كيف تحقق أنشطة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية أهداف التنمية المستدامة؟

5 دقائق
مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم
shutterstock.com/MintBlac

يعد العمل التطوعي قطاعاً مرناً يتكون من المؤسسات غير الربحية التي تعمل على تقديم مبادرات وأنشطة وبرامج من شأنها أن تساعد في تخفيف العبء عن الفئات المهمشة والأكثر حاجة، لكنها، ولمضان نجاحها وتأثيرها، يجب أن تمتلك رؤية استراتيجية مبنية على معلومات صحيحة والحقائق المتعلقة بالعمل التطوعي في المنطقة.

وفي هذا الأمر، توصل الباحث السعودي حمد علي السيف في دراسته بعنوان "نحو بناء رؤية استراتيجية للعمل التطوعي في المملكة العربية السعودية"، إلى أن الجهود الإنسانية التي تقوم بها المؤسسات الخيرية ظهرت نتيجة لإحساسها باحتياجات الأفراد والمجتمعات، وللحفاظ على استمراريتها فإنه سلط الضوء على المؤسسات الخيرية في مدينة الرياض، حيث يستدعي الأمر استراتيجية ورؤية واضحة لتحديد الغاية والأهداف التي تسعى إليها المؤسسات الخيرية، فضلاً عن تحديد المزايا والمنافع التي تقدمها، إلى جانب صياغة رسالتها التي تحدد هويتها في المجتمعات.

رسالة إنسانية واحدة

ثمة تشابه كبير بين رسالة المؤسسات الخيرية العربية على وجه الخصوص، فكل مؤسسة غالباً ما تسعى إلى الارتقاء بالعمل الاجتماعي لتحقيق التماسك المجتمعي من خلال تطوير سياسات متكاملة وتقديم خدمات اجتماعية متميزة ومبتكرة، لكنها بالضرورة تحدد مجموعة من الأهداف والغايات التي لا بد من الوصول إليها، وهنا، يأتي دورها المجتمعي الفعّال، والنتائج الاستثنائية التي يلمسها المستهدفون من مبادراتها وأنشطتها.

كما تهتم أغلب المؤسسات الخيرية بأن تكون رافداً حقيقياً للعمل الخيري والاجتماعي بشكل عام وتسعى نحو التميز والريادة في العمل الخيري وتحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمعات داخلياً وخارجياً.

أهداف مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية

تمكنت مجموعة من المؤسسات العربية، منها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية على سبيل المثال لا الحصر، أن تواصل العمل الخيري، وفقاً لخطة مدروسة، وأهداف واضحة من اجل دعم الإنسانية، وتكثيف جهودها الخيرية إلى العمل المعتمد على التجارب والأدلة والاستفادة من البيانات لبناء سياسات واتخاذ قرارات مؤثرة لمعالجة القضايا الاجتماعية الملحّة التي تواجهها المنطقة.

القضاء على الفقر

يعيش أكثر من مليار شخص في فقر مدقع، ويعيش واحد من كل خمسة أشخاص في المناطق النامية على أقل من 1.25 دولار يومياً، وفي أثناء جائحة "كوفيد-19" زاد معدل الفقراء حوالي 115 مليون شخص دفعتهم الجائحة إلى براثن الفقر، مع وجود غالبية أولئك الفقراء الجدد في جنوب آسيا ودول جنوب الصحراء، وفقاً لتقديرات البنك الدولي.

من هذه الحقيقة، حددت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، هدفها الاول ليكون القضاء على الفقر في كل مكان، فقد قامت المؤسسة بإنشاء مشاريع إنتاجية تنموية في مجموعة من الدول مثل مصر والصومال وطاجيكستان للتحسين من مستوى الأسر المعيشي في الدول النامية مثل فتح محلات الخياطة، وتمليك الأبقار والماعز. كما أسست مراكز للتدريب المهني على الحاسب الآلي في كل من موريتانيا ولبنان. ويساهم هذا التدريب في توفير مهن للفئات المستهدفة.

وبهذا حرصت المؤسسة على القضاء على أسباب الفقر المحتملة، دون الاكتفاء بتقديم يد المساعدة فقط، وهو ما يتفق مع أهداف التنمية المستدامة، باعتبار دولة الإمارات بمثابة أساس متين لها، كما أكدت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، بالأقوال والأفعال، على أهمية الأهداف الإنمائية للألفية من أجل توجيه الجهود الحالية لتقديم مساعداتها الخارجية.

القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي

ارتفع عدد الجياع في العالم، ليصل إلى أعلى مستوياته خلال 15 عاماً متخطياً معدلات النمو السكاني، حيث أكدت الأمم المتحدة أن ما يقرب من 811 مليون شخص عانى من الجوع بنسبة عُشر إجمالي سكان العالم في عام 2020، ولا شك أن حرمان الكثير من الناس من الطعام الصحي، ورفع أسعار الغذاء إلى أعلى مستوياتها خلال عقد كامل، كان من أبرز التحديات الناتجة عن جائحة "كوفيد-19"؛ ما شكل عبئاً إضافياً على كاهل البلدان الأكثر فقراً المعتمدة على واردات الغذاء. كما اقترب 45 مليون شخص من المجاعة في العام الماضي.

وكانت الأمم المتحدة قد دقت ناقوس الخطر عندما أعلن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة: "لم تعد المجاعة والجوع متعلقين بالغذاء. هما الآن من صنع الإنسان إلى حدّ كبير. وهما يتركزان في البلدان المتضررة من نزاع واسع النطاق وطويل الأمد. وهما في ارتفاع".

لذلك، تتعامل مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، مع أزمة توفير الغذاء بصورة مستمرة، وذلك عن طريق توفير المواد الغذائية في معظم الكوارث الإنسانية، كما تقوم بتوزيع اللحوم وبطاقات المواد الغائية. وتتضمن مشاريع المؤسسة تشجيع الزراعة من خلال توفير الحبوب للزراعة وشق القنوات المائية؛ حتى يمكنها المساعدة في توفير حلول للمشكلة وتشجيع الأفراد على العمل في بيئة صحية توفر مستقبلاً يضمن لهم أبسط حقوقهم المتمثلة في الحصول على طعام.

فرص عادلة للتعليم

بينما وفرت العديد من دول العالم فرصاً للتعلّم عن بُعد للطلاب، إلا أن جودة هذه المبادرات ونطاق وصولها ظل متفاوتاً، وهو ما سيكلف الجيل الحالي حوالي 17 تريليون دولار من إيرادات أفراده على مدى الحياة، وفقاً لتقرير "حالة التعليم في العالم: من الأزمة إلى التعافي" الصادر عن البنك الدولي واليونسكو واليونيسف الذي استطاع أن يحدد حجم أزمة التعليم، حيث أظهر أن نسبة الأطفال الذين يعيشون في فقر تعليمي في البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل، كانت تبلغ 53% قبل الجائحة، وقد تصل إلى 70%، علماً أن أكثر من 200 مليون طالب يعيشون في بلدان منخفضة الدخل وبلدان متوسطة الدخل من الشريحة الدنيا التي لم تكن مستعدة لنشر التعلّم عن بُعد أثناء الإغلاق الطارئ للمدارس.

ويأتي دور مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية لدعم هذا الهدف، سواء قبل الجائحة أو بعدها، حيث حرصت على إنشاء دور الأيتام، والمدارس، كما وفرت السكن للطلاب، إضافة إلى ضمان حقوقهم الأساسية لتسهيل الحصول على التعليم في الدول النامية، كما انتشرت المدارس التي أنشاتها في عدد من المنطاق النائية في طاجيكستان، وغزة، وكازخستان وذلك لضمان العمل المستمر لتوفير التعليم للأطفال الذين لا يستطيعون الوصول إلى المدارس في المناطق المحيطة، فيما أسست معاهد للتدريب المهني في موريتانيا.

توفير المياه والمرافق الصحية

المياه هي في قلب التنمية المستدامة، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، والطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان. ومن جهتها، تواصل الأمم المتحدة معالجة الأزمة العالمية الناجمة عن تزايد الطلب على الموارد المائية في العالم لتلبية الاحتياجات الإنسانية والتجارية والزراعية، فضلا عن الحاجة إلى خدمات الصرف الصحي الأساسية.

تقوض المياه الملوثة وعدم وجود مرافق الصرف الصحي الأساسية الجهود المبذولة، فهناك 2.3 مليار شخص في العالم ممن ليس لديهم مرافق الصرف الصحي. ووفقاً لبرنامج الرصد المشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف للمياه والصرف الصحي، يقدر بأن هناك على الأقل 1.8 مليار نسمة يشربون مياه ليست محمية من البراز. ويعمد عدد أكبر إلى شرب مياه تصل إليهم من خلال أنظمة تفتقر إلى الحماية الكافية ضد المخاطر الصحية. كما يموت كل يوم 5 آلاف طفل في المتوسط نتيجة لأمراض مرتبطة بالمياه والصرف الصحي يمكن ‏الوقاية منها.

لذلك تشمل مشاريع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، بناء الآبار السطحية والإرتوازية ومحطات المياه في عدد كبير من الدول النامية. 

فقد أنشأت بئراً إرتوازياً ومحطة توزيع المياه في طاجيكستان والتي تصل إلى ثلاث قرى وألفي منزل في المنطقة. وشيدت قرية في أفغانستان ووفرت التمديدات اللازمة لوصول المياه النظيفة على بعد 15 كيلومتراً. وفي الصومال، حفرت وأعادت تأهيل 40 بئر إرتوزاي لتوفير المياه النظيفة في مناطق مختلفة. وفي سريلانكا، أنشأت المؤسسة مجموعة من البيوت وحرصت على توفير آبار مياه تخدم المنطقة. أما في درافور، فقد قامت ببناء آبار مياه تعمل على الطاقة الشمسية، إذ توفر المياه النظيفة للسكان وتساعدهم في الحفاظ على الثروة الحيوانية والزراعة. كما وفرت خدمات الصرف الصحي مثل بناء المراحيض في كل من الصين وأثيوبيا.

وختاماً، فإن الرؤية الواضحة وتحديد المشكلات يعتبر جزءًا من عمل المؤسسات الخيرية الناجحة، وإن كانت أهداف التنمية المستدامة تسعى لضمان حياة أكثر استقراراً للأفراد، فإن الإحصائيات والأرقام الناتجة عن التحديات التي قد تطرأ دون سابق إنذار، يمكنها تسهيل الوصول إلى هذه الأهداف من خلال العمل المستمر والتكاتف المجتمعي للحفاظ على حقوق الإنسان، ودعم الإنسانية.

المحتوى محمي