تقدم منصة “ستانفورد للابتكار الاجتماعي” الجزء الثاني من سلسلة “إنهاء العار المصاحب للطمث والعجز عن تأمين مستلزماته في آسيا”، التي تحدثنا في جزئها الأول عن وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالطمث في بعض الدول، وسنلقي في هذا الجزء الضوء على مبادرات بعض المؤسسات والمتاجر لتحسين تجربة المرأة خلال فترة الطمث. يعد متجر “لسيتان” (Isetan) نموذجاً آخر …
أهلاً بك في مجرة! أنت الآن تقف على أعتاب أفضل محتوى عربي ستجده
أبداً على الإنترنت.
أنشئ حساباً واستمتع بقراءة مقالتين مجاناً كل
شهر من أوسع تشكيلة محتوى أنتجته ألمع العقول العربية والعالمية.
تقدم منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" الجزء الثاني من سلسلة "إنهاء العار المصاحب للطمث والعجز عن تأمين مستلزماته في آسيا"، التي تحدثنا في جزئها الأول عن وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالطمث في بعض الدول، وسنلقي في هذا الجزء الضوء على مبادرات بعض المؤسسات والمتاجر لتحسين تجربة المرأة خلال فترة الطمث.
يعد متجر "لسيتان" (Isetan) نموذجاً آخر على عمل تجاري يأخذ زمام المبادرة، وهو متجر تجزئة كبير متعدّد الأقسام في اليابان. افتتح في فبراير/شباط من عام 2021 متجراً مؤقتاً يركز على رفاه المرأة البدني والعقلي، عرض المتجر منتجات "فيميتش" (femtech)، التي تستخدم مجموعة واسعة من التقنيات لتحسين تجربة المرأة خلال فترة الطمث، وأحد الأمثلة على ذلك الملابس الداخلية المخصصة لفترة الطمث، التي تحل محل المناديل الصحية. إذ توضح مايوكو كوابارا التي نظمت هذه الفعالية: "أظن أن عرض مجموعة متنوعة من المنتجات النسائية التي يمكن أن تغير أسلوب حياة النساء، في مكان مفتوح مثل متجر تجزئة متعدّد الأقسام يمكن لأي شخص زيارته، هو أمر نافع".
في الواقع، يزداد عدد رائدات الأعمال في اليابان اللواتي يعملن على بناء خطوط جديدة من الملابس الداخلية المخصصة لفترة الطمث. تعد شركة "بي أيه" (BeA) (اختصاراً لعبارة "كُنَّ طموحات" (Girls Be Ambitious)) في اليابان رائدةً في هذا المجال، ونظمت حملة تمويل جماعي في عام 2020 لتغطية نفقات البحث والتطوير، وكان هدفها المتواضع جمع مليون ين (10 آلاف دولار)، لكنها جمعت أكثر من 100 مليون ين (مليون دولار). تقول كومي تاكاهاشي رئيسة العمليات في الشركة: "لقد فوجئنا"، إذ تستطيع أن تلمس حقاً تطلعات النساء في اليابان وحماسهن. نريد بناء مجتمع تحظى فيه المرأة بحرية أكبر وتفعل ما يحلو لها".
وفي الصين، تنتج المؤسسة الاجتماعية "ريليف" (Relief) التي تديرها نساء في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهن ملابس داخلية مخصصة لفترة الطمث أيضاً. تأمل المصممة والمؤسِّسة "إيما تشِن" أن تزيد منتجاتها ثقة المرأة، وتسهم في معالجة مسألة العار المصاحب للطمث، وتؤدي في النهاية إلى تحقيق قدر أكبر من المساواة. إذ تقول: "بالنسبة للفتيات من كل جيل، من الضروري أن يكن قادرات على التحدث عن الطمث بحرية، وأن تتوفر لهن مجموعة خيارات متنوعة من منتجات الطمث، وينلن حق اختيارهن لنمط حياتهن". كما يسعون إلى تحقيق أثر بيئي ضخم، نظراً إلى أن النساء يستهلكن 130 مليار منديل صحي في الصين سنوياً. لتقلل الملابس الداخلية المخصصة لفترة الطمث التي يمكن إعادة استخدامها قدراً ضخماً من هذه الكمية الضخمة من النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها.
