يشير مفهوم الأمان الاجتماعي إلى الآليات والأنشطة التي تُستخدم لتحقيق الاستقرار للأفراد والجماعات على حدٍ سواء، وتحرير الإنسان من الحاجة والعوز والحرمان، والعمل على الحد من خسائره وحمايته من المخاطر الداخلية والخارجية.
لذلك فقد جاء تقرير الأمم المتحدة بعنوان: "الضمان والأمان الاجتماعي في إطار السياسات الاجتماعية" مؤكداً ضرورة انتشار مفهوم الأمان الاجتماعي؛ وذلك لحماية كل الفئات المتضررة من الأزمات الاقتصادية، وتوفير الدعم المالي لهم؛ لإيجاد فرص متنوعة لضمان التمتع بحياة اجتماعية صحية.
الاستفادة من برامج الأمان الاجتماعي
حفاظاً على تمتع الأفراد والجماعات في المنطقة العربية من التهديدات الاقتصادية، فقد أسست العديد من الشبكات برامج الأمان الاجتماعي، وبدأت الإعانات في الانتشار حتى مثلت 13% من دخل الفقراء أو استهلاكهم، إلا أنها النسبة الأدنى في البلدان المنخفضة الدخل، وفي دراسة مصرية حديثة بعنوان: "آليات برنامج الأمان الاجتماعي لرعاية الأسر الفقيرة بالمجتمعات الصحراوية" للباحثين عاشورة حسين، ومصطفى لطفي بـ "مركز بحوث الصحراء" شملت 300 مبحوث من مستفيدي برامج الأمان الاجتماعي، أكدت أن نسبة 9.3% فقط هم الذين يتمكنون من تحقيق الاستفادة القصوى من هذه البرامج.
وتعود أسباب عرقلة أهداف برامج الأمان الاجتماعي، إلى زيادة عدد الأبناء، أو ارتفاع المسؤوليات، أو صعوبة استخراج الأوراق والوثائق المطلوبة، وزيادة تكلفتها المادية، وذلك وفقاً للدراسة سالفة الذكر.
ومع تطور الحياة الاجتماعية وتزايد حجم السكان، وظهور التباينات الاجتماعية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تحرص العديد من المؤسسات الخيرية العربية على توفير سبل الرعاية الاجتماعية في الداخل والخارج، بالاستعانة بأنظمة جديدة تساعدهم في تحقيق أهدافهم المنشودة.
برامج الرعاية الاجتماعية في الإمارات
تعمد دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ضمان حصول كل المحتاجين، وخصوصاً فئة النساء في المناطق النائية، على نوع من الأمن الاقتصادي والمساندة؛ لذا فإن وزارة تنمية المجتمع تعمل على الإشراف على تنفيذ نظام الرعاية الاجتماعية بدقة عالية في أبوظبي، ودبي، والشارقة، علماً أن الفئات التي يمكنها الاستفادة من هذه البرامج هي: الأرامل، والأيتام، وأصحاب الهمم، والمطلقات، وكبار السن، والمهجورات من النساء، أو المواطنات المتزوجات من أجانب لا يمكنهم كسب قوتهم، ويمكن إضافة المزيد من الفئات بقرار من مجلس الوزراء.
وعلى الرغم من أن القانون الإماراتي قد نص على تمتع المواطن المقيم ببرامج الرعاية الاجتماعية فقط؛ لكنه حرص على وضع بعض الاستثناءات للمرأة، في حين أنه إذا ثبت حصول المستحق على دخل آخر، خُفضت المساعدة لكنها لا تقل، في هذه الحالة، عن 625 درهم شهرياً للفرد.
وتعمل الإمارات على الاهتمام باحتياجات الأفراد، وضمان تمتعهم بحياة اجتماعية عادلة، إذ نص القانون الإماراتي أيضاً على صرف تعويض نقدي للمواطنين عن خسائرهم بسبب الكوارث الشخصية أو الطبيعية، وذلك بما لا يقل عن 50% ولا يزيد عن 80% من قيمة الخسائر الفعلية.
مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية
في عام 2021، كان أكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع، واقترب 45 مليون شخص من المجاعة بسبب جائحة "كوفيد-19" والانكماش الاقتصادي؛ ما يجعله عاماً حافلاً بالتحديات التي سيذكرها التاريخ، وفقاً لرسالة "شو دونيو" (Qu Dongyu)، المدير العام لـ "مؤسسة الأغذية والزراعة" التابعة للأمم المتحدة (Food and Agriculture Organization) في بداية 2022.
لذلك تستهدف مبادرة "العمل يداً بيد" التي أطلقتها مؤسسة الأغذية والزراعة، الفئات الأضعف ويشارك فيها حالياً بشكل نشط 45 بلداً، على أن تُمكّن ألف قرية رقمية جميع المزارعين من استخدام أنواع جديدة من التكنولوجيا؛ لتحسين الإنتاج الزراعي والغذائي.
من هذه الإحصائيات الصادمة لأعداد الجياع في العالم، انطلقت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية في رحلتها نحو تعزيز سبل الأمان الاجتماعي، وتوفير أبسط حقوق الأفراد في الحصول على طعام صحي، لكن بطرق مبتكرة أيضاً.
في يونيو/ حزيران 2021، تعاون وفد من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية مع سفارة الامارات في العاصمة اللبنانية بيروت، لتقديم مساعدات في إطار الحفاظ على دورها الإنساني ومبادراتها الإغاثية والتنموية؛ لكن هذا التعاون لم يتمثل في توفير الطعام، بل كان عبارة عن قسائم شرائية لـ 35,600 ألف أسرة لبنانية في محافظة شمال لبنان؛ بهدف التخفيف من معاناتهم لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيشونها خصوصاً في ظل تفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعانون منها.
حرصت المؤسسة على تقديم المساعدة على هيئة "قسائم شرائية" وليس طروداً غذائية كالعاد؛ة وذلك لإفساح المجال للمستفيدين ليختاروا ما يشاؤون من المواد الغذائية التي هم بحاجة إليها، كما حرصت على ان تصل المساعدات إلى أكبر شريحة من الأفراد. وبلغ عدد المستفيدين من الحملة حوالي 178 ألف مشمولين ضمن اللوائح الموضوعة من قبل "هيئة الاغاثة والمساعدات الإنسانية".
وتعتمد مؤسسة خليفة الإنسانية على ثوابت أساسية لتحقيق عدد من الأهداف التي ترتكز على تقديم المساعدات للمحتاجين وإغاثة المنكوبين والمساهمة في تنمية الدول في قطاعات عدة، أهمها: الصحة والتعليم. وبالفعل، وصلت مشروعات ومبادرات المؤسسة منذ تأسيسها عام 2007 حتى مارس/ آذار عام 2021، إلى 90 دولة حول العالم، وحققت 79 من المشاريع التنموية المتنوعة.
أولويات لتعزيز الأمان الاجتماعي
تمثل الرعاية الصحية إحدى الركائز المهمة في استراتيجية مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وفيما حرصت على توفير الدعم في أثناء تداعيات فيروس "كوفيد-19"، حرصت على تمويل وإنشاء العديد من المشاريع الصحية كالمستشفيات والمستوصفات الطبية في العديد من البلدان حول العالم.
وبتمويل من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وبإشراف "حميد الشامسي"، استشاري أمراض الأورام والسرطان الأستاذ المشارك بجامعة الشارقة ورئيس جمعية الإمارات للأورام، أتمت بحثاً علمياً يعود بالفائدة على مرضى السرطان. كما يعد البحث مهماً لفئة كبيرة من المرضى الذي تأثرت خطط علاجهم في الخارج بسبب تداعيات "كوفيد-19" في يوليو/تموز عام 2020، علماً أن خطط علاج السرطان دقيقة وتتطلب استمرارية وعدم انقطاع للحصول على أفضل النتائج للمرضى.
ومن أجل تعزيز الأمان الاجتماعي لمواجهة التحديات الاقتصادية، تعد مبادرة "الأسر المواطنة" من أهم المبادرات التي تنفذها المؤسسة بشكل متواصل، حيث تحرص على إشراك الأسر الإماراتية في الفعاليات والمناسبات؛ لعرض ما ينتجونه وإيجاد منافذ بيع للمنتجات. وفي يونيو/ حزيران عام 2022، تعاونت المؤسسة مع مركز أبوظبي للصحة العامة، وأُضيف عدد 12 مركز لبيع الوجبات الغذائية الصحية المعدة من قبل الأسر المواطنة، منها 6 مراكز في المنشآت الصحية في أبوظبي.
من رسم الفرحة على وجوه أطفال سقطرى اليمنية، وإغاثة المتضررين من الفيضانات في باكستان، وإنشاء المستشفيات في كازخستان، وتوزيع السلال الغذائية داخل الإمارات، تعتمد مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية على رسالة واضحة لنشر ثقافة العمل الخيري، بل وتعزيز سبل الأمان الاجتماعي لكل الأفراد بمختلف أعمارهم في كل أنحاء العالم.