تعد كل من المؤسسة الخيرية والجمعية الخيرية أدوات مفيدة للنهوض بالمجتمع وحل مشاكله، وقد تبدو متشابهة، إلا أن هناك فروق بينها من ناحية مصادر التمويل، والهدف من التأسيس، واستراتيجية العمل، ودرجات الاستقلالية والالتزام، ومعرفة هذه الفروق يساعد الأفراد في تحديد الجهة التي يمارسون من خلالها العمل الخيري.
ويتيح القطاع الخيري العديد من الخيارات أمام الأفراد لخدمة مجتمعاتهم، فإذا كانوا يرغبون بتحقيق أقصى استفادة من عطائهم بدون عبء ضريبي، فالجمعية الخيرية قد تكون الخيار الأنسب، أما في حال رغبتهم في استثمار أموالهم وممتلكاتهم في أغراض غير ربحية من خلال تقديم المنح، فالمؤسسة الخيرية قد تكون سبيلهم لتحقيق ذلك.
مفهوم المؤسسة الخيرية والجمعية الخيرية
قبل التحدث عن الفروق بين المؤسسات والجمعيات الخيرية، يجب تحديد مفهوم كل منها، فالمؤسسة الخيرية هي مؤسسة أُنشأت لتمويل أفراد ومؤسسات أخرى دون الحصول على ربح أو منفعة ما، ويختلف مفهومها القانوني حسب كل بلد أو منطقة، لكن دورها في تعزيز العطاء وتخفيف العبء الخدمي عن الحكومة، يعفيها من ضرائب الدخل والممتلكات. أما الجمعية الخيرية فهي الجهة التي تتلقى المنح وتجمع التبرعات لتنفيذ مشاريع تنموية لتحقيق متطلبات الأفراد والمجتمع دون أن تهدف إلى أي ربح.
وبمجرد ذكر كلمة "عطاء" فإن الجمعيات الخيرية هي الجهة التي تقفز غالباً إلى أذهان الأشخاص، وفي الوقت التي تقوم به الجمعية على القوة العددية، أي حشد الداعمين لأهدافها، تعتمد المؤسسة الخيرية على قوة رأس المال، ويمكن توضيح أوجه الاختلاف فيما يلي:
مصدر الأموال
المال هو محور اهتمام قادة المؤسسات والجمعيات الخيرية، ليُدار النقاش حول ما المبلغ الذي نحتاجه؟ كيف يمكن أن نحصل عليه؟ لماذا لا نحصل على المزيد منه؟. المؤسسات لديها مصدر مال ثابت في حين تتلقى الجمعيات جزءاً أكبر من دعمها المالي من الأفراد أو الوكالات الحكومية، وقد تشارك بأنشطة لجمع التبرعات لتتمكن من الاستمرار في عملها، وفي هذا الإطار، يُقدم للجمعيات الخيرية إعفاءات من الضرائب لأن قيامها على التبرع يجعل لها استراتيجيات ضريبية خاصة بها.
وتستثمر المؤسسات الخيرية أموالها في أغراض خيرية عن طريق تقديم المِنح للجمعيات الخيرية، ويوفر الهيكل الوقفي للمؤسسات مصدر تمويل ثابت ومستقر وموثوق، وهذا يساعد في زيادة فاعلية اتخاذ القرار حول المساعدة التي تسعى المؤسسة إلى تقديمها في الوقت المناسب.
وبغض النظر عن طبيعة مصدر التمويل؛ ينجذب قادة المؤسسة الخيرية والجمعية الخيرية إلى الحصول على المال بأية طريقة؛ ما يتسبب في انحراف بعضها عن المسار الذي أُنشئت من أجله، وبالتالي يجب دراسة استراتيجية التمويل من كثب وفهم نماذج التمويل العشر، للابتعاد عن الغموض المالي الذي قد يؤدي إلى إيقاف البرامج الخدمية والتنموية الواعدة أو تقييدها أو عدم إطلاقها أبداً.
هدف التأسيس
تسعى الجمعيات الخيرية إلى تقديم مشروعات خدمية غير هادفة للربح، فيما يمكن أن تتنوع أهداف المؤسسات ما بين ربحية وغير ربحية. ويتمثل العمل على غاية غير ربحية في مساعدة أفراد المجتمع، إذ بينت دراسة سعودية أن أكثر أنواع المساندة التي تقدمها الجمعيات الخيرية للسيدات الأرامل هي المساندة الوجدانية والمعرفية والاجتماعية، فيما توصلت دراسة سعودية أخرى، إلى أن أغلب البرامج التي تقدمها الجمعيات الخيرية تساهم في تنمية المجتمعات المحلية، لكن أبرز هذه البرامج هو المساعدات العينية والغذائية، وكسوة الشتاء، وبناء المساكن وتحسينها.
ويتمثل نجاح أي جهة خيرية في خدمة المستفيدين بكفاءة، ما يتطلب اعتماد ركائز ووضع تصور عام لنشاطاتها وفقاً لإمكاناتها الذاتية والموضوعية والهدف الذي تعمل عليه.
استراتيجية العمل
يكمن جوهر الاختلاف بين الجمعية الخيرية والمؤسسة الخيرية في الهيكل التنظيمي، إذ يتبع كل منها نُظم إدارية وأساليب مختلفة عن الأخرى، فالمؤسسة يمكن أن يطلقها فرد واحد أو عائلة واحدة مثل مؤسسة الراجحي الخيرية، ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب، بينما يتشارك مجموعة من الأشخاص في تأسيس الجمعية، ويتم اختيار أعضاء مجلس إدارتها عن طريق الانتخاب، بعكس مجلس أمناء المؤسسة الذين يتم اختيارهم عن طريق التعيين، ويسهُل إلغاء عضوية أحد الأفراد في الجمعية في حال عدم تسديده رسوم الاشتراك، لكن هذا الخيار يعد غير قانوني بالنسبة لمؤسسي وأعضاء المؤسسة.
في السياق نفسه، تتمتع المؤسسات بقدر كبير من الاستقلالية وتفرض نظام تشغيل خاص بها، على نقيض الجمعيات الخيرية التي تلتزم بأنشطة وبرامج معينة مرتبطة بالأهداف التي أنشئت من أجلها. وتخضع المؤسسات لبعض القيود المفروضة على التعامل مع المساهمين الأساسيين، وتوزيع الدخل السنوي على الأغراض الخيرية.
متطلبات الإنفاق
عادةً ما تحدد الجمعية الخيرية متطلبات الإنفاق الخاصة بها، في حين أن المؤسسة الخيرية لا تلتزم بمتطلبات إنفاق محددة، لكنها توزع جزء كبير من أموالها على أغراض المنح والباقي على الأنشطة الخيرية. وبالتالي التزام العاملين في المؤسسة يكون تجاه الدخل، على عكس الجمعية التي يتمحور التزام فريقها حول توظيف المِنح والتبرعات في تنفيذ أنشطتها وتحقيق الأهداف الخيرية المرجوة من المشاريع الاجتماعية.