفض استهلاك الطاقة والمياه في إطار حملة أبطال الإمارات التي أطلقتها بالشراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي.