كيف تسهم “مجتمع جميل” في دعم المجتمعات الفقيرة والنامية؟

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يتحدث جورج ريتشاردز، مدير “مجتمع جميل”، في هذا الحوار، عن أهم القرارات التي اتُخذت لدعم القضايا الاجتماعية، والبيئة، وكيفية تبني الابتكار في كل المبادرات لدعم المجتمعات الأقل حظاً.

يحرم الفقر ملايين الناس حول العالم من أبسط حقوقهم في عيش حياة كريمة، وبالتالي يسلبهم القدرة على الانخراط في دعم قضايا مجتمعهم والنهوض به. يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه الكوكب معضلة أساسية تتمثل في الأوبئة التي تنتشر عالمياً، والتغيرات المناخية التي تقضي على الأخضر واليابس.

سعت “الأمم المتحدة” للقضاء على الفقر، وأطلقت في عام 2015 خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لمواصلة التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

أثّر تفشي جائحة “كوفيد-19” وما تبعها من إغلاقات وإجراءات وقائية في عدد من الدول على الجهود المُتبعة لمواجهة الفقر، خصوصاً في المنطقة العربية، إذ رجح “البنك الدولي” في تقريره “إحياء التكامل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عصر ما بعد جائحة كورونا”، الصادر في عام 2020، ارتفاع عدد الفقراء في المنطقة من 178 مليون نسمة إلى 200 مليون نسمة، من أصل نحو 450 مليوناً يسكنون المنطقة.

ونظراً لأن تقلبات الطبيعة أصبحت القاعدة، لم يعد بإمكان صنّاع القرار من المزارعين الاعتماد على المعرفة المتوارثة عبر الأجيال، وبذلك، يُعتبر تغير المناخ أيضاً “مشكلة تتسم بالغموض” تعاني منها المجتمعات التي تواجهها أولاً كمأزق؛ لأن ما تعرفه عاد غير مجدٍ، كما تتطلب السرعة والنطاق الواسع اللذان تحدث بهما هذه التحولات استجابات ديناميكية على المستوى الفردي، أو ما يسمى أحياناً “التكيف المستقل” ففي النهاية، لا تزال الخبرة المتعلقة بالمناخ متمركزةً إلى حد كبير في أيدي الخبراء.

“مستقبل أفضل” بهذه الكلمات تسعى “مجتمع جميل” إلى بث الأمل في نفوس المجتمعات الفقيرة والنامية، عن طريق العديد من المبادرات الهادفة إلى القضاء على الفقر، ودعم التعليم للفئات الأكثر احتياجاً، مع مكافحة الأوبئة وربما كانت  جائحة “كوفيد-19” خير دليل على دورهم الفعّال، فضلاً عن مساندة قضية التغيرات المناخية والعمل على حماية الكوكب من حولنا.

كيف توجه مجموعة “عبد اللطيف جميل” قراراتها لمعالجة القضايا الاجتماعية؟

تتمثل رسالة “مجتمع جميل” في العمل على النهوض بالعلوم لمساعدة المجتمعات على الازدهار في عالم متقلب سريع التغير، وهي تسترشد في ذلك بالتزامها نحو تبني مخرجات البحث العلمي والبيانات في مواجهة التحديات العالمية، ما يساعد على توجيه عملية صنع القرار بخصوص دعم مجتمع العلماء والجهات الإنسانية والتقنيين والمبدعين.

من خلال شبكة قوامها أكثر من 200 أستاذ جامعي حول العالم، كيف يساند معمل “عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (J-PAL)، المجتمعات الأقل حظاً؟

يعتمد معمل “عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (J-PAL) على نهج تجريبي حائز على جائزة “نوبل” تقديراً لإسهامه في التخفيف من حدة الفقر في الكوكب. وحتى اليوم، وصلنا إلى أكثر من 540 مليون شخص في 91 دولة من خلال برامج وسياسات استرشدت بالتقييمات التي أجراها باحثون تابعون لمعمل “عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (J-PAL).

كيف يمكن دمج الأساليب النوعية في التقييمات العشوائية؟

الأساليب النوعية مفيدة للعديد من خطط التقييم العشوائية، سواء كان ذلك من خلال إجراء مقابلات شبه منتظمة مع مصادر معلومات رئيسية أو مع مجموعات تركيز تضم مشاركين، فهذه الأساليب تساعدنا على الإحاطة بكيفية فهم طبيعة التدخلات، والتأثير الذي يمكن أن تحدثه، والاحتياجات الحقيقية داخل المجتمع. وتساعدنا التقييمات العشوائية على اختبار هذه النتائج بدقة والتحقق من الأثر الذي نراه.

كيف يعمل معمل “عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء” (J-WAFS) في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” (إم آي تي) على تعزيز الجهود المبذولة في التصدي لتغير المناخ؟

يساند معمل “عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء” (J-WAFS)، الجهود البحثية الرامية إلى إيجاد تقنيات جديدة تساعد على تأمين الموارد الحيوية للبشر؛ ألا وهما الماء والغذاء. ويقدم معمل “عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء” (J-WAFS) منحاً أولية للبحوث في المراحل المبكرة، وفي إطار برنامج الحلول المبتكرة يمنح المعمل ما يصل إلى 150 ألف دولار لتسويق التقنيات التي يمكن أن يكون لها تأثير ملموس في العالم، والانتقال بها من مرحلة المعمل إلى التطبيق. وأطلق معمل “عبد اللطيف جميل” مؤخراً تحالف تحويل أنظمة الغذاء والمناخ، وهو شبكة تربط بين الباحثين والجهات الفاعلة في القطاع الخاص والحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات الزراعية، وصولاً إلى تعزيز المرونة في مواجهة تغير المناخ من خلال تنسيق العمل المشترك بشأن التحديات الرئيسية.

ما أهم التحديات التي يواجهها الكوكب بسبب هذه التغيرات؟ وكيف يمكن تعزيز ثقافة المجتمع في هذا الصدد؟

يعد تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي تحدياً عالمياً كبيراً، ونتطلع إلى معالجته من خلال معمل “عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء” (J-WAFS) ومرصدجميل“. ونرى أيضاً كيف تبذل مبادرة “كينغ للعمل المناخي” (King Climate Action) التابعة لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (JPAL) جهوداً في التعامل مع تهديدات تغير المناخ وتأثيره في المجتمعات الأكثر فقراً في جميع أنحاء العالم. ومن بين مجالات التركيز الأخرى التي نبحثها العلاقة بين تغير المناخ والصحة؛ ونحن نعمل حالياً مع باحثين في كل من معمل عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء(J-WAFS) ومعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (JPAL) ومعهد “جميل” وعدد من الجامعات في المملكة العربية السعودية ومنصة “أيون كوليكتيف” (AEON Collective) لفهم آثار ارتفاع درجات الحرارة وتبعات تفشي الأمراض المعدية الناشئة عن ذلك، وتدهور جودة الهواء وغيرها من التداعيات على شعوب دول الخليج.

كيف تسهم “مجتمع جميل” في دعم أفكار المسؤولية الاجتماعية والحوكمة البيئية؟

لدينا في “مجتمع جميل” شغف التعلم من أقراننا والمشاركة بنشاط في فرص تبادل المعرفة مع المؤسسات والجمعيات الخيرية، والمنظمات والشركات العائلية في دول الخليج، والعالم العربي وبقية العالم. ولدينا أيضاً نموذجنا التشغيلي الخاص، الذي يركز على الأدلة والبيانات والعلوم في مواجهة التحديات العالمية، وهو نموذج نسعى إلى تعميمه مع الشركاء، ونتعاون مع المؤسسات التي تتبنى المسعى ذاته في المنطقة وحول العالم.

ما تأثير تغير المناخ على العالم العربي؟

نعمل في منطقة الخليج حالياً على فهم تأثير تغير المناخ على الصحة. وبالتعاون مع الباحثين في معمل “عبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء” (J-WAFS) ومعمل“عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (J-PAL) ومعهدجميل” وعدد من الجامعات في المملكة العربية السعودية ومنصة “أيون كوليكتيف، نسعى لفهم آثار ارتفاع درجات الحرارة والأمراض المعدية الناشئة عنها، وتدهور جودة الهواء، وسوف ننشر النتائج في الأشهر المقبلة.

ما أهمية توفير التمويل اللازم للطلاب دعماً لحركة الابتكار؟

نسعى إلى مساعدة الطلاب والباحثين والجامعات في تحويل الاختراعات المتطورة من مرحلة المختبر إلى التطبيق على أرض الواقع؛ عندها فقط يمكن أن يكون للابتكارات العظيمة تأثير في تحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم.

فيما يتعلق بدعم التعليم، أطلقت “مجتمع جميل” منحة مؤسسة أندريا بوتشيلي – مجتمع جميل الدراسية لإتاحة فرص التدريب على مستوى عالمي، كيف كانت أصداؤها، وما مدى تجاوب المستفيدين مع هذه المنحة؟

بالنسبة لمغنيات ومغنيي الأوبرا الصاعدين الذين يتوقون إلى الدراسة في الكلية “الملكية للموسيقى” بلندن، وهي واحدة من أعرق المؤسسات الموسيقية في العالم، ساعدت منحة “بوتشيلي-جميل” المستفيدين في التغلب على العقبات المالية وتحقيق تطلعاتهم الدراسية. وكان المايسترو أندريا بوتشيلي نفسه مصدر إلهام للطلاب، إذ قدمت أول مستفيدة من المنحة، كلارا باربييه سيرانو، حفلاً غنائياً معه في إيطاليا ومؤخراً في المملكة العربية السعودية، في العُلا ثم في حي جميل بمدينة جدة. ويسعدنا أن نعلن عن المستفيدة الثانية و أول مستفيدة عربية، وهي لورا ميخائيل من مصر.

ماذا عن منحة “جميل– تويوتا” وكيف انتشرت في أكثر من 25 دولة حول العالم؟

أطلقت منحة “جميل- تويوتا” في عام 1994 وجاءت تسميتها بهذا الاسم تخليداً للعلاقة الطويلة بين عائلة جميل وشركة “تويوتا” اليابانية. وقد قدمت المنحة الدعم لأكثر من 200 طالب لتمكينهم من الدراسة في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” (إم آي تي)، وهي موجهة بشكل خاص لدعم الطلاب من آسيا وإفريقيا.

على الرغم من المتغيرات الهائلة التي سوف يشهدها سوق العمل مستقبلاً، ما دور معمل “عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم” (J-WEL) في تأهيل الشباب وتمكينهم بفرص وظيفية؟

يتعاون معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم” (J-WEL) مع أعضائه بهدف إحداث نهضة عالمية في قطاع التعليم، من خلال تغيير أساليب التعليم والتعلُّم على كل المستويات والفئات العمرية وضمان استعداد الخريجين الجدد للتغيرات السريعة في مكان العمل خلال القرن الحادي والعشرين.

ويتعاون المعمل مع المعلمين والتكنولوجيين وصناع السياسات والقادة المحليين وأصحاب العمل والموظفين من خلال الإنترنت وشخصياً وعبر ورش العمل والأبحاث وفعاليات مشاركة المعلومات. وتعمل المنظمات الأعضاء في معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم” مع أعضاء هيئة التدريس والموظفين في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” بحثاً عن الفرص العالمية لإحداث تغيير ملموس في التعليم.

كيف يؤثر تبني الابتكار في الجوانب التعليمية؟ وكيف نحقق الاستمرارية في هذا الصدد؟

نسعى لمساعدة الطلاب والباحثين والجامعات على الانتقال بالاختراعات المتطورة من مرحلة المختبر إلى التطبيق في أرض الواقع؛ وعندئذ يمكن أن يكون للابتكارات العظيمة تأثير ملموس في تحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم.

كيف أسهم معهد “جميل” في إمبريال كوليج لندن في التصدي للجائحة؟

تتمثل رسالة معهد “جميل” في العمل على مكافحة تهديدات الأمراض في جميع أنحاء العالم، وبالتالي فهو يجمع خبراء في تحليل البيانات وعلم الأوبئة لتحسين مستوى فهمنا للأمراض وحالات الطوارئ الصحية لدى الفئات السكانية الأكثر عرضة للأمراض حول العالم. وخلال جائحة “كوفيد-19″، كان معهد “جميل” في طليعة الاستجابة العالمية ضمن فريق “إمبريال كوليدج” (Imperial College)، الذي ساعدت تقاريره على توجيه مسار سياسات الصحة العامة في مختلف البلدان حول العالم.

مع إطلاق العديد من المبادرات، يمكننا القول إن “مجتمع جميل” تضع صحة الإنسان والكوكب على رأس أولوياتها. كيف ترى تأثير هذه المبادرات مستقبلاً؟

نحن نعيش في عالم سريع التغير، و”مجتمع جميل” بحاجة إلى البقاء في حالة تيقظ على الدوام ليتسنى لها الاستجابة للتحديات العالمية في أثناء ظهورها وتطورها. ولهذا تضع “مجتمع جميل” مسألة التكيف مع تغير المناخ والاستجابة لجائحة “كوفيد-19” على رأس أولوياتها، وهي في صميم الخطاب العالمي -لكننا ندعم أيضاً الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الأخرى التي تتطلب اهتماماً عاجلاً أيضاً، وعلى رأسها التخفيف من حدة الفقر، وتحويل التعليم من أجل مستقبل العمل، ومعالجة الأمراض المزمنة وغيرها من القضايا الأخرى الملحة.

ما الذي تقوم به “مجتمع جميل” لإيجاد حلول مبتكرة في الرعاية الصحية؟

تدعم “مجتمع جميل” الباحثين في عيادةجميل” ومعهدجميل“، ممن يعملون على تسخير التقنيات المبتكرة من قبيل تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تعزيز جهود مكافحتنا للسرطان والأمراض النفسية والسمنة وفيروس “كوفيد-19” وغيرها. وعلاوة على ذلك، تسمح لنا هذه التكنولوجيات بفهم تأثير الأمراض خارج إطار الآثار السريرية، سواء من حيث عدم المساواة العرقية والقيود الجغرافية والأثر الاقتصادي لاستجابة الصحة العامة للجائحة.

 

حدثنا عن أحدث مبادرات “مجتمع جميل”؟

مجتمع جميل” ومنصةأيون كوليكتيف” (AEON Collective) تشكلان تحالفاً من باحثي معاهد عالمية المستوى؛ مثل معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” (إم آي تي)، وضمنه معملعبد اللطيف جميل لأنظمة المياه والغذاء(J-WAFS)، وجامعة “الملك عبدالله للعلوم والتقنية”، وهم يعملون معاً على استكشاف الأدلة المعنية بفهم تأثير تغير المناخ في صحة سكان منطقة الخليج. وسوف نصدر تقريراً في الربع الثاني من عام 2022 يوضح العلاقة بين تغير المناخ والصحة في دول مجلس التعاون الخليجي.

ويشمل التقرير النمذجة التاريخية والتطلعية لتغير المناخ وتقلب المناخ في المنطقة، كما يستكشف آثار هذه الاتجاهات على جوانب مختلفة من الصحة، ومن ذلك حالات ضربة الشمس، ظروف الحج، الأمراض المنقولة، الأمراض المعدية، أمراض القلب والرئة، ندرة المياه واستهلاك الطاقة والأمن الغذائي وأثرها في التغذية. وسوف تدرج في التقرير مساهمات معهد “جميل” في “إمبريال كوليج” لندن، معملعبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر(J-PAL) في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” حول حلول السياسات المحتملة، والمرصد الوطني للمرأة في جامعة “الأميرة نورة بنت عبد الرحمن” في السعودية، وصولاً إلى عرض وجهة نظر جنسانية حول هذه القضية.