5 عوامل اجتماعية تسهم في انتشار البطالة في المنطقة العربية

3 دقائق
مشكلة البطالة
shutterstock.com/Blue Planet Studio

تُعرقل مشكلة البطالة مسيرة التنمية في المنطقة العربية، ولا يمكن ربطها بالعوامل الاقتصادية فقط، فهناك عوامل اجتماعية متمثلة بالزيادة السكانية ومكانة المرأة في سوق العمل، ونقص التدريب على المهارات المطلوبة، قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة، وستساعد معرفة هذه العوامل ومعالجتها على تعزيز جهود التنمية في المنطقة.

أرقام مقلقة

تعكس الأرقام المتعلقة بالبطالة واقعاً قاتماً ومقلقاً، إذ بلغت معدلات البطالة بين سكان المنطقة العربية 12%، وهي الأعلى عالمياً. وبحسب مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية 2021-2022 الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، إسكوا، قد تتراجع هذه النسبة بشكل طفيف لتصل إلى 11.7% في عام 2023، بسبب جهود الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد-19.

وتتسبب البطالة بخسائر اقتصادية للدول العربية تتراوح بين 10 إلى 50 مليار دولار سنوياً، وتؤدي إلى تدني مستويات المعيشية وارتفاع معدلات الفقر.

باستثناء دول الخليج وليبيا، ارتفعت مستويات الفقر في المنطقة العربية خلال عام 2022 مقارنة بالسنوات السابقة، وبات ثلث السكان يعيش تحت خط الفقر. لكن هل ثمة عوامل مرتبطة بالمجتمعات نفسها تؤدي إلى توسيع دائرة البطالة؟

العوامل الاجتماعية للبطالة

يمكن لبعض العوامل الاجتماعية أن تؤثر سلباً في توفير فرص العمل وبالتالي الإسهام في انتشار البطالة. وهي:

1. نقص المهارات والتدريب

مع التطورات التكنولوجية والتغيرات الاقتصادية، يصعب على الشباب العثور على وظيفة مناسبة تتناسب مع مهاراتهم. إذ أكد تقرير "الوصول إلى القبول: معالجة تحدي توظيف الشباب واكتساب المهارات" (Reaching YES! Addressing The Youth Employment and Skilling Challenge)، أن إمكانات الشباب لا تتوافق مع المؤهلات التي يحتاجها أصحاب المؤسسة بسبب نقص التدريب والتأهيل والمعرفة بالأدوات التكنولوجية الحديثة، ومن جهة أخرى، ركزت أكثر من 70% من برامج التدريب في منطقة الشرق الأوسط على تقديم المهارات الصعبة فقط.

لذا يحتاج الشباب إلى صقل مهاراتهم لتلائم احتياجات سوق العمل. خصوصاً عند انتقالهم من الأرياف إلى المدن؛ إذ ينقصهم الدعم ومهارات العمل والحياة التي تعينهم على التكيف مع الأسلوب المعيشي في المدينة في آن معاً.

كما أن الصورة النمطية المترسخة في أذهان العديد من سكان الأرياف بأن المستقبل مرتبط بالمدن فقط؛ تقلل فرص العمل المتاحة وتزيد التنافس على الوظائف والمساكن والمرافق وغيرها من متطلبات الحياة، وتُفاقم مشكلة الزيادة السكانية.

2. الزيادة السكانية

يشكل النمو السكاني ضغوطاً على سوق العمل ما يؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة، فمن المتوقع ارتفاع إجمالي عدد سكان المنطقة العربية من 338 مليون نسمة في عام 2000 إلى 724 مليون نسمة بحلول عام 2050، وترى منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، أن النمو سيكون غير متكافئ، إذ تميل البلدان الهشة أو الفقيرة أو التي تشهد صراعات إلى النمو السكاني بشكل أسرع.

وتعد مصر الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، حيث تجاوز عدد سكانها 104 مليون نسمة في عام 2022، فيما وصل معدل البطالة في نهاية العام نفسه إلى 7.2%، ويمكن أن تُعزى الزيادة السكانية إلى العادات والتقاليد السائدة في المجتمع المصري، وخاصة في الأرياف، ومنها ربط ثقافة الإنجاب بالعزوة والسند، والاعتقاد بضرورة إنجاب الذكور للحفاظ على استمرار تداول اسم العائلة، وربط الإنجاب أيضاً بالمكانة الاجتماعية للمرأة.

3. ضعف تمثيل المرأة في سوق العمل

على الرغم من تحسن مكانة المرأة العربية في سوق العمل خلال السنوات الماضية؛ فإن مجالات عملها تبقى محددة، ولا تزال بحاجة إلى تمكين أكبر، إذ بلغ معدل مشاركة المرأة العربية في سوق العمل 18.4%، مقارنةً بمتوسط عالمي يصل إلى 48%.

وتزداد مشاركة النساء في قطاع العمل غير الرسمي أكثر من العمل الرسمي لتصل إلى 58%، ويعود ذلك إلى عدم وجود بدائل ونقص المهارات وتراجع مستويات التعليم، فضلاً عن المرونة التي يوفرها العمل من المنزل للمرأة ليناسب أعباء رعاية الأطفال الملقاة على عاتقها.

ولا يزال ثمة تمييز على أساس النوع في نوعية الوظائف والدخل والأحقية والترقيات وفرص التدريب. فلم تشهد الفجوات بين الجنسين في ميدان العمل أي تحسن ملحوظ منذ 20 عاماً. بحسب مؤشر الفجوة بين الجنسين السنوي لعام 2022، لدى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ثاني أكبر فجوة بين الجنسين، وسدّ هذه الفجوة سيستغرق نحو 115 عاماً.

قادت هذه العوامل إلى تسجيل بطالة بنسبة 42.5% بين الفتيات العربيات، أي ما يقرب من ضعف معدل الشباب البالغ 21.4%، ونحو ثلاثة أضعاف المتوسط ​​العالمي البالغ 14.9%.

4. وصمة العار وثقافة العيب

على الرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها المنطقة العربية فإن المجتمعات لا تزال تعاني من "ثقافة العيب" والتي تعني النظر إلى بعض المهن نظرة متدنية باعتبارها لا تتناسب مع العادات والتقاليد السائدة، إذ يرسخ الأهل في أذهان أبنائهم أن مستقبلهم يجب أن يرتبط بتخصصات مثل الطب والهندسة لأنها في رأيهم تمثل قيماً اجتماعية أعلى من التخصصات المهنية والفنية، فيضطر الكثير من الشباب البقاء في صفوف البطالة وعدم الالتحاق بعمل لا يتناسب مع وضعهم الاجتماعي أو مؤهلهم التعليمي أو بسبب تعميم صورة ذهنية سيئة عن مهنة ما.

من جهة أخرى، يُنظر إلى الشباب العاطل عن العمل على أنه "وصمة عار" على المجتمع، ما يتسبب بإقصائه اجتماعياً واستمراره في دائرة البطالة مع قلة الدعم الاجتماعي والمؤسسي أو غيابه تماماً، والمناخ السلبي السائد في بيئة العمل.

5. الفساد الإداري

تمثل "الواسطة"، والتي تعني التوظيف بناءً على "المعارف" و"العلاقات" وليس "الكفاءة" أو "المؤهل التعليمي"، أحد أشكال الفساد الإداري التي قد تزيد من معدلات البطالة، وتحرم المستحقين من الفقراء أو الموهوبين والمهنيين من الحصول على فرصهم للعمل، والمشاركة في العملية التنموية.

وتؤدي إلى اختيار أشخاص غير منتجين، وبحسب استطلاع رأي لمعهد غالوب للأبحاث، نحو 18% من الشباب العربي يرون أن الواسطة عقبة رئيسية وراء عدم قدرتهم على الحصول على وظيفة.

المحتوى محمي