كيف تحضُر قضايا ذوي الهمم في كأس العالم؟

3 دقائق
ذوو الهمم
shutterstock.com/Kachka

تكتسب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، والتي تنظمها قطر لأول مرة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، أهمية خاصة مع سعي المُنظمين لخلق تجربة فريدة للمشجعين من ذوي الهمم، وبناء إرث اجتماعي مرتبط بالعدالة، وسهولة الوصول، والشمولية، وهي العناصر الأساسية للتنمية الاجتماعية التي لا تكتمل إلا بتلبية احتياجات ذوي الهمم وتوفير أفضل السبل لتمكينهم من الحركة والمشاركة في المجتمع. في هذا المقال، نستعرض أبرز الجهود التي بذلتها قطر لتلبية متطلبات ذوي الهمم في أثناء الحدث.

ذوو الهمم أساس التنمية الاجتماعية

يمثل ذوو الهمم نحو 15% من سكان العالم، ما يعادل مليار شخص يعانون من أحد أشكال الإعاقة ولديهم احتياجات وصول خاصة، وعلى مستوى المنطقة العربية؛ تتراوح معدلات الأشخاص ذوي الهمم من 0.2% في قطر إلى 5.1% في المغرب، حسب تقرير ذوي الهمم في المنطقة العربية 2018 (Disability in The Arab Region 2018) الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، الإسكوا، وبالتالي، كان التأكد من تصميم جميع مواقع البطولة ومرافقها بطريقة يمكن للجميع الوصول إليها عاملاً أساسياً لشمولية كأس العالم لكرة القدم 2022.

ومنذ توقيع قطر على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأشخاص ذوي الهمم (Convention on the Rights of Persons with Disabilities. CRPD) في عام 2008، نفذت مشاريع مختلفة لتحسين جودة الخدمات المقدمة لذوي الهمم، منها تعاوُن هيئة السياحة مع مبادرة قطر متيسرة للجميع لضمان استفادة الأفراد ذوي الهمم من زوار أو مقيمين، من معايير الوصول الجديدة في المرافق والمنشآت السياحية، ما يساعد في الارتقاء بالمعايير العالمية لإتاحة الوصول والحركة خلال الإعداد لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى.

النسخة الأكثر ملائمة لذوي الهمم

دفع هذا التقدم الحاصل في قضايا ذوي الهمم، اللجنة العليا للمشاريع والإرث واللجنة المحلية المنظمة لقطر 2022 للعمل مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيفا، من أجل ضمان حصول الجميع على رحلة تمتاز بسهولة الانتقال في جميع محطاتها، ونجحت في ذلك من خلال:

إمكانية الوصول

سهولة الوصول ليست مجرد إنشاء أرصفة ودورات مياه مخصصة لذوي الهمم، وإنما إعادة التفكير في تصميم وبناء المواقع لتكون أكثر راحة ويُسر، وتطوير شبكة نقل توفر خدمات تناسب احتياجات الركاب من ذوي الهمم، وعملت قطر ليكون مترو الدوحة من أكثر الأماكن ملاءمة لذوي القدرات البصرية الخاصة على وجه التحديد، إذ تساعدهم العلامات الأرضية والإعلانات الصوتية في السير وفق خطوط مستقيمة دون عوائق، كما أن نحو 80% من المواقع الرئيسية في قطر يمكن الوصول إليها باستخدام الكراسي المتحركة.

وإلى جانب توفير البنية التحتية الملائمة لمتطلبات ذوي الهمم؛ ستقدم الجهات المنظمة للبطولة مجموعة من المزايا الجديدة، منها:

  • إتاحة التعليق المُفصّل والوصف الصوتي السمعي باللغة العربية على جميع المباريات وذلك من أجل المشجعين من المكفوفين وضِعاف البصر، وستنقل لهم سماعاتهم الخاصة أجواء المباريات بأدق تفاصيلها، بما في ذلك ردود الأفعال على وجوه اللاعبين، وفي حفليّ الافتتاح والختام سيشارك أربعة معلقين من طلاب وخريجي برنامج ماجستير الآداب في الترجمة السمعية والبصرية بجامعة حمد بن خليفة، باللغتين العربية والإنجليزية.
  • تخصيص غرف المساعدة الحسيّة للمشجعين من ذوي القدرات الذهنية الخاصة في استاد لوسيل واستاد المدينة التعليمية واستاد البيت، كأول نسخة من كأس العالم تتيح هذه الميزة، وصُممت هذه الغرف بالشراكة مع مركز أونتاريو للتعليم الخاص (OCSE) وتتضمن تقنية لحجب الضوضاء وإضاءة هادئة ومفروشات ناعمة وغيرها من المعدّات التي توفر بيئة مريحة للاستمتاع بالمباريات، وكان استاد خليفة الدولي أول ملعب يحتوي غرفة للمساعدة الحسية مخصصة للأشخاص ذوي القدرات الذهنية الخاصة عند تأسيسه في مايو/أيار عام 2017.
  • تطبيق نظام شامل لإصدار التذاكر لذوي الهمم تسهل حضورهم فعاليات الحدث، وتعزيز النفاذ الرقمي لكأس العالم لتسهيل وصول هذه الفئة للمحتوى الرقمي والتكنولوجيا الرقمية.

الشمولية

يتطلب تعزيز أفضل ممارسات سهولة الوصول خلق مجموعات عمل مع الخبراء والشركاء والمؤسسات المجتمعية وفتح الباب أمام الاستشارات المناسبة للدفع بتحسين الخدمات والبنية التحتية. وإلى جانب مؤسسات محلية مثل مركز الشفلح، ومركز مدى للتكنولوجيا المساعدة، ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة؛ اختارت الجهات المنظمة لكأس العالم إشراك مجتمع ذوي الهمم في تصميم ملاعب البطولة ومرافقها للتأكد من أنها مبنية وفق أفضل المعايير الدولية لتلبية متطلباتهم.

تتوفر فرصة أكبر لذوي الهمم لنقل معاناتهم بدقة عند مشاركتهم في التخطيط للمشاريع والمبادرات الموجهة إليهم، ومن هنا، فكرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في تأسيس منتدى التمكين عام 2016، ليكون بمثابة منصة تضم ذوي الهمم وأكثر من 30 مؤسسة تمثلهم، للاستعانة بآرائهم ومقترحاتهم حول تصميم المرافق الرياضية والبنى التحتية وفقاً لاحتياجاتهم.

وكان تركيز المنتدى في البداية منصباً على تحسين الوصول إلى مرافق البنية التحتية بعد الأخذ بآراء ذوي الهمم أنفسهم، ليُوجّه بعد ذلك نحو تعزيز سهولة الحركة والانتقال إلى الأنشطة الترفيهية المصاحبة للبطولة والتي سيستمتع بها ما يزيد عن 1.7 مليون زائر.

التوعية بطرق التعامل مع ذوي الهمم

تكتمل الجهود السابقة، بإعداد الموظفين والمتطوعين وتدريبهم على آداب تسهيل الوصول والحفاظ على سلامة الحضور من ذوي الهمم، وفي هذا الإطار تدرب ما يزيد عن 6,500 متطوع على التعامل مع هذه الفئة، ومن بين نحو 60 متطوعاً يقدمون في كل مباراة خدمات للمشاهدين وفق معايير الأمان والصحة والاستدامة؛ سيركز ما يصل إلى 30 متطوعاً على تقديم الخدمات لذوي الحركة المحدودة.

المحتوى محمي