القوة المحرِّكة للشابات
في كل من الصين واليابان، تقود الناشطات الشابات هذه الحركة. على سبيل المثال، تدعم مجموعة نساء تحت سن الثلاثين ممن لديهن خلفيات عن التفكير التصميمي والفنون والأنثروبولوجيا مؤسسة "بيريود برايد" (Period Pride)، وهي مؤسسة غير ربحية في الصين تركز على صحة المرأة ونظافتها خلال فترة الطمث. في عام 2020 وبعد فترة وجيزة من نشر منشور المناديل الصحية غير المغلفة على وسائل التواصل الاجتماعي، عقدت مؤسسة "بيريود برايد" شراكةً مع العديد من المجموعات النسائية والأكاديميات لوضع توصيات سياسية "للجنة النساء والأطفال العاملة التابعة للمجلس الصيني". كانت اللجنة تلتمس الرأي العام حول "مخططها في تنمية المرأة في الصين (2021-2030)، وهو مجموعة من خطط التنمية التي كُشِف النقاب عنها في سبتمبر/أيلول من عام 2021، والتي يتوقَّع أن تؤدي دوراً محورياً في تعزيز التكافؤ بين الجنسين ومنح الأولوية للأطفال والنساء في الصين. تتضمن توصيات مؤسسة "بيريود برايد" للحكومة النقاط التالية:
إجراء أبحاث وطنية ومحلية حول المشكلات الصحية التي تواجه المرأة خلال فترة الطمث ونظافتها.
تحسين البنية التحتية للصرف الصحي في الأماكن العامة.
ضمان توفر المياه النظيفة للنساء، وإمكانية تخلصها من نفايات المنتجات المخصصة لفترة الطمث بطريقة آمنة ولائقة.
تعزيز التربية الجنسية الشاملة لأصحاب الهمم (ذوي الاحتياجات الخاصة) والتنوع بين الجنسين.
التشجيع على استخدام المنتجات المخصصة للطمث الصديقة للبيئة وتحسين نمط التخلص من نفايات هذه المنتجات بطريقة صديقة للبيئة.
للاحتفال بيوم المرأة العالمي في عام 2021، أطلقت "بيريود برايد" حملة عبر الإنترنت بعنوان #NothingToBeAshamedOf أو "لا يوجد ما يدعو للشعور بالعار" التي حصدت أكثر من 9.2 ملايين مشاهدة خلال 72 ساعة. أنشئت الحملة بالشراكة مع "التحالف الصيني للاستثمار في القيمة الاجتماعية" (China Alliance of Social Value Investment)، وهي منصة دولية غير ربحية في الصين أطلقتها 50 مؤسسة خيرية، دَعت الحملة المشاركات إلى التحدث عن منتجات النظافة التي يستخدمنها في الحياة اليومية، إضافةً إلى قصصهن الشخصية عن الطمث، مثل الذعر الذي أصابهن في أول طمث لهن أو تجربتهن في طلب المساعدة الطبية عند إصابتهن بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات. أدركت المشاركات أن التجارب السلبية والشعور بالعار، وحتى الصدمة لم تكن من نصيبهن وحدهن فقط، وأنه لا يجب لومهن عليها. كما جمع منظمو الحملة بطاقات معلومات ودعوا المؤثرين والخبراء لنشرها على الإنترنت.
تدعو مبادرة أخرى أطلقتها مؤسسة "بيريد برايد" إلى تقديم مقترحات للمنتجات والخدمات التي تعالج قضية العار المصاحب للطمث والعجز عن تأمين مستلزماته. يقدم المتقدمون من الجامعات في الصين وخارجها مقترحات خلاقة ونماذج أولية للمنتجات لتراجعها لجنة من الخبراء في النوع الاجتماعي وقادة مؤسسات غير الربحية ومستثمرين مؤثرين. اختارت اللجنة مقترحين لتنفذهما في العام المقبل، وهما مرحاض مدرسي ملائم للفتيات وعرض ترويجي مسرحي مبني على وجهات نظر نساء من مختلف الأعمار وقصصهن عن الطمث.
تشارك النساء قصصاً عن تجاربهن مع الطمث في العرض الترويجي المسرحي الذي تنظمه "بيريَد برايد". (استُخدمت الصورة بإذن من مؤسسة "بيريَد برايد")
أطلقت مؤسسة طلابية جامعية في اليابان تعمل تحت مظلة وسم #EveryonesPeriod التماساً في عام 2019 لخفض الضرائب التي تفرضها الحكومة اليابانية على المنتجات الصحية، التي تكون أعلى من الضرائب المفروضة على العناصر المصنفة بأنها "سلع أساسية". وفي أثناء ذلك، أُلهمت رينهو سايتو، عضو في مجلس المستشارين في البرلمان الوطني (المجلس الأعلى للهيئة التشريعية اليابانية المكونة من مجلسين)، لتناول هذه القضية بعد زيارة لمنظمة "كولابو" (Colabo)، وهي منظمة شعبية تدعم المراهقات. ووضحت: "رؤية أعضاء المنظمة الإناث اللاتي يكرسن أنفسهن لدعم الشابات اللاتي يعانين من الفقر، جعلتني أقرر أن أبذل ما بوسعي لمعالجة العجز عن تأمين المنتجات المخصصة للطمث حتى لو كانت القضايا المتعلقة بالطمث تعد وصمة عار في اليابان".
خلال اجتماع لجنة الميزانية بمجلس المستشارين في مارس/آذار (مارس) 2021، أثار المشرّعان ساياكا ساساكي ورينهو (كما يُطلق عليها عادةً) أسئلةً حول الضرائب المفروضة على المنتجات الصحية. دفعت دعواتهن المستلهمَة من مساعي القائدات الشابات، المشرّعات الباقيات – اللواتي يمثلن 10% من مجلس النواب و23% من مجلس المستشارين – إلى أن يعلنَّ أنه لا يمكن أن تتجاهل الحكومة العجز عن تأمين المنتجات المخصصة للطمث. وافقت إدارة رئيس الوزراء يوشيهيديه سوغا على إدراج المنتجات الصحية في خطة الإغاثة الطارئة في جائحة كوفيد-19، ومنذ ذلك الحين بدأت العديد من الحكومات المحلية في توزيع منتجات صحية مجاناً.
شهدت منطقة شرق آسيا نمواً وتراجعاً في معدلات العجز عن تأمين المنتجات المخصصة للطمث أسرع من أي منطقة أخرى في الخمسين عاماً الماضية. وقد أسهم ذلك في تقليل التفاوت بين الجنسين، ولا سيما في مجالي التعليم والصحة، لكننا لا نزال نواجه عدة تحديات. سيتطلب الأمر أكثر من التقدم والتنمية لتحقيق المساواة على جميع الأصعدة ولجميع النساء. إن معالجة مسألة العار – وهي مشكلة تكون غالباً مستترة ورئيسية بنفس الوقت في الحياة اليومية لنصف سكان العالم – أمر بالغ الأهمية لتحقيق التقدم الاجتماعي، والخطوة الأولى في معالجتها هي لفت الانتباه إليها. ينبغي لعدد أكبر من النساء على جميع مستويات صناعة القرار وكافة أصعدة المجتمع التحدث علناً وبوضوح عنها. هكذا، بكل جِدية.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.