في العام الماضي، كتب آندرو كينغ وكينيث باكر في ستانفورد ريفيو قائلين إن "المقترحات الجديدة لتسييل تأثير الشركات على كوكب الأرض مغرية ومستحيلة ومحفوفة بالمخاطر"، وخصّا بالذكر مشروع الحسابات الموزونة الأثر في كلية هارفارد للأعمال. ونظراً لأن بياناتهم حول عملنا وأهدافه تنطبق أيضاً على مجتمع تقييم الأثر بأكمله، فقد كتبنا هذا الرد لتأكيد موقفنا بأن تحويل التأثير إلى سيولة هو الطريقة الأكثر ملاءمة لدمج اعتبارات التأثير لدى أصحاب المصلحة المتعددين في عملية صناعة القرار لدى الإدارة والمستثمرين.
بشكل أساسي، يتعلق تسييل التأثير بالترجمة؛ أي تحويل المقاييس غير البديهية من مجموعة من القطاعات الأكاديمية المتباينة، من العلوم البيئية والصحة العامة وإدارة الموارد البشرية والسياسة العامة، إلى وحدات من السيولة النقدية التي يمكن فهمها من قبل أعضاء مجلس الإدارة وكبار القادة والمستثمرين والموظفين والعملاء. إن المحاسبة المالية ومحاسبة تسييل التأثير هما عمليتان ديناميكيتان ومتطورتان تمنحان صناع القرار سياقات مهمة. إلا أن ممارسي تسييل قيمة التأثير لا يتصورون منهجية ثابتة واحدة لتحديد قيمة العوامل الخارجية الاجتماعية والبيئية. عوضاً عن ذلك، بينما تستمر المحاسبة المالية بالتكيف، ستقوم محاسبة التأثير بالمثل. على عكس تفسير كينغ وباكر لأهدافنا، نحن نطمح إلى التركيز على مجالات عديدة من عوامل التسييل المقبولة بناءً على السياق والعلم (مفهوم يُعرف باسم "المرونة المحدودة")، بدلاً من وصف التفسيرات المتزمتة لتفضيلات أصحاب المصلحة.
ورغم أن تسييل قيمة التأثير ليس مثالياً بالطبع، وينضوي على العديد من المخاطر التي يجب فهمها وإدارتها، ولكنه يمثل خطوة كبيرة نحو اتخاذ قرارات أكثر تكاملاً وشمولاً واستدامة من خلال جعل المقايضات الحتمية والاحتياجات المتضاربة شفافة ومفهومة لمجموعة واسعة من المستخدمين. في الواقع، أظهرت تجربتنا في العمل مع كبار قادة المؤسسات مراراً وتكراراً أن تسييل قيمة التأثير له صدى أكبر بكثير في عملية صناعة القرار من المقاييس المتباينة، مثل مقياس الجزيئات (Particulate Matter 2.5) أو نسبة راتب المدير التنفيذي إلى الراتب المتوسط.
هل تحقيق الأرباح ممكن؟
إن الحجة الأولى التي ناقشها كينغ وباكر ضد تسييل التأثير هي الصعوبة، وقد كتبا: "نظراً لأن مقاييس تأثير المنتج المختلفة مخصصة لكل صناعة بحد ذاتها، فإن تعقيد تحديد فائض المستهلك يزداد بشكل كبير"، وأكّدا على أن "معظم خبراء الاقتصاد يعتقدون أنه من المستحيل حل "مشكلة الحساب الاقتصادي" (أي التخصيص الفعال للإنتاج لتلبية رغبات المستهلك) بطريقة مركزية".
نعتقد أن تعبير "معظم خبراء الاقتصاد" هو تفسير مبالغ به قليلاً وأن هذه التحديات ليست سبباً كافياً للاستسلام. إننا لا نشكك في صعوبة الأمر، لكن التحويل النقدي للعوامل الخارجية للشركات أمر يتم تطبيقه بالفعل. حيث بدأت العديد من الشركات في استخدام أشكال التسييل النقدي لفهم مخاطرها بشكل أفضل، بما في ذلك دراسات الحالة التي نشرها كل من مشروع الحسابات موزونة التأثير (Impact-Weighted Accounts) وتحالف موازنة القيمة (Value Balancing Alliance). وعلاوة على ذلك، هذا هو الاتجاه الذي يتحرك فيه قياس التأثير؛ حيث أوصت مجموعة العمل المعنية بالتأثير في مجموعة الدول السبع في ديسمبر/كانون الأول في عام 2021 رسمياً بتقييم الأثر في تقريرها بعنوان "حان وقت التسليم" (Time to Deliver). نختار نحن وزملاؤنا إضافة البيانات والصرامة وإشراك أصحاب المصلحة إلى هذه الممارسة الحالية، بدلاً من ترك ممارسات غسل التأثير تتحكم في الأصول الخاضعة للإدارة والتي تبلغ قيمتها 35 تريليون دولار والتي يتم وسمها حالياً بملصقات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) أو صفة "التأثير" وبيعها بأسعار أعلى للمستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
لتوضيح صعوبة تسييل التأثير لقيمة منتج ما مثل السفر بالطائرة، ركز المؤلفان على عملية حسابية واحدة في أحد الركائز الأساسية الثلاثة لإطار عمل الحسابات موزونة التأثير (التأثير البيئي، وتأثير المنتج/الخدمة، وتأثير التوظيف). ولكن مثلما لا نوصي باتخاذ قرارات بشأن الصحة المالية لشركة ما من خلال النظر إلى عنصر سطر واحد في بيان الدخل، فإننا بالمثل لا نقترح استخلاص استنتاجات حول قيمة تأثير العوامل الخارجية للشركة في المجتمع من مكون واحد للبيانات المحاسبية للتأثير. إن اقتراح أن شركة طيران ستغير نموذج عملها الأساسي بناء على ذلك العنصر الواحد هو استقراء يتجاوز القصد والممارسة الفعلية لمحاسبة التأثير. وهذا هو ما نعنيه بالضبط، أنه بدلاً من الاعتماد على رقم أساسي فردي منفرد لقياس قيمة التأثير، فإن محاسبة التأثير في الواقع تتصور نظاماً يتم فيه تقسيم خلق القيمة وتدمير القيمة وفق أصحاب المصلحة ووفق أبعاد الرفاه (مثل زيادة حقوق الإنسان مقابل زيادة الرفاه) لتوفير سياق أساسي.
علاوة على ذلك، فإن أهمية مخاوف كينغ وباكر فيما يتعلق بالصعوبة متعلقة بنطاق كبير من المكونات المختلفة لمحاسبة التأثير، تماماً كما هو الحال في المحاسبة المالية. فعلى سبيل المثال، هناك بحث تجريبي مهم لدعم اعتماد سعر محدد للكربون، والذي يُمكننا استخدامه لتسييل البصمة البيئية لشركة ما. من ناحية أخرى، فإن تسييل قيمة تأثير منتج أو خدمة بمجرد شرائها من قبل المستهلك هو مسعى أحدث نسبياً، وبالتالي يمكن تبرير استبعاده بسهولة بحجة أنه "صعب للغاية". سيجد المحاسبون الماليون هذا النطاق مألوفاً، نظراً لأنهم يفكرون في السهولة النسبية لمحاسبة نفقات الرواتب الداخلية مقابل تتبع الإيرادات من مصادر الدخل المتباينة.
علينا تفادي الوقوع في تحيز خاطئ بين المحاسبة المالية ومحاسبة التأثير، وذلك بتعريف الأولى كعلم والأخيرة كنوع من الفن. فالواقع يجمع بين الاثنتين، وكلتاهما ضروريتان لتحقيق نظام ديناميكي وفعال، ومن الأهمية بمكان التعامل معهما بروية والعمل على تطويرهما. ولذلك، عندما كتب كينغ وباكر أن "مشكلة قياس قيمة التغييرات المحتملة تتفاقم أكثر بسبب ديناميكية الاقتصادات الحديثة: حيث أن الظروف الاقتصادية تتغير باستمرار، لذا يجب تحديث التأثيرات باستمرار"، نلاحظ أن هذه الديناميكية نفسها تتخلل أي نوع من القياسات المالية (اسأل أي شخص على اطلاع دائم بالتغييرات المتطورة باستمرار التي تطرأ على المعالجة المحاسبية لعقود الإيجار التشغيلي أو تقديرات الإيرادات). ففي المحاسبة المالية، مثلما هو الأمر في محاسبة التأثير، فإن التطور هو جزء من الحمض النووي الأساسي للنظام وهو أمر بالغ الأهمية لضمان ملاءمة الحسابات المالية للسياقات الاقتصادية الحالية. وهذا التطور ليس إلا أداة لمكافحة ما يطرحه المؤلفان على أنه خطر متأصل في محاسبة التأثير؛ وهو أن مجموعة نخبوية بعيدة وثابتة ستضع القواعد التي يجب على بقية جوانب الاقتصاد اتباعها.
هل التسييل ينافي الديموقراطية؟
الموضوع الأساسي الثاني لمقال كينغ وباكر هو إلغاء الوساطة لاحتياجات العملاء وتفضيلاتهم من قبل مجموعة مختارة من الخبراء (يُقصد بها النخبة)، مستشهدين بنظرية الاستحالة التي وضعها كينيث آرو والتحديات المتعلقة بحساب الفائض الاستهلاكي (التي يقولان إن أنصار تسييل القيمة لم يأخذوها في الاعتبار). يبدو لنا هذا كأسلوب ترهيب، حيث نتصور "جهاز كمبيوتر مركزي واحد لحساب القيمة الحقيقية لكل تبادل بورصة للبائعين والمشترين والأطراف الثالثة والكوكب ككل"، الأمر الذي من شأنه نقل دور التقييم من المستهلكين إلى الخبراء؛ وكما كتب المؤلفان: "في نظام محاسبة التأثير، سيقرر هؤلاء الخبراء مقدار استفادة المستهلكين من السفر إلى وجهات مختلفة، أو من شرب كوب من الماء أو شراء حقيبة يد ... [ما سيؤدي] إلى الهدر وتراكم سلطة صناعة القرار بشكل أكبر"، بما يماثل تلك الحالة التي سادت في الاقتصاديات الشيوعية في منتصف القرن العشرين.
بعبارة أبسط، إن التخطيط المركزي ليس ما تصوره فريق مشروع الحسابات الموزونة التأثير أو الخبراء الآخرون في قطاع تسييل التأثير. إن مؤسسة القيمة الاجتماعية العالمية (Social Value International)، وهي شبكة العضوية التي أشرفت على مقياس العائد الاجتماعي على الاستثمار منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تعرّف "مشاركة أصحاب المصلحة" على أنها مبدؤها الأساسي الأول، على الرغم من المفاهيم الخاطئة الشائعة. (إن البيان التالي من معيار مؤسسة القيمة الاجتماعية العالمية لتطبيق المبدأ 3: "قدّر قيمة الأشياء المهمة"، يوضح الأهمية التي تولى لمشاركة أصحاب المصلحة في عملية التقييم: "القيمة نسبية بحد ذاتها. لذلك، فمن المهم تطبيق المبدأ الثالث "قدّر قيمة الأشياء المهمة" بالتناغم مع المبدأ الأول "أشرِك أصحاب المصلحة"، لنتمكن من تقييم النتائج من وجهات نظرهم هم".
قام مشروع إدارة التأثير (The Impact Management Project. IMP) بتيسير جلسة مناقشة حول هذه النقطة بين خبراء ممارسين في المشروع حول تقييم الأثر وتحقيق الدخل، وقد تم تلخيص نتائجهم الرئيسية (ووجهات النظر المتناقضة) على نطاق واسع في وثيقة متاحة للعامة. أما فيما يتعلق بموضوع ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن الأولوية النسبية أو قيمة التأثيرات المختلفة، كان الإجماع على أن أقل من النصف أو نحو النصف يمكن أن يتم اعتماده؛
"حتى لو كان يتعين على المؤسسة أو المستثمر أن يتحليا بإيثار كلي وأن تكون مصالحهما خاضعة كلياً لمصالح أصحاب المصلحة (بما فيها البيئة)، لا يبدو أن هناك طريقة واحدة "صحيحة" للقيام بذلك. يبدو من المحتم أن يتوجب على المؤسسات أو المستثمرين الاعتماد على تفضيلاتهم وقيمهم الشخصية لاتخاذ القرارات في مرحلة ما. في هذه المواقف، تقوم المؤسسات الرائدة في هذا الموضوع حسب ما تجري العادة بتشجيع الممارسين على الانخراط مع أصحاب المصلحة إن لم يكونوا قد فعلوا ذلك بالفعل، لتنظيم افتراضاتهم (والتشكيك فيها)، وليكونوا شفافين على الصعيدين الداخلي والخارجي بشأن البيانات والمنهجيات التي تم استخدامها لتحديد أولويات التأثير".
إن أفضل طريقة لوصف الرؤية التي يُمكن الاتفاق عليها لتسييل التأثير هي المرونة المقيدة، أو الاختيار ضمن الحدود. لا توجد قيمة وحيدة لكل تأثير قادرة على الصمود في وجه الزمن وأصحاب المصلحة والسياقات الثقافية والجغرافية، ولكن هناك حدود، مبنية على مشاركة أصحاب المصلحة والعلم وغيرها من منهجيات تقدير السعر/التفضيل التي يمكن لها تحديد الحدود العليا والدنيا للتقييمات المقبولة وتوفير التوجيه بشأن المجالات الموثوقة. في مقالهما (Mutually Compatible Yet Different)، أقر نيكولز وزوتشوفسكي نظرية آرو، وناقشا أن "المرونة المحدودة تضع قيوداً متفق عليها بالإجماع على حدود الانحراف المتوقع في تقييم التأثير ضمن إطار العمل. وهذا يحافظ على مستوى من القابلية للمقارنة مع السماح بتوفر سياق، [مع التنويه] على أن التفضيلات يمكن أن تكون ديناميكية بطبيعتها وقد تتطلب التعديل". إن الحجة الواهية للاختيار المختل السائد للتفضيلات من قبل مجموعة نخبة من الخبراء لا تنصف تعقيد الآراء التي تتبناها حركة تسييل التأثير.
ولكن ماذا عن إيمان المؤلفين بفعالية الأسواق وقدرة المستهلكين على التأثير في الأسعار؟ تعتمد فرضية الأسواق الفعالة على افتراض توفر المعلومات المثالية؛ ليس فقط أن هذا لا ينطبق على معظم المنتجات التي نستهلكها، إلا أن الدور الرئيسي للتسييل هو جعل الكلفة الحقيقية لمثل هذه القرارات أكثر شفافية، مما يُفترض به أن يزيد فعالية الأسواق. بالنسبة للعديد من المنتجات، وخاصة السلع الأساسية، يكون المستهلكون متلقين للأسعار كما نشهد في أسواق الطاقة والغاز والسلع الغذائية، في ظل وجود قوى ضخمة تؤثر على الأسعار والتي تتجاوز مبادئ العرض والطلب البسيطة. للأسف، فإن القيمة التي يتم خلقها أو تدميرها بالنسبة لأصحاب المصلحة الآخرين، مثل البيئة والمجتمع والقوة العاملة، لا يتم تسعيرها بسهولة بما يتوافق مع التفاعلات بين الشركة ومستهلكيها. وإن التركيز على قوى العرض والطلب وحدها على أمل أن تتدخل التشريعات الحكومية لصالح أصحاب المصلحة الآخرين لم يُجد نفعاً. وإن التغير المناخي وازدياد المظاهر الاجتماعية لعدم المساواة أكبر أدلة على ذلك.
يُمكن القول إن جميع التقييمات النقدية متحيزة بطبيعتها، حتى عندما يتم اشتقاقها من خلال منهجيات اكتشاف الأسعار المقبولة؛ حيث يعتمد كثير منها على سؤال السكان، أو أي مجموعة أخرى بخصائص مماثلة، حول تفضيلاتهم وتقييماتهم. ومع ذلك، فإن السعي لتقصي تقييمات التأثير من السكان المتأثرين هو تحسن ملحوظ يتجاوز المستثمرين والشركات التي تفرض قيمها على الآخرين. عندما يتضمن تسييل التأثير أصوات أصحاب المصلحة بشكل مباشر، فإن هذا لا يؤدي إلا إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على التقييم وزيادة تحمل المسؤولية عن قياس التأثير.
ومن المفارقات أن البديل الذي اقترحه مؤلفا "المحاسبة البطولية" هو أقرب إلى النظام المركزي المختل الذي يتصوران أنه ناتج عن تسييل الأموال، حيث طرحا أن التشريعات الحكومية هي المحرك الأكثر أهمية لإدارة التأثير. فعندما طرح المؤلفان نظاماً أحادياً لتنظيم التأثيرات والكشف عن مقاييس التأثير على العبوات المطروحة للمستهلك، فإنهما لم يشرحا كيفية دمج احتياجات أصحاب المصلحة أو تفضيلاتهم أو حقوقهم في تلك اللوائح الحكومية أو كيف يمكن للمستهلكين أو المسؤولين الحكوميين إدارتها لفهم حجم التأثيرات المُمثلة. كيف يمكن تحديد سعر يعكس التكلفة الاجتماعية الحقيقية للكربون (بدلاً من التكلفة الملائمة سياسياً) في غياب التسييل؟ فلا يُمكن فرض ضريبة على التأثير البيئي دون قياس هذا التأثير، أو تحسين جودة العمل دون تقييم تكلفة الممارسات التوظيفية المجحفة بالنسبة للموظفين وللمجتمع (بالإضافة إلى الأثر الجيد لأصحاب العمل الأخيار على ذات القدر من الأهمية). فإن التأثير المحول إلى سيولة نقدية ليس أداة لتسهيل التحليلات فحسب، بل إن شفافية هذا النهج تتيح أيضاً إمكانية التخلي عن الحسابات من أجل الاستخدامات التنظيمية. كما أنه يساعد في إعداد الشركات لاستيعاب التأثيرات من خلال ترجمة المخاطر والفرص إلى أرقام وقيم مالية.
إن أنصار تسييل التأثير يؤيدون وجود بيئة عمل للجهات الفاعلة؛ حيث يتمتع كل من المستثمرين والشركات والموظفين والمستهلكين واللوائح الحكومية بالشفافية والوكالة التي يمكنهم من خلالها الدفاع عن تفضيلاتهم واحتياجاتهم. ولا داع لافتراض أن الحسابات الموزونة التأثير والتدخلات الحكومية يجب أن تكون مخصصة، بل نحن في الواقع نجادل بوجوب أن تكون جهوداً متكاملة.
إمكانيات تسييل التأثير
إن لغة النقود تتيح فهم المعلومات البيئية والاجتماعية والمالية لقاعدة جماهيرية أوسع، ليتمكنوا من التصرف حيالها بعد ذلك. ففي خلاصة الأمر، لماذا قد تشتري منتجاً ما إذا لم تعرف عنه سوى أن سعره "وسطي" أو إذا كان مُسعراً بعملة مختلفة عن تلك التي تتداولها في حياتك؟ أو هل سيضع مستثمر ما رأسماله في شركة ذات أرباح "كبيرة" دون أن تتوفر بين يديه الأرقام الفعلية لهذه الأرباح؟ وهذا هو في الأساس ما نطالب به في غياب تقييم التأثير. حيث أن هناك إقبالاً كبيراً من المستثمرين والموظفين والمستهلكين على التعامل مع الشركات "المسؤولة"، إلا أن الإجماع ضئيل للغاية حول كيفية تقييم التزام الشركة بالأداء الاجتماعي والبيئي.
يقدم تسييل التأثير لكافة أصحاب المصلحة فهماً واضحاً للتكلفة البيئية والاجتماعية لقراراتهم. علاوة على ذلك، يساعد التسييل أيضاً الشركات على فهم التكاليف الحقيقية للإنتاج عند حساب القيمة الإجمالية المشتقة من أنواع رأس المال الأخرى، والتي يشار إليها باسم التبعيات. كما تدعو مقترحات عرض نتائج تسييل التأثير إلى الإفصاح الواضح عن جميع الافتراضات الموضوعة بالإضافة إلى "الميزانيات العمومية" و"بيانات الدخل" المنفصلة لكل مجموعة من أصحاب المصلحة، بعبارات يسهل فهمها من قبل غير الخبراء. فمن خلال نشر افتراضاتهم، يمكن للجهات الفاعلة الأخرى في السوق التحقق مما إذا كانت التقييمات معقولة، أي ضمن نطاق "المرونة المحدودة"، أو ما إذا كانت المؤسسة تتلاعب بالأرقام بطريقة أو بأخرى (تماماً كما يحدث اليوم مع ضمان المعلومات المالية).
قد يبدو من غير المريح بالنسبة للكثيرين وضع قيمة مالية لشيء ذو قيمة معنوية أو جوهرية، مثلما تفعل الحكومات مع تحليلات التكلفة والفوائد للمساعدة في صنع القرار من أجل الصالح العام، أو مثل ما كانت تفعله شركات التأمين على الحياة منذ إنشائها. فنحن جميعاً نتخذ يومياً اختيارات تؤثر على هذه السلع أو الرفاهيات الجوهرية أو التي لا تقدر بثمن، سواء وضعنا لها سعراً صريحاً أو لا. فمن وجهة نظرنا، فالخيارات التي يتم اتخاذها باستخدام بيانات أكثر شفافية وشمولية، والتي تُبلغ من قبل أولئك الذين يختبرون التأثيرات على أرض الواقع، أفضل من تلك التي يتم اتخاذها باستخدام بيانات أقل من مصادر أخرى (طالما أن الافتراضات التي تقوم عليها هذه المعلومات صحيحة). وعبر تحميل صناع القرار مسؤولية عوامل مؤسساتهم الخارجية، بدلاً من الاكتفاء بمساءلتهم عن النتائج المالية فقط، نكون بدأنا نتحرك في الاتجاه الصحيح.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.