لماذا نحتاج لتوفير المعلومة البيئية في البلدان منخفضة الدخل؟

3 دقائق
مستويات التلوث
shutterstock.com/Matt Gush

ماذا يحدث في البلدان التي لا تراقب حكوماتها مستويات التلوث عندما يعلم الناس أن جودة الهواء خطِرة على صحتهم؟ كشف بحث جديد كيف بدأت السفارة الأميركية في بكين بمراقبة مستويات التلوث في هواء العاصمة الصينية ونشر تغريدات عن جودة الهواء فيها في عام 2008. وبعد أن امتد برنامج قياس جودة الهواء لاحقاً إلى سفارات الولايات المتحدة في عواصم أخرى حول العالم، توصل باحثان إلى أن الممارسة تلك أدت إلى انخفاض ملموس في نسبة تلوث الهواء في تلك المدن، وكان القليل منها يراقب نسبة تلوث الهواء من قبل.

مقارنة مستويات التلوث

واستخدم الباحثان؛ الأستاذ المساعد في الاقتصاد والسياسة العامة بجامعة كارنيجي ميلون (Carnegie Mellon University) أشايا جها، والمحاضِرة في كلية الاقتصاد بجامعة كوينزلاند (University of Queensland) أندريا لانوز بيانات الأقمار الصناعية لمقارنة مستويات التلوث التي يتم قياسها سنوياً. ووجد الباحثان أن مستوى تلوث الهواء قد انخفض بعد أن بدأت السفارات الأميركية في تلك المدن بنشر تغريدات عن نسب التلوث التي تظهرها معدات مراقبة ركّبها موظفون دبلوماسيون.

إذ أسفر برنامج السفارات عن انخفاض في مستويات تركيز الجسيمات الدقيقة من 2 إلى 4 ميكروغرامات لكل متر مربع، ما أدى إلى انخفاض معدل الوفيات المبكرة الذي وفر 127 مليون دولار على المدن وسطياً في عام 2019. وكتب جها ولانوز في تقريرهما: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى الفوائد الكبيرة لتحسن توافر معلومات جودة الهواء ونشرها في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطته".

وذكرت لانوز أن التغطية الإخبارية لمراقبة الحكومة الأميركية للتلوث في بكين أثارت اهتمام الباحثين. وفي ذلك الوقت، نُقل عن دبلوماسيين أميركيين قولهم إن تغريدات السفارة أدت إلى تغيرات ملحوظة في مستويات التلوث في بكين. وعندما علم الباحثان أن وزارة الخارجية الأميركية قد وسعت البرنامج ليشمل سفاراتها في جميع أنحاء العالم، اعتقدا بوجود طريقة لتقييم النتائج التي توصل لها الدبلوماسيون بشكل عملي.

وتمثلت إحدى المشكلات التي واجهها الباحثان في طريقة تقدير تأثير قياس جودة الهواء التي لم يسبق قياسها من قبل. وتقول لانوز: "كان الابتكار المتمثل باستخدام بيانات الأقمار الصناعية يعني أنه بإمكاننا العودة واستخدام سجلات بيانات الأقمار الصناعية السابقة لقياس التلوث قبل أن يتم قياسه محلياً".

كما تابع جها ولانوز التغييرات التي طرأت على أجور موظفي وزارة الخارجية الأميركية الذين يتلقون تعويضات مشقة العمل في مدن معينة مع مرور الزمن، ووجدا أنها تتناسب مع بيانات التلوث. وكان ذلك مؤشراً آخر على أن نسبة التلوث التي كان من شأنها أن تؤدي إلى زيادة رواتب الدبلوماسيين عند مستويات معينة آخذة في الانخفاض. كما وجد الباحثان أن السكان المحليين قد ازداد اهتمامهم بالأمر، حيث ارتفعت نسبة عمليات البحث على جوجل عن مصطلحات ذات صلة مثل "جودة الهواء" بعد أن بدأت سفارة قريبة منهم بنشر تغريدات عن مستوى جودة الهواء.

ما قيمة تغريدات السفارة؟

كتب الباحثان: "إن التقارير اليومية عن قراءات تركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء من مراقبي السفارات قد تزود الحكومات المحلية والفيدرالية بالأدلة اللازمة لتنفيذ سياسات تعالج مشكلة التلوث في المدن المضيفة للسفارات". وتقول لانوز إن مجموعة من العوامل يمكن أن تسهم أيضاً في خفض مستويات التلوث، بما في ذلك الضغط غير المباشر من حكومة الولايات المتحدة الذي يحفز السلطات المحلية على إجراء تغييرات في سياسة مواجهة التلوث، أو ضغط السكان المحليين، أو تغيير الأفراد لسلوكهم. وقد يثق السكان المحليون في هذه البيانات الجديدة لأنهم يشعرون أن حكومة الولايات المتحدة ليس لديها سبب للتلاعب بالقراءات بحكم كونها طرفاً ثالثاً.

وتضيف لانوز أن البحث يتضمن طرقاً للتخفيف من تلوث الهواء. وكانت منظمة الصحة العالمية قد دعت إلى مزيد من المراقبة، لكن دون أن تقدم أي دليل على جدوى المراقبة. وتضيف لانوز: "يظهر بحثنا أن البيانات جزء أساسي من مجموعة الأدوات اللازمة للتخفيف من تلوث الهواء، وتستحق برامج المراقبة التمويل بجدارة في معركتنا مع التلوث".

ويقول الأستاذ المشارك في قسم علوم نظام الأرض بجامعة ستانفورد مارشال بيرك، إنه في حين يكشف جزء كبير من الأبحاث أن جودة الهواء مهمة لصحة الإنسان، فإن القليل من الدراسات تظهر كيفية حل مشكلات تلوث الهواء في مواقع معينة.

ويضيف: "يعد هذا البحث مثالاً رائعاً على هذه الدراسات، حيث يُظهر أن توفير المعلومات حول جودة الهواء في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل، حيث يصعب الحصول على هذه المعلومات عادة، يمكن أن يؤدي وحده إلى تحسين جودة الهواء، لأن رفع مستوى الوعي بجودة الهواء الرديئة دفع المسؤولين المحليين إلى القيام بإجراءات للتصدي للتلوث".

ويشير إلى أن برنامج السفارات قد ساعد حكومة الولايات المتحدة أيضاً.

حيث يقول بيرك: "يذهب الباحثان إلى أبعد من ذلك ويظهران أنه حتى بالنسبة لوزارة الخارجية الأميركية وحدها، كانت أجهزة المراقبين في السفارات فعالة من حيث التكلفة، فبواسطة تحسين جودة الهواء، انخفضت بدلات العمل الشاق التي تدفعها للدبلوماسيين وبذلك يكون المراقبون قد مولوا أنفسهم.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي