5 أسباب تجعل التطوع ركيزة أساسية في بناء المجتمعات

3 دقائق
التطوع ركيزة أساسية
shutterstock.com/peampath2812

يعد التطوع ركيزة أساسية في بناء مجتمعات أكثر مساواة وشمولية واستقراراً عبر إحداث تحوّل في النظم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومعالجة أوجه الضعف في مجالات مثل الصحة والتعليم والرفاه وسبل العيش المستدامة.

وتتمكن المجتمعات التي تولي أهمية للتطوع من مواجهة التحديات عبر تعزيز قيم التعاون والعمل المشترك والثقة المتبادلة والانتماء والتمكين، التي تعد ضرورية لرفاهية الأفراد والبناء على نحو أفضل للمستقبل.

وبحسب تقرير حالة التطوع في العالم 2022: بناء مجتمعات متساوية وشاملة، يضم القطاع 862.4 مليون متطوع حول العالم، منهم 26.2 مليون متطوع في الدول العربية، يعملون على القضاء على الفقر وتحسين مستويات الصحة والتعليم، والقضاء على التمييز الاجتماعي والصراعات، والحد من مخاطر الكوارث ومعالجة القضايا البيئية. فكيف يسهمون في تحقيق ذلك؟

1. بناء ثقافة صنع القرار التعاوني

ينسج التطوع شبكة أقوى من العلاقات بين الأفراد والحكومات، ويشجع على تطبيق معايير الحوكمة بطريقة أفضل، فيساعد التعاون بين المتطوعين والحكومات على بناء ثقافة صنع القرار التعاوني لمجابهة التحديات الإنمائية من تغير المناخ وصولاً إلى تعزيز فرص التعليم الجيد، كما تسهم المشاركة التطوعية للفئات المهمّشة مثل سكان الأحياء الفقيرة وذوي الهمم، في إعادة تشكيل علاقات القوة الطويلة الأمد.

وتسلط الأزمات، مثل جائحة كوفيد-19، الضوء على أهمية الاعتماد على التطوع في بناء المجتمعات والعمل مع المتطوعين والانخراط معهم كشركاء رئيسيين لإيجاد حلول إنمائية حيوية، لتكون هذه الخطوة بمثابة عقد اجتماعي أكثر شمولاً واستجابةً لاحتياجات المجتمعات المحلية.

2. خلق واقع مجتمعي أفضل

بينت دراسة جزائرية بعنوان: "العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع"، أن روح التنافس بين الجماعات التطوعية تنعكس إيجابياً على جودة الخدمات المُقدمة، وتساعد أعمال التطوع في تحقيق روح التكافل وزيادة التوعية المجتمعية بتوزيع الثروة الاجتماعية والاهتمام بالفقراء والمحتاجين.

وبذلك، تخلق الأعمال التطوعية واقعاً أفضل للجميع؛ فتنظيف الحي والطرق الفرعية مثلاً يضمن بيئة خالية من الأمراض المرتبطة بمشاكل الصرف الصحي، وحماية الأطفال من إصابات خطيرة في أثناء اللعب في الشارع، والأمر لا يتمحور حول الجانب البيئي فقط، وإنما بالأشخاص الأقل حظاً وقدرة العمل التطوعي على تأمين احتياجاتهم من ملابس وطعام ومأوى للسكن.

من جهة أخرى، يحتاج بناء المجتمعات إلى قوى تضبط سلوك الأفراد وأساليب تفكيرهم لضمان سلامة البناء الاجتماعي واستقراره وحمايته من مظاهر الانحراف من خلال التمسك بالقيم المرغوبة والمقبولة، وتوصلت دراسة مصرية بعنوان: "تصور مقترح لدعم ثقافة التطوع للشباب الجامعي لتحقيق الأمن المجتمعي من منظور طريقة تنظيم المجتمع"، إلى أن التطوع أداة فعّالة للضبط الاجتماعي ويسهم في القضاء على الصراع والمنافسة بين أفراد المجتمع، والوقاية من الجريمة.

قد يكون التطوع بالمال أو الوقت للمشاركة في فكرة أو جهد أو خبرة مهنية، وقد يكون فردياً أو منظماً من قبل مؤسسات خيرية وتطوعية، لكن على تعدُد أشكاله واتجاهاته سيصب في مصلحة التنمية الاجتماعية أو البيئية أو الاقتصادية.

3. تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات

يسهم التطوع في بناء المجتمعات المحلية من خلال تنمية الموارد الجماعية لمواجهة الصدمات والضغوط، لا سيما في السياقات التي تكون فيها إمدادات الدولة محدودة.

وبحسب دراسة "الرابط الذي يجمعنا: التطوع وقدرة المجتمعات المحلية على الصمود"، يوسع التطوع نطاق الفرص المتوفرة في أثناء الاستعداد لمواجهة الأزمات والتصدي لها عبر توحيد الجهود الفردية تحت مظلة هدف مشترك، ويعزز القدرة على التنظيم الذاتي وإقامة الروابط مع الآخرين انطلاقاً من إدراك قيمة الثقة والتعاطف وشبكة العلاقات التي تجعل المتطوعين في طليعة المستجيبين للصدمات وحالات التوتر.

4. تحسين جودة الحياة

لا يعكس الناتج المحلي الإجمالي وحدة صورة كاملة عن بناء المجتمعات، لأنه لا يتضمن الأنشطة التطوعية ذات القيمة الاقتصادية التي تقع خارج نطاق القطاع الربحي ولا يتم تمثيلها في الحسابات القومية للدول، فالتركيز على جودة الحياة والرفاهية في نموذج التنمية المتطور يحتاج إلى التعاون والتعاطف التي تشكل قيم أساسية للعمل التطوعي.

وفي هذا الإطار، تركز المجتمعات اليوم على التطوع في خططها التنموية لما يحققه من قيمة اقتصادية مضافة، إذ قُدّرت أحدث قيمة لساعة التطوع في أميركا بنحو 29.95 دولاراً في عام 2021، بزيادة 4.9% عن عام 2020، وتستهدف المملكة العربية السعودية رفع إسهام القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي، من 1% إلى 5% بحلول عام 2030، لما له من دور في خطة التنمية.

5. تطوير الكفاءات وتعزيز التضامن

بناء المجتمعات يقوم على رفاهية أفراده، والانخراط في التطوع يضفي شعوراً بالرضا عن تغيير حياة شخص ما، ويعزز الشعور باحترام الذات والتعامل مع الآخرين دون تمييز، فالمتطوعون بمثابة رأس المال الاجتماعي الذي يؤكد على التزاماتنا الاجتماعية كبشر، حيث يهتم الجميع برفاهية الآخرين.

كما يمكن للأفراد اكتساب العديد من المهارات من العمل التطوعي التي تساعدهم على بناء مجتمعاتهم، فالعالم يتحول إلى اعتماد المهارات بدلاً من الشهادات الجامعية كمعيار أساسي للتوظيف، والتطوع يمثل فرصة للشباب الجامعي لتعزيز مهاراتهم من خلال العمل في مجالات وتخصصات مختلفة والتواصل مع أصحاب الخبرة والكفاءة.

أهمية دور التطوع تجعله ركيزة أساسية في بناء المجتمعات، ويمكن تحقيق أقصى استفاد منه عبر استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة مثل، مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوعي بأهميته.

المحتوى محمي