4 طرق لتسخير التكنولوجيا من أجل الصالح البيئي

4 دقائق
shutterstock.com/PeachShutterStock

يمكن للتكنولوجيا أن تحد من الآثار السلبية على النظام البيئي من خلال استخدامها في خفض استهلاك الطاقة وتقليل البصمة الكربونية لأنشطة الأفراد والمؤسسات، وإعادة التدوير ومواجهة التغير المناخي.

أهمية التكنولوجيا في الحفاظ على البيئة

فرضت التحديات البيئية المتزايدة رؤية جديدة حول التكنولوجيا بعيدة عن السيطرة المادية للآلة، فبدأ الاهتمام في توظيفها لتطوير خدمات ومنتجات ونُظم تساعد في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية؛ إذ يساعد التحول الرقمي في تقليل استخدام الورق في المؤسسات، ويمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون 20% بحلول عام 2030، عبر مساعدة الشركات والأفراد في الاستخدام الذكي، وتوفير الطاقة.

ويعد الذكاء الاصطناعي أداة فعّالة لمواجهة المشكلات البيئية، إذ يساعد في التحليل الدقيق للبيانات من أجل تحديد المناطق المعرضة للكوارث الطبيعية والتي تحتاج إلى المساعدة، وكذلك التنبؤ بأوضاع المناخ الخطرة ومراقبة مدى التزام الحكومات والشركات بأهداف تقليل الانبعاثات الخاصة بها.

وقد تقلل السيارات ذاتية القيادة الانبعاثات الكربونية 50% بحلول عام 2050 من خلال تحديد الطرق الأكثر كفاءة، فيما يساعد التحول إلى النظُم الزراعية الحديثة التي تعتمد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة، على سبيل المثال، زاد حصاد مزارعو الفول السوداني بالهند 30% بفضل هذه التطبيقات.

بدورها، تخلق وسائل التواصل الاجتماعي مساحة لتعزيز الوعي بالمشاكل البيئية وتصحيح المعلومات الخاطئة حول تغير المناخ، وتبني المبادرات المستدامة ومشاركة المعلومات لدعم دور المجتمع المدني وأصحاب المصلحة في الحفاظ على البيئة.

لكن، ما الطرائق التي تساعد من خلالها التكنولوجيا في الحد من الآثار السلبية على البيئة؟

توضح الطرائق الأربع التالية أمثلة عن كيفية مساهمة التطورات التكنولوجية في إحداث تأثير إيجابي ومستدام في النظام البيئي:

1. التحول إلى الطاقة المتجددة

إن التطورات التكنولوجية الصديقة للبيئة الأكثر شهرة وأهمية في السنوات الأخيرة كانت في قطاع الطاقة النظيفة أو المتجددة، إذ مكّنت التكنولوجيا البشر من الحصول على الطاقة من مصادر طبيعية وتحويلها إلى كهرباء أو طاقة مفيدة من خلال أجهزة مثل توربينات المياه والرياح، والألواح الشمسية.

أصبحت مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أكثر انتشاراً، فضلاً عن أن تكلفتها في تراجع مستمر، ما دفع الخبراء إلى التوقع بأنها ستتجاوز الفحم لتصبح أكبر مصدر للطاقة في العالم بحلول عام 2025.

وتتخذ بعض الحكومات خطوات فعالة للتشجيع على اعتماد الطاقة المتجددة من أجل الحد من الآثار السلبية على البيئية، إذ تعمل الحكومة الأميركية من خلال برنامج اختيار المجتمع للطاقة (Community Choice Energy) على توفير خيارات طاقة متجددة ميسورة التكلفة للمجتمع، وتقدم أيضاً ائتمانات ضريبية لتثبيت الألواح الشمسية في المنازل والمؤسسات.

2. توفير الطاقة

أحدثت التطورات التكنولوجية ثورة في الطريقة التي يعيش بها الأفراد، لتتمكن جميع أنواع الأجهزة والمستشعرات التكنولوجية البيئية من الاتصال دون تدخل بشري، ومن المتوقع أن تصبح مدن المستقبل أكثر ذكاءً وتوفيراً للطاقة، وفي هذا الإطار، تصدّرت أبوظبي ودبي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر المدن الذكية لعام 2021، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، بالشراكة مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم.

تستخدم تكنولوجيا المنزل الذكي أجهزة الاستشعار والأجهزة الأخرى المتصلة بإنترنت الأشياء، والتي يمكن مراقبتها وبرمجتها عن بُعد لتكون فعّالة في استخدام الطاقة، على سبيل المثال تضيء أنظمة الإضاءة الذكية مناطق محددة فقط، ويحتفظ منظم الحرارة الذكي مثل نيست (Nest) بدرجات حرارة معينة خلال أوقات محددة من اليوم، ما يُقلل من فاقد الطاقة، إذ يمكنه معرفة الجدول الزمني للشخص ليشغل الطاقة تلقائياً عند الوصول إلى مقر العمل ثم إيقاف الطاقة مع اقتراب وقت العودة إلى المنزل.

ولتعزيز كفاء الطاقة، أطلقت وكالة حماية البيئة الأميركية، ووزارة الطاقة الأميركية، برنامج نجم الطاقة (Energy Star) للتشجيع على اقتناء المستلزمات المكتبية المتوافقة مع البيئة، ما يسهم في توفير ما يزيد عن 117 مليون دولار من تكاليف الطاقة السنوية.

3. الحد من تغير المناخ

يقود تغير المناخ إلى مشاكل بيئية معقدة، إذ أدت موجات الجفاف التي تعرضت لها المنطقة العربية قبل عام 2011 إلى تدمير الأراضي الزراعية في شرق سوريا التي تمثل مصدر رزق وغذاء لأكثر من 800 ألف شخص، وكذلك الوضع في السودان مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة السنوي بمعدل 1.5 درجة، وتراجع الإنتاج الزراعي بنسبة 70%، وانخفاض معدل سقوط الأمطار بنسبة 30%.

كما سيؤثر الارتفاع المتوقع لمتوسط درجات الحرارة خلال الأعوام المقبلة سلباً في الموارد المائية والغذائية بمنطقة الشرق الأوسط؛ إذ رجح البنك الدولي أن تشهد المنطقة العربية تبخراً للموارد المائية الشحيحة خاصةً في نهري دجلة والفرات ونهر الأردن وبحيرة طبرية، ما يؤدي إلى انخفاض غلة المحاصيل في الأردن ومصر وليبيا بنحو 30% بحلول عام 2050 مع ارتفاع الحرارة ما بين 1.5 درجة ودرجتين، وتراجع إنتاج القمح في سورية بنسبة 60% مع ارتفاع درجة الحرارة عالمياً بين 3 و4 درجات.

وعليه، يمكن توظيف التكنولوجيا للحد من آثار التغير المناخي. على سبيل المثال، طوّرت منظمة الطيران المدني الدولي (International Civil Aviation Organization) منهجية لحساب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السفر الجوي لاستخدامها في برامج التعويض، معتمدةً على إتاحة أفضل البيانات للأفراد لحساب عوامل مختلفة مثل أنواع الطائرات، والبيانات الخاصة بالمسار.

كما يوجد تطبيقات لقياس جودة الهواء، مثل تطبيق أير كير (Air Care) وبريزومتر (Breezometer)، وأير ناو (AirNow)، فيما تشجع تطبيقات أخرى الأفراد على الالتزام البيئي مثل تطبيق أوريكو (Oroeco) لمتابعة البصمة الكربونية يومياً، وتطبيق غود غايد (GoodGuide) الذي يتيح إمكانية تفحّص المنتجات الموجودة في المتاجر والتعرف إلى تصنيفها وفقاً لتأثيراتها على الصحة والبيئة.

4. تقليل المخلفات

تقليل المخلفات هو أفضل ما تقدمه التكنولوجيا. إذ بات بالإمكان حفظ المستندات التي كان يجب طباعتها وتخزينها في خزائن الملفات عبر الإنترنت في أنظمة تخزين سحابية آمنة وسهلة البحث، وتجعل المنصات الإلكترونية، مثل باي بال (PayPal) وفينمو (Venmo)، تسديد مدفوعات بطاقات الائتمان أسهل وأرخص، كما أنها تقلل عدد الشيكات والمغلفات والطوابع البريدية اللازمة للمعاملات.

ومع تحول أسرة واحدة فقط من كل 5 أسر إلى الفواتير الإلكترونية؛ يمكن توفير 151 مليون رطل من الورق، والتخلص من 8.6 مليون كيس نفايات، وتقليل انبعاثات الغازات السامة بمقدار 2 مليون طن.

خلال جائحة كوفيد_19، ساعد الإغلاق والعمل عن بُعد بمساعدة تطبيقات اتصالات الفيديو مثل زووم (Zoom) في تحسين جودة الهواء والمياه وتقليل البصمة الكربونية الناتجة عن التنقل بالسيارات ووسائل النقل العام، أو حتى السفر لحضور الاجتماعات والمؤتمرات.

يعد البلاستيك أيضاً من المخلفات التي تسبب تلوث البيئة، وهناك 5.25 تريليون قطعة بلاستيكية في المحيطات تتسبب بموت العديد من الحيوانات. وللأسف، نحو 80% من المواد البلاستيكية لا يُعاد تدويرها، لذا تقدم التكنولوجيا حلولاً لمعالجة هذه المشكلة مثل إذابة البلاستيك لإنشاء الطرق، أو إزالة الزجاجات البلاستيكية تماماً وصنع الحاويات من الأعشاب البحرية.

إذ يضم المحيط الهادئ 80 ألف طن من البلاستيك، ما دفع المهندسين والباحثين والعلماء والمصممين الحاسوبيين إلى تطوير حل يتمثل في إنشاء حواجز عائمة طويلة تعمل كخطوط ساحلية اصطناعية، وتمكن الرياح والأمواج والتيارات من التقاط البلاستيك وتركيزه، كما تمكنوا من تحويل البلاستيك إلى نظارات شمسية. وهذا مثال عن كيف يمكن للتكنولوجيا "تحويل المخلفات إلى كنز".

المحتوى محمي