تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي لمحة تفصيلية عن إحدى المؤسسات المعنية بالعمل الإنساني وهي مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم التي سعت خلال العام 2020 إلى التصدي لجائحة فيروس كورونا "كوفيد-19" من خلال العمل الإغاثي الفعّال، كما سخرت إمكاناتها لتمكين المؤسسات الأممية من إيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين في كل أنحاء العالم.
تسكن بابيري موكوايا، البالغة من العمر57 عاماً، في قرية كابيجي بأوغندا، وتعاني كباقي سكان القرية من صعوبة تأمين المياه النظيفة، وتضطر للمشي لأكثر من ثلاثة كيلومترات لبلوغ أقرب بئر، ثم تنتظر دورها لساعات حتى تتمكن من الحصول على كمية قليلة من المياه لا تكفي احتياجات أطفالها السبعة.
على غرار بابيري، يفتقر 21 مليون شخصاً في أوغندا إلى المياه الصالحة للشرب، ويضطر 40% من الأوغنديين، خاصة النساء، إلى قضاء ساعات طويلة من أجل الوصول لمصدر مياه، ولمواجهة مشكلة ندرة المياه في قرية كابيجي؛ عملت سُقيا الإمارات بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية على حفر بئر ارتوازي، وتركيب شبكات توزيع مياه، ومُرشحِات لتنقية المياه في بيوت القرية يستفيد منها ما يزيد عن خمسة آلاف شخص.
تغيرت حياة بابيري وغيرها من نساء القرية بعد تدفق المياه من البئر، وباتت مطمئنة أن أطفالها بمنأى عن المياه الملوثة وما تسببه من أمراض. تٌعد قصة بابيري واحدة من قصص نجاح مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي انطلقت عام 2015، لتكون حاضنة للمبادرات والمؤسسات المعنية بالعمل الإنساني والتنموي والاجتماعي محلياً ودولياً برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.
كانت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد من أوائل المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية بالعمل الإنساني التي تصدت لجائحة كوفيد-19 من خلال العمل الإغاثي الفعّال، وتسخير إمكاناتها لتمكين المنظمات الأممية من إيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين في كل أنحاء العالم.
ونفذت من خلال 35 مؤسسة تنضوي تحت مظلتها، وبالتعاون مع الهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية، العديد من المبادرات والبرامج والمشاريع والحملات مستهدفةً الوصول إلى الفئات المُستحقة، والتخفيف من معاناة الأشخاص خاصة في المجتمعات الهشة، وذلك على الرغم من التحديات اللوجستية والفنية غير المسبوقة التي فرضتها الجائحة على العالم، وتعطُل القطاعات الخدمية وفي مقدمتها قطاعي الصحة والتعليم.
إنجازات مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في عام 2020
وصل حجم إنفاق المؤسسة في عام 2020 إلى 1.2 مليار درهم، وتمكنت من تغيير حياة 83 مليون شخص في 82 دولة حول العالم نحو الأفضل، من خلال تنفيذ مشاريع وبرامج وحملات شارك فيها نحو 121 ألف متطوع من مختلف الاختصاصات.
تركّز عمل مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية على خمسة محاور رئيسية، هي:
1) المساعدات الإنسانية والإغاثية
قدمت المؤسسة في عام 2020 مساعدات إنسانية وإغاثية بقيمة 382 مليون درهم، استفاد منها 34.8 مليون شخص، وشكّل هذا المحور أساس منظومة عمل المؤسسة بما يتوافق مع رؤية دولة الإمارات في تحويل حُب الخير إلى عمل مؤسسي مستدام، واكتسبت المساعدات الإنسانية أهمية استثنائية في عام 2020 بسبب الجائحة التي عمّقت الأزمة الصحية ووسّعت دائرة المعاناة الإنسانية حول العالم.
وأطلقت حملة "10 ملايين وجبة" بمشاركة بنك الإمارات للطعام، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، وسُقيا الإمارات للتخفيف من الظروف الاقتصادية الصعبة للأفراد والأسر المتعففة عبر توفير الدعم الغذائي لهم خلال شهر رمضان، واستطاعت توزيع أكثر من 15.3 مليون وجبة في 30 دولة، بمساهمة 130 ألف متبرع ومشاركة ألف متطوع.
