4 استراتيجيات فعّالة لتعزيز العمل التطوعي في المجتمعات المحلية

3 دقيقة
تعزيز العمل التطوعي
shutterstock.com/Rawpixel.com
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في العام الماضي، شاركت في حملة لتنظيف الشاطئ التابع لمنطقتي، ونقلت تفاصيل هذه التجربة إلى محيطي من الأهل والأصدقاء والمعارف، فكانت مصدراً لإلهامهم بالانضمام إلى أنشطة تطوعية والإسهام في تنمية مجتمعهم المحلي.

دفعتني هذه التجربة للبحث عن كيفية تعزيز العمل التطوعي في المجتمعات المحلية، فعلى الرغم من التأثير الإيجابي للتطوع على الأفراد والمجتمعات، فإن خلق بيئة مشجعة على بذل الوقت أو المال من أجل تحسين حياة المحتاجين أو الحفاظ على البيئة يتطلب تضافر مجموعة من العوامل واتباع استراتيجيات مبتكرة سنكتشفها في هذا المقال.

تحديات تحقيق الأثر الاجتماعي للتطوع

تأتي أهمية تعزيز العمل التطوعي من دوره في بناء مجتمعات أقوى وأكثر ترابطاً، واكتساب الأفراد مهارات جديدة ومفيدة لهم في المستقبل، وزيادة شعورهم بالرضا والإنجاز والنمو الشخصي، كما يتمتع المتطوعون بالقدرة على تقديم رؤية فريدة لاحتياجات مجتمعهم المحلي وإحداث تأثير إيجابي في حياة الآخرين.

لكن تحقيق الأثر الاجتماعي للعمل التطوعي وقدرة المتطوعين على تعزيز المشاركة المدنية، والمساعدة على بناء مجتمعات أكثر أماناً وقوة، ورفع المستوى التعليمي للشباب المحليين، تصطدم بعوائق وتحديات مثل نقص الوعي بأهمية التطوع وطبيعة الفرص التطوعية المتاحة، وعدم القدرة على الالتزام بالوقت.

لذا يتطلب تعزيز العمل التطوعي في المجتمعات المحلية وتحقيق التغيير الاجتماعي إنشاء نماذج جديدة تركز على تمكين المتطوعين والابتكار في التوعية بفرص التطوع وأهميتها وأثرها الإيجابي على الفرد والمجتمع، وتوسيع شبكة الشراكات والتعاون مع الجهات القادرة على دعم الجهود التطوعية. وفيما يلي 4 استراتيجيات فعالة لتعزيز العمل التطوعي:

1. توفير البيئة المناسبة للتطوع

يرتبط نجاح العمل التطوعي بتوفير تجربة سهلة ومنظمة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التواصل الفعال وتسليط الضوء على الفرص التطوعية المتنوعة التي تلبي اهتمامات الأفراد وتتناسب مع جداولهم الزمنية المختلفة. فقد يكون التواصل المفتوح مع المتطوعين من الاستراتيجيات المفيدة للاستفادة القصوى من خدماتهم.

ومن الضروري أيضاً تدريب المتطوعين وإعدادهم إعداداً صحيحاً لأدوارهم يضمن لهم تجربة إيجابية تدفعهم للاستمرار في التطوع، كما يعد الاعتراف بإنجازات المتطوعين وتقديرهم جزءاً مهماً من تعزيز العمل التطوعي، وبحسب الدراسات، فإن التقدير والاحترام من العوامل المؤثرة في تطوع الأفراد، لذا يمكن اتباع استراتيجيات مختلفة لإظهار التقدير والاحترام للمتطوعين مثل تقديم رسائل شكر أو إنشاء برامج لمكافئتهم على إسهاماتهم.

ومن جهة أخرى، يرغب الأفراد دائماً في رؤية أثر ما يفعلونه، لذا فإن استخدام مزيج من الإحصاءات والقصص عن الإسهامات الإيجابية في تحسين المجتمع وحياة الآخرين تعد من الاستراتيجيات الفعالة لتعزيز العمل التطوعي.

2. التركيز على التوعية والتشجيع على المشاركة

إن العمل الذي يصب في الصالح الاجتماعي يحتاج إلى الوصول والانتشار على نطاق واسع من أجل استقطاب المزيد من المشاركين فيه، لذا من الضروري إلهام الأفراد والمؤسسات للانضمام إلى الأنشطة التطوعية وذلك من خلال تسليط الضوء على فوائد العمل التطوعي، وإنشاء مجتمع من المتطوعين يشاركون تجربتهم ويحفزون الآخرين على إحداث فرق في مجتمعاتهم، ومن المفيد أيضاً توظيف وسائل التواصل الاجتماعي والاستعانة بالمشاهير والمؤثرين المحليين لتعزيز العمل التطوعي.

ويمكن للمؤسسات الخيرية تعيين متطوعين متخصصين ليكونوا متحدثين رسميين لاستقطاب الآخرين، على سبيل المثال لدى بنك الطعام المركزي في تكساس برنامج سفير الذي يسمح بإضفاء الطابع الرسمي على جهود التوعية والتشجيع على التطوع وتوسيع شبكة الداعمين.

3. توسيع نطاق الشراكات والتعاون

إن التأثير الجمعي الواسع النطاق يتطلب تنسيقاً بين القطاعات، لذا تجب زيادة فرص التعاون بين المؤسسات الخيرية المحلية والمنظمات غير الحكومية والشركات والمدارس والجامعات لتعزيز العمل التطوعي، فشركات مثل أرامكو وأدنوك تنظم برامج خدمة اجتماعية للموظفين يمكن للمؤسسات والجمعيات الخيرية الإسهام فيها ودعمها، فقد يضفي ذلك أيضاً المزيد من المصداقية لعمل تلك المؤسسات ويعزز رؤيتها.

4. الحرص على التقييم والمتابعة

لا يمكن الحفاظ على استمرارية العمل التطوعي دون استخدام أدوات القياس والتقييم والمتابعة، فالاحتياجات المتغيرة للأفراد والمؤسسات والشركات، وظهور تحديات بيئية واقتصادية واجتماعية جديدة، تتطلب تتبع الأثر على نحو دائم وإجراء تعديلات على الاستراتيجيات السابقة لتحقيق التغيير الاجتماعي المطلوب.

يؤدي قياس أثر العمل التطوعي إلى العديد من المكاسب، أهمها تحسين البيئة التنظيمية للعمل التطوعي، وتحويل التطوع إلى أسلوب حياة للأفراد، وتوسيع دائرة الدعم والشراكات وتعزيز الصورة الذهنية لدى المجتمع عن العمل التطوعي بما يسهم في تحقيق خطط التنمية الوطنية ومنها رؤية المملكة التي تستهدف الوصول إلى مليون متطوع بحول عام 2030.

بالنهاية، قد يحقق تطبيق هذه الاستراتيجيات بطريقة صحيحة ومراجعتها بصورة مستمرة نتائج مذهلة على صعيد التغيير الهادف وتعميق دور العمل التطوعي في إحداث الفروق الجوهرية في حياة الأفراد والمجتمعات.