كيف يسهم الاستماع في وضع التشريعات المناسبة للعدالة المناخية؟

12 دقيقة
قانون المناخ والوظائف العادلة
اجتماع مُقام في مجلس البلدة عام 2018 مع جيم دوركين زعيم الأغلبية الجمهورية في ولاية إلينوي، والسيناتور جون كوران، والنائب ديفيد أولسن في قرية هومر غلين بولاية إلينوي. (Photo courtesy of Illinois Environmental Council)

يُظهر قانون المناخ والوظائف العادلة في ولاية إلينوي الأميركية (CEJA) أن صنع السياسات التحويلية يعتمد على عملية شاملة حقاً.

في عام 2021 وحده، كلّفت 20 كارثة منفصلة متعلقة بالمناخ اقتصاد الولايات المتحدة أكثر من 145 مليار دولار. يحذر العلماء من أننا يجب أن نخفض الانبعاثات الضارة إلى النصف بحلول نهاية هذا العقد لتجنب المعاناة البشرية الجماعية، ما يعني أن النافذة الزمنية القصيرة التي تركناها لاعتماد سياسات تُبعدنا بسرعة عن استخدام الوقود الأحفوري في اقتصادنا تتقلص بسرعة.

لكن تلك الفرصة الضيقة للعمل تعني أيضاً أن لا نستطيع أن نتحمل عدم فعالية أي من سياسات المناخ التي نتبناها.

يتطلب النجاح في الوصول إلى رسم سياسة مناخية طموحة نحتاج إليها بشدة إلى تحالفات واسعة وشاملة. وإن ضمان تحقيق هذه السياسات لأهدافها بعد اعتمادها يعني وضع حاجات المجتمع في الاعتبار عند تصميم السياسة منذ البداية. ويتطلب إصدار السياسات التحويلية المتينة في الوقت نفسه عملية تصميم وتنظيم شمولية لهذه السياسة التي تقوم على إشراك الجميع.

يعد قانون المناخ والوظائف العادلة (CEJA) الذي تم إقراره في مبنى ولاية إلينوي الأميركية في الخريف الماضي مثالاً قوياً على مثل هذه العملية الشاملة. حيث يضع هذا القانون الولاية على طريق تحقيق هدف اعتماد الطاقة النظيفة بنسبة 100% بحلول العام 2045، ما سيقلل بشكل كبير الانبعاثات في قطاعات الطاقة والنقل والبناء، وبالمقارنة مع التشريعات المناخية في الولايات الأميركية الأخرى، فإن هذا القانون يتميز عن سواه بأنه يمنح الأولوية لاستثمارات الطاقة النظيفة وخلق فرص العمل في المجتمعات ذات الدخل المنخفض وفي مجتمعات العدالة البيئية التي تم استبعادها تاريخياً من الاستثمارات.

يقدر المدافعون عن قانون المناخ والوظائف العادلة أنه سيحفز ضخ 30 مليار دولار في استثمارات الطاقة المتجددة الخاصة الجديدة، ما سيدفع النمو الاقتصادي العادل من خلال مطالبة أي مشروع جديد بتحقيق أهداف التنوع، وتقليل أعباء الطاقة، ودعم النقل النظيف، مع ضمان منح العمال أجوراً مناسبة للدعم الأسري. كما توفر أحكام قانون المناخ والوظائف العادلة فرصاً لإعادة الاستثمار في مجتمعات مثل مجتمع إيست سانت لويس بولاية إلينوي. حيث أن مجتمع أصحاب البشرة السمراء هذا الذي كان مركزاً صناعياً مزدهراً في السابق، أصبح الآن مركزاً لأعلى معدلات الفقر في البلاد ومقراً للعديد من مواقع "سوبر فاند" -وهي مواقع بها نسب تلوث مرتفعة في الولايات المتحدة وتتطلب استجابة طويلة الأمد لتنظيف ملوثات المواد الخطرة، وقد تم تصنيفها بموجب قانون الاستجابة البيئية الشاملة والتعويض والمسؤولية (CERCLA) لعام 1980. وقد تعرض العديد من مجتمعات العدالة البيئية في جميع أنحاء الولاية إلى تلوث الهواء بالغازات السامة وتلوث المياه بطرق مشابهة ونسب متفاوتة، وذلك غالباً بسبب التاريخ العنصري المتمثل في تركيز المنشآت المسببة للتلوث في أحياء أصحاب البشرة السمراء أو الداكنة.

