تقول الناشطة الشبابية والمنظِّمة في الحركات المجتمعية والكاتبة والمناضلة من أجل السلام دافني فرياس (Daphne Frias): "يعاني ذوو الإعاقة من تبعات أنظمة القهر ومشكلات العدالة الاجتماعية جميعها. ولن تجد قضية ظلم اجتماعي دون أن تجد من يناصرها أو يعاني من انعكاساتها من ذوي الإعاقة.
صادف شهر يوليو/تموز الماضي الذكرى الحادية والثلاثين لقانون الأميركيين ذوي الإعاقة (ADA)، وهو قانون تاريخي في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية. وفي حين شهد المجتمع الأميركي تقدماً ملحوظاً في توسيع نطاق إمكانية الوصولة إلى العديد من الخدمات والمجالات، يرزح ذوو الإعاقة تحت وطأة معدلات عالية من الفقر ومحدودية الحركة والحرمان من الحقوق والعزل الاجتماعي.
ورغم ذلك هناك أمل، فقد شهدنا مدى فعالية نهج العمل المتعدد القطاعات في عمليات تنظيم الحراك المجتمعي لا سيما في قضايا العدالة العرقية والبيئية. فثمة التزام متجدد من القادة في مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع الحكومي وقطاع الأعمال التجارية وقطاع العمل الخيري. لقد حان الوقت للتقدم والاعتراف بوجوب تحقيق العدالة لذوي الإعاقة في الولايات المتحدة.
نعمل في قطاعات مختلفة كالقطاع الحكومي وقطاع العمل الخيري، والجميع على قناعة تامة بأننا سنحظى من خلال التركيز على الإعاقة بفرصة تشكيل مجتمع عادل منفتح على الجميع خالٍ من التهميش. ولتحقيق هذه الآمال علينا أن نركز جهودنا على إجراء تلك المناقشات التي تم الاستخفاف بها والإصغاء لأصوات مناصري ذوي الإعاقة الخبراء الذين تم تجاهلهم سابقاً. تبنت الحكومة قضية ذوي الإعاقة على مدى ثلاثة عقود، واتخذت قانون الأميركيين ذوي الإعاقة كدليل عمل لها. كما شرع قطاع العمل الخيري في دمج الإعاقة كبند رئيسي في جدول أعماله في سبيل العدالة وأقر بتفاوت المؤسسات المانحة في دمج الإعاقة في برامجها. ونتبادل اليوم تجاربنا الشخصية لدراسة إمكانات نهج العمل المتعدد القطاعات الذي من شأنه تعزيز العدالة للجميع.
إذا أرادت الحكومة خدمة الناس، فيجب أن تشكل عدالة ذوي الإعاقة إطاراً لمناقشات السياسات كلها.
تقول النائبة أيانا بريسلي: "في يناير/كانون الثاني من عام 2020، كشفت عن إصابتي بداء الصلع في مقابلة أجريتها مع مجلة ذا روت (The Root). فرحب بي مجتمع ذوي الإعاقة. إذ رأوا في إصابتي فرصة لتسليط الضوء على قضيتهم وتواصلوا معي من مختلف المنظمات والائتلافات. ولطالما أعطيت الأولوية للعمل المتعدد القطاعات في مقاربتي للتشريعات، لكن حواري مع نشطاء قضية ذوي الإعاقة ألقى الضوء على طرق جديدة يهمش فيها مجتمعهم بشكل منهجي في السياسات العامة. وما زلنا نعمل في حركة الدفاع عن الحقوق المدنية، وهناك ارتباط وثيق بين النضال في سبيل العدالة العرقية والعدالة لذوي الإعاقة. وقد يعطي بعض المعلقين انطباعاً بأن مجرد جلوس روزا باركس (Rosa Parks) على مقعدها في الحافلة، وتحدث مارتن لوثر كينغ جونيور، وعبور جون لويس (John Lewis) للجسر، يعني تحريرنا الكامل. لكن كفاحنا مستمر وهناك ارتباط عضوي بيننا في المصير".
في الكثير من الأحيان تنظر الجهات الحكومية إلى الناس كأرقام على جداول تصنيفاتها عبر عملها اليومي. لكن الناس يعانون من عدة أشكال للتمييز لا يشملها الجداول. وبتشجيع وإلهام أجيال من النشطاء، لي الفخر بأن أكون جزءاً من جيل جديد من القادة في الكابيتول هيل الذين يتبعون نهجاً متعدد القطاعات لتحقيق العدالة لذوي الإعاقة. وينطلق هذا النهج من مبدأ أن مجتمع ذوي الإعاقة ليس كتلة واحدة، إذ تتداخل قضية ذوي الإعاقة مع مختلف قضايا السياسات العامة، من الحصول على الرعاية الصحية والعمل وحقوق الزواج إلى التعافي من كوفيد-19.
عند صياغة جدول أعمالي التشريعي أبحث دائماً عن مدى تأثر ذوي الإعاقة بالمقترحات التي أعمل عليها. فعلى سبيل المثال، لا تتصدى المناقشات حول فجوة الثروة العرقية صراحة للتحديات التي تواجه ذوي الإعاقة من ذوي البشرة السمراء وتتجاهل الكثير منهم ولا ترسم صورة دقيقة للظلم الاقتصادي الذي يواجهونه. وفي خضم مراجعة الحسابات الحالية على المستوى الوطني للظلم العرقي، نعتقد جازمين أن عدالة ذوي الإعاقة يجب أن تكون جزءاً من مناقشات متعددة الجوانب في هذا الصدد. كما يجب أن نؤكد أن حياة ذوي الإعاقة من ذوي البشرة السمراء مهمة. فما يقرب من نصف الأشخاص الذين قتلتهم الشرطة في الولايات المتحدة يعانون من إعاقة، ويتم تجريم الفتيات من ذوي البشرة السمراء ذوات الإعاقة في المدارس الأميركية بمعدل أربعة أضعاف معدل أقرانهن البيض وذلك بدءاً من مرحلة ما قبل المدرسة. ونحن نعلم أن أنظمتنا ليست على ما يرام، وعلينا معاً أن نُشرّع في قضايا الصحة والعدالة والمساءلة ونستثمر فيها. ويجب أن نبدأ بمناقشات صادقة حول الأوضاع الحقيقية وما هي التغييرات التي يجب إنجازها.
أرقام خاصة بقضية ذوي الإعاقة
تشير الإحصائيات إلى أن الإعاقة جزء طبيعي من التجربة الإنسانية. ولا بد أن تعكس المؤسسات الخيرية هذه الحقيقة في عملها.
1 من كل 4 بالغين أميركيين أي 26% لديه نوع من الإعاقة. في الولايات المتحدة يوجد 61 مليون شخص يعانون من إعاقة يمكن أن تستمر مدى الحياة أو تُكتسب في أي وقت. يحمي القانون الأميركي والقانون الدولي حقوق جميع الأشخاص ذوي الإعاقة بما في ذلك الإعاقات الجسدية والحسية والفكرية والنمائية والعقلية، وكذلك الأمراض المزمنة.
%15 من سكان العالم يعانون من إعاقة. أكثر من مليار شخص على مستوى العالم يعانون من إعاقة. ويعيش 80% من ذوي الإعاقة في البلدان النامية.
%27 من ذوي الإعاقة يعيشون في حالة فقر مقارنة مع 12% من غير ذوي الإعاقة. احتمالية عيش ذوي الإعاقة في حالة فقر أكبر مقارنة مع الذين ليس لديهم إعاقة. كما يمكن للفقر أن يزيد من احتمالية إصابة الذين يعانون من حالة صحية بالإعاقة من خلال الظروف الصعبة أو عدم الحصول على الخدمات الصحية اللازمة.
1 من كل 5 نساء في العالم لديهن إعاقة. الإعاقة جزء من التنوع وتتقاطع مع جميع الانتماءات، بما في ذلك الطبقة والنوع والجنس والعِرق والقومية. كما تؤثر الإعاقة على نحو مفرط في الفقراء والنساء وذوي البشرة الملونة. ذوو الإعاقة أكثر عرضة بثلاث مرات للعنف من غيرهم.
