الابتكار لتحقيق أهداف أسمى

8 دقائق
الابتكار
shuttterstock.com/Sky Motion

أصبحت كلمة "الابتكار" أبرز مصطلح دعائي عديم المعنى ومستخدم بصورة مبالغ بها في هذا العقد. إنها الميزة التي يطلبها جميع القادة، مع أن كثيراً منهم لا يفهمون سبب حاجتهم إليها أو حتى معناها، ويتحمّسون عادة في تشجيع الجميع على أن يكونوا مبتكرين مع أنهم لا يفهمون معنى ذلك بوضوح على الصعيد العملي.

تبدي الشركات افتتانها بأبرز "التكنولوجيات المزعزعة" الجديدة، مع أن فكرة الابتكار لا تقتصر على التكنولوجيا المزعزعة، بل لا تحمل معنى الزعزعة على الإطلاق أحياناً. يتعلق الابتكار في جوهره بنتائج الشركات والموظفين؛ التوصل إلى طرائق جديدة لإنجاز العمل، والاستفادة من المواهب فيه، وتغيير طرائق الإدارة، ويعني الانتقال إلى نماذج عمل جديدة بناءً على التطوير المشترك والبيئة القائمة على الشراكات؛ أن الابتكار رحلة متكاملة.

نواجه اليوم تحديات غير مسبوقة في العالم، وهي تحفّز الابتكار. لكن مقولة "الإبداع يولد في العزلة" خرافة، وينبغي لنا التعاون واحتضان تنوع الآراء كي نتمكن من حلّ مشكلاتنا ونخلق القيمة. يشارك كتاب "الابتكار الذي لا يعرف الخوف" (Fearless Innovation) طرائقاً لمساعدة المؤسسات في بناء بيئة عمل ناجحة، وإقامة شراكات مع أصحاب المصلحة كافة لتحقيق المنفعة المشتركة، بدءاً من الموظفين والمساهمين والعملاء وصولاً إلى المجتمعات المحلية. مع تزايد الترابط في العالم، يصبح تبني بيئة عمل أساسياً للنجاح؛ ما إن يمتزج الابتكار بثقافة المؤسسة وبيئة عملها، يصبح بديهياً و مألوفاً ودائماً بحيث لا يحتاج إلى الإشارة إليه أبداً.

أليكس غورياتشيف

يمكن توضيح دورة تطور الإبداع في أعمال أبراهام ماسلو. لمن لا يعرف من هو ماسلو؛ هو عالم نفسي أميركي من القرن العشرين، اشتهر بتطوير مفهوم هرم ماسلو للاحتياجات؛ هرم يتألف من 5 مستويات تحتوي على احتياجاتنا الإنسانية المادية والمعنوية. تضمّ قاعدة الهرم أكثر الاحتياجات الفيزيولوجية الأساسية، كالغذاء والمأوى والكساء، ويضم المستوى الذي يليها الحاجة إلى الأمان بكافة نواحيه، كالسلامة الشخصية والأمن المالي، أما المستوى الثالث فيتمحور حول الصداقة والعائلة والحاجة للتواصل، ويُعرف هذا المستوى بمستوى الحب والانتماء، والحاجة إلى التقدير تقع في المستوى الرابع، وهي تشمل تقدير الذات والمكانة الاجتماعية والشعور بالإنجاز، ويعبّر رأس الهرم (المستوى الأخير) عن الحاجة إلى تحقيق الذات، وهو يتعلق في أساسه بأن نبدي أفضل ما لدينا، ويركز على الحس الأخلاقي والتطور الذاتي والإبداع.

يبين هذا الهرم أنه كلما لُبّيت مجموعة احتياجات، حلّت مجموعة أخرى محلها، ويستمر ذلك حتى نصل إلى مرحلة "تحقيق الذات"، وعلى الرغم من أن تحقيق الذات مفهوم رائع ينبغي لنا جميعاً السعي لأجله، لكن يبدو أنه في الغالب، كلما تمت تلبية رغبة ما ستحل رغبات مادية جديدة محلها (سأكتفي بهذا القدر بغض النظر عن اعتبار علماء النفس والأطباء النفسيين لهذه الفكرة حلقة لا متناهية). المهم هو أنه تبعاً للزمان والمكان والظروف، تمثل تلبية كل هذه الاحتياجات تحدياً صعباً لا سيما مع الانتقال إلى المستويات الأعلى من الهرم.

يمكن اعتبار هرم ماسلو  مثالاً عملياً على الابتكار الذي يعالج القضايا التي تواجه المجتمع على جميع الأصعدة ويلبي متطلبات سلامتنا الجسدية وتضافرنا الإنساني والتغيير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. إنه عقلية استشرافية وتوجه تقدمي، ولا يمكن أن يوجد منفرداً بل يرتبط بالعالم من حوله.

يمكن أن يتجلى هذا المفهوم بمراقبة الكرة الأرضية ليلاً؛ إذ أصدر علماء وكالة ناسا في عام 2017 خرائط عالمية جديدة للكرة الأرضية بعد غروب الشمس في مناطق مختلفة من العالم. كانت خرائط "أضواء الليل" هذه تصدر كل 10 أعوام تقريباً على مدى ربع القرن الماضي، وهي تساهم في تعزيز فهمنا للعالم، وهذا يشمل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتغيرة. أول ما ستلاحظه عندما تنظر إلى هذه الخريطة هو الظلمة التي تغطي معظم بقاع الأرض على الرغم من وجود عدد من البقع المضيئة. تغطي معظم المناطق المظلمة البلدان النامية التي لم يشهد العديد منها آثار الثورة الصناعية الرابعة بعد. ففي الوقت الذي يعيش فيه بعضنا في منازل ذكية تتوفر فيها وسائل الرفاهية مثل أنظمة الري المتصلة بالإنترنت وإمكانية إرسال مسحات قطنية تحمل عينات من الحمض النووي لنطّلع على خارطتنا الوراثية، ما زال نصف العالم تقريباً خارج شبكة الإنترنت. وبينما نلعب بهواتفنا الذكية، ونستخدم تطبيقاته الترفيهية أو نشاهد مقاطع الفيديو على موقع يوتيوب، يفتقر ثلث سكان العالم إلى المياه النظيفة وما زال نصفهم محرومين من الرعاية الصحية الأولية.

لا أقصد من هذه المقارنة الثرثرة أو إحراج أي شخص أو تعييره، فلا عيب أبداً في الاستفادة من الإمكانات التي وفرتها الثورة الصناعية الرابعة لخوض تجارب متنوعة، لكن طرحتُ هذه القضايا بناءً على إيماني الراسخ بأننا جميعاً نحمل مسؤولية تحسين الظروف المعيشية لجميع الناس في كل مكان. لا يمكن تحقيق تطوير كهذا إلا من خلال الابتكار وإتاحة الفرص الاقتصادية. فالمؤسسات التي تقود هذا التغيير بالاستثمار في تحسين العالم لا تفيد مساهميها فحسب، بل تفيد العالم أجمع.

الابتكار يتوق إلى التحرر

إذا أردت أن يصبح الابتكار جزءاً من مؤسستك، لا يكفي أن تتعاون مع شركات أخرى، بل يجب أن تستفيد من بيئة عمل كاملة؛ هذا يعني المساعدة في الابتكار وإقامة شراكات مع العملاء والموردين والمؤسسات الأكاديمية والمؤسسات غير الربحية والمدن والحكومات وغيرها. لا تولد كل الأفكار المبتكرة في مكاتب الشركات التقليدية (الإنترنت أول مثال على ذلك)، إذ تسعى الدول والمدن والبلديات بجد لوضع سياسات جديدة كي ترفع مستويات الابتكار فيها وتجذب أعمالاً تجارية جديدة وسكاناً جدداً، وتوسع المؤسسات الأكاديمية برامج أبحاثها لتشمل روّاد الأعمال، وبدأ المستهلكون يشعرون أن آراءهم تحظى بتقدير أكبر من أي وقت مضى إذ تتاح لهم وسائل كثيرة للتواصل مع الشركات والتأثير فيها.

يولّد الانخراط في بيئة العمل كاملة مجموعة أوسع من الآراء ووجهات النظر، بينما يضمن التنوع فيها تشكيل أفضل الفرق. ولا يختلف الأمر عندما تتخطى حدود مكتبك؛ كلّما تنوعت وجهات النظر أكثر حصدت نتائج أفضل. يبني العمل مع مؤسسات ومجموعات أخرى معرفة جماعية في بيئة ابتكار تتوسع باستمرار، فالابتكار ليس مجالاً محصوراً بشخص أو مبادرة أو شركة أو قطاع أو دولة واحدة فقط، وليس له حدود أو مالك؛ بل هو متوفر في كل مكان وكل زمان. في النهاية؛ لا يمكن أن يكون المبتكر متعصباً لآرائه؛ بل يفكر بإبداع ويتشارك مع أشخاص ومجموعات من كل حدب وصوب، مع العملاء والمدن والحكومات والمؤسسات الأكاديمية والمؤسسات غير الربحية.

إقامة علاقات شراكة مع المدن والحكومة

مع أن الخبراء الاقتصاديين الذين يتبنون سياسة عدم التدخل، يرون أن أفضل أشكال تدخل الحكومة في عمل تجاري هو عدم تدخلها على الإطلاق، فالمدن والبلديات وقادة حكوماتها بالطبع هم شركاء نموذجيون، ويلعبون دوراً بالغ الأهمية في الابتكار. في عام 2017، كان 3 ملايين شخص ينتقلون أسبوعياً إلى المدن في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى نسبة 54% من التعداد السكاني الذي يعيش فيها بالفعل، وقُدّر أن هذه النسبة سترتفع لتصبح 66% من التعداد السكاني العالمي بحلول عام 2050؛ هذا عدد كبير من الناس، وهم يحتاجون إلى الموارد والوظائف والفرص والبنى التحتية الجديدة، ووسائل الراحة، وغير ذلك الكثير. بالإضافة إلى أن الناس يفضلون بعض المناطق على غيرها، ما يؤدي إلى هجرة العقول من المدن والبلدات الصغيرة أو تناقص أعداد مواطنيها بدرجة كبيرة.

استجابة لذلك، تتنافس مدن كثيرة لتصبح تجمعات للابتكار عن طريق تعزيز تجربة مواطنيها. ومن الطرق التي تتبعها في ذلك إنشاء تجمعات للابتكار، أو محاولة استقطاب عدد كبير من الشركات والمؤسسات كي تتحول المدينة بحد ذاتها إلى تجمع للابتكار. يشار إلى هذه التجمعات أحياناً بمجتمعات الابتكار أو مختبرات الابتكار أو مراكز الابتكار، وهي تجمع الشركات الناشئة والمؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والباحثين والعملاء وغيرهم، للبحث في مسائل تتعدى مشكلات الأعمال، وتركز على المشكلات العامة التي تواجه المجتمعات والأفراد حالياً، وتقدم فرصاً رائعة للابتكار المشترك.

تُعتبر تجمعات الابتكار التي تدعمها حكومات المدن مثالاً على التعاون بين الحكومات المحلية والأعمال التجارية والمؤسسات الذي يعود بالمنفعة على الجميع، إذ تستثمر جميعها في إنشاء مجتمعات أقوى. أصبحت هذه المدن أكثر جاذبية للعيش فيها، وتقدّم قاعدة ضريبية أكبر وموارد أكثر، كما تعمل الشركات فيها على تقديم حلول مربحة وقابلة للتطوير، ويمكن تطبيقها في أي مكان آخر.

كما يجب ألا يكون لحجم المدينة أو البلدة أهمية. في الواقع، كانت مدينتي التي ولدت فيها، كارلسباد بولاية كاليفورنيا (تعدادها السكاني 115 ألف نسمة)، من أوائل المدن التي تبنت هذا المفهوم برؤية واستراتيجية طموحة للابتكار؛ بدأت المدينة رحلتها لتحسين حركة التنقل والاستدامة والخدمات الحكومية والمشاركة المدنية في أثناء تأسيس اقتصاد مترابط بالتشارك مع المؤسسات غير الربحية والشركات والمؤسسات المجتمعية والمواطنين. عززت هذه الاستراتيجية اقتصاد المدينة على نحو مستمر بفضل مجموعة متنوعة من الشركات الناشئة، سواء تأسست في المدينة أو انتقلت إليها من أماكن أخرى. كما ترغب عدة شركات مهمة في أن يكون مقرها في هذه المدينة لخدماتها وقيادتها التقدمية وبيئة عملها الحيوية. عندما تؤدي الحكومات المحلية دوراً فعالاً في تشكيل خطة ابتكار للمنطقة -مثلما فعلت حكومة مدينة كارلسباد- ترتفع مستويات سعادة المواطنين وتشهد المدينة نمواً اقتصادياً وتتفجر المواهب ويحظى المبتكرون بفرصة تقديم قيمة جديدة.

دراسة حالة: أعمال بلومبرغ الخيرية

أقيل مايكل بلومبرغ في عام 1981 من وظيفته في البنك الاستثماري في وول ستريت، سالومون براذرز (Salomon Brothers)، الذي عمل فيه منذ عام 1966 بعد تخرجه في كلية هارفارد للأعمال مباشرة. بدأ موظفاً مبتدئاً وحصل على عدة ترقيات في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فشغل مناصب في تجارة الأسهم والمبيعات وأنظمة المعلومات. لكن حين عاد للبحث عن وظيفة في عام 1981، قرر الانتقال إلى مجال ريادة الأعمال، فأسس شركة ناشئة صغيرة تسمى بلومبرغ إل بي (Bloomberg LP).

تطوّرت هذه المنشأة التي تحمل اسمه عبر السنين وأصبحت شركة معلومات مالية وإعلامية وبيانات عالمية وبرمجيات، يعمل فيها 20 ألف موظف، ولها فروع في 120 دولة. ومع نمو شركته وثروته، بدأ مايكل توجيه اهتمامه إلى العمل الخيري. لعله اشتهر بتولي منصب عمدة مدينة نيويورك 3 ولايات من 2002 إلى 2013، لكن ذكره اليوم يرتبط بمؤسسته الخيرية، بلومبرغ فيلانتروبيز (Bloomberg Philanthropies)، التي أسسها في بداية الألفية الثالثة، والتي تُعنى بالابتكار الفني والثقافي والتعليمي والبيئي والحكومي والابتكار في مجال الصحة العامة.

صرّح مايكل في رسالة مؤسسته السنوية عن العمل الخيري في عام 2019 بالتالي:  "أنا إنسان متفائل؛ أؤمن دائماً أن الغد سيكون أفضل من اليوم، لكني أيضاً إنسان واقعي، وأعلم أن الإيمان والأمل وحدهما لن يجعلا المستقبل أفضل، ما يهم هو العمل". هذا النوع من التركيز على نتائج التنفيذ هو الذي ساهم في جعل مؤسسة بلومبرغ فيلانتروبيز واحدة من أكبر المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة الأميركية. لا تنحصر إسهامات المؤسسة في التمويل، بل تسعى للتوصل إلى حلول قابلة للتنفيذ سواءً في البحث عن سبل للمساهمة في حلّ مشكلات التغير المناخي أو أزمة المواد الأفيونية أو العنف المسلح أو التعليم العام. تتجلى جهودها بوضوح في دعمها للابتكار في حكومات المدن بتقديم الرعاية الفعّالة عن طريق فرق الابتكار والرؤساء التنفيذيين للابتكار الذين ينضمون إلى حكومات المدن لفترات تصل إلى 3 أعوام للعمل في أدوار مستشارين داخليين في مجال الابتكار، ويركزون على معالجة المشكلات في تلك المدن.

لكننا لا نتحدث هنا عن قضايا بسيطة سهلة الحل؛ فمنذ عام 2011، أسهمت الفرق التي تسمى "آي تيمز" (i-teams) بتخفيض معدل الجرائم في مدينة نيو أورلينز، والحد من ظاهرة التشرد في مدينة أتلانتا، وإيقاف موجة العنف المسلح في مدينة ممفيس، في أثناء العمل أيضاً على تحسين وضع أحيائها الفقيرة. صرح مايكل: "يعتمد الابتكار الناجح على إمكانية توليد الأفكار بقدر ما يعتمد على إمكانية تنفيذها، وفرق آي تيمز تساعد المدن على تحقيق كليهما". انطلاقاً من فهم مؤسسة بلومبرغ فيلانتروبيز لحاجة الكثير من حكومات المدن والولايات إلى موارد إضافية لتجاوز البيروقراطية والاعتبارات السياسية والطرق المسدودة، وكي تساعد المواطنين من مختلف المجتمعات بصورة فعلية، تشاركت مؤسسة بلومبرغ فيلانتروبيز مع مؤسسة ليفنغ سيتيز (Living Cities) لدفع جهودهما في الابتكار على مستوى المدن إلى الأمام. تهدف المؤسستان إلى إحداث تأثير فعلي على حياة الناس في أنحاء الدولة بواسطة مزيج من التكنولوجيا والبيانات وبناء المجتمعات على أرض الواقع.

لا تتمثل المشكلة في انعدام كفاءة حكومات المدن، فبعضها على الأقل يتمتع بالكفاءة بالفعل، أو في عدم اهتمام حاكميها بالشعب؛ تتمثل المشكلة الحقيقية في أن عدم تخصيص جهد يركز على الابتكار سيعطل إنجاز العمل المهم. لو كان الابتكار جزءاً لا يتجزأ من هيكلية عمل حكومات البلديات لما دعت الحاجة للاستعانة بـ "إجراءات التدخل للمساعدة في الابتكار" هذه. لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فالميزانيات محدودة والحكومات المحلية لا تتمتع بسرعة العمل، وإلى أن تتجاوز هاتين المشكلتين ستبقى جهود الابتكار المشتركة كالتي تقدمها مؤسسة بلومبرغ فيلانتروبيز من خلال برنامجها آي تيمز ضرورية لتنسيق النتائج حول أهم القضايا المحلية الملحة الحالية.

الابتكار للجميع

تتوفر فرص كثيرة لعقد الشراكات مع الآخرين وتبادل المعارف والأفكار القيّمة، وستساعدك هذه العلاقات في تحقيق خططك الاستراتيجية المحددة والاستمرار في النمو، بالإضافة إلى أنها ستجعل مجتمعك مكاناً أفضل محلياً أو عالمياً. ستتمكن الشركات والمؤسسات غير الربحية والمدن وغيرها من المؤسسات التي تنوي مشاركة معارفها وتبنّي مفهوم بيئة العمل القائمة على الابتكار من تحقيق تحسن في مقاييس أثرها، وستعمل من أجل تحقيق المصلحة العامة. وكلما كانت بيئة العمل القائمة على الابتكار أكبر تزداد منافع الابتكار المشترك التي تحصدها المؤسسات والمنشآت كافة.

تعمل المجموعات المشاركة على توليد أفكار وشراكات وفرص جديدة يحتمل ألّا تتوصل إليها بطرق أخرى، كما تطور قاعدة معرفية ضخمة عند الاطلاع على ما يجري في قطاعها وأسواقها والمجالات الأخرى. بالطبع لن يُلغي ذلك المنافسة، ولن تجد متنافسين يتعاونون ويتبادلون الأفكار والمعارف، ولكن إذا تشارك الجميع في معارفهم فسيزدهر الابتكار ويزدهر معه المجتمع.

إنشاء بيئة عمل مشتركة وإشراك الآخرين فيها يمنح المبتكرين مجالاً مفتوحاً، ويمكّنهم من تخطي حدود الفرق والشركات وتحقيق أثر أكبر. لا تسئ فهمي؛ إذ على الأرجح أنك اخترت هذا الكتاب للحصول على نصائح لتحسين أرباح شركتك، لا أرباح الشركات الأخرى، لكن يمكن لهذا النوع من الابتكار المشترك أن يحقق الربح لك ولها في آن معاً ويحدث تغييراً إيجابياً في العالم، وأتمنى أن نجتمع كلنا لدعمه.

 يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط،علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.