AdmitHub
منذ بداياتها المتواضعة بمرآب تصليح سيارات في كاليفورنيا عام 1976، هدفت "آبل" (Apple Inc.) إلى "التميز بتفكيرها" ليس فقط بمنتجاتها، إنما بأمر لا يقل أهميةً عنها أيضاً: سلسلة التوريد الخاصة بها.
فمع تعاقُد المنافسين مع مصادر خارجية لتصنيع الرقائق والأجهزة وتطوير البرامج، أدركت "آبل" أنها ستكسب السيطرة اللازمة لإطلاق العنان لبعض الطفرات التكنولوجية (مثل تحسين عمر البطارية) فقط عندما تبقي العديد من الجوانب ضمن الشركة، وتشرف على العلاقات مع أي مورّد وتديرها بحرص. وفي الوقت نفسه، ولإدراكها أن طريقة شراء المنتج قد تكون بالنسبة لتجربة المستخدم بأهمية المنتج نفسه، تولت زمام جزء بيع التجزئة من السلسة أيضاً، وأنشأت شبكةً تضم أكثر من 500 متجر.
طبعاً، "آبل" ليست الوحيدة التي اتخذت هذا المنحى. لأكثر من قرن، أدركت الشركات من "كارنيغي ستيل" (Carnegie Steel) إلى "تيسلا" (Tesla) أن نموذج التكامل الرأسي -فرض سيطرة أكبر على ديناميكيات المصب أو المنبع التي تؤثر على أعمالها- يمكّنها من تخفيف المخاطر أو ضبط العوامل الخارجية النافعة التي تتيح لها النمو الأسرع، أو تقديم المنتج الأفضل، أو حماية نفسها من الاضطرابات.
تتجلى مزايا التكامل الرأسي في القطاع الخاص، وينطبق الكثير منها أيضاً على قطاع العمل الخيري. بدأت البوادر الأولى لتطبيق نموذج التكامل الرأسي تظهر بهدوء بين جيل جديد من مؤسسات الأثر الاجتماعي التي لا تعتمد أدوات العمل الخيري التقليدية فحسب، بل تستثمر أيضاً في الأعمال الربحية (المصب)، وتعمل على صياغة السياسة (المنبع)، وحتى الاستحواذ على المؤسسات غير الربحية التي تتوافق مع رسالتها.
في نموذج التكامل الرأسي، يمثل العمل الخيري النسيج الضام، الذي يضمن أن الحلول الناشئة قابلة للتشغيل المتبادل أو تسد فجوات سلسلة القيمة التي كانت تحد من التقدم وتحقيق والأثر. تربط بعض المؤسسات، مثل "سترادا إديوكيشِن نيتوورك" (Strada Education Network) التي أساعد في قيادتها، العديد من المؤسسات المتكاملة رأسياً ببنية تحتية للخدمات المشتركة، مقدمةً بذلك وفورات الحجم التي تقلل تكاليف النفقات العامة على الشركات غير الربحية التابعة لها (مثل الموارد البشرية والأمور القانونية والامتثال).
أكثر المجالات التي يعد نموذج التكامل الرأسي واعداً فيها هي المجالات المعقدة مثل تقاطع التعليم بعد المرحلة الثانوية مع التوظيف، حيث يرتكز حراك الأفراد الاقتصادي على سلوكات وقرارات سلسلة من الجهات الفاعلة المترابطة -وهي غالباً مختلفة- (أفراد وصانعي سياسات وأرباب أعمال ومقدمي التعليم والتدريب). فالممولون الذين كانوا في الأجيال السابقة يبذلون جهوداً مستقلة إلى حد كبير من خلال العطايا أو المنح الدراسية يعملون الآن على النتائج ليس فقط من خلال الاستثمار في مكونات المنبع والمصب، إنما بنائها أيضاً، وهي تعد بالغة الأهمية لنظام أكثر تكافؤاً من مرحلة التعليم إلى التوظيف.
لماذا نختار نموذج التكامل الرأسي؟
في معظم الحالات، تتكامل الشركات الربحية عمودياً مع:
- دعم الجهات الفاعلة في بيئة عمل تؤثر على جدواهم ونتائجهم.
- زيادة الكفاءات التشغيلية وخفض تكاليف المعاملات.
- ضبط العوامل الخارجية النافعة.
- ضمان الموثوقية في خضم الشك المتزايد بالسوق.
يقدم كريغ غارثوايت، الذي يدرس إدارة المستشفيات والخدمات الصحية في كلية "كيلوغ للإدارة" بجامعة نورث وسترن"، عملية اندماج شركتي "إتنا" (Aetna) و"سي في إس" (CVS) بقيمة 70 مليار دولار في عام 2019 باعتبارها نموذجاً رئيسياً على التكامل الرأسي، الذي أتاح للمؤسسة الأم ضبط العوامل الخارجية النافعة التي قد لا تكون واضحة أو مناسبة لأطراف أخرى.
قبل عملية الاندماج، كانت مهمة عيادات الأساسية "سي في إس" داخل المتاجر جذب الناس، بنية تعزيز مبيعات الوصفات الطبية، أو شراب السعال، أو أصناف أخرى في الصيدلية. كانت القوة المحركة هي جذب العملاء المحتملين، وليس الرعاية الصحية. بعد عملية الاندماج، كتب كريغ: "يمكن أن يعمل في "سي في إس" ممرضون ممارسون أو حتى أطباء رعاية أولية في المتاجر، بتكلفة منخفضة للغاية". "لن تحصد "سي في إس" إيرادات كثيرة من ذلك، لكنها قد توقف المرضى عن الذهاب إلى المستشفى، ما سيسعد شركة "أتنا". عمليات الاندماج مثل اندماج "إتنا" و"سي في إس" سيخلق الحوافز التي تجعل الشركة تدر أرباحاً إذا كان عملاؤها أصحاء أكثر".
التكامل الرأسي لتحقيق الأثر
قد يكون نموذج التكامل الرأسي مفيداً بالذات في مواجهة التحديات التي تميزها جهات فاعلة عديدة، بما في ذلك القطاعان العام والخاص، ولكل منهما حوافزه أو جداوله الزمنية (التي قد تكون غير متوافقة). قد يوفر أيضاً حلاً للقطاعات التي تتطلب استثمارات متزامنة في رأس المال الصبور بعدة نقاط ضمن سلسلة القيمة.
تعد مكافحة التغير المناخي أحد الأمثلة على ذلك، بوجود العديد من الحلول المحتملة التي تخففها قيود قد تستفيد من نهج التكامل الرأسي.
يعد وجود الليثيوم -أو عدمه- أحد هذه القيود. تحتاج السيارات الكهربائية إلى بطاريات ليثيوم، لكن الليثيوم عنصر نادر نسبياً ويوجد غالباً بتركيزات منخفضة. ما يجعل استخراج كميات كافية من الليثيوم لتلبية حاجة بطاريات السيارات الكهربائية صعباً ومكلفاً. لذلك، فإن زيادة اعتماد السيارات الكهربائية يتوقف على تحسين استخراج الليثيوم، ويمثل تحسين استخراج الليثيوم فرصةً لتكامل المنبع الرأسي.
أسس المؤسس المشارك لـ "مايكروسوفت" بيل غيتس ومجموعة مستثمرين من القطاع الخاص المهتمين بتأثيرات التغير المناخي "بريك ثرو إينيرجي" (Breakthrough Energy) في 2015، وهي مؤسسة "تدعم الابتكارات التي ستقود العالم إلى صافي انبعاثات صفرية"، حسب ما ذكرته على موقعها الإلكتروني. قادت "بريك ثرو إينيرجي" عام 2020 مسعىً لاستثمار 20 مليون دولار في تمويل من الفئة A بشركة "لايلاك سولوشنز" (Lilac Solutions) الناشئة بمدينة أوكلاند في كاليفورنيا، التي طورت طريقة جديدة لاستخراج الليثيوم من محلول ملحي مع إنتاجية أعلى ونقاوة محسّنة مقارنة بالأساليب المتبعة حالياً. إذا نجحت على نطاق واسع، فستحسن سلسلة توريد الليثيوم، ونتيجة لذلك، ستتيح إنتاج بطاريات سيارات كهربائية أكثر (وأقل تكلفة)، ونأمل أن تقودنا نحو اعتماد السيارة الكهربائية عبر خفض أسعارها.
تتألف مؤسسة "بريك ثرو إينيرجي" من شبكة صناديق استثمار من القطاعين العام والخاص، وبرامج خيرية وغير ربحية، ومساعٍ سياسية تسعى لإدخال التقنيات الجديدة إلى السوق. كما تجمع الحكومات والمؤسسات البحثية والشركات الخاصة والمستثمرين لدعم خمسة "تحديات كبرى" تستهدف أكبر خمسة مصادر للغازات الدفيئة العالمية: التصنيع والكهرباء والزراعة والنقل والمباني.
تعد مكونات المبادرة جديدة نسبياً (أصبحت مؤسسة "بريك ثرو إينيرجي فاونديشن" من نوع 501(c)(3) في عام 2021). لكن بمرور الوقت، سيمكن التركيز المشترك على التحديات الكبرى الخمسة "بريك ثرو إينيرجي" من إحداث تأثير على الشبكة: يمكن لبرنامج زمالة "بريك ثرو إينيرجي" الخيري أن يكون حاضنة لرواد الأعمال ومصدر الأبحاث الجديدة لإثراء القطاع بالحلول البيئية الناشئة، هذه الأبحاث تثري مساعي "بريك ثرو إينيرجي" في المناصرة، وستتوافق الابتكارات التي ستنشأ مع مصالح مستثمري تمويل "بريك ثرو فينتشرز" (Breakthrough Ventures).
وسيحفز الاهتمام الواضح من جانب الطلب من الشركات والمستثمرين إيجاد ابتكارات جديدة وكذلك سياسة أثر محتملة. فمثلاً تتطلب الطاقة المتجددة تكامل المصب اللازم لتحقيق أقصى استفادة من المكاسب الناشئة.
مع اعتماد المزيد من الأعمال والعائلات والشركات لتكنولوجيا الطاقة الشمسية، ارتفعت القدرة على إنتاج تقنيات الطاقة الشمسية بشدة، إذ نمت بأكثر من 40% في عام واحد فقط بين 2019 و2020. ويتوقع المحللون أن تتضاعف منشآت الطاقة الشمسية أربع أضعاف بحلول 2030. وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الطاقة المتجددة المتنامية (وتحفيز الآخرين على اعتمادها) يقتضي تطوير بطاريات أكثر موثوقية وفعالية من حيث التكلفة لتخزن الطاقة لاستخدامها عندما تغيب الشمس (أو تسكن الرياح). وهنا يأتي دور "فورم إينيرجي" (Form Energy)، وهو استثمار آخر لمؤسسة "بريكثرو إينرجي". صنعت "فورم إينيرجي" بطارية هواء-حديد غير مكلفة يمكنها تفريغ الطاقة لأيام. تقول الشركة الناشئة التي يبلغ عمرها أربع سنوات إن الأجهزة ستكون قادرة على تخزين كميات كبيرة من الكهرباء بتكلفة زهيدة في شبكات الكهرباء.
من خلال فهم مواضع العمل الواعد -ومواضع الثغرات في سلسلة القيمة التي قد تؤدي إلى عرقلة الاستثمارات الحالية- يمكن لمؤسسات مثل "بريكثرو إينيرجي" تركيز الاهتمام المشترك لمستثمريها والمبتكرين فيها والباحثين لديها على إنشاء اللبنات الأساسية التي يمكنها معاً إحداث تحول في القطاع. وربما الأهم من ذلك، أنه يمكن تحقيق ذلك أسرع مما لو تحرك كل جزء وحده، الذي، نظراً لإلحاح قضية التغير المناخي، يعد عنصراً مهماً في مهمة "بريكثرو إينيرجي".
قصتنا
تساعد "سترادا إيديوكيشن نيتوورك" المتعلمين على إطلاق العنان لقوة التعليم بصفته محركاً للحراك الاجتماعي والاقتصادي. لتحقيق ذلك، ندعم الروابط الهادفة بين التعليم والتوظيف، بهدف تحقيق أثر على نطاق واسع.
قد يكون تحقيق الأثر "على نطاق واسع" الجزء الأصعب. تظهر لنا الأبحاث وجود العديد من النماذج الفعالة، سواء كان ذلك تدريباً وتوجيهاً أفضل لدعم المتعلمين، أو نماذج تعلم أفضل مبنية على العمل لربط التعليم بالأهداف المهنية والإعداد لها. لكن اعتماد ما نعرفه بالنموذج الناجح، وتوسيع نطاقه، والتأكد من أن التدخل يحافظ على أثره خلال كامل المسار هو إجراء مهم.
على مدى السنوات الست الماضية، عملت "سترادا" على توسيع استراتيجيتها لتتجاوز العمل الخيري التقليدي، إذ استثمرت 120 مليون دولار للاستحواذ ودعم "الشركات الفرعية" غير الربحية التي تتوافق مهامها معها. هذه الشركات الفرعية هي أجزاء من شبكتنا، على غرار طريقة امتلاك الكيانات الربحية للشركات الفرعية وتشغيلها. (نكثر استخدام مصطلح "الاستحواذ" لنغطي عملية الانتساب أو الاندماج أو الاستحواذ على الأصول بين "سترادا" والمؤسسات التي ندعمها بالخدمات المشتركة. في كثير من الحالات، ضمينا مؤسسات غير ربحية إلينا لا يمكن أن يُستحوَذ عليها تقنياً).
في 2017، استحوذنا على شركة ناشئة مدعومة برأس المال الجريء تسمى "إنسايد تراك" (InsideTrack)، كانت رائدة في مجال تقديم التدريب والمشورة لطلاب الجامعات عند الطلب. تميزت "إنسايد تراك" بين الشركات الناشئة المتخصصة في هذا المجال بأنها أظهرت تاثيراً ملحوظاً من الناحية الإحصائية على مثابرة الطلاب عبر إجراء عدة تجارب منضبطة باستخدام عينات عشوائية (RCTs)، لتُدرج في مبادرة "وات وركس كليرينغ هاوس" ( What Works Clearinghouse) التابعة لوزارة التعليم. أسس شركة "إنسايد تراك" رائد الأعمال في مجال التعليم آلان تريب في عام 2001، التي بدأت شركة ربحية، وقد مكنتها هذه الهيكلية من جذب تمويل المشروع الذي غذى بدايات نموها (والاستثمار في بنية تحتية قوية لتمكين النمو). ومع أن توجهها كان دائماً نحو تحقيق مهمتها، أوجد الواقع التجاري لنموذج عملها ومستثمروها حوافز للتركيز على الفرص التجارية المربحة أكثر، التي لا تكون دائماً الأكثر تأثيراً. وهذا يعني منح قيمة العقد أولويةً على استهداف أحوج المستخدمين النهائيين للاستفادة من التدريب، ما أبعد الشركة عن كليات المجتمع مثلاً، ووجهها نحو المؤسسات الخاصة الأثرى.
حظيت "إنسايد تراك" بالامتداد والبنية التحتية اللازمَين للتوسع، وهاتان السمتان اللتان ميزتاها عن نطيراتها في هذا المجال التي تعتمد غالباً على المنح. أدركت "سترادا" أن التدريب وتقديم المشورة لمساعدة الأفراد على الانتقال من التعليم إلى التوظيف كان أمراً بالغ الأهمية في مهمتنا. لقد أدركنا أيضاً أن قوى السوق قد توجه "إنسايد تراك" لتؤدي دوراً يختلف عما نريد منها تأديته. فمثلاً استمرت الكليات في دفع "إنسايد تراك" للتوجه إلى التدريب على الالتحاق بها (لمساعدتهم في التغلب على مشكلة انخفاض معدلات التسجيل) بدلاً من تقديم تدريب متابعة.
لذا فإن استحواذ "سترادا إديوكيشِن نيتوورك" على "إنسايد تراك" (ثم تحولها إلى مؤسسة غير ربحية) منحها المسار المالي لدراسة أسئلة مهمة حول الجرعة والتفاعل (المتعلق بها) بين الكفاءة والتوسع، إضافة إلى السعي أكثر لتحقيق المنفعة العامة، بدعم فئات المدارس -والطلاب- الأحوج للانتفاع بخدماتها. ومكنت "سترادا" أيضاً من ضبط العوامل الخارجية الإيجابية التي كانت تنشئها "إنسايد تراك" من خلال أبحاثها ورؤاها وتطويرها لأفضل الممارسات.
36 مليون أميركي طلاب جامعيون غير حاصلين على شهادة جامعية. تتطلب مهمة "سترادا" لدعم الحراك الاقتصادي لهؤلاء الأفراد فهم أشكال الدعم اللازمة لجذب المزيد من الأشخاص ليس فقط للبدء، ولكن لإكمال أي مسار يختارونه بعد المرحلة الثانوية. إجمالاً، تقدم البيانات المقدَّمة من تدريب "إنسايد تراك"على المتابعة، رؤىً قيمةً تساعد في توجيه عمل "سترادا إديوكيشِن نيتوورك"، والمستفيدين من المنح، والقطاع بأسره.
مثلما تحسن "آبل" أداء البطارية عبر التحكم في عدة متغيرات (مثل النظام الكيميائي للبطارية والبرامج)، فإننا في الأدوار الأولى لاستكشاف كيف تتضافر مجموعة أشكال الدعم لتزويد المتعلمين بالإرشادات التي يحتاجون إليها. على سبيل المثال، تساعد شركة "رود تريب نيشن" (Roadtrip Nation) التابعة لـ "سترادا" الأفراد في العثور على وظائف مُرضية من خلال رواية قصص محترفين آخرين، مع إبراز التباين في المهن والمسارات المختلفة التي اتخذها الأشخاص للوصول إليها. تُستخدم موارد "رودتريب نوشِن" في المدارس من الحضانة إلى المرحلة الثانوية لمساعدة الطلاب على التخطيط لمستقبلهم، بالإضافة إلى مجموعات مثل "شيكاغو كوك ورك فورس بارتنرشيب" (الكيان الممول من القطاع العام والمسؤول عن مساعدة الموظفين بمنطقة شيكاغو في إيجاد وظائف).
قد يمتد نهج الدعم متعدد المستويات هذا إلى أبعد من ذلك: يبدأ المتعلمون بالقصص التي ترويها "رودتريب نايشن" والاستكشاف المهني الذي تقدمه على شكل مقاطع فيديو. يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (من خلال استثمارنا في "مين ستاي" (Mainstay)، المعروفة سابقاً باسم "أدميت هاب" (AdmitHub)) تقديم إجابات للأسئلة الشائعة حول الاستكشاف المهني أو العروض الأكاديمية، ويستطيع أخيراً المدربون في "إنسايد تراك" المشاركة في معالجة المشكلات التي تحتاج إلى دعم إنساني شخصي.
من خلال الاستحواذ على المؤسسات التي تملك بنية تحتية أو أي قدرة أخرى للتوسع في توفير الخدمات، والاستثمار في التكنولوجيا الناشئة وتمويل ما ينجح منها، نستطيع توسيع أثرنا عبر ضمان تلقي المتعلمين للدعم المخصص الذي يحتاجون إليه، من بين أمور أخرى.
المخاطر والفرص
لا يخلو نموذج التكامل الرأسي من المخاطر المحتملة. فقد يؤدي امتلاك (أو الاستثمار بعمق في) نهج معين إلى المنظور الضيق. في مطلع القرن، كانت فكرة إنشاء اختبار نسبي لتحقيق تكافؤ الفرص في الالتحاق بالجامعات نهجاً مبتكراً. يتساءل اليوم النقاد عما إذا كانت التقييمات المصممة لفرز وترشيح المتقدمين إلى الجامعة قد تضر أكثر مما تنفع. يجب على مؤسسات مثل "كوليج بورد" (College Board)، وهي مرسسة غير ربحية تقدم الاختبارات وتوجهها رسالتها، أن توفق بدورها بين استدامتها التجارية وتطلعاتها للآثار التي ستحققها.
ندرك ضمن مؤسستنا أن امتلاك مطوري عمليات التدخل وتشغيلهم يمثل تحدياً مشابهاً لمعضلة المبتكر: عبر التركيز على نهج يعرفون أنه مجدٍ ومواصلة صقله والاستثمار فيه، قد يفوّت المموّلون فرصة دعم نهج مزعزع جديد يمكن أن يقود لأثر أكبر.
لكن التركيز الإجباري لنهج التكامل الرأسي يقدم أيضاً فرصاً. من خلال الفهم المتعمق للاعتمادات المترابطة التي تحفز أو تعيق نهجاً ما، يكون المموّلون في وضع يؤهلهم لإجراء استثمارات مدروسة تستكشف حلولاً مختلفة للمشكلة ذاتها. على سبيل المثال، مع أن "سترادا" تمتلك "إنسايد تراك" التي تقدم تدريباً ناجحاً، فقد استثمرنا أيضاً في شركة ناشئة تسمى "ري أَب" (ReUp)، التي تقدم خدمات مماثلة لإعادة ضم أولئك الذين تركوا التعليم العالي. وبالمثل، استثمرت "سترادا" في "ماين ستاي"، الرائدة في التدريب القائم على الذكاء الاصطناعي، التي في بعض النواحي يحتمَل أن تزعزع نموذج "إنسايد تراك" بدلاً من تعزيزه.
على المؤسسات الراغبة بالاستفادة من قيمة نموذج التكامل الرأسي (خاصةً إذا امتد إلى القطاع الربحي) التفكير أيضاً في إمكانية تحقيق المنفعة الخاصة أو تضارب المصالح. قد ينشأ ذلك إما من الترويج التجاري لشيء (والاستثمار فيه) طُوِّر بتمويل المنح أو نتيجة لاستثمار مؤسسة غير ربحية بشروط أقل ملاءمة من المستثمر التجاري (مثل تحمل المزيد من مخاطر الانحدار). غالباً ما يمكن تجنب المنافع الخاصة وتضارب المصالح، ويجب مراعاتها أثناء أي مسعى تكامل رأسي.
ما الخطوة المقبلة إذاً
أدت إلحاحية تحديات اليوم وتعقيدها إلى ظهور فئة ناشئة من مؤسسات الأثر الاجتماعي. في ورقة بحثية حديثة كلفت "سترادا" المؤلفان إيريكا بيرنز ومايكل هورن في العمل عليها، يشرحان لماذا لا تكتفِ المؤسسات باعتماد الأدوات التقليدية للعمل الخيري فقط (مثل المنح)، وتدعم تمويل المشاريع، وتستثمر في الشركات الربحية، وتستحوذ -بشكل متزايد- على المؤسسات التي تتوافق مهمتها معها. كما أشار نائب وزير التعليم الأميركي السابق جيم شيلتون: "لا يمكننا تجاهل أي أداة إذا كان بإمكانها تغيير الموازين وإنتاج نظام يعزز تكافؤ الفرص. لهذا يعد استعداد الممولين الخيريين لاستخدام مواردهم بأي طريقة تحدث أثراً وتضاعفه مهماً".
إليك بعض الأمثلة:
- تعمل "إماجينابل فيوتشرز" (Imaginable Futures) التابعة لمجموعة "أوميديار غروب" (Omidyar Group)، وفق هيكلية هجينة فريدة من نوعها تجمع بين مؤسسة وشركة محدودة المسؤولية، توزع رأس المال الربحي وغير الربحي. تدير "أوميديار" أيضاً "فيرست لوك ميديا" (First Look Media)، التي تضم شركة "توبيك ستوديوز" (Topic Studios) الربحية والمنفذ غير الربحي "ذا إنتيرسيبت" (The Intercept).
- دعمت "إيميرسون كوليكتيف" (Emerson Collective) الاستحواذ الإداري لشركة تكنولوجيا التعليم "أمبليفاي" (Amplify)، لتحافظ على حصول المنطقة التعليمية على أصول المناهج الدراسية العالية الجودة بعد قرار المالك السابق نيوز كورب (NewsCorp) ترك العمل في المجال التعليمي نهائياً.
- تدعم مبادرة تشان زوكربيرغ (Chan Zuckerberg) "غراديانت ليرنينغ" (Gradient Learning)، المؤسسة الأم لبرنامج "مؤتمر التعليم" (Summit Learning Program)، إلى جانب تقديم المنح، وتطوير المنتجات، والوصول إلى أحدث الأبحاث في علم التعلم والتنمية البشرية.
بدأت ملامح هذا النهج الجديد لتحديد وتوسيع نطاق الأثر الأكبر الظهور للتو، لكن كل هذه المساعي تشير إلى فكرة مشتركة: يجب ألا يقتصر العمل الخيري على رعاية الأفكار الواعدة فحسب، بل أن يسعى للتأثير في مجمل العملية، ويخلق الظروف التي في ظلها تتجاوز مساعيه النجاح المحدود وتنمو بسرعة.
عبر الدمج الرأسي للكيانات التي تتوافق مهامها، تستطيع مؤسسات الأثر الاجتماعي توفير رأس المال والمعرفة اللازمين للحفاظ على الأثر وتوسيع نطاقه. وإنشاء بنية تحتية للخدمات المشتركة أكثر كفاءة. وتخفيض تكاليف المعاملات من خلال ربط المبتكرين بالمشترين أو المستثمرين. وضبط عوامل خارجية قيمة، تشمل الأبحاث والرؤى التي تحسن البرامج أو تقلل الوقت اللازم لطرح الابتكارات الجديدة. الأهم من ذلك، يمتلك نموذج التكامل الرأسي إمكانات أكبر للتوسع والاستدامة في مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات المختلفة في القطاع الاجتماعي وفي تغيير الحياة للأفضل.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.