يعاني ثلث الناجين من كوفيد-19 من أعراض طويلة المدى. ويواجه ذوو الإعاقة خطراً متزايداً للإصابة بكوفيد-19 والوفاة بسببه، فضلاً عن المعاناة من نتائج صحية سيئة سواء كانوا مصابين بكوفيد-19 أم لا. ووفقاً لوزارة العدل والصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، يعاني ثلث الناجين من كوفيد-19 في الولايات المتحدة أعراضاً طويلة المدى، ويبرز كوفيد طويل الأمد كمشكلة صحية خطِرة ومستمرة قد تؤدي إلى الإعاقة. في حال أراد قطاع العمل الخيري بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً، فعليه مواجهة التمييز ضد ذوي الإعاقة في مؤسساته وعبر ممارساته، والاعتراف بأن قضية ذوي الإعاقة بند رئيسي في جدول أعماله.
في حال أراد قطاع العمل الخيري النهوض بالعدالة الاجتماعية والتنوع والإنصاف وعدم التهميش، فيجب عليه أن يدرك أن قضية ذوي الإعاقة تقع في صميم عمله.
تقول ريبيكا كوكلي (Rebecca Cokley): "نشأت في مجتمع ذوي الإعاقة وكان حال والدي كحالي من ذوي الأجساد صغيرة، ورأيت الجانب الجميل في الإعاقة. وكانت الأجساد الصغيرة مذهلة في تنوعها حيث وجد الناس من جميع الأعراق والأجناس والثقافات طرقاً لا تعد ولا تحصى للتواصل والعيش واثبات وجودهم. استناداً إلى التعريف الوارد في قانون الأميركيين ذوي الإعاقة، فإن مجتمع ذوي الإعاقة كبير ويشمل أطفالاً في مدينة فلينت في ولاية ميشيغان لم يحصلوا على مياه نظيفة منذ حوالي 5,000 يوم؛ وضحايا جرائم الكراهية من الأميركيين الآسيويين؛ وأمهات مصابات باكتئاب ما بعد الولادة، ومصابين بكوفيد-19 طويل الأمد. ويؤكد تعريف قانون الأميركيين ذوي الإعاقة المتعلق بأنشطة الحياة اليومية أن الإعاقة لا تتعلق فقط بالتشخيص بل تتعلق بانعكاساتها على طريقة الحياة. وعندما يفترض الناس أن لجسدي الصغير التأثير الأكبر على نوعية حياتي فهم مخطئون. فأنا أعاني من نوبات الصداع النصفي، ولا بأس في ذلك".
من خلال منصبي في مؤسسة فورد (Ford Foundation)، أعمل على تطوير استراتيجية برنامج حقوق ذوي الإعاقة في الولايات المتحدة، وهو الأول من نوعه في المؤسسة. وعندما أصدرت مؤسسة فورد في عام 2015 إعلانها لتركيز نشاطاتها على تحدي عدم المساواة، تحدث المدافعون عن ذوي الإعاقة عن الغياب الواضح لقضيتهم في عمل المؤسسة الجديد. ونادراً ما كانت تستجيب المنظمات لهذا النوع من المطالب في السابق، ومن أسباب ذلك أن مجتمع ذوي الإعاقة لم يكن يعتبر ذا حجم كبير أو حتى يستحق الاستماع إليه. لكن في هذه الحالة أعرب الرئيس التنفيذي لمؤسسة فورد، دارين ووكر (Darren Walker) عن التزامه "بقبول المجازفة والتعبير عن المصداقية"، الأمر الذي حذا بالمؤسسة إلى دراسة التحيز ضد ذوي الإعاقة، والتحقيق في تاريخ إهمال قطاع العمل الخيري له وأضرار إهماله على المجتمع، وتحديد مسار عمل لمعالجة الأضرار التاريخية مع تقديم الحلول المناسبة.
يجب أن ننتهز هذه الفرصة لنتقدم ونقطع الوعود على أنفسنا بتحقيق العدالة لذوي اهمم في أميركا.
