ما هو الاستثمار المؤثر وكيف ينعكس على الأداء؟

أداء التأثير
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في عالم تزداد فيه الشفافية، نتوقع أن ما كتب على الملصق سيعكس ما يوجد داخل العبوة. ينطبق ذلك على ملصق عبارة “بيض عضوي مصدره دجاج تربى خارج الأقفاص” على علبة البيض، كما ينطبق على أي شركة من الفئة “ب” (B Corporation) أو على أي منحة مصنفة تحت بند “حوكمة بيئية واجتماعية وحوكمة شركات” (ESG)، فهذه المصطلحات توصل أموراً محددة للمشترين. بينما تعتمد مصداقيتها على ما إذا كانت الكتابة على الملصق متوافقةً مع المنتج نفسه.

في السنوات الخمس الماضية، نما الاستثمار المؤثر بشكل كبير. أما اليوم، فيصنف ما تزيد قيمته عن 40 ترليون دولار من الأصول وفق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. كانت هناك زيادة ملحوظة في النشاط حول كيفية قياس التأثير وإدارته مصاحبة لهذا النمو. هذا العمل ضروري للغاية، فهو سيمكن المستثمرين من توجيه رأس المال لتحقيق أكبر قدر من التغيير، وسيمكّن المستثمرين والشركات من إدارة أداء التأثير بنفس الدقة مثل الأداء المالي والتشغيلي. في السنوات الأخيرة، حقق قطاع الاستثمار المؤثر تقدماً في تطوير طرائق أفضل وأكثر سهولة وشفافية للتحدث عن التأثير، بداية من أبعاد التأثير الخمسة لمشروع إدارة التأثير (IMP) وحتى مؤشرات نظام IRIS+ ومبادئ تشغيل مؤسسة التمويل الدولية.

ومع ذلك وعلى الرغم من هذا التقدم، لم نضع بعد حداً أدنى واضحاً لتوقعاتنا حول ما يشكل بيانات تأثير “جيدة بما يكفي” للحكم على الأداء. هل يُعتبر الأمر تعبيراً عن النوايا؟ أم تأكيداً على اتباع ممارسات معينة؟ أم أننا نحتاج إلى بيانات موثقة حول التأثيرات المادية على البشر والكوكب؟ ومع انعدام حد أدنى مشترك للتوقعات، عادةً ما تعتمد تقارير أداء التأثير على البيانات العملية الأساسية التي تظهر مع بدء تشكّل التأثير. ونتيجة لذلك، تبدو معظم “تقارير” التأثير قاصرة: حيث تعمل كمؤشر للتأكيد الشخصي على الجهود الجيدة عوضاً عن أن تقدم وجهة نظر موضوعية حول الأداء.

ما هو الأمر المميز والمهم للغاية في الأداء؟

نظراً لأن تقارير التأثير أصبحت أكثر شيوعاً، أصبح هناك اعتراف متزايد في قطاع الاستثمار المؤثر بالحاجة إلى السعي لتحقيق “أداء تأثير” لا مثيل له. وعبر التاريخ، غالباً ما تم اعتبار التأثير أحد أمرين: إما أنه يظهر أثناء العمل أو أنه غير موجود. إذا تم تعريف التدخل على أنه “مُؤثر” -غالباً بفضل دراسة أكاديمية- كان من المعتاد التصرف كما لو كان جدال التأثير قد تمت تسويته، وبالتالي لم تكن هناك حاجة إلى أي بيانات إضافية من الشركة للتأكيد على أنها قد تمكنت في الواقع من إنشاء تأثير.

هذه الطريقة رغم أنها تبدو قابلة للتطبيق وعملية للغاية فهي معيبة بشكل أساسي. ولفهم السبب يتعين عليك التفكير في التحول الذي طرأ على الفهم الجمعي للتعلم والتنمية البشرية بفضل ظهور مفهومي “العقلية الثابتة” و”العقلية “النامية أو المتطورة”. أظهر هذا العمل، الذي اشتهرت به عالمة النفس كارول دويك، أن أفكارنا الأساسية حول هويّتنا وقدراتنا (مثل ذكائنا وشخصيتنا وأخلاقنا) تساهم في تشكيل قدرتنا على التعلم والنمو والتحسن. يعتقد أولئك الذين لديهم عقلية “ثابتة” أن الذكاء ثابت، فهم يعطون الأولوية للظهور بمظهر الأشخاص الأذكياء والمتمكنين وبالتالي يميلون لتجنب التحديات، وهم أكثر عرضة للاستسلام بسهولة عندما يواجهون العقبات ويتجاهلون الملاحظات السلبية البناءة. على العكس من ذلك، يعتقد أولئك الذين لديهم عقلية “متطورة” أن الذكاء يمكن تطويره، لذلك من المرجح أن يكونوا على قدر التحدي وأن يواجهوا العقبات بثبات وأن يتعلموا من الانتقادات.

يتمتع الاستثمار المؤثر بإمكانية مماثلة للتقدم إذا أدركنا أننا بحاجة إلى ما هو أكثر من “دليل” على التأثير، أي شيء ثابت تم إثبات وجوده من عدمه مرةً واحدة. كما أننا نحتاج إلى بيانات مستمرة لمتابعة “أداء التأثير” — بيانات ديناميكية وسلسلة ويمكن اعتمادها لتكرار التجارب كي نتمكن من زيادة التأثير الذي نُحدثه. نحن نميل إلى التعثر عندما نخلط بين المفهومين،

فنرى محدودية عقلية التأثير “الثابت” في كل مرة نعتقد أننا اكتشفنا فيها “الحقيقة” حول تأثير أي تدخل معين (قرض تمويل صغير، منهج مدرسي محسّن)، ومن المفيد بالطبع اكتشاف دراسات تُظهر أن التدخل نافع حقاً. إلا أن الاعتماد على الدراسات فقط وتطبيق نتائجها على التدخلات الشبيهة (إلى حدِِ ما) يؤدي بنا إلى تجاهل أمر أساسي؛ وهو أن الفروق في أداء التأثير ناتجة عن الإجراءات المحددة لشركة ما، والخصائص المحددة لمنتج أو خدمة ما، والطرق المحددة لتعاطي الشركة مع الزبائن في سياق محلي. تكون هذه الفروقات خفيةً من تعريفها إذا تم الاعتماد على التعريف الثابت بأن “هذا المنتج أو هذه الخدمة (دائماً) ستنتج هذا القدر من التأثير بالنسبة للزبون”.

ومع ذلك، فإن أفضل الممارسات المقبولة هي التحقق من وجود التأثير ثم تطبيق متغيرات التأثير “المُثبَتة” على البيانات التشغيلية القياسية. يمكن لهذه الممارسة أن تستحضر أرقاماً ضخمة للتأثير، لكن الافتراض الخاطئ الكامن وراء هذا النهج الشائع للغاية هو افتراض أن فئات التدخل بأكملها (على سبيل المثال، كل قرض تمويل صغير مُنح لأي شخص في أي مكان) متماثلةٌ بشكل أساسي من منظور التأثير و يجب أن تُعامل على هذا النحو.

وعلى النقيض، ترتكز عقلية أداء التأثير على معرفة أن لكل تدخّل تأثيراً مختلفاً في كل مكان وكل لحظة. علاوة على ذلك، فإن هذه الاختلافات دائماً ما تكون كبيرة بما يكفي لتحظى بانتباهنا. وإن فهم التنوع في الأداء، سواءً أكان في التأثير أو في أي مجال آخر، هو مفتاح التقدم.

على سبيل المثال، تخيل قرضين استهلاكيين من مموّلَين مختلفَين في البلد نفسه، أحدهما عبارة عن عملية سحب رقمية بسيطة، والآخر يتمتع بدعم مجتمعي كبير وخدمات شاملة. إذا اكتشفنا أن القرض الثاني له نتائج أكبر وأطول أمداً على الرفاه المالي للعملاء وتمكينهم فقد تعلمنا شيئاً أساسياً حول كيفية تخصيص مواردنا لتحقيق أكبر تأثير. إن وظيفتنا، سواء كنا جهات تشغيل أو مستثمرين، ليست أن نقول “إننا ندعم إقراض الفئات السكانية المهمشة، وإليكم التأثير النموذجي لهذه الأنواع من القروض”، بل تتمثل مهمتنا في تحديد أصحاب الأداء الأفضل من خلال تمييز أولئك الذين يصنعون تأثيراً ضخماً ضمن فئة معينة من أصحاب الأداء المنخفض أو أصحاب الأداء المتوسط.

توجد التدخلات الاجتماعية من جميع الأنواع في سياق ديناميكي للغاية بحيث لا يمكن الاستقراء الأعمى على نطاق واسع من حكاية واحدة أو دراسة واحدة كما نفعل نحن. ولا يسعنا الافتراض مطلقاً أن كل متجر، أو شركة خطوط جوية، أو متجر إلكتروني، يمتلك نفس النسب التشغيلية والمالية لكل وحدة مُباعة. ومع ذلك، فإننا نتصرف كما لو أن التأثير المدروس جيداً لتدخل واحد في مكان واحد ولحظة واحدة يمكن أن يُمثل جميع التدخلات من هذا النوع على مستوى العالم.

من النظرية إلى الممارسة

قد يبدو كل هذا منطقياً، لكنه بعيد كل البعد عن الممارسة المقبولة حالياً. فالممارسة الحالية هي حرمان قياس التأثير من أية موارد حقيقية، وبالتالي إجبار الممارسين على إعطاء الأولوية للبراغماتية فوق كل شيء. ونحن مقيدون بهذه الطريقة نكافح لتحديد البيانات التي يمكننا إنتاجها بسهولة أكبر ونحاول استنتاج التأثير المحتمل من هذه البيانات.

على سبيل المثال، انظر إلى تقرير “الشبكة العالمية للاستثمارات ذات التأثير” (GIIN) الذي صدر مؤخراً بعنوان “فهم أداء التأثير: استثمارات الشمول المالي“. قد يتوقع المرء أن يرتكز هذا التقرير على (1) أنواع التأثيرات التي تهم عميل مؤسسة تمويل صغير أو منظمة تكنولوجيا مالية؛ وأنه، (2) باعتباره “تقرير أداء”، سيسمح للفرد بفهم التأثير النسبي لأداء تأثير الشمول المالي على المستثمرين وشركات الشمول المالي. وللأسف، لا يحقق التقرير أياً من هذين الهدفين.

إلى أي مدى يرتبط التقرير بالهدف الأول: الإبلاغ عن أنواع التأثيرات التي تهم عملاء التمويل الصغير؟ ليس إلى حدٍ جيد. لمعرفة السبب، تخيل النشاط البسيط المتمثل في سؤال عملاء التمويل الصغير ذوي الدخل المنخفض عن سبب اقتراضهم أو ادخارهم مع مؤسسة تمويل صغير معينة. من المرجح أن يخبرك هؤلاء العملاء أنهم يريدون الحصول على المزيد من المدخرات (حتى يتمكنوا من الاستثمار أكثر)، أو تجاوز الأزمات المالية بشكل أفضل، أو كي يكونوا قادرين على إرسال أطفالهم إلى المدرسة في المستقبل؛ أو أنهم يرغبون في زيادة الدخل من تنمية الأعمال التجارية الصغيرة؛ أو أنهم ربما يتوقون إلى أن يكون لهم مساهمة أكبر في القرارات المالية للأسرة.

ومع ذلك، فإن المقاييس الواردة في تقرير “أداء” تأثير الشمول المالي لشبكة GIIN (في الصفحتين 20-21) لا تتضمن هذه الأنواع من مقاييس التأثير البسيطة على مستوى العملاء. في الواقع، فإن 5 فقط من المؤشرات الثمانية والعشرين المذكورة في التقرير لها ارتباط ضئيل بالنتائج المهمة الخاصة بالعملاء هذه. يرجع ذلك إلى أن التقرير، كما هو معتاد، يخوض في البيانات المتاحة بسهولة – على سبيل المثال، عدد القروض الممنوحة أو النسبة المئوية للقروض المقدمة بالعملة المحلية – ويحاول استنتاج النتائج (المحتملة) على مستوى العميل من هذه البيانات. ولكن في حين أن عدد القروض التي قدمتها مؤسسة التمويل الأصغر يعطي إحساساً بالوصول للمستفيدين، إلا أنه لا يخبرنا شيئاً عن الأمور التي نهتم بها حقاً، مثل ما هو تأثير قرض التمويل الصغير على هؤلاء العملاء لمؤسسة التمويل الصغير هذه في هذه الفترة الزمنية؟

ما لدينا في تقرير شبكة GIIN، إذن، هو نظرة مفيدة للغاية عن “حالة القطاع” تساعدنا على فهم حجم القطاع، ومتوسط أحجام القروض، والمحافظ الاستثمارية المعرضة للخطر، وتعطينا بعض البيانات حول من يتم تقديم الخدمة لهم. وهذه جميعها معلومات قيمة لكن ليس لأي منها علاقة بـ “أداء التأثير”.

لكي يكون تقرير أداء التأثير مؤثراً، يجب أن يتوفر فيه ما يلي كحد أدنى:

    1. يخوض في أولويات التأثير لأصحاب المصلحة المتأثرين (الزبائن، الموظفون، الكوكب)،
    2. يمتلك على الأقل بعض البيانات عن أداء التأثير والتي تم جمعها مباشرةً من أصحاب المصلحة هؤلاء، و
    3. يمتلك بيانات تسمح بمقارنة أداء التأثير النسبي للمؤسسات المختلفة أو صناديق التأثير المشاركة في نفس الأنشطة أو أنشطة مماثلة.

سرّنا المنتشر علناً هو بيانات التأثير غير المكتملة

إن بيانات التأثير غير المكتملة هي أكثر أسرار قطاعنا ذيوعاً، وبالتالي يكون السؤال الذي يتوجب علينا إجابته هو كيف نحل هذه المشكلة بأفضل طريقة ممكنة.

وجهة نظر شبكة GIIN، وفقاً لهذا التقرير نفسه، هي الاستمرار في مسارنا الحالي: جمع المقاييس التشغيلية التي يمكن للشركات إنتاجها واستخدام أبحاث أولية محسّنة لتحويل هذه البيانات إلى بيانات تأثير. وحسبما قام التقرير بتسميته، هذا هو مسار “التثليث المُحسن”. (من تقرير الشبكة: “إن قيود الموارد المرتبطة بجمع بيانات النتائج مباشرة … تسلط الضوء على فرصة لتوسيع قدرة القطاع على التثليث للوصول إلى النتائج بناءً على مجموعات من المخرجات باستخدام التحليلات المدعومة بالأدلة وأساليب البحث“.) وبالمثل، فإن منهجية التأثير المتعدد للمال (IMM) التي وضعتها منحة رايز فاند (Rise Fund) التابعة لمؤسسة تي بي جي (TPG)، وكما هو مبين في مقالة هارفارد بيزنس ريفيو لعام 2019، ترتكز على تثليث المقاييس التشغيلية مع “البحث الحالي [الذي] يثبت أنها قابلة للتحقق وقابلة للقياس”.

يتمثل قلقنا من منهجية التثليث في أنها تتعارض بشكل أساسي مع الكشف عن التمايز الذي يكمن في صميم دراسة أداء التأثير.

تخيل مرة ثانية شركتين مُقرضتين كلاهما تعملان في أوغندا. لدى كلتا الشركتين سياسات مكتوبة متشابهة ومنتجات متشابهة وقواعد عملاء متساوية الحجم تقريباً. تخيل الآن أن إحدى المؤسسات لديها مسؤولو قروض يضايقون العملاء بانتظام، ولا يمنحون إجازات مدفوعة خلال أزمة كوفيد-19، ولا يتبعون سياساتهم وإجراءاتهم المكتوبة. لن يلتقط أي قدر من التثليث المحسن أبداً الفروق في تجارب العملاء لهاتين المؤسستين والفرق الناتج في مدخرات العملاء أو الأرباح أو معدلات إعادة السداد أو الديناميكيات الأسرية تبعاً للأدوار الجندرية أو مخرجات التعليم بالنسبة للأطفال.

إذا لم يستطع التثليث التقاط حتى الفجوات الضخمة بين السياسات المكتوبة والسلوكيات الفعلية، فلماذا نراهن عليه باعتباره العمود الفقري لفهم أداء التأثير؟

يجب علينا أن نتوقف عن ذلك.

إن تثليث التأثير هو بطبيعته يحد نفسه بنفسه، وهو طريق مسدود ولا يشكل منحنى متزايداً مواكباً لأداء التأثير. حيث يفترض تثليث التأثير أن الزبون متلقي الخدمة هو زبون تلقى خدمة وأن التأثير المُكتَشف في دراسة واحدة (أو خمس دراسات) لمؤسسات متشابهة بما يكفي، يمكن تعميمه. نتمنى لو كان تغيير حياة الناس للأفضل على هذا القدر من البساطة!

يجب أن يكون هدفنا هو التوجه مباشرة إلى أصحاب المصلحة الذين تهدف هذه الشركات إلى تحقيق نتائج أفضل لهم، وأن نسألهم ببساطة عما إذا كانت هذه النتائج تحدث أم لا. حتى لو لم تكن هذه البيانات مثالية، وحتى لو كانت البيانات المبلغ عنها ذاتياً متحيزة في الغالب، فمن المؤكد أنه من الأفضل طلب البيانات والحصول عليها بدلاً من عدم السؤال على الإطلاق.

ابتكارات قياس التأثير

الخبر السار هو أننا نعيش في فترة تسارع هائل وفترة يزدهر فيها الابتكار في جمع بيانات النتائج على مستوى المستفيدين من قبل بعض المستثمرين المؤثرين والمؤسسات الاجتماعية الرائدة في العالم. شاركَت مؤخراً كل من شركة فلوريش فينتشرز (Flourish Ventures)، وشبكة أوميديار في الهند (Omidyar Network India)، وصندوقغلوبال بارتنرشيبس (Global Partnerships)، وصندوق ريجميفا (REGMIFA) للاستثمار، ومؤسسة براك (BRAC)، ومؤسسة روكفلر (Rockefeller Foundation)، ومكتب سينيارث (Ceniarth)، وتجمع سولار سيستر (Solar Sister) تجاربها في جمع البيانات على مستوى العملاء. في سياق مماثل، نشرنا نحن في شركة “60 ديسيبلز” (60 Decibles) في العام الماضي تقريراً عن سبب أهمية الطاقة المستمدة من خارج شبكة الإمدادات يتضمن تصنيفاً حقيقياً لأداء التأثير، يتماشى مع مشروع إدارة التأثير (IMP)، لـ 59 شركة تعمل في مجال الطاقة خارج الشبكة، والتقرير كله مبني على ما قاله عملاء هذه الشركات عن التأثير الذي يختبرونه.

أو، بالنسبة لمثال محدد حساس للوقت، فكر في أهمية فهم تأثيرات كوفيد-19 على مستوى العالم. من الواضح أنه لا يمكن تقييم هذا الأمر بأي نوع من التثليث. وعلى الرغم من ذلك، فمن خلال السؤال المباشر لأكثر من 52,000 عميل في 32 دولة في الفترة الممتدة ما بين شهر أبريل/نيسان إلى شهر ديسمبر/كانون الأول في عام 2020، حصلنا في “60 ديسيبل” على فهم تفصيلي ومتباين لكيفية تأثير كوفيد-19 على حياة الناس. وبالتأكيد إذا تمكننا من الحصول على هذه البيانات بشكل شهري في منتصف جائحة عالمية، لا بد من وجود طريقة يتمكن من خلالها قطاعنا من تجميع هذه البيانات في أوقات أهدأ وأفضل.

معايير أعلى

منذ 20 عاماً، في عام 2001، قال جيد إيمرسون متهكماً: “نحن نمول عدداً لا ينتهي من الدراسات لتقودنا نحو حقيقة مبهمة. ويبقى الجواب: نحن ببساطة لا نعلم الحقيقة. بدلاً من ذلك، أنشأنا ما هو في كثير من الأحيان مناورة خداع جماعية حيث يتم إخبار الممولين بما يرغبون في سماعه، ويتم تحرير المستفيدين من تحمل مسؤولية جهودهم بشكل حقيقي”.

يتم توظيف الكثير من الجهود ورأس المال المؤثر للاستمرار في قبول التقديرات المبهمة لأداء التأثير. لدينا واجب تجاه الأشخاص الذين يتم خدمتهم من خلال الاستثمارات المؤثرة لتخطي “النتائج المحتملة” وبيانات مخرجات عمليات التثليث والعمل نحو أداء التأثير. في الواقع، إذا اتفقنا أن عملنا يتعلق بهؤلاء العملاء، فيجب علينا جميعاً أن نغضب ونلاحظ الخطأ في كل مرة تغيب فيها أصواتهم عنا في تقرير يتناول حياتهم ورفاههم. بدون تقييماتهم المباشرة، تعزز هذه التقارير المنقوصة المنطق الخاطئ والشائع القائل بأنه من الممكن التأكيد على أن المرء له تأثير على الاستثمارات التي تواجه العميل دون أن يسمع من العملاء مباشرة.

لماذا نستمر في فعل هذا؟ بدلاً من المشاركة في مناورة الخداع هذه، دعونا نتفق أن الوقت قد حان للتخلي عن هذه الأساليب.

الطريق نحو المستقبل

لنتمكن من التحسين الجماعي، نوصي بالخطوات الثلاثة التالية:

  1. احذروا من تقارير “أداء التأثير” التي لا تتيح لكم تقييم الأداء. يعني مصطلح “الأداء” أن بعض المؤسسات تنجز مهامها على نحو أفضل وأخرى على نحو أسوأ من غيرها. هناك قادة وهناك متلكئون. إذا كانت منهجية تقييم الأداء الخاصة بكم لا تتيح لكم التمييز بين هذين النوعين، إذن فهي ليست منهجية لتقييم الأداء.
  2. تحلوا بالشفافية حول مصادر البيانات التي لديكم. يجب أن تشير جميع تقارير التأثير بوضوح إلى مصادر بيانات النتائج التي لديها وإلى الأماكن التي لم تحصل منها على بيانات، بالإضافة إلى توضيح مكان اعتماد بيانات النتائج على عملية جمع البيانات المباشرة بدلاً من “حساب التأثير”. يتراجع المجال خطوة إلى الوراء في كل مرة نقوم فيها بطمس الخط الفاصل بين المقاييس التشغيلية وبيانات النتائج التي تم جمعها من أصحاب المصلحة. وإذا كنا كمستثمرين مؤثرين نهتم حقاً بالعملاء ونعتقد أن التأثير على حياتهم مهم بقدر أهمية عائدات المساهمين، يجب أن يكون طموحنا هو الاستماع مباشرة إلى هؤلاء العملاء عند تقييم التأثير.
  3. يجب على محادثات قياس التأثير وإدارته منح الأولوية لبيانات النتائج. حتى ذلك الحين، سيظل تغليف النواتج وإعادة تغليفها في تقارير لامعة تظهر أرقاماً كبيرة أمراً مرهقاً وعديم الجدوى. ففي أفضل الأحوال، تعمل هذه التقارير القائمة على النتائج على تبرير قرارات الاستثمار وجذب المزيد من رأس المال. بينما في أسوأ الأحوال، فإنها تواصل رقصة الخداع على حساب التعرف على الخطوات الصحيحة لتحقيق نتائج أفضل للعملاء.

ولقد حان الوقت لرفض المنطق القائل أن بيانات أداء التأثير غير متوفرة، بينما هي متوفرة بكثرة. يمكننا أن نفعل ما هو أفضل من الخداع الضار الشائع الذي استمر لفترة طويلة جداً في قطاعنا هذا: متمثلاً بتقارير التأثير التي لا تُبلغ عن التأثير، وتقارير الأداء التي لا تخبرنا شيئاً عن الأداء.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.