تفتخر عائلات عديدة بامتلاك المنازل، ويمثّل لها ذلك أساساً للاستقرار المالي وفرصةً تستفيد منها أجيال متعاقبة. ولكن للأسف غالباً ما تمنع الأنظمة التمييزية والجهات الفاعلة الجشعة الورثة من الحفاظ على هذه المكاسب التي حققتها أسرهم بصعوبة والاستفادة منها في تنمية ثرواتهم. هذه خسارة تقضي على آمال عائلات بالكامل وتمنع أسر أصحاب البشرة السمراء من تحقيق الازدهار المالي عبر أجيالها، كما تساعد في تفسير سبب عدم تغير فجوة ملكية المنازل بين الأميركيين أصحاب البشرتين الداكنة والبيضاء بنسبة تستحق أن يجري ذكرها منذ عام 1960.
لطالما أعطى العمل الخيري الأولوية للبرامج التي تزيد الملكية الجديدة للمنازل، لكن هذا ليس سوى جزء من المعادلة. ولمساعدة العائلات في تكوين الثروة وحماية المكاسب التي حققتها بشق الأنفس عبر الأجيال، يجب على الممولين أن يضعوا الحفاظ على ملكية المنازل من ضمن أولوياتهم أيضاً. ويشكّل الحفاظ على الممتلكات ونقلها على اعتبارها أصولاً إلى الورثة جانباً مهماً من عملية انتقال الثروة من جيل إلى جيل. وهناك عقبة قانونية معقدة تعوق جهود الحفاظ على ملكية المنازل، يسميها القانون "الملكية المتشابكة"، وتسميها العامة "ملكية الورثة". تضر الملكية المتشابكة بعائلات أصحاب البشرة الملونة أكثر من غيرهم بسبب التفاوت في الخدمات القانونية المقدمة لهم والتمييز المستمر ضدهم الذي بدد ثقة عائلات عديدة بالأنظمة التي تدير ملكية الممتلكات.
لكن ما يدعو إلى التفاؤل هو أن الملكية المتشابكة مشكلة يمكننا تفاديها، ويجب أن يكون للعمل الخيري دور كبير في حلها.
تنتج الملكية المتشابكة عن انتقال ملكية منزل أو أرض من المالك إلى عدد من الورثة دون توثيق في سند ملكية يوضح حصة كل وريث فيها، ويحدث ذلك غالباً عندما يموت أحد الأبوين دون أن يترك وصية، فتنتقل ملكية منزله تلقائياً إلى أبنائه. يؤدي هذا الغموض في توزيع الإرث إلى معضلة قانونية، إذ يجب على جميع الأبناء أن يتفقوا بالإجماع على الأمور المتعلقة بتلك الممتلكات؛ أي ليس بمقدور أحدهم التصرف ببيع أي ملكية إلا بعد موافقة الآخرين.
عندئذ، يسهل على المطور العقاري الجشِع شراء حصة وريث يرغب في البيع، ثم استغلال نفوذه لفرض شراء حصص بقية الورثة حتى يتسنى له تطوير العقار. ودون القدرة على إثبات الملكية بسند قانوني واضح البنود، يفقد الورثة منزلهم. يقول المركز الوطني لقوانين المستهلكين (National Consumer Law Center)، إن الورثة المالكين يلقون بدورهم صعوبة في الحصول على تأمين على المنازل والاستفادة من الإعفاءات الضريبية على العقارات، والحصول على منح وقروض لإصلاح المنازل أو قروض بضمان المنازل. وفي المحصلة، تضع هذه العوامل أصحاب العقارات ذات الملكية المتشابكة أمام خطر أكبر يتمثل في فقدان ممتلكاتهم، ما يؤدي إلى تفرق أفراد العائلة وضياع الثروة بين الأجيال.
تتطلب هذه المشكلة الشائعة حلولاً متعددة الأوجه؛ إذ يجب على الممولين استهداف الجهات الفاعلة في منظومة التملك العقاري، ومنها جهات قد تتطلب تغيير أساليب عمل المؤسسات الخيرية التي تدعمها، مثل البنوك وشركات التأمين والوكالات السكنية والضريبية الحكومية والفيدرالية، والمحامين المسؤولين عن التخطيط للتصرف في الأملاك، ومؤسسات التمويل التنموي المجتمعي، ومستشاري الإسكان.
يجب على الممولين مواجهة هذه المشكلة بثلاث طرق رئيسية:
الطريقة الأولى: في حين يجري تخصيص بعض الموارد بالفعل لجهود البحث، فسيكون تمويل العمل الخيري لأبحاث جديدة تؤدي إلى تغيير السياسات بدايةً ذات قيمة. وتؤدي جهود مؤسسات مثل المركز الوطني لقوانين المستهلكين، وإربان إنستتيوت (Urban Institute)، ومجلس مساعدة الإسكان (Housing Assistance Council)، إلى جانب الرؤى والتحليلات التي يطرحها رواد الفكر في القطاع، إلى تحفيز وعي أكبر بمشكلة الملكية المتشابكة وفرض الضغط اللازم على صانعي السياسات لدراسة حلول جديدة. وبدأت جهود البحث المبذولة على مدار عقود تؤتي ثمارها بتطبيق سياسات مثل قانون التقسيم الموحد لملكية الورثة (Uniform Partition of Heirs Property Act)، وهو قانون نموذجي يكفل مزيداً من الحماية لأصحاب المنازل، وقد مرره مجلس النواب في عام 2011 للمرة الأولى وتطبّقه 22 ولاية أميركية حتى الآن.
الطريقة الثانية: يجب على المؤسسات الخيرية دفع السوق القائمة لتوفير منتجات مالية تساعد العائلات في حل هذه القضايا. ونظراً لاختلاف ظروف كل مجتمع واحتياجاته، تكون مؤسسات التمويل التنموي المجتمعي هي أقوى شريك في الغالب للممولين في العمل الميداني، إذ تعمل هذه المؤسسات بمثابة محركات اقتصادية للمجتمعات الأصغر حجماً، وهي بالفعل قادرة على حشد جهود الجهات الفاعلة المحلية وحل القضايا حلاً شاملاً. وبالاستثمار في مؤسسات التمويل التنموي المجتمعي، يتسنى للممولين توعية المجتمعات المحلية وتمويل الحلول التي تحافظ على ملكية المنازل لكل مجتمع على حدة.
الطريقة الثالثة: ينبغي للعمل الخيري توسيع نطاق الاستفادة من الخدمات القانونية وخدمات المحاماة الميسورة التكلفة، التي يمكن أن تساعد في حل مشكلة الملكية المتشابكة أو تفاديها تماماً بالتخطيط للتصرف في الأملاك بالأسلوب المناسب. إذ لا تتوافر خدمات قانونية مجانية أو منخفضة التكلفة كافية لتلبية الحاجة، ولا يتوافر عدد كافٍ من المحامين المختصين في هذا القطاع ممن ينتمون إلى الفئات المتنوعة التي ينتمي إليها موكلوهم. وللمساعدة في إحداث تغيير ملموس، تموّل مؤسسة روبرت وود جونسون فاونديشن (Robert Wood Johnson Foundation) ومؤسسة جي بي مورغان تشيس آند كومباني (JPMorgan Chase and Co.) مركز استشارات قانونية في كلية الحقوق بجامعة هوارد (Howard University)، لمساعدة العائلات من أصحاب البشرة السمراء والعائلات ذات الدخل المنخفض في حل مشكلات ملكية الورثة، مع تثقيف الجيل الجديد من المحامين. ويجب على المؤسسات الممولة الأخرى تبنّي مبادرات مشابهة.
لضمان أن يعيش الجميع في الولايات المتحدة بأفضل صحة ممكنة، يجب أن يتدفق رأس المال على نحو عادل إلى العائلات ذات الأصول العرقية المختلفة وإلى ذوي الدخل المنخفض، الذين تتجاهلهم استثمارات الوكالات والأنظمة في حين يتعين عليها مساعدتهم. وبالاستثمار في الحفاظ على ملكية المنازل، تدعم المؤسسات الممولة مجتمعات مزدهرة يتمتع أفرادها بصحة أفضل، ولا يواجهون مشكلة فجوة الثروة بين الأعراق.