لماذا يتجاهل فاعلو الخير المناطق الريفية عند تقديم المساعدة؟

المناطق الريفية
shutterstock.com/JH Bispo
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على الرغم من الارتفاع الملحوظ لمعدل الفقر بالمناطق الريفية في أميركا، يواصل فاعلو الخير ضخ الأموال في المناطق الحضرية.

اسأل الأميركيين عن المناطق الأكثر فقراً في الدولة وغالباً سيتحدثون عن مدن مثل كليفلاند وبالتيمور وسانت لويس. من غير المحتمل أن يذكروا المناطق الريفية في ولايات مثل ميسيسيبي ونيو مكسيكو وأركانساس.

غير أن معدل الفقر في الريف الأميركي أعلى بكثير من المناطق الحضرية في أميركا. وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن الحكومة الفيدرالية، في عام 2018، كان معدل الفقر في المناطق الحضرية 12.6%، وكان معدل الفقر في المناطق غير الحضرية 16.1%، أي أعلى بأكثر من 25%!

يعد الفقر أحد المجالات التي تظهر فيها التفرقة بين المناطق الحضرية والريفية. عدد المؤسسات الثقافية في المناطق الريفية أقل، وعدد الكليات والجامعات فيها أقل، وعدد المؤسَّسات غير الربحية والخدمات الاجتماعية وفرص العمل فيها أقل، والقائمة تطول.

عند اطلاعك على هذا التفاوت، قد يخيَّل إليك أن فاعلي الخير يضخون الأموال في المناطق الريفية. لكن للأسف، الواقع ليس كذلك. بل في الواقع، العكس هو الصحيح. كان فاعلو الخير يبذلون المزيد من الأموال في المناطق الحضرية.

وفقاً لدراسة أجرتها الحكومة الأميركية على أكثر من 1,200 من كبرى المؤسسات الأميركية، “كان متوسط القيمة الحقيقية للمنح المقدمة من المؤسسات الكبيرة إلى المؤسسات الموجودة في المقاطعات غير الحضرية بين عامي 2005 و2010 حوالي 88 دولاراً للفرد (حسب قيمة العملة في 2010)، أي أقل من نصف المتوسط (192 دولاراً للفرد) المقدَّم للمؤسسات في المقاطعات الحضرية”.

لماذا يتجاهل العديد من فاعلي الخير الأميركيين المناطق الريفية، وما الذي يمكن فعله لترميم هذه الفجوة؟ هذه هي الأسئلة التي سعى مؤلفو كتاب “المنطقة الريفية البعيدة عن رؤية فاعلي الخير” (Philanthropy’s Rural Blind Spot) إلى الإجابة عنها في قصة الغلاف بإصدار ربيع عام 2021 من منصة “ستانفورد سوشال إنوفيشن ريفيو” (Stanford Social Innovation Review).

من أبرز أسباب فجوة العطاء أن مقر كبرى المؤسسات الأميركية يقع غالباً في المناطق الحضرية. مؤسستان فقط من بين المؤسسات الأميركية العشرة التي تمنح أكبر الهبات لا تقع في المناطق الحضرية الكبرى، وهما “دبليو.كيه. كيلوغ” (W. K. Kellogg) ومقرها في (باتل كريك، ميشيغان)، ومؤسسة “روبرت وود جونسون” (Robert Wood Johnson) ومقرها في (برينستون، نيو جيرسي).

يوجد بالطبع مؤسسات مجتمعية مقرها في المناطق الريفية، لكنها أصغر من نظيراتها في المناطق الحضرية. بالنسبة للجزء الأكبر، تحيط المؤسسات الخاصة والعمل الخيري للشركات نفسها بفقاعة حضرية، معزولة إلى حد كبير عن بقية أجزاء الدولة.

وليس القصد أن يضطر فاعلو الخير إلى السفر بعيداً عن موطنهم للبحث عن مواضع الفقر في الريف. فهو على أعتاب منازلهم في أماكن مثل شمال ولاية نيويورك وسنترال فالي في كاليفورنيا. يلقي المقال نظرة من كثب على ولاية نيوجيرسي بصفتها مثالاً على التفرقة، ويظهر أن المناطق الريفية في جنوب نيوجيرسي تتلقى أموال خيرية أقل بكثير من المبالغ التي تحصل عليها المناطق الحضرية في شمال نيوجيرسي.

أحد الأسباب الأخرى لعدم حصول المناطق الريفية على القدر ذاته من الأموال الخيرية هو عدم وجود عدد كبير من المؤسسات غير الربحية فيها مثل المناطق الحضرية. ونتيجةً لذلك، يكون عدد طلبات المنح المقدمة من المناطق الريفية أقل، ويكون احتمال رفضها أكبر من احتمال رفض الطلبات المقدمة من المناطق الحضرية.

إن فاعلي الخير ليسوا الوحيدين الذين يتجاهلون المناطق الريفية، فالحكومة والشركات مذنبة بذلك أيضاً، فانظر إلى الفجوة الرقمية. لكن على عكس القطاعين العام والخاص، العمل الخيري قادر على تغيير مكان استثماره وطريقته بسرعة، إذا عزم على ذلك.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.