دعماً لحملة 10 ملايين وجبة؛ قدمت مبادرة أطول صندوق تبرعات في العالم المساعدة للأسر المحتاجة من خلال إضاءة 1.2 مليون نقطة مضيئة على واجهة برج خليفة، بواقع نقطة مضيئة لكل 10 دراهم يتبرع بها فرد أو مؤسسة، وتمكنت من جمع 12 مليون درهم، تساوي 1.2 مليون وجبة في أسبوع واحد، وانعكست النتائج الإيجابية لهذه المبادرة في حصولها على 34 جائزة وترشيحاً دولياً، منها ستة من جوائز كريستا (Cresta Awards) أهمها الجائزة الذهبية عن فئة التصميم الرقمي.
بدوره، عمل بنك الإمارات للطعام كمنظومة إنسانية متكاملة لجمع فائض الطعام من المطاعم والمزارع والمصانع وإعادة توزيعه على المحتاجين داخل الدولة، إذ تمكن من توزيع نحو 9 آلاف طن من الطعام على مليوني مستفيد عام 2020، وأطلق حملة توعوية للعمال حول سلامة الغذاء ونظافة المساكن، وذلك في إطار جهوده للحد من انتشار الجائحة.
وأدت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية دوراً مهماً في مجال المساعدات الإنسانية والإغاثية؛ إذ نظمت حملات إغاثة وفّرت الدعم الإنساني والطبي لأكثر من مليون شخص من أجل مواجهة كوفيد-19، وقدمت مساعدات إنسانية عاجلة إلى الصومال لتعزيز جهود مكافحة الوباء، والتخفيف من أضرار الفيضانات التي شهدتها البلاد، ودعمت مقديشو بـ35 طن متري من التجهيزات الطبية والمعونات الإنسانية، استفاد منها 1,500 عائلة متضررة، و20 ألف عامل إغاثة، ونقلت بالتعاون مع "منظمة الصحة العالمية، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر 84.9 طن متري من الإمدادات الطبية لمتضرري انفجار مرفأ بيروت الحاصل في 4 أغسطس/آب 2020، استفاد منها نحو 19,500 شخص متضرر.
وكان لمؤسسة سُقيا الإمارات حضوراً إنسانياً عالمياً من خلال تنفيذ 38 مشروعاً مائياً جديداً في خمس دول، استفاد منها نحو 182 ألف شخص، فيما تمكنت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية من الوصول إلى 2.1 مليون فرد عام 2020 عبر تنفيذ برامج ومبادرات في كلٍ من باكستان، وأفغانستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وكازاخستان، وأوغندا، وغانا، وبنغلاديش، وبنين، والسنغال.
2) الرعاية الصحية ومكافحة الأمراض
تُدرك مؤسسة مبادرات محمد بن راشد العالمية أن صحة الإنسان هي أساس بناء مجتمع سليم قادر على المضي قُدماً في التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، لذا عملت خلال عام 2020 على الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية لخدمة الإنسانية، إذ أنفقت المؤسسة 49.6 مليون درهم على المبادرات الصحية والحملات الوقائية والعلاجية التي أثرت إيجابياً في صحة 38 ألف شخص.
وعملت مؤسسة الجليلة، إحدى مبادرات محمد بن راشد العالمية، على تسهيل علاج المرضى من جميع شرائح المجتمع، وتوفير خدمات الرعاية الطبية اللازمة لهم، واستهدفت من خلال إطلاق مركز محمد بن راشد للأبحاث الطبية تزويد القطاع الطبي بجيل جديد من الباحثين المؤهلين في الاختصاصات الطبية المختلفة، واتخاذ خطوات استباقية للسيطرة على الأوبئة، والمشاركة في الجهود العالمية لإنتاج لقاحات فعّالة، وفي شهر رمضان عام 2020، نظمت المؤسسة حملة برنامج عاون وتمكنت من خلالها جمع 500 ألف درهم لدعم علاج المرضى غير القادرين على تحمل تكاليف الرعاية الصحية، والتوعية بالتغذية الصحية وآليات الوقاية من فيروس كوفيد-19.
وأطلقت مؤسسة الجليلة أيضاً مبادرة بصمة راشد بن سعيد لجمع التبرعات بهدف تطوير الأبحاث الطبية في الإمارات، وجمعت تبرعات تزيد قيمتها عن 22.5 مليون درهم.
بدورها، انطلقت مؤسسة نور دبي عام 2008، إحدى مبادرات محمد بن راشد العالمية، لتكون مهمتها الرئيسية القضاء على مسببات العمى وضعف البصر وعلاجها والوقاية منها بهدف تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأفراد في المجتمعات الأكثر تضرراً، وخلال عام 2020 تابعت برنامجها للقضاء على مرض التراخواما المُسبب للعمى في منطقة أمهرة بإثيوبيا، وتمكنت من الوصول إلى 11.564 مريض، وبحلول مارس/آذار 2020، حققت 29% من مناطق أمهرة هدفها المرجو بالقضاء على هذا المرض، وواصلت المؤسسة برنامج كاتسينا المتكامل لصحة العيون في نيجيريا، ووفرت عمليات جراحية مجانية لما يزيد عن 11 ألف مريض، وفحوصات مجانية لنحو 363 ألف شخص وطالب مدرسة.
شهد عام 2020 أيضاً، اكتمال المرحلة الإنشائية الأولى من مشروع مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب في القاهرة، وجُمعت له تبرعات بقيمة 88 مليون درهم من خلال مبادرة صنّاع الأمل، وعند اكتماله سينجز نحو 12 ألف عملية سنوياً، سيُخصص 60% منها للأطفال مجاناً.
3) نشر التعليم والمعرفة
يشغل قطاع التعليم حيزاً كبيراً من اهتمام مؤسسة مبادرات محمد بن راشد، ومع انتشار كوفيد-19ضاعفت جهودها للاستثمار في التعليم الرقمي وتوفير أدوات التعلم عن بُعد، بهدف تمكين مهارات التعلم الذاتي لدى الشباب، وخلق جيل مثقف قادر على مواكبة التطور العلمي والتقني، ووصل حجم إتفاقها على هذا القطاع خلال عام 2020 إلى 265 مليون درهم، استفاد منها 45.5 مليون شخص.
وفي هذا الإطار، عملت مؤسسة دبي العطاء على إتاحة فرص التعليم النوعي للأطفال والشباب في البلدان النامية، ونجحت برامجها التعليمية في الوصول إلى ما يزيد عن 20 مليون شخص في 60 دولة، وأطلقت في عام 2020 نحو 15 برنامجاً جديداً لدعم التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ومهارات الحساب والكتابة والقراءة، وتدريب المعلمين، والتعليم في حالات الطوارئ وغيرها، وقدمت 40 ألف جهاز كمبيوتر ضمن حملتها الوطنية التعليم دون انقطاع.
وركزت دبي العطاء على بناء مدارس التعليم الأساسي وتطوير مهارات القراءة والكتابة في نيبال وكمبوديا والسنغال، ونظمت برامج ومشاريع تعليمية مستمرة في السنغال وتنزانيا استفاد منها 50 ألف طالب وطالبة، ودعمت مبادرة غيغا العالمية التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، والاتحاد الدولي للاتصالات بمبلغ 18.5 مليون درهم، لربط المدارس بشبكة الانترنت.
وفي محور التعليم والمعرفة أيضاً، تمكن تحدي القراءة العربي، هو أكبر مشروع عربي أطلقه نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لدعوة أكثر من مليون طالب بالمشاركة بقراءة خمسين مليون كتاب خلال كل عام دراسي، من تسجيل رقم قياسي في دورته الخامسة بعدد المشتركين وصل إلى 21 مليون مشارك من 52 دولة، فيما تنافست 96 ألف مدرسة من العالم العربي على لقب المدرسة المتميزة، وانطلقت المدرسة الرقمية، التي تعد الأولى من نوعها في المنطقة العربية، لتوفر التعليم عن بعد بطريقة ذكية ومرنة بالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتستهدف المدرسة الوصول إلى مليون طالب نظامي خلال الفترة من عام 2021 إلى عام 2026.
عززت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة دورها أثناء الجائحة، من خلال مبادرة حوارات المعرفة التي ناقشت افتراضياً دور المعرفة في مواجهة الأوبئة بمشاركة 5559 شخص، واستفاد 252 ألف شخص من مركز المعرفة الرقمي التابع للمؤسسة، الذي يضم نحو يزيد عن 300 ألف عنوان وأكثر من 3.5 مليون مادة رقمية.
4) ابتكار المستقبل والريادة
تقوم رؤية مؤسسة مبادرات محمد بن راشد العالمية على الاستثمار في مشاريع المستقبل، وخلق منظومة فكرية قائمة على الريادة والإبداع، ودعم المشاريع القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة لبناء اقتصادات معرفية قادرة على تحقيق النمو المستدام وتقليص الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة عبر إتاحة الفرصة للمجتمعات الأقل حظاً للاستثمار في مواهبها الشابة وثرواتها البشرية، فبلغ حجم إنفاقها على محور ابتكارالمستقبل والريادة في عام 2020 نحو 440 مليون درهم، استفاد منها 1.3 مليون شخص.
دعمت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة 3563 رائد أعمال في العام 2020 عبر تقديم حوافز وتسهيلات بقيمة 192 مليون درهم، فيما واصل مركز حمدان للإبداع والابتكار التابع للمؤسسة تقديم خدمة حاضنات الأعمال واستفاد منها حتى الآن 645 شركة ناشئة.
وشهد عام 2020 أيضاً إطلاق هاكاثون مليون مبرمج عربي من قِبل مؤسسة دبي للمستقبل من أجل ابتكار حلول مستقبلية للتحديات والأزمات الصحية حول العالم، وبلغت قيمة جوائز التحدي 184 ألف درهم، فيما أعلنت مبادرات محمد بن راشد العالمية عن مشروع المبرمج العالمي لتوفير منصة تدريبية على الإنترنت لنحو خمسة ملايين شاب وشابة في 50 دولة.
5) تمكين المجتمعات
تتطلع مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية إلى الاستثمار في القدرات البشرية وتطويرها ودعمها بالأدوات التي تساعدها في بناء مجتمعاتها بفاعلية، وحثّ المؤسسات التطوعية على تحمل مسؤوليتها المجتمعية تجاه المناطق الأقل حظاً، وخلال عام 2020 دعمت محور تمكين المجتمعات بنحو 79.5 مليون درهم، استفاد منها 1.1 مليون شخص.
وحرص مركز محمد بن راشد لإعداد القادة منذ إنشائه عام 2003 على إعداد قادة المستقبل في مختلف المجالات، وتزويدهم بالمعارف والخبرات عالية المستوى، من خلال برامج تدريبية نظرية وعملية، وفي عام 2020 احتفى المركز بتخريج 30 شخص كدفعة أولى من برنامج الانتداب الدولي للقيادات الإماراتية الذي يمكّن القيادات الإماراتية من اكتساب خبرات دولية نوعية. بالتعاون مع مجلس دبي لمستقبل العمل الإنساني، أطلق المركز برنامج إعداد صنّاع الأمل، لبناء كوادر قادرة على صياغة مستقبل العمل الإنساني.
تتركز رؤية دولة الإمارات على التعايش وقبول الآخر وتشجيع الحوار بين الأديان، فعمل المعهد الدولي للتسامح على نشر قيم التسامح بين الناس، وبناء مجتمع متلاحم، ونظّم خلال 2020 عدة فعاليات لترسيخ مبدأ التسامح والإخاء، ومساندة المجتمع في مواجهة الجائحة، منها حملة متحدون في الأمل التي أطلقها بالتعاون مع هيئة الصحة في دبي.
إذن، استطاعت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية أن تغير حياة ملايين الناس نحو الأفضل، وأثبتت خلال جائحة كوفيد-19 أن العمل الإنساني المُستدام قادر على دعم المجتمعات وخدمة الناس في أوقات الأزمات، وأن التحدي يمكن أن يكون فرصة لتحقيق المزيد من الإنجازات وبناء مجتمعات مستقرة تضمن سبل العيش الكريم لأفرادها.