4 صفات أساسية للمجتمع المستدام

3 دقائق
المجتمعات المستدامة
shutterstock.com/Black Salmon

تراعي المجتمعات المستدامة احتياجات أفرادها من الأمان والصحة والاستقرار، إلى جانب تقدير البيئة وحمايتها من الأضرار التي قد تلحق بها، كما تعمل الاستدامة الاجتماعية على إدارة موارد المجتمع الطبيعية والبشرية لتلبية الاحتياجات الحالية للأفراد مع ضمان توفر الموارد الكافية للأجيال المقبلة.

تجمع الاستدامة الاجتماعية بين البُعدين المادي والاجتماعي، ليتمتع المجتمع ببنية تحتية تدعم الحياة الاجتماعية والثقافية، وأنظمة تعزز مشاركة المواطنين، ومساحات تساعد على تطور الأشخاص والأماكن.

ماذا يعني مجتمع مستدام؟

يبحث الأشخاص عن فرص اقتصادية وتعليمية مناسبة، ومكان آمن وصحي تتعزز فيه جودة الهواء والمياه، ويتطلعون للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، وبالتالي يُعد تغير المناخ، وعدم المساواة في الدخل، والظلم الاجتماعي من أكبر التهديدات لبناء مجتمعات قوية ومستدامة. لكن هل يتطلب تحقيق ذلك الوصول إلى المثالية؟

لا يمكن للأشخاص خلق مجتمع مثالي أو الاتفاق على ماهيته لأجيال مقبلة، وإنما يمكن خلق مجتمع قادر على الاستمرار والتقدم من خلال عدم استنزاف الموارد والحفاظ عليها للأجيال المستقبلية، ويرى السياسي الشهير المهاتما غاندي أن السبيل لبناء مجتمع مستدام هو الابتعاد عن الطمع في استغلال الموارد، فالعالم فيه ما يكفي لحاجة الإنسان لا لطمعه.

على هذا الأساس بَنت مدينة برلينغتون في ولاية فيرمونت الأميركية تجربتها لتحقيق التنمية المستدامة، والتي تعكس ديناميكية الاستدامة الاجتماعية لتتكيف مع الاحتياجات المتجددة للأفراد وتسمح لهم بالعيش على نحو غير مُضر بالبيئة وبعيداً عن استهلاكهم للموارد غير المتجددة. فما خصائص المجتمعات المستدامة؟

4 سمات للمجتمعات المستدامة

تركز الاستدامة الاجتماعية على مفاهيم أساسية مثل البناء الأخضر الذي يسمح بالوصول إلى سكن آمن وبأسعار معقولة دون الإضرار بالبيئة، والمساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية، ورأس المال الاجتماعي والتعاون للحفاظ على الصالح العام، ومنها يمكن تحديد أريع سمات رئيسية للمجتمعات المستدامة وهي:

1. القيادة والمشاركة المدنية

تقوم المجتمعات المستدامة على تكافؤ الفرص لجميع الأفراد وقدرتهم على الوصول إلى المعلومات، وتعزيز المشاركة المدنية وتبادل وجهات النظر والمعتقدات والقيم المتنوعة، وعدم المساس باستدامة المجتمعات الأخرى.

ويحتاج المجتمع ليكون مستداماً اجتماعياً إلى الحفاظ على التنوع الثقافي بما في ذلك احترام السكان الأصليين، ودعم المجتمعات الريفية وتشجعيها على الاستدامة عبر ترسيخ نظُم زراعية صديقة للبيئة.

2. الرفاه الاجتماعي

تتطلب التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية تبنّي طرائق جديدة في التفكير، وابتكار الحكومات والمؤسسات أنظمة من شأنها توفير الرفاه الاجتماعي وتحقيق تقدم حقيقي نحو عالم أكثر صحةً وازدهاراً.

تشكل هذه الأنظمة أساس الاستدامة الاجتماعية في المجتمع ومن خلالها يمكن تقديم برامج مثل إعانة البطالة، ورعاية كبار السن والأيتام والأرامل وذوي الهمم، وتوفير إمدادات غذائية تساعد على تحسين الإنتاج المحلي، إلى جانب تسخير الأماكن العامة لرخاء الأفراد، وتزويدهم بالخدمات الصحية الملائمة وفرص التعليم عالي الجودة، وخلق بيئة عمل صحية لهم، وتحفيزهم على التعبير الإبداعي من خلال الفنون.

3. النزاهة البيئية

هل يمكن دمج رفاه الفرد بالأنظمة البيئية؟ يساعد توسيع مفهوم الحكومات والمؤسسات عن النمو الاقتصادي ليشمل الرفاه الجماعي والاستدامة البيئية، على الجمع بين المتطلبات البيئية والاستدامة الاجتماعية، وبناء مستقبل زاهر.

هذا التغيير في منهجية التفكير يساعد على استخدام الموارد المتجددة بمستوى أقل من معدل تجديدها، وتلبية احتياجات الأفراد الأساسية من الهواء النظيف والمياه والغذاء عالي الجودة، وحماية النظم الإيكولوجية المحلية والإقليمية وتعزيز التنوع البيولوجي، وتوظيف التكنولوجيا المناسبة لتقليل انبعاثات الغازات السامة.

وهناك سمة أساسية للمجتمعات المستدامة متعلقة بالجانب البيئي، تتجلى في المرونة بمواجهة الكوارث، عبر اتخاذ خطوات وإجراءات مهمة للحد من تعرض المجتمع للمخاطر المحتملة، وفي حال حدوث أي كارثة، ستكون الأضرار المادية والبشرية أقل، وستتعزّز قدرة الحكومة المحلية على استئناف العمليات بسرعة، وتجاوُز "فترة النقاهة" بوقت أقصر.

تسعى المجتمعات المستدامة إلى القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث من خلال التخطيط الجيد للاقتصاد والبنية التحتية، إذ أثبتت الدراسات أن دمج مبادئ الاستدامة الاجتماعية في تصميم الأحياء والجوانب التراكمية للمجمعات السكنية يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية فيما يخص مشاركة المجتمع، ومعايير السلامة والوصول إلى فرص العمل، وتلبية الاحتياجات النفسية والروحية للأفراد.

4. الأمان الاقتصادي

لعل من أهم السمات الاقتصادية للمجتمع المستدام اجتماعياً هي توفير فرص عمل مُجدية ومتنوعة، وضمان التوزيع العادل للدخل واستفادة الجميع من فرص النمو الاقتصادي وتحقيق المساواة في الأجور بين الجنسين، وتقديم التدريب والتعليم الوظيفي لمساعدة القوى العاملة على التكيف مع الاحتياجات المستقبلية.

ويتجلى الأمان الاقتصادي في المجتمعات المستدامة اجتماعياً في إعادة استثمار الموارد في الاقتصاد المحلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي على المستويات المحلية والوطنية والدولية، وكذلك في جسر الفجوة التكنولوجية في البلدان الأقل نمواً.

المحتوى محمي