النائبة بريسلي وكوكلي: "لقد عانى مجتمع ذوي الإعاقة من العزل الاجتماعي عبر البيئات التعليمية المخصصة له وبرامج خدمة المجتمع وفرص العمل المقيدة. نطالب قطاع العمل الخيري والحكومة والقطاعات الأخرى ألا تعاملنا كحالة خاصة. يجب على الحكومة والمؤسسات على حد سواء تمويل الجهود المبذولة لتطوير مقترحات الإسكان لضمان توفير مساكن ميسورة التكلفة والامتلاك. كما يجب على الممولين الذين يبحثون عن طرق لتنظيم الجهود لإصلاح العدالة الجنائية أن يتذكروا أن من 60 إلى 80% من المسجونين حالياً يعانون إعاقة، بما في ذلك الذين أصيبوا بإعاقة في أثناء سجنهم. ولن ينجح أي برنامج لإعادة الدمج أو إلغاء العقوبات أو تخفيض العنف إذا لم يتم تضمين قضية ذوي الإعاقة فيه".
الإعاقة سبب ونتيجة للفقر في آن واحد. لن تحقق المؤسسات الخيرية التي تلتزم بمكافحة الفقر وعدم المساواة في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم أهدافها أبداً بغياب الإعاقة عن جدول أعمالها. وحتى إن لم تكن فكرة دعم ذوي الإعاقة من أولويات بعض المؤسسات، فيجب على أي كيان خيري يتصدى لعدم المساواة أو الظلم بطرق فعالة وشاملة أن يشمل ذوي الإعاقة في جدول أعماله. وأي بيانات سكانية يتم جمعها لفهم السكان بهدف خدمتهم أو التأثير فيهم أو توظيفهم يجب أن تتضمن بيانات الإعاقة وذلك في حال أُريد للبيانات أن تعكس التنوع الحقيقي.
وبالمثل، يجب على الحكومة الفيدرالية أن تبتعد عن الأعذار البيروقراطية الغابرة، والتي كانت تطلب من ذوي الإعاقة أن يملؤوا جداول خاصة عندما يتعلق الأمر بجمع البيانات والمساعدات. حيث أدى هذا التحيز إلى سياسات عامة لا تعترف بتنوع المجتمع ولا تعترف بالحقوق الأساسية للناس جميعاً في السعي لتحقيق الحرية والعدالة والأجور الكافية لحياة كريمة والمساواة في الزواج والسكن العادل.
لقد فضح كوفيد-19 العديد من أوجه عدم المساواة في مجتمعنا، وتداعيات عدم المساواة على مجتمع ذوي الإعاقة واضحة للعيان، إذ يحدث أكثر من ثلث الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 في التجمعات السكانية حيث يشكل ذوو الإعاقة نسبة كبيرة من السكان. ومن المرجح أن يعاني أكثر من ثلث المصابين بكوفيد-19 أعراضاً طويلة المدى، وهي فئة جديدة من فئات الإعاقة. أدى كوفيد-19 إلى تفاقم الأمراض النفسية بسبب زيادة القلق والعزلة الاجتماعية، وثمة تشخيصات جديدة بالنسبة إلى العديد من الأفراد. لقد اقتضت الحاجة إلى المرونة وإعادة النظر في طريقة العمل وتلقي الرعاية الصحية والتعليم منا جميعاً أن نتوقف لحظة لنسأل أنفسنا عن سبب غياب تسهيلات أكثر ومرونة أفضل في معيشتنا حتى نتمكن من النمو والازدهار.
معاً نستطيع أن نرقى لأهمية المرحلة وأن نركز اهتمامنا على الأفراد الأكثر تضرراً، وأن نعيد البناء كأمة أكثر عدلاً وذلك بشرط أن ندرك أن النضال من أجل ذوي الإعاقة جزء رئيسي من النضال المستمر من أجل الدفاع عن حقوقنا وحرياتنا المدنية الكاملة. نحن ندرك تماماً أنه لا توجد عدالة تتجاهل ذوي الإعاقة.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.