بسبب قانون المناخ والوظائف العادلة، سيصبح الآن مجتمع إيست سانت لويس و12 مجتمعاً آخراً من المجتمعات المحرومة مقراً لمراكز جديدة لتدريب القوى العاملة في مجال الطاقة النظيفة والتي تُهيئ العمال المحليين لشغل وظائف في اقتصاد الطاقة النظيفة وتساعدهم على بدء أعمال جديدة تعتمد على الطاقة النظيفة يملكها أشخاص من أصحاب البشرة الملونة.

وبيمنا يركز الممولون والنشاطون المناخيون على أهم فرص فرض السياسات المتبقية لخفض الانبعاثات في هذا العقد الحاسم من الزمن، يجب عليهم أن يسترشدوا بالدروس - والنجاحات - التي يوفرها قانون المناخ والوظائف العادلة لكيفية التغلب على مظاهر عدم العدالة البيئية.

الإجراءات المناخية التي تعمل من أعلى إلى أسفل لا تفيد المجتمعات

في عام 2016 وبعد عامين من المفاوضات بين المنشآت والمجموعات البيئية والمدافعين عن حقوق المستهلكين، قامت ولاية إلينوي بإقرار قانون وظائف الطاقة المستقبلية (FEJA) -وهو أهم تشريعات الولاية في مجال المناخ حتى هذه اللحظة. وقد حدد قانون وظائف الطاقة المستقبلية هدفاً لتحقيق اعتماد الطاقة المتجددة بنسبة 25% بحلول عام 2025، واستثمر 5 مليارات دولار في كفاءة الطاقة، ووسع برامج التدريب على وظائف الطاقة النظيفة وبرامج مؤسسة "الطاقة الشمسية للجميع" (Solar for All) في الولاية لتوفير إمكانية الوصول إلى الطاقة الشمسية والتدريب على الوظائف في المجتمعات منخفضة الدخل ومجتمعات العدالة البيئية.

ولكن على الرغم من أنه انتصار للكهرباء النظيفة في ولاية تعتمد بشكل كبير على الفحم، إلا أن قانون وظائف الطاقة المستقبلية لم يفعل شيئاً لمعالجة قطاع النقل، وهو أكبر مصدر للانبعاثات في ولاية إلينوي. وعلى عكس قانون المناخ والوظائف العادلة، فهو لم يتضمن معايير للعمالة لحماية حقوق العاملين في مجال الطاقة النظيفة أو خطة انتقال عادلة لعمال الوقود الأحفوري الذين سيفقدون وظائفهم. كما أغفل تمويل حملات التوعية أو البرامج لضمان أن يعود أي رأس مال تكوّن حديثاً بالفائدة على أولئك المستبعدين تاريخياً من فرص تكوين الثروة.

لقد لقن قانون وظائف الطاقة المستقبلية عند تطويره وإقراره المؤسسات البيئية الرائدة في الولاية عدة دروس حول ما يجب ألا يفعلوه. فأولاً، وجد المنظمون أنهم فوّتوا فرصة بناء تحالف أوسع كان يمكن أن يتسبب في إقرار قانون له تأثير أكبر على مدى أوسع. فقد تمت كتابة بنود قانون وظائف الطاقة المستقبلية إلى حد كبير من أشخاص من داخل قطاع الطاقة وخبراء سياسات، وحدثت المفاوضات في غرف مغلقة بدرجة ضئيلة من الشفافية. وبالرغم من أن برنامج مؤسسة الطاقة الشمسية للجميع كان انتصاراً حقيقياً، إلا أنه لم تتم إضافته إلا بعد إلحاح قادة العدالة البيئية وبعد تجاهل التركيز على العدالة في عملية التفاوض. ونتيجة لذلك، لم يكن البرنامج فعالاً كما كان يمكن له أن يكون. وبالمجمل، تم خلق فرص قليلة للعمال أو الفئات السكانية المهمشة لتحديد احتياجاتهم أو التعبير عن مخاوفهم.

نظراً لأن المنظمين لم يطلبوا مدخلات من المجتمعات في البداية، فقد تعلموا أهمية حملات التوعية بعد كتابة مشروع القانون بالفعل، عندما كان الغرض هو إظهار دعم مجتمعات أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين وأصحاب البشرة الملونة والدعم المجتمعي للمشرعين بدلاً من الاهتمام الأساسي بمعالجة مخاوف هذه المجتمعات، وهذه ليست إلا إجراءات رمزية. وفي خضم الضغط من أجل إقرار قانون وظائف الطاقة المستقبلية، أقر المدافعون بأن بناء الثقة وتشكيل نوع من التحالف الواسع الذي يمكن أن يدفع نحو سياسة تحويلية حقيقية يعني إشراك المؤسسات المجتمعية الأصغر منذ البداية.

ثانياً، تعلم المدافعون أن الدعوة لتقديم المدخلات لا تترجم تلقائياً إلى الكفاءة لتقديم المدخلات. فبالمقارنة مع مجموعات الطاقة الخضراء الرئيسية، غالباً ما تعاني المؤسسات المجتمعية ومؤسسات العدالة البيئية من نقص الموارد والموظفين أثناء تتبع العديد من القضايا والتهديدات التي تواجه أحيائها. وقد أخبرتني جينيفر والينج، المديرة التنفيذية لمجلس البيئة في ولاية إلينوي (IEC)، أنه بدون أي عرض لتقديم مزيد من الموارد، فإن توقع الحصول على تعليقات وآراء على مسودة قانون من 500 صفحة كان طلباً غير واقعي. ونتيجة لذلك، لم يقم قانون وظائف الطاقة المستقبلية بتضمين الإفادات المحتملة من أفراد المجتمع التي كانت ستعزز أحكام الإنصاف والعدالة وتضمن وصول البرامج إلى الأشخاص الذين كان من المفترض أن تصل إليهم.

لم يتم تضمين التخطيط المقصود للبرامج التعليمية في القانون، لذلك لم يكن الأفراد أو المجموعات المؤهلة في الغالب على دراية بالفرص الاقتصادية الجديدة بعد إقرار القانون. وكما أخبرتني كولين سميث، المديرة السابقة للشؤون الحكومية في مجلس البيئة في ولاية إلينوي: "بعد قانون وظائف الطاقة المستقبلية أدركنا أننا لم قمنا بما يكفي للتأكد من أن المجتمعات تعرف كيف يمكنها الاستفادة من البرامج. والطريقة الوحيدة ليكون القانون ناجحاً هي إذا كانت المجتمعات مستعدة للمشاركة في هذه البرامج التحويلية فقط".

نهج جديد كلياً لصناعة السياسات المناخية وسياسات الطاقة النظيفة

إن تحالف إلينوي للوظائف في مجال الطاقة النظيفة (Illinois Clean Jobs Coalition)، المكون من مئات من أصحاب المصلحة في المجتمع، نشأ بداية من التنظيم لدعم تنفيذ خطة الطاقة النظيفة لإدارة أوباما في عام 2014، ولكن تم تشكيله كائتلاف رسمي لتمرير تشريعات الطاقة النظيفة في الولاية في عام 2015، ثم توسع ليشمل صياغة وإقرار قانون المناخ والوظائف العادلة (CEJA). حيث حث قادة العدالة البيئية من مجموعات داخل التحالف، مثل فيث إن بليس (Faith in Place) ومؤسسة ليتل فيليج للعدالة البيئية (Little Village Environmental Justice Organization)، على تخطيط عملية أكثر شمولاً لإنشاء ما أصبح في النهاية قانون المناخ والوظائف العادلة.

وفي اجتماع مبكر لتقييم أهم الدروس المستفادة من قانون وظائف الطاقة المستقبلية وإبلاغ الإستراتيجية للتشريعات المناخية الأكثر طموحاً، حث ممثل عن مجتمعات العدالة البيئية التحالف على الاستماع أكثر من التحدث، موضحاً أن الاستماع هو سر القيادة الحقيقية. كما أوضح المدافعون أن العملية الشاملة فقط هي التي يمكن أن تولد القبول المجتمعي للسياسات بعيدة المدى.

ناعومي ديفيس، مؤسِسة مؤسسة "بلاكس إن غرين" (Blacks in Green)، تتحدث في اجتماع عام 2019 مع نائب ولاية إلينوي لامونت جيه روبنسون في مركز غاري كومر للشباب في شيكاغو. (الصورة إهداء من مجلس بلدية إلينوي)

في حين أن فكرة العملية التشاركية الكاملة كانت جديدة بالنسبة لبعض المجموعات البيئية السائدة، إلا أنها كانت معياراً لحركة العدالة البيئية. حيث يشدد قادة العدالة البيئية على أن العدالة ليست مجرد نتيجة، بل إنها عملية تتطلب عملية صناعة قرار ديموقراطية شاملة، كما توضح "مبادئ العدالة البيئية". وكما أخبرني أحد القادة: "لقد اتخذ الأشخاص الآخرون قرارات بالنيابة عن عائلتي لفترة طويلة جداً". كانت هذه الأفكار هي التي دفعت التحالف إلى اعتماد "الاستماع، والقيادة، والمشاركة" كنهج للتشريع القادم.

في عام 2018، وضع التحالف مسودة قانون جديد عبر عملية تشاركية من شأنها أن تخلق مشروع قانون تكتبه المجتمعات لخدمة هذه المجتمعات. وقد وضع التحالف أربعة أهداف عالية المستوى للتشريع: اعتماد الطاقة النظيفة بنسبة 100%، ووسائط النقل النظيفة، وخلق فرص العمل، والانتقال الوظيفي العادل. ولكن بينما تم تحديد الأهداف، تم تطوير كيفية تحقيقها من خلال جلسات الاستماع التي عُقدت في مختلف أنحاء الولاية. وعلى عكس عملية تطوير قانون وظائف الطاقة المستقبلية، كانت مجموعات العدالة البيئية والمؤسسات المجتمعية منخرطة في عملية التخطيط هذه منذ البداية للمساعدة على تنظيم جلسات الاستماع واستضافتها وقيادتها. وقد خصص مجلس البيئة في ولاية إلينوي حوالي ربع مليون دولار في عامي 2018 و 2019 لدعم هذه الكفاءات، ما أدى إلى إقامة مئات جلسات الاستماع المجتمعية التي استضافها المنظمون في جميع الدوائر التشريعية التسعة والخمسين في الولاية.

عُقدت جلسات الاستماع في أماكن التجمعات الدينية، وصالات الألعاب الرياضية المدرسية، ومراكز الترفيه، بدءاً من مجموعات التركيز الصغيرة المكونة من خمسة أشخاص إلى المدرجات المكتظة بالحضور. وقد عملت على تحديد التحديات والمخاوف الحقيقية التي يواجهها الأشخاص فيما يتعلق بالانتقال لاستخدام الطاقة النظيفة، وجمعت أفكاراً لتخطيط الحلول والبرامج والاستثمارات لضمان أن هؤلاء الأشخاص سيلمسون فوائد الانتقال بشكل عادل.

أحكام قانون المناخ والوظائف العادلة الأكثر ابتكاراً جاءت من جلسات الاستماع

كان خلق فرص العمل من أهم مواضيع المناقشة في هذه الجلسات. حيث سمع المنظمون أن الناس في المجتمعات منخفضة الدخل لا يريدون استثمارات جديدة من شأنها إضافة وظائف منخفضة الأجر بينما تبقى فرص بناء الثروة الحقيقية محتكرة بين قلة محظوظة من الأشخاص. فقد تم ببساطة استبعاد مجتمعات أصحاب البشرة الداكنة ومجتمعات العدالة البيئية والمجتمعات منخفضة الدخل في ولاية إلينوي من الفرص الاقتصادية لفترة طويلة جداً. وأرادت هذه المجتمعات أن يتم التمتع بفوائد اقتصاد الطاقة النظيفة بشكل منصف، وهذا لا يعني فقط خلق الوظائف التي تقدم أجوراً تدعم رعاية الأسرة، بل توفير فرص حقيقية لامتلاك الأفراد للأعمال التجارية في مجتمعاتهم وتنميتها.

