على الرغم من أن مشاركة المرأة في العمل التطوعي تساعد على تمكينها وتطوير قدراتها ومهاراتها وزيادة فرصها في المشاركة الاجتماعية، فإن هناك عوائق ذاتية واجتماعية وتنظيمية تمنع المرأة من التطوع بفاعلية.
تطوع غير رسمي وقطاعات محدودة
يصل العدد الشهري للمتطوعين حول العالم إلى 862.4 مليون متطوع ومتطوعة ممن تبلغ أعمارهم 15 عاماً فأكثر، فيما تتراوح معدلات التطوع الشهرية في الدول العربية وأوروبا وآسيا الوسطى وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بين 9 و10.6%.
وتتقارب معدلات مشاركة النساء والرجال في العمل التطوعي الرسمي، إلا أن النساء يمثلن 53.42% من المتطوعين غير الرسميين على مستوى العالم.
وللتوضيح؛ يشير التطوع الرسمي إلى تقديم مساعدة غير مأجورة من خلال المجموعات أو النوادي أو المؤسسات، في حين أن التطوع غير الرسمي يتعلق بالمساعدة غير مدفوعة الأجر التي يقدمها الأفراد للآخرين من غير الأقارب، مثل إزالة الثلوج من الشارع، أو شراء احتياجات كبار السن.
وهذه نقطة حاسمة في العمل التطوعي للمرأة لأن التطوع غير الرسمي يتلقى دعماً أقل بكثير من التطوع الرسمي، ويواجه المتطوعون غير الرسميين صعوبة أكبر في الوصول إلى الأطر القانونية التي تحفزهم على المشاركة وتضمن لهم الحماية خلال أداء واجباتهم.
ويتجلى الفرق بين المرأة والرجل في ميدان التطوع من خلال الأدوار والقطاعات المحدودة أكثر من معدلات المشاركة الإجمالية في العمل التطوعي، إذ عادةً ما يتم تعيين المرأة لأدوار الرعاية الصحية والاجتماعية خصوصاً في أوقات الأزمات، على سبيل المثال، شكلت النساء 49.2% من إجمالي المتطوعين عبر المنصة الوطنية للتطوع في البحرين خلال جائحة كوفيد-19، وتصدرت المتطوعات في الكويت مشهد مواجهة الجائحة وتقديم الدعم المطلوب لتصنيع الأقنعة الطبية. فما العوائق التي تمنع المرأة من المشاركة في الأعمال التطوعية؟
التركيز على المسؤوليات الأسرية
النساء مقيدات إلى حد أكبر من الرجال بالأعمال المنزلية ومسؤولية رعاية الأطفال والأقارب من كبار السن، وهذا ناتج عن ثقافة الزواج المبكر في بعض المجتمعات وما يتبعه من التزامات أسرية، فلا يتسنّى للمرأة الوقت للمشاركة في الأعمال التطوعية أو التفاعل مع أنشطة المؤسسات الخيرية.
يقود ذلك إلى شعور لدى بعض النساء بعدم قدرتهن على الالتزام بالمسؤولية، وأنهن غير مُلزمات بأداء المهام التطوعية في وقت محدد، ما يؤدي إلى الخلط بين مفهومي المرونة والتسيب في التعامل مع الأنشطة التطوعية.
كما أن ضعف الوعي المجتمعي بمفهوم العمل التطوعي، يتسبب في عدم فهم المرأة لدور المؤسسات التطوعية في المجتمع المحلي وأهمية التطوع في اكتسابها مهارات جديدة وتعزيز قدراتها وتحقيق ذاتها ومساهمتها في بناء المجتمع.
المنظومة الثقافية وقلة الدعم المجتمعي
تشكل المنظومة الثقافية والصورة النمطية تجاه المرأة أبرز معوقات مشاركتها في العمل التطوعي، وبحسب دراسة بعنوان: المرأة والعمل التطوعي في الأردن: واقع وتحديات، لا تزال بعض العادات والتقاليد التي تتعارض مع خروج المرأة من المنزل منتشرة في بعض المجتمعات العربية.
كما أن قلة التشجيع من المجتمع، وانخفاض الوعي الأسري لمفهوم التطوع بسبب عدم غرس قيم المشاركة المجتمعية وضعف الدور التوعوي لوسائل الإعلام، يعد من العوامل الاجتماعية التي تعوق المشاركة التطوعية للمرأة.
ضعف الجوانب الإدارية والتنظيمية
إن عدم وجود الحافز والدعم التنظيمي يُضعِف مشاركة المرأة في الأعمال التطوعية، فافتقار الجمعيات والمؤسسات لإدارة فعالة تشمل تدريب المتطوعات ومساعدتهن على فهم أهداف المؤسسة وأنشطتها وتحديد الأدوار المناسبة لهن، وغياب التقدير والتحفيز وفرض الكثير من المهام على المتطوعات، يؤدي إلى تراجعهن عن الانخراط في الأعمال التطوعية.
كما أن عدم فاعلية العنصر النسائي في المؤسسات غير الربحية بسبب ضعف تمثيلهن في مجالس الإدارة مقارنةً بالرجال، وعدم كفاية حصول النساء على فرص التدريب والتقنية الضرورية للمشاركة في البرامج التنموية، يقلل من دوافع المرأة للتطوع.
وكشفت دراسة حول معوقات تطوع المرأة في السعودية، بأن عدم معرفة أماكن التطوع تقود لعدم مشاركة السيدات في الأنشطة التطوعية، وقد يؤدي تركّز الجمعيات الخيرية في المدن الرئيسية وعدم إنشاء فروع لها في المدن أو القرى الصغيرة إلى ضعف الدور التطوعي للمرأة، خصوصاً مع عدم كفاية الدعم التمويلي سواء الحكومي أو من القطاع الخاص للجمعيات والمؤسسات الخيرية. فكيف يمكن التغلب على هذه المعوقات؟
حلول للتغلب على معوقات تطوع المرأة
يمكن تعزيز مشاركة المرأة في الأعمال التطوعية، من خلال الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي والتشجيع على التطوع الرقمي، وكذلك عبر إنشاء مراكز للتطوع وتأسيس قاعدة بيانات إلكترونية تضم معلومات عن الفرص التطوعية المتاحة، وإنشاء شبكة متكاملة تتولى التخطيط والدعم للعمل التطوعي النسائي.
ويجب على الجمعيات والمؤسسات الخيرية استطلاع آراء المتطوعات والاستفادة من تقييمهن في تحسين التجربة التطوعية للمرأة، وكذلك توسيع الشراكات مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لتدريب الطالبات على الأعمال التطوعية.
وحفاظاً على حقوق المتطوعات وواجباتهن؛ يمكن إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الأعمال التطوعية والإشراف على المبادرات، والتوعية بأهمية العمل التطوعي والعمل على تطوير القوانين والتشريعات المرتبطة به.
كما أن توسيع نطاق المجالات والأدوار التطوعية للمرأة، سيحفزها على المشاركة ويمنحها هامش حرية اختيار المهام والأنشطة التي تتوافق مع اهتماماتها وتوجهاتها بما يفيد المجتمع، على سبيل المثال، يستكشف باحثون من جامعة فيكتوريا كيف يمكن للأندية الرياضية المجتمعية تجنيد المتطوعين وخاصة الأناث منهم، وتدريبهم والحفاظ عليهم بشكل أفضل لتعزيز مشاركة الفتيات في ميدان الرياضة.