المؤسسات غير الربحية الصغيرة تصنع شبكة علاقات واسعة

التواصل الفعال المؤسسات غير الربحية
www.unsplash.com/ Priscilla Du Preez
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اجتمعت مع المؤسِّسَين المشاركَين توم ستاير وجيم ستاير عام 2010 لبناء واحدة من المؤسسات غير الربحية التي تعرف الآن باسم نيكست جينيريشن (Next Generation)، وهي مجموعة متخصصة في العلاقات والسياسات الاستراتيجية تركز على قضايا الطاقة النظيفة والتغير المناخي والاستثمار في الأطفال والعائلات الأميركية. سرعان ما اتفقنا على مبدأين توجيهيين: أولهما قيادة المؤسسة بناء على المعلومات غير الحزبية القائمة على الوقائع، وثانيهما دمج التواصل في عمل برامجنا.

كما أردنا أن نترك أثراً واسعاً ولكن مع الحفاظ على المرونة والفطنة وعقلية الريادة، وحققنا ذلك بالفعل؛ إذ أنشأنا العديد من المبادرات الوطنية الناجحة والمشاريع في ولاية كاليفورنيا، وكلّ ذلك بعدد قليل من الموظفين. كيف فعلنا ذلك؟

  1. وظّفنا أفضل الأفراد وأشدهم ذكاءً ليرأسوا وحدات برامجنا وعملياتنا الرئيسية، أشخاص يعرفون كيف يستفيدون من المعلومات وينقلونها بكفاءة ويميزون الفرص المستجدّة.
  2. أقمنا شراكات توفر دعماً كبيراً لأفكار مشاريعنا وتنشرها عبر عدة منصّات ومؤسسات، لتكون منبراً ينشر قضايانا الأساسية.
  3. نحن نوجّه رسائلنا والمحتوى الخاص بنا بدقة، إذ لا تحتمل أي مؤسسة كبيرة كانت أم صغيرة  أن تهدر وقتها ومواردها على رسائل لا تصل إلى جمهورها الأساسي.

عملنا المتعلّق بالتغير المناخي خير مثال على ذلك، فقضية التغير المناخي سياسية بحتة وتسبب الفرقة في معظم الأحيان في الولايات المتحدة، وغالباً ما توضع ضمن إطار “الوظائف مقابل البيئة”، مع بعض النقاشات حول الآثار الاقتصادية المحتملة التي سنواجهها إذا لم نعالجها. كان النقاش حول المناخ في الولايات المتحدة يتجه سريعاً نحو مواجهة موقفين عسيرين: الجدل حول العلم، والجدل حول الحل السياسي الأمثل، وهذا يؤدّي إلى استبعاد أوساط الأعمال والاستثمار علماً أنها أطراف مهمة في المساعدة على حل هذه المشكلة. لذا تساءلنا: كيف يمكننا تغيير هيكلية العمل الحالية وزيادة مشاركة قادة الأعمال؟

كانت إجابتنا عن هذا السؤال هي إنشاء مشروع الأعمال المغامرة؛ مشروع بحث وتواصل يقيس حجم المخاطر الاقتصادية الناجمة عن اّثار التغير المناخي، ويتمثل أحد أهدافه في توسيع المسألة لتصبح مسألة أعمال تجارية ومحلية، لا مسألة بيئية أو سياسية فقط. في المراحل الأولية من إنشاء المشروع، قاد الرؤساء المشاركون توم ستاير وهانك بولسون ومايكل بلومبرغ مبادرة توظيف مجموعة شركاء رفيعي المستوى من الحزبين يعملون مستشارين ووسطاء نشطين ومشاركين بقوة. لخّص اجتماع أفراد هذه المجموعة وسببه بطريقة رائعة في مقال ضمن صفحة الأعمال في صحيفة نيويورك تايمز (New York Times).

كما أننا أدركنا أهمية حماية بياناتنا، لذلك تعاقدنا مع مؤسسة روديوم غروب (Rhodium Group) لإجراء تحليلات محددة وعملية على تأثيرات المناخ في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية الساحلية في الولايات المتحدة، فنتج عدد من أدق التحليلات المفصّلة عن هذه القضايا على الإطلاق، وجميعها مفتوح المصدر. والجدير بالذكر هو أن المجموعة قررت عدم تقديم اقتراحات جماعية عن حلول السياسات، وهذا يتيح لمشروع الأعمال المغامرة الاستمرار بتركيزه على الوقائع وعدم تقيده بالقضايا السياسية.

اعتمدت القصص الحديثة، مثل التي صدرت عن مجلة مجلة كولومبيا جورنالزم ريفيو (Columbia Journalism Review)، هذا المشروع لتغيير قواعد التواصل حول قضية المناخ وإظهار القوة الهائلة الناتجة عن الجمع بين المعلومات اللاحزبية، والتواصل عن طريق وسطاء محترمين وبيانات مؤكّدة لا غبار عليها. ومن الأمثلة الأخرى مشروع أنشئ ضمن إطار برنامج الأطفال والعائلات التابع لمؤسسة نيكست جينيريشن، إذ أردنا إنشاء مبادرة تضاعف الاهتمام بقيمة الاستثمار المبكّر في الأطفال، وتزوّد الآباء ومقدمي الرعاية بالأدوات اللازمة لمساعدة أطفالهم مباشرة.

كانت النتيجة إنشاء مبادرة “توو سمول تو فايل” (Too Small to Fail )، بالشراكة مع مؤسسة كلينتون فاونديشن الخيرية، استناداً إلى إسهامات باحثين ومستشارين مرموقين. تركّز المبادرة على تضييق “فجوة الكلمات”، أي اختلاف المفردات بين أطفال الأسر ذات الدخل المنخفض وأقرانهم من الأسر ذات الدخل المرتفع، إذ تشكّل عائقاً كبيراً أمام فرص نجاح أطفال الأسر ذات الدخل المنخفض. ردم فجوة الكلمات بسيط وغير مكلف على الإطلاق، فالتحدث إلى الأطفال والقراءة والغناء لهم منذ ولادتهم له أثر كبير في مسار حياتهم.  تشير مجموعات المناقشة المركزة بمشاركة الآباء ذوي الدخل المنخفض إلى أن العديد منهم لا يدركون التأثير الإيجابي الناتج عن إطلاع الأطفال المبكّر على الكلمات، والكثير منهم يواجهون مصاعب في منح هذه التصرفات البسيطة الأولوية.

دعونا أشخاصاً آخرين للانضمام إلينا مثل السيناتور السابق، بيل فريست، والسيناتور سيندي ماكين، لضمان أن تضمّ المبادرة أفراداً من كلا الحزبين. كما عقدنا شراكة مع مؤسسات محلية مثل الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (American Academy of Pediatrics) وسيسامي وورك شوب (Sesame Workshop)، وعدد من كبار الباحثين ومجموعات أخرى تعمل على تحقيق الغاية نفسها. لإيصال رسالتنا مباشرة إلى الآباء ومقدمي الرعاية عقدنا شراكة على مستوى عدة منصّات مع شبكة التلفزة يونيفيجن (Univision)، وتعاونّا مع قطاع الترفيه لإدراج قصص في العروض المحبوبة، وأنشأنا مبادرات مخصّصة للمدن، مثل مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما ومدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، حيث نعمل مباشرة في المجتمعات وننشئ نماذج قابلة للتكرار. كما صنعنا المحتوى الإبداعي الخاص بنا، بدءاً من مجموعة أدوات للأهل وصولاً إلى تصاميم الحملات الإعلانية الخارجية، وأتحناه مجاناً للمؤسسات والمجتمعات التي ترغب في تطوير حملاتها.

فما هي دروس التواصل التي تعلمناها من هذه العملية؟

  • ثمة دور وحاجة حقيقية للمبادرات غير الحزبية المستندة إلى الوقائع.
  • يمكن للمؤسسات الصغيرة محدودة الموظفين والموارد الاستفادة من التواؤم مع الأطراف الشريكة الكبيرة في تنافسها ضمن عالم الأفكار المزدحم.
  • يجب على المؤسسات غير الربحية أن تستثمر في الموظفين الذين يدركون قيمة مشاريع التواصل العالية الجودة ويمتلكون المهارات اللازمة لتنفيذها.

يخفق العديد من قادة المؤسسات غير الربحية في جعل التواصل أولوية حقيقية، ومن أجل ضمان النجاح يتعين عليهم بناء ثقافة داخلية، تقدّر قيمة التواصل الفعال وتعدّه استراتيجية لبرامجها، وتعزيزها باستمرار.

في الختام، إليكم قواعد التواصل التي تلتزم بها المؤسسات غير الربحية الأنجح حسب ملاحظتي: يجب أن يكون التواصل جزءاً لا يتجزأ من عمل البرنامج، وينبغي للمؤسسات الاستفادة بدرجة كبيرة من مبادرات التواصل واستهدافها بذكاء. قد لا تضمن هذه القواعد النجاح لكنها تشكّل أساساً يتيح للمؤسسات غير الربحية الأصغر التنافس مع المؤسسات الأضخم وقيادة التغيير الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: التواصل الاستراتيجي يلقى مناصَرة رؤساء المؤسَّسات غير الربحية

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.