أحد أهم العوائق أمام خلق الثروة والتي تم تحديدها خلال جلسات الاستماع كان افتقار الوصول إلى رأس المال. ولتلبية هذه الحاجة، اقترح المشاركون إنشاء بنك غير ربحي يدعم الطاقة الخضراء لتوفير رأس المال منخفض التكلفة لمشاريع الطاقة النظيفة التي يقودها أشخاص من أصحاب البشرة الملونة وبرنامج منح من شأنه أن يوفر رأس المال الأولي لتكاليف تطوير المشروع الأولية. ومن الأفكار الأخرى التي تولدت في جلسة استماع أن البرامج يجب أن تساعد الأشخاص ذوي الدخل المنخفض من أصحاب البشرة الملونة على بدء أعمال الطاقة النظيفة الخاصة بهم وتشغيلها. وهكذا ولدت فكرة "حاضنة المقاولين" للطاقة النظيفة.

تم تضمين كل من فكرتي البنك الأخضر وحاضنة المقاولين في نص القانون. فبموجب قانون المناخ والوظائف العادلة، ستوفر حاضنات المقاولين التدريب والخدمات الضرورية لإطلاق العمل التجاري وتشغيله، مثل تقديم ملفات التأسيس. وسيساعد هذا البرنامج على إطلاق المشاريع الجديدة التي تعمل على الطاقة الشمسية وكفاءة الطاقة وطاقة الرياح والمركبات الكهربائية والأعمال ذات الصلة في المجتمعات المحرومة في جميع أنحاء الولاية. بالإضافة إلى برنامج مشابه، وهو مسرّع المقاولين الرئيسي، والذي سيوفر خدمات لشركات الطاقة النظيفة الصغيرة القائمة التي يمتلكها أشخاص من أصحاب البشرة الملونة، أو توظف عدداً كبيراً منهم.

وقد أشار جون ديلوري، كبير مدراء الغرب الأوسط لمؤسسة فوت سولار (Vote Solar)، إلى أنه في حين أن العديد من الولايات لديها برامج لتنمية القوى العاملة في مجال الطاقة النظيفة، فإن هذه الشبكة من حاضنات ومسرعات الطاقة النظيفة هي سياسة جديدة كلياً تم تطويرها في جلسات الاستماع.

كما سمع المنظمون مراراً وتكراراً أنه على الرغم من أن برنامج سولار فور أول الذي أقره قانون وظائف الطاقة المستقبلية يقدم تدريبات وظيفية، إلا أن هناك العديد من العوائق التي تحول دون مشاركة الأشخاص المؤهلين، وغالباً لم يكن لدى هؤلاء الأشخاص المؤهلين أي فكرة عن وجود البرنامج. ويقول القس مايك آتي، المدير التنفيذي لمؤسسة التجمعات المتحدة في منطقة ميترو إيست (United Congregations of Metro East)، والذي نظم جلسات الاستماع في منطقة إيست سانت لويس، إن "الأشياء التي كانت موعودة لم تشق طريقها أبداً إلى جنوب الولاية، وخاصة التدريب على تركيب الطاقة الشمسية، لذا كنا بحاجة إلى تغيير التشريعات المستقبلية".

وفق قانون المناخ والوظائف العادلة يتم تخصيص 26 مليون دولار سنوياً لثلاثة عشر مركزاً للقوى العاملة والتي توفر التدريب على المهارات التي يتطلبها اقتصاد الطاقة النظيفة مع تلبية الاحتياجات الأخرى مثل رعاية الأطفال أو النقل أو ملابس العمل والأدوات، والتي كانت ستشكل لولا ذلك عوائق أمام النجاح.

أما في المناطق الريفية، فقد سمع المُيسرون تخوفات بشأن فقدان الوظائف. فما الذي سيحدث للعائلات والأحياء عندما تغلق محطة الطاقة المحلية ويفقد العمال وظائفهم؟ لكن الميسرين سمعوا أيضاً أفكاراً لتحويل المواقع الملوثة إلى مراكز للفرص التي تم دمجها في مشروع القانون مثل "قانون حقوق العمال" للعمال الذين فقدوا أعمالهم، وتوفير الحوافز لمحطات الفحم للاستثمار في الطاقة الشمسية في الموقع لخلق فرص عمل، ومنح ملايين الدولارات في شكل منح لدعم المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية.

بعد جولة أولية من جلسات الاستماع على مدار عام تقريباً، تمت مشاركة مدخلات الآلاف من المشاركين مع لجنة الصياغة التابعة لتحالف الوظائف النظيفة. ومن دون هذه الجلسات الأولية، لم يكن من الممكن تصوّر أو وضع العديد من أحكام مشروع القانون والتي أحدثت الفروقات الأكبر. لكن جلسات الاستماع لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد وضع مسودة القانون الأولية، تم عقد جولتين أخريين من جلسات الاستماع لجمع التعليقات والآراء والتوعية حول مسودة القانون.

العملية المدروسة تقود إلى الإقرار

تسببت الاجتماعات الإضافية هذه في قاعات المدن ببناء قاعدة دعم شعبية مُحفزة. وذلك نظراً لأن أفراد هذه المجتمعات اضطلعوا بدور مباشر في وضع هذه السياسات، ولأنهم فهموا بوضوح الفوائد التي سيحققها قانون المناخ والوظائف العادلة في حياتهم اليومية، لذا كانوا متحمسين للغاية ومستعدين للحضور في أيام الضغط أو إرسال ممثلين عنهم. وعلى الجانب الآخر، عندما ناقش دعاة حماية البيئة مشروع القانون في عاصمة الولاية، كان بإمكانهم بثقة وصدق الإشارة إلى الدعم المجتمعي لمشروع القانون.

كما أوفى تحالف الوظائف النظيفة بوعوده من خلال توضيح أنه لن يساوم أبداً على بنود المساواة أو خلق الوظائف المناسبة للدعم الأسري لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات، كما أن دمج أحكام الإنصاف في كل جانب من جوانب قانون المناخ والوظائف العادلة ساعد على الاحتفاظ بهذه البنود في نص التشريع النهائي. وهذا عزز الثقة بين المؤسسات البيئية العامة ومؤسسات العدالة الاجتماعية والمجتمعات التي يقودها أفراد من أصحاب البشرة الداكنة أو السكان الأصليين أو أصحاب البشرة الملونة. ومع دخول مشروع القانون في أصعب مفاوضاته، كان زعيم العدالة البيئية الذي يمثل كل مجموعة من تلك المجموعات حاضراً بشكل دائم.

وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وبعد ثلاثة أعوام من التنظيم وأشهر من المفاوضات، أقر المجلس التشريعي لولاية إلينوي قانون المناخ والوظائف العادلة بأغلبية ساحقة ووقعه الحاكم بريتزكر بعد أيام قليلة من إقراره.

الدروس الأساسية المستفادة للدعاة والممولين

يجب أن يتعلم دعاة المناخ والممولون درسين أساسيين من تجربة ولاية إلينوي.

أولاً، يجب على دعاة المناخ بناء شراكات مع المؤسسات المجتمعية ومجتمعات العدالة البيئية قبل صياغة أي سياسات مناخ أو طاقة جديدة - يجب أن يبدأ الاستماع قبل كتابة مسودات السياسات. إن معظم الولايات تضم مجتمعات مختلفة اختلافاً كبيراً من حيث الدخل أو العرق أو الأصول أو القيم الثقافية. يمكن أن يكشف الاستماع الصادق عن الاحتياجات أو الاهتمامات الفريدة لكل مجتمع قبل طرح فكرة التشريع.

إن جمع الأفكار حول كيف يمكن لسياسات المناخ تحسين حياة الناس اليومية على أفضل وجه، ثم دمج أحكام السياسات هذه في نص القانون، يبني قاعدة القبول لدى مختلف الفئات السكانية.

لن تكون سياسات المناخ فعالة إلا إذا أمكن تنفيذها على المدى الطويل مع قاعدة دعم مجتمعية مخلصة. وإن الرجوع إلى المجتمعات أو القادة من أصحاب البشرة الملونة أو أصحاب البشرة الداكنة أو السكان الأصليين بعد كتابة مشروع القانون - عندما يكون من الواضح أنهم يشاركون فقط للحصول على أصوات لإقرار القانون - يقلل من قيمة الأفراد ويقوض الثقة والتنظيم الشعبي الضروري لسياسة المناخ التحويلية.

وكما يوضح  المدير التنفيذي لمؤسسة غرين 2.0 (Green 2.0) أندريه جيمينيز: "يحتاج [دعاة المناخ] إلى المساهمة والمشاركة الصادقة. لا يمكنك بناء قاعدة دعم لمشروع قانون بسرعة. ويُمكن للمجتمعات أن تعرف بوضوح متى تكون مشاركتها حقيقية". وعلى الرغم من أن دعاة المناخ يتصرفون بشعور من العجلة والإلحاح، فإن تخصيص وقت للاستثمار في الاستماع وبناء الثقة في البداية وطوال عملية وضع السياسة سيضمن مشروع قانون مرناً ضد هجوم ركائز الصناعات الأحفورية وأصحاب السلطة الداعمين لها.

يمكن أن يؤدي الاستماع والمشاركة أيضاً إلى تجنب إنفاق ملايين الدولارات على البرامج التي لا تحقق هدفها النهائي. فكما توضح تجربة قانون وظائف الطاقة المستقبلية، فإن أحكام العدالة لم تكن كافية لتلبية احتياجات المجتمعات المثقلة بالتلوث والمحرومة من الاستثمار.

ثانياً، إن الدعوة الموجهة إلى مؤسسات العدالة البيئية التي يقودها أفراد من أصحاب البشرة الداكنة أو السكان الأصليين أو أصحاب البشرة الملونة، أو مؤسسات المجتمع المحلي الصغيرة، أو مؤسسات العدالة البيئية يجب أن تقترن بالموارد اللازمة للمشاركة في تصميم السياسات أو عمليات حشد الحراك الشعبي. اليوم، يتدفق أكثر بقليل من 1% من تمويل سياسات المناخ إلى مؤسسات العدالة البيئية التي يقودها أفراد من أصحاب البشرة الداكنة أو السكان الأصليين أو أصحاب البشرة الملونة، والتي يقود العديد منها متطوعون أو موظفون بدوام جزئي. حيث يتحمل هؤلاء النشطاء مسؤوليات أخرى مثل أدوارهم كعلماء دين أو آباء أو معلمين في مجتمعاتهم ويحاربون العديد من أوجه الظلم في الوقت نفسه، مثل الإسكان متدني المستوى، وترهيب الشرطة، وصعوبة الحصول على تعليم عالي الجودة أو رعاية صحية. فعلى سبيل المثال، عندما تم الاتصال بعالم الدين للعمل على قانون المناخ والوظائف العادلة، كان أيضاً في خضم معركة صعبة لإيقاف تصريح محرقة محلية تهدد بنثر التلوث السام في مجتمعه.

دعم مجلس ولاية إلينوي المشاركة في عملية وضع قانون قانون المناخ والوظائف العادلة من خلال توفير التمويل لعشرات المؤسسات الصغيرة في جميع أنحاء الولاية، وتوفير مجموعات أدوات متكاملة لإجراء جلسات الاستماع، مع التحلي بالمرونة لتكييف الجلسات مع المجتمع المحلي. ويمكن للمؤسسات البيئية الكبيرة الأخرى اتباع هذا المخطط لبناء الثقة ولتأسيس حراك شامل يؤمّن سياسات التخلص من انبعاثات الكربون على نطاق واسع من خلال إعادة تخصيص الموارد إلى المؤسسات المحلية والمجتمعية مع دعوة الممولين لتخصيص المزيد من الدولارات لهذه المجموعات.

وقد أطلق "صندوق العدالة المناخية" (Climate Justice Fund) بولاية أوهايو مؤخراً جهوده الخاصة تحت شعار "الاستماع، والقيادة، والمشاركة"، حيث خصص منحاً تتراوح بين 10000 دولار و30 ألف دولار للمؤسسات التي يقودها أو يسيطر عليها أشخاص من أصحاب البشرة الملونة لاستضافة محادثات مجتمعية في مختلف أنحاء ولاية باكاي. وبالنسبة لولاية محكومة لمدة طويلة بأهواء أصحاب مصالح الوقود الأحفوري، فإن جلسات الاستماع هذه هي الخطوة الأولى نحو بناء قوة شعبية لدعم سياسات المناخ العادلة.

إن الولايات المتحدة الآن على مفترق طرق، حيث تواجه ماضيها العنصري وتكافح في الوقت ذاته من أجل تجنب المستقبل المناخي الخطير. ويمكن أن يتيح الاستماع الأصيل نوعاً من صنع السياسات الذي سيغير مجتمعنا بشكل حقيقي، ويوفر أماكن صحية للعيش وفرصاً اقتصادية متكافئة للجميع. لكن استغلال هذه الفرصة يتطلب نوعاً مختلفاً من القيادة التي تركز على احتياجات وأصوات أولئك الأكثر تأثراً بالعنصرية وتغير المناخ.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي