كيف يمكن تأهيل المشاعات العامة؟

10 دقائق
الأراضي المملوكة للدولة
shutterstock.com/arun sambhu mishra

يسأل جافير سينغ من مؤسسة "غفمنل" (GVMNL)، وهي مؤسسة غير حكومية في راجاستان بالهند: "ما الذي نشاهده على مستوى القرى؟ الانتهاكات والتجاوزات آخذة في الازدياد، والسلطات التنظيمية لا تفعل الكثير. ويقول لنا الناس إن حياتهم تعتمد على الأرض. بينما يرفض ممثلوهم المنتخبون التصرف لأنهم يخشون من خسارة الأصوات. يخبرنا الجميع أنه إذا كانت هناك طريقة لتأسيس جبهة موحدة يدرك الناس من خلالها حقوقهم في الاستفادة من الموارد الطبيعية، فعندها يكون التقدم ممكناً".

ولكن كيف يمكننا إيجاد طريق التقدم هذا؟ كان جافير ينقل أفكاره إلى الزملاء والأعضاء في مؤسسة "التعاون من أجل المقاومة" (Collaborating for Resilience. CoRe) ومؤسسة "الأمن البيئي" (Foundation for Ecological Security. FES) في ورشة عمل افتراضية جرت في يوليو/تموز عام 2021. التحدي الذي يواجهونه كبير؛ حيث يعتمد حوالي 350 مليوناً من فقراء الريف في الهند على "المشاعات العامة" لكسب عيشهم، أي على حوالي 205 ملايين فدان من الغابات المجتمعية والمراعي والمسطحات المائية التي توفر الغذاء والأعلاف والأدوية والحطب والأخشاب. ومع ذلك، وبسبب التعديات والإهمال، فإن فقراء الريف في الهند يفقدون بسرعة السيطرة على هذه الأراضي العامة، وهي مشكلة تفاقمت بسبب الافتقار إلى حماية الموارد المائية المشتركة، وممارسات الحوكمة المركزية، والمصالح المتضاربة، وميل حكومات الولايات إلى اعتبار المشاعات العامة "أراض بائرة" لا تقدم شيئاً ذا قيمة لاقتصاد الهند الحديث.

عند التفكير في كيفية توسيع نطاق الجهود لتحسين الحوكمة البيئية وجعل أنظمة المعيشة الريفية في الهند أكثر استدامة ومرونة، غالباً ما يركز الممارسون على الحلول الإبداعية أو الإصلاحات التقنية. ولكن كما وصف جيفري سي. ووكر الأمر قائلاً: إن "[امتلاك] فكرة رائعة لحل مشكلة اجتماعية هو البداية فقط. أنت تحتاج أيضاً إلى تحديد المتعاونين الذين يمكنهم المساعدة في ترجمة ابتكاراتك إلى حلول حقيقية للعالم الحقيقي". على النقيض من ذلك، فإن التحليل الذي يركز على "تغيير الأنظمة" لا ينظر فقط في ملامح بيئة العمل الاجتماعية والسياسية الأوسع التي تستمر فيها المشكلة، ولكن هذا التحليل يعمل أيضاً على تطوير فهم مشترك بين شبكة من الجهات الفاعلة، والاستفادة من الموارد الفريدة، وبناء قاعدة معرفية، وتناول المشاكل المعقدة من زوايا متعددة. لتجاوز الحلول السهلة، يطرح التفكير المنظومي أسئلة حول الحجم والتعقيد: ما هي الأساليب التي يمكن أن تساعد في تحقيق تأثير جمعي في المواقف التي تتطلب فيها درجة تعقيد عوائق التغيير وجود جهات فاعلة مُنسقة عبر نطاقات متعددة؟ وكيف يمكن لمبادئ تحليل الاقتصاد السياسي أن تساعد في حل هذا التعقيد لإيجاد مسارات عملية للتغيير؟

تغيير الأنظمة من الأرض وصعوداً

يعد تزويد الجهات الفاعلة المحلية بالأدوات اللازمة للإجابة عن هذه الأسئلة بأنفسهم خطوة أولى حاسمة في طريق التقدم. يجب أن تتمكن الجهات الفاعلة المحلية من إجراء تحليلاتها بأنفسها. فعلى مدى عقود، أكدت وكالات مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على أهمية الشمول السياسي، وتحمّل المسؤولية، والحوكمة التشاركية، والدروس المستفادة من الخبراء التي تسلط الضوء على النهج التكنوقراطي للمشاكل المنهجية مثل الضعف المؤسسي والفساد السياسي. لكن مثل هذه التقييمات الدقيقة لا يتعين إجراؤها من قبل الخبراء وحدهم، ولا ينبغي تنفيذ الحلول بطريقة متدرجة من الأعلى إلى الأسفل. حيث يوجد لدى الممارسين ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية وجهات نظر فريدة حول المشاكل التي يواجهونها لأنهم يتعاملون معها كل يوم.

لهذا السبب، كان نهج "مؤسسة الأمن البيئي" لاستعادة السلامة البيئية للأراضي العامة وحمايتها دائماً ما يركز على مساعدة المجتمعات المحلية في إدارة مواردها بنجاح بطرائق تبني  الأمن المعيشي حتى لأكثر الفئات فقراً وتهميشاً وتعززه. ولكن إذا كان يجب أن يبدأ تغيير الأنظمة من أسفل إلى أعلى، فإن إشراك الجهات الفاعلة المحلية هي مجرد البداية. وجدنا أننا حتى مع تحقيقنا للتقدم على مستوى القرى، ظلت "مؤسسة الأمن البيئي" تواجه العوائق على نطاق كبير، مثل السياسات الوطنية غير المواتية، والمعايير المؤسسية الأوسع، وهيكليات الحوافز السياسية المتعلقة بالصورة الكبيرة والتي تهمل التفاصيل. لذا وجدنا أنه يتعين علينا إشراك المزيد من الجهات الفاعلة.

في ولاية راجاستان، على سبيل المثال، وهي ولاية قاحلة في شمال غرب الهند تشتهر ببيئتها الرعوية الوعرة، عملت "مؤسسة الأمن البيئي" منذ فترة طويلة على بناء شراكات بين المؤسسات التي تعمل في مجال صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها. عندما تم تحديد المشكلة حول الثروة الحيوانية بحد ذاتها، اقتصرت المناقشات على الحلول التقنية مثل تطعيم الماشية وإدارة الأعلاف. لكن عوائق التغيير المنهجية، سواء الاجتماعية أو السياسية، تنشأ عن الأفعال التي تقوم بها جهات فاعلة محددة (أو غياب هذه الأفعال): مثل الوزارات الحكومية، والمسؤولون على مستوى الولايات والمقاطعات، وشركات التعدين الخاصة، والجمعية التشريعية للولاية، وحتى وسائل الإعلام.

ولذلك بدأت "مؤسسة الأمن البيئي" ببرامج التواصل الخارجي مع أعضاء الجمعية التشريعية للولاية وغيرهم من المسؤولين على صعيد الولاية: ففي عام 2009 على سبيل المثال، تضمنت هذه البرامج زيارات ميدانية لوزير التنمية الريفية في الولاية. لم تُظهِر مثل هذه الزيارات التداخل بين أهداف الوزارة والحاجة إلى الحفاظ على المشاعات العامة فحسب - ما يساعد على التوقف عن اعتبارها "أراضٍ قاحلة" - ولكنها أدت إلى سياسات مشتركة تجمع بين احتياجات الحفظ والأولويات المتطورة على مستوى الولاية، مثل الحملات السنوية المشتركة مع حكومة ولاية راجاستان لتحسين الوعي حول الإدارة الجمعية للمشاعات العمومية وإعادة تأهيلها.

أدى توسيع نطاق هذه المبادرات المحلية إلى التكامل بين جدول أعمال حكومة راجاستان ومبادرة المشاعات العمومية، وخصوصاً في عام 2019 من خلال توسيع كل من جهود إعادة التأهيل والتوظيف الريفي عبر الاستفادة من قانون ضمان العمالة الريفية الوطني المشرع مسبقاً.

تعمل كل من مؤسسة التعاون من أجل المقاومة ومؤسسة الأمن البيئي معاً لبناء نهج ممنهج لتعزيز المنصات متعددة الجهات الفاعلة (MAPs) على نطاق واسع منذ عام 2014، بناءً على تجارب مثل تلك الموجودة في ولاية راجاستان. تعمل هذه المنصات كمساحات يلتقي فيها مختلف أصحاب المصلحة - بما في ذلك الوكالات الحكومية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص والمجتمعات المحلية وممثلي المجتمع المدني - لمناقشة تحديات الحوكمة المشتركة ومعالجتها.

وباختصار، تهدف هذه المنصات إلى تعزيز التعلم المشترك والابتكار المشترك. مع التركيز في البداية على ابتكار الحوكمة على مستوى المناطق الفرعية أو "الكتل" كما تدعى في ريف الهند، وقد تعلمنا أن معالجة تحد معقد واسع النطاق مثل إعادة تأهيل المشاع العمومية يتطلب العمل على العديد من المستويات بشكل متزامن، والربط بين المبادرات المحلية والجهات الفاعلة على مستوى المقاطعات والولايات وعلى المستوى الوطني. والتحدي الذي نواجهه الآن هو كيفية جعل هذا التقدم متعمداً بشكل أكبر لتوسيع نطاق التأثير.

الخطوات العملية من وجهة نظر الاقتصاد السياسي

في عام 2020، تم اختيار مبادرة الموارد العمومية الموعودة (Promise of Commons) من بين مبادرات عديدة أخرى من قبل كو - إمباكت (Co-Impact) لتفوز بمنحة تصميم مدتها 9 أشهر لرفع الطموح وتعزيز الحركة لتغيير الأنظمة. هذه المبادرة هي محاولة مستمرة لمساعدة المجتمعات القروية على تأمين الحقوق في الاستفادة من 30 مليون فدان من الأراضي وإدارتها بشكل جماعي، ما يؤدي إلى إدارة بيئية أكثر شمولاً وتحسين النتائج الاقتصادية لـ 38 مليون شخص.

يعتمد الأمر بشكل أساسي على صياغة "تحالفات رابحة" - مثل شبكات مكونة من مؤسسات غير حكومية متنوعة، وأبطال في الحكومة، ونشطاء في مجال حقوق المرأة، وباحثين، وغيرهم ممن يعملون على مستويات متعددة - لتحديد العوائق المنهجية ومعالجتها من أجل تحسين إدارة الموارد الطبيعية المشتركة في الهند. إن هدفنا هو استخدام هذه التجارب لاستخلاص دروس أوسع حول كيفية بناء شبكات مستدامة من الممارسين ورجال الأعمال الاجتماعيين الذين يسعون لتحقيق تغيير دائم على مستوى الأنظمة في مسائل الإدارة البيئية، والانتقال من المستويات المحلية إلى مستويات الولايات والمستويات الوطنية.

ساعدت مؤسسة التعاون من أجل المقاومة فرق مؤسسة الأمن البيئي على تطوير برنامج لتحليل ديناميكيات السلطة والديناميكيات المؤسسية في نظامين للموارد - الغابات في أوديشا والمراعي في راجاستان، حيث تم تحقيق بعض النجاح في إعادة تأهيل المشاعات العمومية - لاستكشاف إمكانيات تحسين الحوكمة على نطاقات أكبر.

في أوديشا، وجدنا أن التعقيد التشريعي والبيروقراطي، وتهميش النساء والمجموعات القبلية، والافتقار إلى المواءمة البيروقراطية، جميعها حدت من إدارة الموارد الشاملة والفعالة.بينما في راجاستان، علمنا أن السياسات والبرامج الداعمة لإدارة المراعي غالباً ما كانت تفشل في الوصول إلى مستوى المقاطعات الفرعية بسبب الافتقار إلى التقارب بين أولويات المجتمع والعمل الحكومي.

وفي كلتا الحالتين، لاحظنا أربعة عوائق عامة تحد من التغيير على مستوى الأنظمة:

  1. الافتقار إلى التعاون بين الجهات الفاعلة على مستوى الولاية ومستوى القرية والمستوى المحلي، ما تسبب في تشتيت العاملين على حل المشاكل والحد من قدرتهم على حل المشاكل عبر العمل الجمعي.
  2. ضعف القدرات والتخطيط الذي أدى إلى التنفيذ غير الصحيح لحلول كانت لتكون مفيدة وفعالة.
  3. الدعم المحدود من السلطات العامة وأهداف السياسات المغلوطة التي خلقت عقلية تنظر للمشاعات العمومية على أنها أراض قاحلة، ما تسبب في إبعاد الاستثمارات.
  4. الافتقار إلى تحمّل المسؤولية والامتثال الذي جعل التشريعات القائمة لدعم حماية المشاعات العمومية واستعادتها غير نافعة.

ونظراً لأن هذه العوائق كانت تتجاوز منطقتي أوديشا وراجاستان، فإن تطوير إدارة أفضل للمشاعات العمومية كان يتطلب أكثر من مجرد تحديد الحلول المحلية: لقد كان أيضاً مسألة التعرف على العقبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومعالجتها مما جعل تنفيذ الحلول الإبداعية أمراً صعباً وبالتالي كان من الصعب أيضاً تعزيز الإدارة الجماعية للموارد. إنه نهج على مستوى الأنظمة، والذي يحتاج إلى تحديد النطاق الكامل للجهات الفاعلة والمصالح والمؤسسات ذات الصلة بتحدي معين يواجه إدارة الموارد.

من هم الفاعلون ضمن كل نظام؟، من هم الداعمون ووسطاء النفوذ على مختلف المستويات؟، وكيف نطور إطار عمل محدداً يساعد في إشراك أولئك الذين لديهم تأثير محتمل لتحويل النظام نحو ما يخدم مستخدمي الموارد الأشد فقراً والذين يتم تهميشهم عادة؟

تطلبت الإجابات على بعض هذه الاستفسارات توسيع نطاق تفكيرنا، ولكن نظراً لأن المبادرات مصممة بشكل صريح لتعزيز الشمولية والحوار، فقد كانت في وضع مثالي لإشراك المزيد من أصحاب المصلحة. لقد عزز تحليلنا فكرة أن إحراز تقدم في معالجة تحديات الإدارة على نطاق واسع يتطلب بناء شبكات تضم بشكل فعال كلاً من أصحاب المصلحة الذين يعملون على تطوير الحلول بالإضافة إلى أصحاب المصلحة المشاركين في إدامة ديناميكيات القوة والحوافز الاقتصادية والعوائق المؤسسية أمام التغيير. لا توجد جهة فاعلة واحدة لديها القدرة على تجديد نظام المصالح ووجهات النظر والأهداف المتنافسة، واستبعاد الجهات الفاعلة المهمة، بغض النظر عن الدور الذي تلعبه، سيتسبب في ترك المشاكل الأساسية مثل اختلال موازين القوى والحوافز الاقتصادية المنحرفة، كما هي دون تغيير.

تطوير دليل للفرق الميدانية

بناءً على هذه الأفكار، عقدنا سلسلة من ورش العمل في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب من عام 2021 لتطوير دليل للفرق الميدانية التي تجري "تحليل تغيير الأنظمة".

ومع ذلك، بدلاً من توليد أفكار حلول محددة، شددت ورش العمل على تنفيذ إطار عمل يمكن أن يقدم تغييرات على مستوى النظام، ضمن قيود معينة لسياقات حالة المشاركين.

ففي الجلسات الأولى على سبيل المثال، تم تشجيع المشاركين الذين يعملون على المشكلات الخاصة بالولاية على عدم التفكير في الإصلاحات ولكن طُلب منهم وصف الغرض والسياق من أهدافهم، وتحديد مجموعة الجهات الفاعلة المشاركة وأنماط تأثيرها، وتلخيص الحواجز الرئيسية والفرص لتحسين إدارة الموارد. فقط عندما أصبح لدى المشاركين فهم قوي لكيفية عمل العديد من الجهات الفاعلة معاً لإحراز تقدم على نطاق أوسع، بدأت ورش العمل بحث المشاركين على التفكير في طرق ملموسة للمضي قدماً من خلال طرح أسئلة مثل:

  • ما هي المشكلة وما هي أسبابها الجذرية؟
  • ما هو النظام الذي نرغب في امتلاكه وكيف يمكننا الوصول إليه؟
  • من الذي نحتاجه للمشاركة وكيف؟

عقدت ورش العمل على ثلاثة مراحل، وعملت بالتتابع من خلال (الأطوار الثلاثة) لحل المشكلات بشكل تعاوني التي وضعها تعاون CoRe، وهي: الإصغاء والحوار والاختيار.

طور الإصغاء:

  • ما هو الهدف؟
  • ما هي الإمكانيات؟
  • ما هي الوقائع؟

الخطوة 1: تحديد الهدف والسياق لتغيير الأنظمة. يطور المشاركون هدفاً شاملاً مشتركاً، بما يتضمن المشكلة الأساسية التي يرغبون في معالجتها وأسبابها وعواقبها وسياق نظام الموارد الأوسع.

الخطوة 2: تحليل الفاعلين المفتاحيين في النظام. بعد تطوير هدف مشترك، ينتقل المشاركون إلى تحديد العلاقات بين مختلف أصحاب المصلحة على مستويات مختلفة في نظام مواردهم. يتم وضع أصحاب المصلحة على محور مزدوج، ثم يتم تمييزهم بناءً على مستوى تأثيرهم ودعمهم لتغيير الأنظمة.

طور الحوار:

  • ما هي أولويات التغيير؟
  • من هم الفاعلون الذين سيدعمون هذه الأولويات ومن سيعارضونها؟

الخطوة 3: تلخيص كيف يحدث التغيير في النظام. بناءً على فهمهم لنظام الموارد وسياقه، يطور المشاركون فهماً لكيفية حدوث التغيير على مستويات متعددة. وعلى وجه التحديد، يقومون بتحديد النتائج المساهمة، أو التغييرات في سلوك الجهات الفاعلة المفتاحية، والتي ستساعد في تحقيق هدفهم المشترك.

الخطوة 4: استخلاص العوائق والمسارات والإمكانيات المستقبلية لتغيير الأنظمة. بعد أن اكتسبوا فهماً لكيفية حدوث التغيير، يناقش المشاركون العوائق الثابتة - مثل تلك الناشئة عن مؤسسات وجهات فاعلة محددة - لتحقيق النتائج المرجوة والمسارات للتغلب عليها.

طور الاختيار:

  • ما الذي سنفعله؟
  • هل سيحقق هدفنا؟

الخطوة 5: تخطيط إجراءات لبناء تحالفات رابحة لدفع تغيير الأنظمة. في الخطوة قبل الأخيرة، يبدأ المشاركون في تطوير خطط للعمل. مستخدمين معرفتهم الجديدة بالنظام، يبدأ المشاركون في تحديد مهام الحياة الواقعية والأدوار التي يحتاجون إلى لعبها لتحقيق التغيير، مما يضع لهم نقطة انطلاق محددة للسعي في سبيل تغيير الأنظمة.

الخطوة 6: تقييم الإجراءات الصالحة والتكيف مع الحفاظ على التعاون وتوسيع التأثير. ومع اتّضاح نتائج العمل التعاوني وظهور فرص وعوائق جديدة، تقوم الفرق بتكرار الخطوات الخمس المذكورة سابقاً لصقل وتحديث فهمهم وتكييف استراتيجيتهم وفق ما يتطلبه الوضع الراهن.

إن تحليل تغيير الأنظمة مناسب خصيصاً للتحديات المعقدة واسعة النطاق مثل إعادة إحياء المشاعات العمومية. عملية ربط أصحاب المصلحة، على سبيل المثال، تخلق مساحة للعمل المتعمد: من خلال تحديد الجهات الفاعلة المشاركة في نظام موارد ما، يتضح عندها هذا النظام الغامض والمفهوم لا شعورياً (والمليء بالبنى التنظيمية التحفيزية المختلفة). وبمجرد استيعاب النظام، يمكن للشركاء البدء بشكل في تحديد الجهات الفاعلة التي تحتاج إلى تغيير السلوكيات بشكل ملموس وتحديد كيفية القيام بذلك.

هذا التحليل لا يساعد الجهات الفاعلة على فهم مناطق تواجد المعوقات في نظام ما فحسب، بل يساعدها أيضاً على فهم كيفية تحدي علاقات القوة الراسخة والتحيزات المؤسسية التي عادةً ما تتسبب في عزل الجهود للتأثير على النظام.

بالطبع، يواجه التحليل على مستوى الأنظمة تحدياته الخاصة. عندما يكون لدى الشركاء المحتملين أهداف مؤسساتية مختلفة، فإنهم يخاطرون بالعمل على تحقيق أهداف متعارضة. لكن وجود الملاحظات المتباينة لا يمنع إمكانية التنسيق والمواءمة.

يتمثل التحدي في التأكيد على الهدف المشترك الأكبر بدلاً من التركيز على مجموعة ضيقة من الأهداف التي تنطبق فقط على مجموعة محددة من الجهات الفاعلة. إذا كان هناك توافق ومواءمة، حتى بين الجهات المتعارضة، فهناك إذاً طريقة لتحقيق التقدم.

في ولاية أوديشا، على سبيل المثال، تم التخطيط للتواصل المنسق مع مسؤولي السياسات على مستوى الولاية والممثلين الرسميين، بهدف تسريع الاعتراف بحقوق المجتمع في الانتفاع من الغابات، مدعوماً بالجهود المبذولة لإحراز تقدم على هذه الجبهة باعتبارها قضية ذات أهمية سياسية. أما في ولاية تشهاتيسجاره، تتضمن خطة العمل جهوداً مشتركة لوضع قرارات الحكومة ضمن النطاق العام، وذلك لتعزيز التنسيق بين الإدارات ذات الصلة وتعزيز تحملها للمسؤولية.

بينما تتضمن الخطط في ولاية أندرا براديش جهوداً جديدة للوصول إلى مسؤولي إدارة التعدين، مع الاعتراف بتأثير هذه الوكالة الحكومية على إدارة الإيرادات وخطط التنمية ذات الصلة. حيث تعمل المنظمات غير الحكومية المحلية على توسيع نطاق مبادراتها واستهداف النتائج على مستوى الأنظمة بسرعة وبمستوى تنسيق يفوق الجهود السابقة بكثير، وذلك من خلال التزام الوضوح بشأن العوائق الملموسة المتعددة التي يواجهونها، وكذلك كيفية إشراك جهات فاعلة محددة عبر اتخاذ إجراءات مخطط لها جيداً.

أما حالياً، تسعى مؤسسة FES مع 91 من المنظمات غير الحكومية الشريكة، إلى تحقيق أهداف مبادرة ذا بروميس أوف كومونز في أكثر من 33500 منطقة مأهولة يصل عدد سكانها إلى 18.6 مليون نسمة من سكان الريف. وفي حين أن هذا لا يزال جزءاً بسيطاً من السكان الريفيين البالغ عددهم 350 مليون شخص، والذين يعتمدون على المشاعات العمومية في الهند، فإن المبادرة تسير على مسار للوصول إلى نقطة تحول في التغيير خلال العقد الحالي.

تم تمويل هذا البحث من قبل "برنامج البحث حول السياسات والمؤسسات والأسواق" (PIM) التابع لمؤسسة (CGIAR).

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي