كيف تؤثر الجهات الفاعلة الأهلية في السياسات الضريبية؟

8 دقيقة
سياسات ضريبية عادلة
shutterstock.com/Andrey_Popov

ملخص: عند التطرق لدور الضرائب في تعزيز التنمية، تقل الأحاديث عن الجهود المبذولة على المستوى المحلي لمعالجة الظلم الضريبي ودور المؤسسات الأهلية في التأثير على القرارات الرئيسية التي تجعل أنظمة الضرائب أكثر إنصافاً. يستعرض هذا المقال مقتطفات من كتاب "رحلة شاقة: كيف تؤثر الجهات الفاعلة الأهلية في السياسة الضريبية" (A Taxing Journey: How Civic Actors Influence Tax Policy)، التي قام بدراسة حالة لـ 7 حملات أهلية تعالج قضايا ضريبية متنوعة، منها حملة لإنهاء العفو الضريبي الذي يستفيد منه الأثرياء والشركات في المكسيك، وتظهر الأدلة أن الجهات الفاعلة الأهلية يمكن أن تسهم في تعزيز أنظمة ضريبية أكثر عدلاً وإنصافاً، وتوليد إيرادات إضافية لتمويل الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، وتحسين الشفافية الضريبية.

قبل بضع سنوات، في أثناء إعداد مبادرة العدالة الضريبية (Tax Equity Initiative) في مؤسسة إنترناشيونال بدجيت بارتنرشيب (nternational Budget Partnership)، واجهتنا معضلة مثيرة للاهتمام. حينها كان الاهتمام بدور الضرائب في تعزيز التنمية يتزايد بسرعة كبيرة، لكن معظمه كان على المستوى الدولي حيث كانت أخبار الشركات المتعددة الجنسيات والأثرياء الذين يستغلون الملاذات الضريبية والثغرات الأخرى لدفع ضرائب قليلة أو معدومة تتصدر العناوين (كما كشفت تسريبات وثائق بنما). على الجانب الآخر، لم يكن هناك سوى القليل من الحديث عن الجهود المبذولة على المستوى المحلي لمعالجة الظلم الضريبي ودور المؤسسات الأهلية في التأثير على القرارات الرئيسية التي تجعل أنظمة الضرائب أكثر إنصافاً.

قررنا سد هذه الفجوة، وتحدثنا إلى العديد من المختصين واطلعنا على الأبحاث المتوافرة، وأخيراً اخترنا 7 حالات من مختلف أنحاء العالم —على الرغم من وجود العديد من الحالات الأخرى— لحملات أهلية تعالج قضايا ضريبية متنوعة، بدءاً من حملة لإنهاء العفو الضريبي الذي يستفيد منه الأثرياء والشركات في المكسيك إلى حملة لزيادة الضرائب على التبغ ومنتجات أخرى لتمويل التأمين الصحي الشامل في الفلبين، ومن الجهود الرامية إلى إصلاح وكالة الإدارة الضريبية في غواتيمالا بعد إحدى فضائح الفساد إلى النضال لإلغاء الضريبة على تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة في أوغندا، وهي خدمة تساعد الفقراء في المناطق الريفية على الوصول إلى الموارد المالية.

وثّقنا كيف تطورت هذه الحملات بالإضافة إلى التحديات التي واجهتها والتأثير الذي تمكنت من تحقيقه، وذلك بالتعاون مع باحثين محليين ومع مجموعات تروج هذه الحملات، وقد نشرتُ قصصهم الملهمة في كتاب "رحلة شاقة: كيف تؤثر الجهات الفاعلة الأهلية في السياسة الضريبية" (A Taxing Journey: How Civic Actors Influence Tax Policy) (متاح للوصول المفتوح هنا). سنستعرض في هذه المقتطفات المنقحة من خاتمة الكتاب الدروس الرئيسية المستخلصة من الحالات السبع، التي نأمل أن تكون مصدر إلهام وتوجيه للجهات الفاعلة الأهلية المهتمة بضمان إسهام الضرائب في تحقيق تنمية أكثر إنصافاً.—باولو دي رينزيو

* * *

يضم هذا الكتاب أول مجموعة من دراسات الحالة المعمقة حول مشاركة المجتمع الأهلي في الإصلاح الضريبي وفقاً لمعرفتنا. وثّقنا في دراسات الحالة هذه حملات مختلفة نظمتها جهات فاعلة أهلية في 7 دول، إما اقترحت إصلاحات ضريبية محددة ودفعت باتجاهها وإما عارضت إصلاحات أدخلتها الحكومة. وتظهر الأدلة أن الجهات الفاعلة الأهلية يمكن أن تسهم في تعزيز أنظمة ضريبية أكثر عدلاً وإنصافاً، وتوليد إيرادات إضافية لتمويل الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، وتحسين الشفافية الضريبية والإدارة الضريبية لمعالجة التهرب الضريبي والفساد الصريح.

نتعرف في صفحات هذا الكتاب كيف استخدمت الجهات الفاعلة الأهلية مجموعة متنوعة من السرديات واستراتيجيات المناصرة، وأسست أنواعاً مختلفة من التحالفات للتغلب على مصالح أصحاب النفوذ وتمهيد الطريق للإصلاح. كما نتعرف على أنواع الإمكانات التي وظفتها هذه الجهات وكيف تمكنت من استغلال فرص سياسية محددة مثل الانتخابات وفضائح الفساد. توقف مستوى التأثير الذي تمكنت حملاتها من تحقيقه في نهاية المطاف على القيود التي فرضها والفرص التي أتاحها السياق السياسي الذي كانت تعمل فيه، وعلى خصائصها ومهاراتها الداخلية، مثل قدراتها الفنية والسياسية وقدراتها في مجال التواصل.

وقد وجدنا أن الجهات الفاعلة الأهلية الأنجح هي تلك القادرة على العمل على جبهات مختلفة في آن واحد، حيث أنتجت أبحاثاً وشجعت النقاش العام وحشدت مختلف الجهات الفاعلة واستخدمت علاقاتها مع السياسيين والموظفين الإداريين للدفع باتجاه الإصلاح. تركز دراسات الحالة على الاستراتيجيات المتعلقة بحملة معينة أو إصلاح معين، لكنها تكشف في الوقت نفسه عن التاريخ الطويل للعديد من المؤسسات في بناء العلاقات مع الجهات الحكومية والإعلامية وتعزيز سمعتها من خلال قدرتها على التحليل والتحاور بمصداقية. وقد شاركت مجموعات متنوعة مثل مؤسسة فاندار (Fundar) في المكسيك وساتيني (SEATINI) في أوغندا في إجراء التحليلات والتحاور مع مشرّعين أو جهات الحكومية على مدى سنوات عديدة وهي معروفة بمهنيتها. كما أن بعض المؤسسات، مثل معهد أميركا الوسطى للدراسات المالية (ICEFI) في غواتيمالا ومؤسسة أكشن فور إكونوميك ريفورمز (AER) في الفلبين، لديها علاقات سياسية رفيعة المستوى مع الإدارات السابقة أو النخب الحكومية الحالية، وذلك استناداً إلى روابط الثقة التي تشكلت على مر الزمن ولم تكن خاصة بأي مرحلة إصلاحية.

الاستثمار البعيد المدى في بناء الحركة الأهلية أمر ضروري لتحقيق الأهداف البعيدة المدى، فقد جرى إنشاء "البنية التحتية للتحالف"، كما يطلق عليها النشطاء في "قضية مينيسوتا"، على مدى سنوات عديدة. لقد نجحت في توحيد المجموعات التقدمية ذات المصالح المتباينة لدعم الإنفاق في الميزانية، كما وحدتها في جبهة واحدة مشتركة لدعم زيادة الإيرادات للخدمات الأساسية ومساعدة المرشحين التقدميين على الفوز بالمناصب المحلية. يمثل ذلك تذكيراً لنا بأننا يجب أن نتجنب إيلاء أهمية كبيرة للقرارات القصيرة المدى دون مراعاة القرارات الطويلة المدى، فالخطط المتبعة في مرحلة معينة غالباً ما تكون ممكنة بفضل الاستثمارات البعيدة المدى في السمعة والعلاقات التي تمكن الاستفادة منها عندما تحين اللحظة المناسبة. لا تكون هذه الخيارات الاستراتيجية البعيدة المدى واضحة دائماً عندما ننظر إلى مراحل إصلاح محددة، لكنها ليست أقل أهمية منها. وبطبيعة الحال، لكي تتمكن مؤسسات المجتمع الأهلي من إجراء هذه الاستثمارات الطويلة الأجل، تحتاج إلى دعم من ممولين يدركون أن الإصلاح الضريبي عملية تأخذ الكثير من الوقت.

الدروس الرئيسية للجهات الفاعلة الأهلية

كان أحد أهدافنا الرئيسية هو تقديم رؤى مفيدة لمجموعات المجتمع الأهلي الأخرى في جميع أنحاء العالم المهتمة بالمشاركة في الإصلاح الضريبي. وتوفر الدروس المستفادة من تجربة بعض الرواد في هذا المجال أي المجموعات التي شملتها دراسات الحالة التي قدمناها فرضيات حول كيفية تحقيق نجاح أكبر في مجال المناصرة الضريبية للمجتمع الأهلي في مناطق أخرى. لا يمكننا استخلاص أي استنتاجات قاطعة حول التأثير، وذلك لاعتمادنا على مجموعة محدودة من حالات النجاح الجزئي. ومع ذلك، نلخص في هذا المقال بعض الدروس الرئيسية التي برزت من دراسات الحالة التي قدمناها، والتي تتمحور حول 5 موضوعات عامة.

السرديات

ثمة 3 أنواع على الأقل من السرديات التي يمكن للجهات الفاعلة الأهلية أن تعتبرها نقطة انطلاق لعملها في هذا المجال، ويتجنب كل منها عموماً الخوض في التفاصيل الفنية للإصلاح الضريبي. يتمحور النوع الأول من السرد حول العدالة والإنصاف، ونجد أن بعض المناشدات الخاصة بإنصاف ضريبة معيّنة أو عدم إنصافها أكثر انتشاراً إلى حد ما من المناشدات الأوسع نطاقاً المتعلقة بالإنصاف الشامل للنظام الضريبي، وهو أكثر تعقيداً وتجرداً. أما السردية الثانية السائدة فهي السردية التي تركز على نفقات وخدمات محددة يجري تمويلها من الإيرادات الضريبية، سواء عبر التخصيص المباشر أو العام. أما السردية الثالثة فتركز على الشفافية وتحمّل المسؤولية. في الواقع، ليس هناك طريقة محددة لاختيار سردية مناسبة أو مزيج مناسب من السرديات، بل يجب على مؤسسات المجتمع الأهلي أن تحاول اختبار مدى فعالية السردية التي من شأنها أن تجعل الإصلاحات الضريبية مناسبة وذات أهمية لمجموعة واسعة من الجهات الفاعلة وأكثر فعالية من السرديات التي يستخدمها معارضو الإصلاح. قد يتطلب ذلك استخدام مجموعات التركيز واستطلاعات الرأي والدراسات الاستقصائية السريعة، ولكنه يحتاج أيضاً إلى استجابات سريعة للفرص غير المتوقعة التي قد تتوافر لربط الإصلاح الضريبي بقضايا أخرى ذات صلة. وأخيراً، يستدعي تطوير السرد التعاون مع أنواع مختلفة من وسائل الإعلام لنشر الرسائل الرئيسية واستهداف جمهور محدد بها وتقييم استجابته لها.

حول الاستراتيجيات

يتطلب العمل الأهلي الناجح في مجال الإصلاح الضريبي التعاون مع مجموعة واسعة جداً من الجهات الفاعلة والمنصات التي يمكن إجراء الإصلاح من خلالها، مثل المسؤولين التنفيذيين والمشرّعين والهيئات القضائية. العمل الإعلامي بالغ الأهمية في كثير من الأحيان، ولكن حشد القواعد الشعبية قد يكون بالأهمية نفسها (على الرغم من عدم استغلاله بالقدر الكافي في الحالات التي قدمناها). ويمكن لمؤسسات المجتمع الأهلي ذات النفوذ القوي أن تؤدي أدواراً داخلية وخارجية على حد سواء، فتعمل مع الحكومة على الإصلاحات، وتضغط على المسؤولين الحكوميين من خلال حشد الجماهير والاحتجاجات والدعاوى القضائية وحملات وسائل التواصل الاجتماعي عند الضرورة. لا يمكن استخدام جميع الاستراتيجيات في جميع السياقات، ولكن يجب على الجهات الفاعلة الأهلية أن تنطلق من افتراض أن عليها تنويع استراتيجياتها، واتباع أساليب متعددة، التي سينجح بعضها فقط في النهاية.

حول التحالفات

يجب على الجهات الفاعلة الأهلية أن تبني تحالفات قوية للتغلب على المعارضة القوية لمواقفها حول الإصلاح الضريبي. تأتي المعارضة عادةً من أطراف معينة في الحكومة وقطاع الأعمال، ويسهم السعي إلى إقامة تحالفات مع أطراف أخرى في الحكومة ومجتمع الأعمال في التغلب على هذه المعارضة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الإصلاح الضريبي عموماً تحالفات أوسع نطاقاً من تحالفات الجهات الفاعلة الأهلية معاً، مثل التحالف مع المؤسسات التي تعمل في قضايا الضرائب والموازنة، وكذلك العديد من المؤسسات التي لا تعمل في هذا المجال ولكنها مقتنعة بأهمية الإصلاح الضريبي للخدمات الرئيسية التي تهتم بها. وعلى مناصري الإصلاح الضريبي أن يبحثوا عن طرق أفضل لتوضيح كيف يمكن للإصلاح الضريبي أن يدعم السياسات الإصلاحية الواسعة النطاق، وذلك لإقناع حلفاء جدد بتأييد الإصلاح الضريبي. كما وجدنا أن إقامة تحالفات مع "حلفاء غير تقليديين"، مثل المؤسسات الدينية والجمعيات المهنية، قد يسهم في توسيع نطاق التحالفات لمواجهة القوى المعارضة للإصلاح.

حول القدرات

ثمة 3 أنواع من القدرات الرئيسية لمناصرة الإصلاح الضريبي، وهي القدرات التقنية والسياسية وقدرات التواصل. تمتلك الجهات الفاعلة الأهلية المؤثرة القدرات الثلاث معاً، أو تشكّل تحالفات لاستكمال هذه القدرات. ليست كل هذه القدرات ضرورية لإحداث تأثير في الإصلاح الضريبي؛ فالحشد الجماهيري وحده يمكنه إحداث بعض التأثير، كما في حالة حركة السترات الصفراء في فرنسا. ولكن إذا كان الهدف من المشاركة في الإصلاح الضريبي ليس مجرد إبداء رد فعل، بل الدفع باتجاه تغييرات معينة لجعل الأنظمة الضريبية أكثر إصلاحاً وفعالية، فإن توافر كل هذه القدرات أمر مهم. وتظهر الحالات التي تناولناها أن هذه القدرات تساعد الجهات الفاعلة الأهلية على إثبات نفسها باعتبارها محاوراً موثوقاً به، ما يخلق فرصاً لمزيد من التغطية الإعلامية لمواقفها المتعلقة بالضرائب، أو يفتح المجال لبناء القدرات الحكومية التي تمكن الاستفادة منها في مزيد من المشاركة في السياسات. من المحتمل أن يتطلب بناء القدرات زمناً طويلاً عبر الكفاح من أجل الإصلاح، لذلك يجب على المؤسسات ألا تقلق كثيراً بشأن امتلاك القدرات كافة التي تحتاج إليها منذ البداية وأن تركز أكثر على ضمان استعدادها للتعلم من التجارب وتعزيز القدرات عبر مسيرتها الطويلة.

حول الفرص السياسية

قد تتوافر الفرص (أو تختفي) في أي وقت، كما هي الحال في مجالات الإصلاح الأخرى. تتيح الانتخابات والفضائح فرصاً موثوقة للتغيير، ولكن لا تؤدي الانتخابات والفضائح جميعها إلى إصلاح ضريبي بالدرجة نفسها، ولا يمكن للمرء أن يتنبأ مسبّقاً متى ستأتي الفرص المناسبة. يشير ذلك إلى ضرورة استعداد الجهات الفاعلة الأهلية والعمل على المدى الطويل لبناء القدرات والشبكات الإعلامية والشراكات الائتلافية المحتملة التي تمكن الاستفادة منها في اللحظات المناسبة. تشير الحالات التي تناولناها إلى أن الجهات الفاعلة الأهلية التي أجرت استثمارات طويلة المدى هي الأقدر على انتهاز الفرص عندما تهب الرياح المواتية للإصلاح.

الدروس الرئيسية للجهات الفاعلة الأخرى

تشير النتائج المستخلصة من دراسات الحالة التي قدمناها إلى درسين إضافيين على الأقل، أحدهما للحكومات والجهات الفاعلة الحكومية الأخرى، والآخر للجهات المانحة التي تدعم عمل المجتمع الأهلي في الإصلاح الضريبي.

بالنسبة للحكومات والهيئات التشريعية والهيئات القضائية وغيرها من مؤسسات الدولة (مثل الهيئات المعنية بتعزيز وصول المعلومات إلى الجمهور وحمايته)، فإن الدرس الرئيسي المستفاد من دراسات الحالة التي تناولناها هو أن الجهات الفاعلة الأهلية قادرة على أن تكون شريكاً وداعماً مهماً في عمليات الإصلاح الضريبي، ويمكنها تقديم التحليلات الفنية والحجج القانونية، وممارسة الضغط السياسي من خلال حشد الجماهير، والمساعدة على بناء تحالفات الإصلاح وتنسيقها، وتشكيل الرأي العام من خلال النقاشات والحوارات في وسائل الإعلام. وينبغي على الإصلاحيين داخل مؤسسات الدولة أن ينظروا إليها باعتبارها مورداً تجب الاستفادة منه لا مصدر إزعاج يجب تجاهله. يحتاج الكفاح من أجل جعل الضرائب أكثر إنصافاً ومواجهة أصحاب المصالح الأقوياء الذين يعارضونه إلى أكبر عدد ممكن من الداعمين ليحقق النجاح.

أما بالنسبة للجهات المانحة، فإن الدرس الرئيسي المستفاد هو ضرورة فهم أن مناصرة المجتمع الأهلي للإصلاح الضريبي هي عملية طويلة الأمد تتطلب دعماً مرناً. فالدعم الطويل الأمد الذي لا يعتمد على تحقيق نتائج فورية يمكّن الجهات الفاعلة الأهلية من بناء المصداقية والشراكات في أثناء انتظار الفرص السياسية المواتية. أضف إلى ذلك أنه لا يمكن ربط الدعم بمجموعة ضيقة من الأنشطة التي تنفذها إحدى المؤسسات. تحتاج الجهات الفاعلة الأهلية إلى التمتع بمساحة للتفاعل والتكيف مع الظروف المتغيرة واستغلال الفرص غير المتوقعة لفرص الإصلاح، وقد تتطلب أنواعاً متعددة وموجهة من الدعم، وذلك بناءً على احتياجات كل شريك في التحالف. عندئذ فقط يمكن للجهات المانحة أن تأمل تحقيق تأثير كبير من النوع الذي أظهرته دراسات الحالة التي قدمناها. صحيح أن ذلك يتطلب تحولاً مهماً في أساليب الجهات المانحة وممارساتها، لكننا نعتقد أنه أمر لا بد منه.

فكرة أخيرة

نأمل أن تزود هذه الدروس الجهات الفاعلة الأهلية الأخرى بالإلهام والحافز لمواصلة مناصرة الإصلاح الضريبي في سياقات البلدان المختلفة. في عالم تتزايد فيه الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ويستمر فيه الفقر، ويدفع فيه الأثرياء والشركات في كثير من الأحيان القليل من الضرائب، لا يمكن الاستهانة بأهمية الدور الذي يؤديه المواطنون ومؤسسات المجتمع الأهلي في الضغط لتحقيق نظم ضريبية أكثر إنصافاً وتمويلاً أفضل للخدمات العامة. وقد بدأت المؤسسات الرائدة في دراسات الحالة التي قدمناها برسم المسار الصحيح، ونأمل أن يتبعها كثيرون.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال من دون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.