كيف نستخدم قوة الشباب واليافعين لتعزيز النشاط المجتمعي الهادف؟

6 دقائق
تمكين الشباب
shutterstock.com/REDPIXEL.PL

"من واجبنا أن نكافح من أجل حريتنا ونظفر بها وهذا يتطلب منا أن نتبادل الحب والدعم".

خلال العقد الماضي رددت مجموعات تنظيم الشباب الشعبية في كاليفورنيا أصداء كلمات الناشطة في حركة بلاك ليبريشن (Black Liberation)، أساتا شاكور (Assata Shakur)، وكأنها نشيد، إذ حفزتهم ليقودوا مسيرات واحتجاجات دعماً لحركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter) ويشاركوا في حملات غير حزبية وحملات لجذب الناخبين. وفي كاليفورنيا، أثار تنظيم الشباب بعضاً من أكثر الإصلاحات المنهجية جرأة منذ عقود، ومن ذلك حملة الحد من اعتماد بعض المدارس على عناصر الشرطة بدلاً من المعلمين والإداريين للحفاظ على الانضباط الذي يؤدي إلى دخول الطلاب إلى السجون، وقد ساعدت هذه الحملة على تقليل حالات الطرد والإيقاف في المدارس الثانوية على مستوى الولاية، إضافةً إلى حملات واسعة لتسجيل الناخبين وتثقيفهم أسهمت في زيادة إقبال الشباب نحو 3 أضعاف على التصويت في انتخابات التجديد النصفي بين عامي 2014 و2018.

يمثل تمكين الشباب وتأمين البنية التحتية التي تدعمه استثماراً في مستقبل أكثر عدالة وإنصافاً، وبالاعتماد على كل من البحث والخبرات الحياتية يمكننا تحديد سبل تمكين مجموعات تنظيم الشباب من التأثير في صنع السياسات وتحسين مستقبل الشباب ذوي البشرة الملونة.

التركيز على المراهقين

خلال العقد الثاني من الألفية الثالثة، زاد عدد مجموعات تنظيم الشباب في كاليفورنيا من 10-15 مجموعة في عام 2010 إلى 171 مجموعة بحلول عام 2019. تدربت هذه المجموعات على يد حركة الشباب غير النظامية في بداية العقد، واستمدت الطاقة من تحالف "حركة من أجل حياة ذوي البشرة السمراء" (Movement for Black Lives) في النصف الأخير، لتتمكن من إشراك مزيد من المراهقين في معالجة القضايا المحلية والإقليمية وحتى على مستوى الولاية. وكان من أهم عوامل تعزيز هذا الجهد، الدعم المقدم من مؤسسة ذا كاليفورنيا إنداومينت (The California Endowment) والمنظمات الخيرية الأخرى إذ كان استثمارها في هذه المجموعات والمنظمات الوسيطة التي تدعمها، أمراً بالغ الأهمية لتوسيع مشاركة الشباب في التنظيم الشعبي ونجاح الجهود المدنية التي أدت إلى أكثر من 100 تغيير في السياسات العامة وأسهمت في زيادة إقبال الشباب على التصويت بصورة كبيرة.

على سبيل المثال، في عام 2020، عملت مجموعة ستيودينتس ديزرف (Students Deserve) التي يقودها الطلاب والحاصلة على منحة مؤسسة ذا كاليفورنيا إنداومينت، على دعم مراهقة اسمها كاليلا ومعها عدد من اليافعين الآخرين في دعوة مجلس إدارة منطقة مدارس لوس أنجلوس الموحدة إلى تركيز أولوياته على الاستثمار في نجاح الطلاب ذوي البشرة السمراء في المدارس وليس إحكام الرقابة الشرطية عليهم. ذات مرة أصيبت كاليلا وهي طالبة في السنة الثانية من دراستها الجامعية، بالإغماء بسبب الجفاف خلال مناسبة كانت تعقد في الكلية بسبب الجفاف وبدلاً من أن يهتم ضابط الشرطة المدرسية بحالتها الصحية، اشتبه بتعاطيها المخدرات واستجوبها. دفعت هذه التجربة كاليلا إلى المشاركة في عملية تنظيم الشباب، ما ساعد على إنشاء فروع جديدة لحركة ستيودنتس ديزرف في مقاطعة لوس أنجلوس كما انضمت إلى حملة لإلغاء تمويل قسم شرطة مدارس لوس أنجلوس. قادت تلك الحملة، التي تضم ائتلافاً من مجموعات تنظيم الشباب ودعاة آخرين، مجلس إدارة منطقة مدارس لوس أنجلوس الموحدة إلى سحب 25 مليون دولار من ميزانية قسم شرطة مدارس لوس أنجلوس البالغة 77 مليون دولار واستثمار ما يقرب من 100 مليون دولار في خطة بلاك ستيودنتس أتشيفمنت (Black Student Achievement)، التي تهدف إلى الحيلولة دون دفع الطلاب ذوي البشرة السمراء والملونة إلى السجن عبر المدرسة.

حصل التنظيم الشعبي للشباب على دعم متزايد من القطاع الخيري، ليس فقط بسبب فعاليته وتأثيره ولكن أيضاً لأن القادة الشباب اليوم سيصبحون قادة الغد الراشدين. تظهر الأبحاث أن المراهقين يتمتعون بقدرة فريدة على التكيف، إذ تكون عقولهم في هذه المرحلة من حياتهم منفتحة على تلقي معلومات جديدة وتنشأ لديهم الاهتمامات والالتزامات السياسية العميقة، لكن مجموعات مثل ستيودنتس ديزرف تساعد الطلاب أيضاً على فهم العالم السياسي من حولهم وتكوين وجهات نظرهم الخاصة. يمكن لمجموعات تنظيم الشباب الشعبية، التي يخدم العديد منها مجتمعات المهاجرين واللاجئين وذوي البشرة السمراء والسكان الأصليين، مساعدة المشاركين في التغلب على الفقر والعنصرية والظلم المؤسسي والصدمات التي عانوا منها غالبًا خلال طفولتهم. من خلال تنظيم الشباب وربطهم بالعلاقات والأنشطة التي تساعدهم على الاستجابة بصورة بناءة للصعوبات والصدمات، سيتمكنون من توجيه طاقاتهم نحو بناء ديمقراطية متعددة الأعراق.

عوامل النجاح

تظهر الأبحاث أن أعضاء مجموعات تنظيم الشباب يخوضون تجربة "التنشئة الاجتماعية السياسية التحويلية" التي تمنحهم الثقة والمعلومات والأدوات التي يحتاجون إليها للتحدث وإشراك الآخرين في الحملات الشعبية،

وتقوم عملية التنشئة الاجتماعية هذه على 3 مكونات تحفيزية متداخلة:

  • الاهتمام بالاحتياجات التنموية للمشاركين، ومن ذلك توفير الدعم الاجتماعي والعاطفي الذي يعالج تجارب الفقر والتمييز ويمنح الشباب موارد التأقلم، والمهارات الحياتية، والمرونة.
  • التربية المدنية الناقدة (التي يفتقر إليها الطلاب غالباً في المدرسة)، إذ تساعد الشباب على الانخراط مع أعضاء المجتمع المتنوعين، وفهم الأسباب الجذرية لمشكلات المجتمع، والتنقل بين المؤسسات العامة.
  • تقديم إرشادات حول العمل المدني توجّه الشباب إلى كيفية المشاركة بطريقة استراتيجية في الجهود المبذولة لتغيير واقعهم، على المستويات المحلية والإقليمية والمجتمعية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك ركيزتان رئيسيتان في نهج المنظمات الشبابية الشعبية لتتمكن من إشراك الشباب بصورة كاملة في صنع القرار السياسي، والمناصرة، وجهود التغيير السردي الشاملة التي تسهل إحداث تأثير واسع:

1. استخدام الأطر التقاطعية

تؤثر الأنظمة المتعددة للاضطهاد القائم على العرق والطبقة والنوع وغير ذلك في حياة الفئات السكانية الضعيفة في كاليفورنيا وأماكن أخرى، ويؤكد مفهوم الأطر التقاطعية أن هذه الأنظمة تعمل في مجموعة منسقة لفرض عدم المساواة، ويساعد فهم هذا المفهوم الشباب على النظر إلى ظروفهم بوصفها عواقب لإجراءات تتخذها هذه الأنظمة على مستوى المجتمع لا بوصفها عواقب لفشلهم، ما يمنحهم الثقة والدافع لتحدي تلك الإجراءات.

يخلق التفكير التقاطعي أيضاً برامج شاملة، ما يساعد على ضمان تعزيز مجموعات الشباب للمساواة والشمولية في العلاقات الشخصية، وفي التنظيم والمناصرة والحملات التي تشارك فيها، وفي الطريقة التي تناقش بها السياسات والأنظمة والأهداف.

يستخدم العديد من مجموعات تنظيم الشباب في كاليفورنيا ورش عمل تركز على تاريخ مختلف المجموعات الإثنية العرقية، وسياسات الهجرة، والنوع الاجتماعي، وقضايا الأقليات لتعزيز الالتزام بالعدالة الاجتماعية التي تسمح للشباب ذوي البشرة الملونة بتجاوز الحواجز العرقية والاختلافات الأخرى. حينما يفهم الشباب ماهية السلطة والتفاوتات المتداخلة في المجتمع سيصبحون نماذج يحتذي بها الأفراد الأكبر سناً حول كيفية الانفتاح أكثر على الأشخاص الذين يتشاركون خلفيات وخبرات مختلفة.

2. الدعم المقدم من المؤسسات الوسيطة

يتعلم الشباب في المقام الأول كيف يصبحون قادة داخل مجموعات تنظيم الشباب المحلية التي ينتمون إليها. ومع ذلك، فقد كان للمؤسسات الوسيطة خلال العقد الثاني من الألفية الثالثة دوراً مهماً على مستوى الولاية في دعم تلك المجموعات المحلية ومن ثم تمكين الشباب، ومنها مؤسسة يو كالي (YO Cali!)  وباور كاليفورنيا (Power California) وبراون إيشوز (Brown Issues) وبوليسي لينك (PolicyLink). عززت المؤسسات الوسيطة برامج العمل وبنت قدرات طواقم المنظمات والقادة الشباب، وقدمت حملات دعم مهمة، وربطت الشباب والمنظمات بالمجتمعات والمناطق والولاية بأكملها، كما نشرت معلومات حول أفضل الممارسات في التنظيم الشعبي والمشاركة المدنية.

إضافةً إلى ذلك، تؤدي المؤسسات الوسيطة دوراً في إعادة بناء القدرات التنظيمية في أعقاب الوباء، تزامناً مع ظهور مجموعات تنظيم شباب شعبية في مناطق جديدة ذات بنية تحتية مدنية محدودة.

تجسد مؤسسة ستيودنتس ديزرف خصائص مجموعات الشباب الناجحة، إذ إنها تعلم الطلاب الممارسات المدرسية التي تودي بهم إلى السجن والعدالة التصالحية وتاريخ الشرطة. مثلاً، كشفت لطلابها حقيقة أن الطلاب ذوي البشرة السمراء يشكلون 8% فقط من طلاب مدارس لوس أنجلوس، لكنهم يمثلون 25% من حالات الاستدعاء التي أصدرتها الشرطة المدرسية، والإجراءات البديلة والاعتقالات. وبمعرفة ذلك أدركت كاليلا أن تجربتها مع الشرطة المدرسية هي جزء من نمط تحيز واضطهاد أكبر، وساعدها أعضاء مؤسسة ستيودنتس ديزرف ومنهم المدرسون ومنظمو المجتمع على صقل مهارة الخطابة قبل أن تتحدث عن تجربتها إلى مجلس إدارة المدرسة بوصفها جزءاً من حملة وقف تمويل الشرطة المدرسية.

النتائج الدائمة للاستثمارات في تنظيم الشباب

تساعد كاليلا، خريجة مؤسسة ستيودنتس ديزرف والطالبة في السنة الثانية بجامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس، على تدريب موجة جديدة من القادة الشباب من خلال المؤسسة، وتنظم ورشاً حول تاريخ الأعراق والتجريم، والحركة العمالية، ورسم خرائط القوة، وتدريب الطلاب على المناصرة و مهارات تسجيل الناخبين، كما عملت أيضاً على تسجيل الناخبين الشباب كجزء من مشروع "بحث العمل التشاركي الصيفي لحرية كاليفورنيا" (California Freedom Summer Participatory Action Research Project) مجسدةً بذلك إيمانها بأن المشاركة في العملية الانتخابية يمكن أن تكمل الجهود الشعبية للشباب وتنميها، وبهذه الطريقة، يساعد تنظيم الشباب في بناء المستقبل.

يقدم تنظيم الشباب على المستوى الشعبي الذي حدث في العقد الثاني من الألفية الثالثة دروساً مهمة في تمكين الشباب الأكثر تأثراً بالتفاوتات الاجتماعية الخطيرة، وسيكون لاستثمارات المجتمع الخيري في تنمية الشباب وتنظيمهم خلال تلك الفترة تأثير دائم في المجتمعات في جميع أنحاء كاليفورنيا، كما سيواصل العديد من القادة الشباب الذين برزوا في هذه المرحلة العمل على تحسين صحة السكان ورفاهتهم في السنوات المقبلة، وسيكون بعضهم مرشدين للجيل القادم من القادة الشباب. نجح تنظيم الشباب في فرض الإصلاحات، وعلمّ قطاع العمل الخيري دروساً مهمة حول المشاركة المدنية الشاملة، والجهود المستنيرة بين الأجيال لمعالجة قضايا الصحة وأوجه عدم المساواة. باختصار، سيؤدي الاستثمار في الأنشطة والبرامج والبنية التحتية التي تدعم تمكين الشباب إلى توسيع مجموعة القادة التعدديين الملتزمين بالمساواة والديمقراطية ذات التمثيل الأوسع.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي