بناء سلاسل توريد يزدهر فيها صغار المزارعين

9 دقائق
صغار المزارعين
shutterstock.com/Silvia Truessel

في غانا، يعمل مزارع من الجيل الثالث، واسمه آفي، في زراعة الكاكاو وجذور الكسافا في أرض صغيرة لا تزيد مساحتها على 3 هكتارات، ولكنه يجني أقلّ من دولار واحد في اليوم، علماً أن دراسة أجريت على مزارعي الكاكاو في المنطقة قدّرت أن كل مزارع يحتاج ما لا يقلّ عن 5.81 دولاراً يومياً ليتمكن من توفير مستوى معيشة لائق وكريم يكفي لتوفير منزل مقبول وإطعام عائلته وإرسال أولاده إلى المدرسة وسداد تكاليف أعمال الزراعة. وعلى الرغم من أن آفي يعمل 6 ساعات يومياً على الأقلّ أغلب الأيام، فهو لم يتمكّن من ادخار أي مبلغ وليس قادراً على الاستثمار في تطوير نفسه، كما أن 4 من أبنائه الخمسة يعملون بدلاً من الذهاب إلى المدرسة لمساعدة العائلة على تأمين قوت يومها. وفي الوقت ذاته، تعاني العائلة آثار التغير المناخي الخطِرة ومنها فترات الجفاف المطولة وتراجع خصوبة التربة، ولذلك من الطبيعي ألا يتفاءل أي من أبنائه بمستقبل العمل في الزراعة. يقدّر البنك الدولي أن عدد أسر صغار المزارعين في العالم يصل إلى 500 مليون أسرة يبلغ مجموع أفرادها ملياري نسمة، وعلى الرغم من أن مزارعهم صغيرة ولا تزداد مساحتها غالباً على هكتارَين فتأثيرها الكلي كبير؛ ينتج صغار المزارعين ما لا يقلّ عن ثلث إمدادات الغذاء العالمية، وعلى الرغم من أن هذه المزارع الصغيرة لا تسهم بدرجة كبيرة في التصدي لانبعاثات الغازات الدفيئة، فهي أكثر من يعاني الآثار المناخية.

فهمت شركات كثيرة في السوق تهديد التغير المناخي لحياة البشر ووجودهم، ولكن لم يدرك عدد كافٍ منها التداخل بينه وبين مشكلة عدم المساواة في العالم؛ تؤكد منظمة الأمم المتحدة أن القضاء على الفقر هو أعظم تحدٍّ عالمي وشرط جوهري للتنمية المستدامة، ومن أجل تحقيق هذا الشرط فلا بد من انضمام عدد أكبر من الشركات إلى الحكومات والمجتمع المدني للعمل بجد على مواجهة مشكلات عدم المساواة والفقر والتغير المناخي في آن معاً.

جَور المقايضات

أسست الشركة المتعددة الجنسيات، مارس (Mars)، مركز التفكير والعمل فارمر إنكم لاب (Farmer Income Lab)، الذي يضم شركات ومؤسسات غير حكومية وتنظيمات من المجتمع المدني، وقد أجرى هذا المركز بحثاً في عام 2021 قدّر من خلاله أن نحو 70% من المزارعين في سلاسل التوريد الزراعية يعيشون تحت خطّ الفقر الدولي المحدد بمبلغ 3.20 دولاراً في اليوم، ويعاني كثير منهم إلى جانب انعدام الأمن الغذائي المستمر الحرمان من الخدمات الصحية الأساسية والسكن والنقل والماء والصرف الصحي والتعليم أو عدم القدرة على سداد تكاليفها، كما أن النساء اللاتي يشكّلن قرابة نصف اليد العاملة في الزراعة بالدول النامية يعانين الإقصاء وانعدام المساواة على عدة مستويات، ما يعوقهنّ بصورة دائمة عن إطلاق العنان لكامل إمكاناتهن.

يعاني المزارعون جَور المقايضات بدلاً من الحصول على الدخل الذي يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية؛ يضطر كثير منهم مثل آفي إلى اختيار أحد أمرين، إما شراء الطعام وإما الاستثمار في الأسمدة من أجل تحسين محاصيلهم، أو إما بيع المحاصيل المسبق للحصول على النقود وإما عدم امتلاك أي مال للادخار، أو إما إرسال أبنائهم إلى المدرسة وإما إرغامهم على العمل لتأمين قوت الأسرة، وأدت الأحداث التي شهدها العالم مؤخراً إلى تفاقم هذه المشكلات، مثل جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية على أوكرانيا. يسهم كل ذلك في توليد دورة فقر يعاني صغار المزارعين فيها صعوبات مستمرة ويعجزون عن اكتساب القدرة على التعافي في مواجهة الصدمات المتزايدة الناجمة عن التغير المناخي والحروب.

الحلول المجدية، والحلول غير المجدية

كان نظام الغذاء العالمي على مدى عقود طويلة يركز بصورة مبالغ فيها على كفاءة الإنتاج ونقل المحاصيل المنتجة على حساب بناء سلاسل التوريد العادلة والقادرة على التعافي التي تعكس التكاليف الفعلية للإنتاج. عادة، يتحمل المزارع الذي يشكّل الحلقة الأضعف في السلسلة هذه التكاليف، ويؤدي الضغط التنازلي المستمر على السعر والتوزيع غير العادل للقيمة إلى تكاليف اجتماعية وبيئية باهظة على المزارعين الذين يندر أن يفكر المستهلكون والمستثمرون فيهم.

ولكننا شهدنا في السنوات الأخيرة بعض المحاولات لكسر هذه الدائرة، إذ عمل مركز فارمر إنكم لاب مع منظمة أوكسفام (Oxfam) وجامعة فاخيننغن (Wageningen University) على مراجعة أكثر من 1,500 دراسة توضح تفاصيل 48 إجراءً تدخلياً شائعاً تتخذه الحكومات والشركات والمجتمعات المدنية لزيادة دخل المزارعين، وهي تشمل المدارس الميدانية للمزارعين ودعمهم بالمواد الأولية من بذور وأسمدة ومنحهم شهادات الاعتماد. ولكن توصلت الدراسة الاستقصائية إلى أن 3 إجراءات تدخلية فقط كانت مستدامة وقادرة على زيادة الدخل المتوسط بنسبة أكبر من 50%، وعلى الرغم من أن هذه النتائج تبدو واعدة فهي لا تكفي على الإطلاق؛ فجني 1.30 دولاراً في اليوم بدلاً من 0.87 سنتاً لا يكفي لإخراج المزارع من دائرة الفقر، وفي غالبية الحالات يجب زيادة الدخل بنسبة تتراوح بين 100% و300% أو أكثر.

في الحقيقة، لا يمكن لأي كيان بمفرده سدّ هذه الفجوة في دخل صغار المزارعين، وينبغي للقطاع الخاص التشارك مع القطاع العام ومؤسسات الخدمات المالية والتكنولوجيا والمستثمرين من أجل تحويل سلاسل التوريد الزراعية لتصبح مستدامة أكثر للبشر والكوكب على حدّ سواء، وثمة حوافز واضحة للاستثمار في هذه النقلة؛ أحدها هو أن القوانين الجديدة وشروط الفحص النافي للجهالة (مثل التي يناقشها الاتحاد الأوروبي) تحمّل الشركات عبء دعم سلاسل التوريد التي تحترم حقوق الإنسان وتحمي الموارد البيئية، إلى جانب أن المستهلكين يطالبون الشركات بالإسهام في الحدّ من الفقر والضرر البيئي ويستخدمون قوتهم الشرائية لتحفيز التغيير، والأهم هو أنه من دون المنتجات الزراعية الموثوقة ذات الجودة العالية التي ينتجها المزارعون ستفشل الشركات في قطاعات الألبسة أو الأغذية أو غيرها ببساطة.

المسار الذي يمكن للشركات اتباعه من أجل معالجة مشكلة التفاوت

قد يصعب على كثير من الشركات فهم أفضل الطرق لتحفيز التغيير الذي يحتاج إليه المزارعون في سلاسل التوريد. ولذا، أنشأت مؤسسة آي دي آتش (IDH) أو مبادرة التجارة المستدامة (The Sustainable Trade Initiative) مخطط الدخل الكافي للمعيشة (Roadmap on Living Income) لمساعدة الشركات والمستثمرين وشركات التكنولوجيا والمؤسسات غير الحكومية والمجتمع المدني على المشاركة بصورة فردية وجماعية لزيادة دخل المزارعين، وهو يصف 4 مجالات يمكن أن تؤدي الشركات دوراً رائداً فيها:

  • تحسين ممارسات الشراء ومنها عملية شراء المنتجات من المزارعين والأسعار المدفوعة وتوقيت الدفعات ووتيرتها. بالنظر إلى التركيز الشديد على أداء الشركات المالي، تؤدي عمليات الشراء المتبعة حالياً إلى تقاضي المزارعين أجوراً أقل مما يكفيهم لإعالة أسرهم.
  • التعاون مع الحكومات وتنظيمات المزارعين والمؤسسات غير الحكومية للاستثمار في سلاسل توريد تتسم بالشفافية ويمكن تتبعها حيث تفهم كل مؤسسة دورها في تحقيق السلامة والجودة وتتبع المخزون والتواصل المفتوح والصادق حول تأثيراتها الاجتماعية والبيئية.
  • التشارك مع المستهلكين العازمين على دفع سعر أعلى للمنتجات بهدف ضمان زيادة دخل أسر المزارعين.
  • تقديم الخدمات أو التشارك مع تنظيمات المزارعين ومؤسسات الخدمات المالية المحلية والحكومات المحلية من أجل إتاحة حصول المزارعين على الخدمات المالية وإدخالهم إلى الأسواق وتزويدهم بالبذور والأسمدة وتقديم التدريب الذي يحتاجون إليه لتحسين إنتاجيتهم وجودة محاصيلهم.

ضبط عملية الشراء

يركز مركز فارمر إنكم لاب على عملية الشراء من أجل تحديد قدرة أفضل الممارسات على تمكين المزارعين من تحقيق مستوى معيشي كريم وتحسين قدرتهم على التعافي من الصدمات البيئية. يجب أن يتعدى تركيز ممارسات الشراء تكاليف شراء السلع وبيعها ليشمل التكاليف الاجتماعية والبيئية أيضاً.

كان مركز فارمر إنكم لاب من أوائل المؤسسات التي ركزت أبحاثها على هذه النقلة المهمة، وتوصل إلى أن ممارسات الشراء المنصفة والعادلة تفي بالمعايير الخمسة التالية:

1. منح الأولوية للعلاقات المنصفة مع المزارعين

يتعين على الشركة بناء علاقات طويلة الأمد وذات منفعة متبادلة مع المزارعين ومجموعاتهم من أجل ضمان بناء القدرة على التعافي في سلاسل التوريد وسبل عيش المزارعين على حد سواء. في عام 2016، أطلق صندوق سبل العيش للمَزارع العائلية، الذي أنشأته مؤسستا مارس ودانون، مشروعاً لتطوير سلسلة توريد مستدامة لنبات الفانيليا في مدغشقر حيث عانى المزارعون سوق المضاربة وتقلب الأسعار وتدني جودة الإنتاج والاستغلال؛ أمّن المشروع التزام مجموعة شركات متخصصة بإنتاج النكهات اتباع ممارسات تضمن تحسين جميع جوانب عملية الشراء ومنها دخل المزارعين على مدى 10 أعوام على الأقلّ، وأنشأ سلسلة توريد توفر التدريب والبنية التحتية والمواد اللازمة لدعم المؤسسات التعاونية التي يملكها المزارعون، كما تشارك المشروع التعاوني مع مؤسسة فانامبي (Fanamby) غير الحكومية في مدغشقر من أجل تنسيق العمل بين المنتجين بفعالية.

أبدى المشروع تقدماً مطرداً منذ البداية، ويستمر كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات الشريكة في التفاعل مع المشروع والمشاركة في أعمال الحوكمة مع ممثلي المنتجين والتعاون مع مؤسسة فانامبي على مناقشة المشكلات وإنشاء حلول لها. واليوم يشمل المشروع قرابة 3 آلاف مزرعة عائلية ويحسن دخل المزارعين بنسبة 200% ويحافظ على التنوع البيولوجي في أرض تصل مساحتها إلى 2,870 هكتاراً.

2. تقليص التقلبات والمخاطر التي يتعرض لها المزارعون

تؤدي أسعار السلع المنخفضة والمتقلبة إلى عجز المزارعين عن الاستثمار في مزارعهم والتخلي عن المحصول بالكامل أحياناً، ويمكن للشركات الإسهام في الحد من هذه المشكلة عن طريق مساعدة المزارعين على وضع القدرة على التعافي في شروط التعاقد.

يمكن تحقيق ذلك بعدة طرق تشمل تبني نموذج الحد الأدنى المضمون من السعر أو نموذج تسعير المرابحة (على أساس التكلفة الإضافية) الذي يوفر إيرادات تتعدى تكاليف الإنتاج للمزارعين، والاستثمار في جمع المزارعين ضمن تنظيمات أقوى حيث يمنحهم العمل الجماعي نفوذاً أكبر. كما يتعين على الشركات أخذ المخاطر المناخية المتزايدة في حسبانها ومساعدة المزارعين على تطوير استراتيجيات التكيف معها والقدرة على التعافي منها وتخفيفها، وذلك يشمل إمكانية الحصول على برامج تأمين المحصول والاستثمارات المالية لدعم تبني الممارسات الزراعية المستدامة مثل أنظمة الإنتاج المتجدد.

خذ مثلاً مؤسسة سستينابل هارفست (Sustainable Harvest)، التي تستورد أجود أنواع البن الأخضر وتساعد المؤسسات التعاونية في أميركا اللاتينية على إدارة مخاطر تقلب الأسعار بتبني نموذج البيع المتغير (variable sale)؛ وهو نموذج يجمع بين عقد السعر القابل للتثبيت الذي يتيح للمؤسسات التعاونية الاتفاق على سعر مع شركة سستينابل هارفست ضمن إطار فترة زمنية محددة، والخيارات العاجلة التي تُشترى عبر أحد حسابات الشركة وهي عقود مالية تتيح للمزارعين الاستفادة من زيادة السعر المحتملة. يجب أن تفهم المؤسسات التعاونية قدراتها المالية واقتصاديات المزارِع كي تضمن فعالية هذه الجهود، ولذلك تعمل مؤسسة سستينابل هارفست على تزويد المزارعين بما يلزمهم من تدريب ومعلومات وتحليلات كل من السوق والأدوات المالية المشتقة.

3. الاستثمار في المرأة

ما زالت المرأة في مجتمعات العالم الزراعية تعاني عقبات هيكلية تمنع حصولها على التعليم والأرض الزراعية والتمويل والبذور والأسمدة والمبيدات الحشرية، ومع ذلك فالأدلة تظهر احتمال أن يؤدي حصول المرأة على المنتجات والخدمات والفرص التي يحصل عليها الرجل ذاتها إلى زيادة الناتج الزراعي في الدول النامية بنسبة تتراوح بين 2.5% و4%، أي ما يكفي لإطعام ما بين 100-150 مليون شخص، كما توضح هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن الاستثمار في تمكين المرأة الاقتصادي يؤدي بصورة مباشرة إلى رفع معدلات المساواة بين الجنسين والقضاء على الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل. لذا يتعين على الشركات التي ترغب في بناء القدرة على التعافي في المستقبل أخذ اعتبارات حقوق المرأة وتمكينها في الحسبان عند وضع استراتيجيات الشراء.

عملت إحدى الشركات الرائدة في معالجة القهوة وتصديرها في يوغندا، يوغاكوف/سوكافينا يوغندا (Ugacof/Sucafina Uganda) مع مؤسسة آي دي آتش لتقييم نموذج تسليم خدماتها، فكشفت النقاشات أن سلطة النساء في صنع القرار محدودة، وأنهن لا يتمتعن بالاستقلالية، وأن دخلهنّ المتاح أقلّ من دخل الرجال ويحملن عبئاً مالياً أكبر مقارنة بهم بسبب تكاليف رعاية الأطفال غير المسددة نتيجة لارتفاع معدلات التسرب من المدارس والأعراف الاجتماعية. ولذا بدأت الشركة تقدم ورش عمل للتوعية المالية وأتاحت التمويل عن طريق جمعيات الادخار والقروض القروية وأشركت النساء في إنتاج المحاصيل الإضافية وتسويقها.

خذ مثلاً آخر شركة إيكوم (Ecom) التي تورّد القهوة والكاكاو في إندونيسيا، إذ توصلت إلى أن هذه الاستثمارات التي تركز على المرأة تفيد الأعمال، وتمكنت من تعزيز عرضها لأن المزارعات النساء أسهمن في زيادة الإنتاجية بنسبة 131%، في حين أسهم المزارعون الرجال في زيادتها بنسبة 95% فقط.

4. إطلاق العنان للتكنولوجيا

يجب على الشركات أيضاً تبني الابتكارات التكنولوجية، فالتكنولوجيا قادرة على تسوية الميدان وتتيح للمزارعين الحصول على التمويل ودخول الأسواق وتحسين استخدامهم للماء والبذور والأسمدة.

خذ مثلاً شركة تكنولوجيا ناشئة في الهند اسمها ستيلابس (Stellapps)، التي تعمل على رقمنة سلسلة توريد منتجات الحليب ومشتقاته على نحو يساعد صغار المزارعين في أرياف الهند على تعظيم أرباحهم مع تقليص الجهد والمواد الأولية في العمل عن طريق تقديم المعلومات الكافية حول الرصيد والتأمين والمواد الأولية الزراعية إلى جانب إجراءات أخرى، وتصل أدواتها التكنولوجية اليوم إلى 2.8 مليون مُزارع ألبان ينتجون أكثر من 13 مليون لتر من الحليب بقيمة 3.4 مليون دولار يومياً. كما أسهمت مكتسبات الكفاءة من رقمنة أنظمة تسليم الخدمة في تخفيض استهلاك الطاقة وانبعاثات غاز الميثان بدرجة كبيرة، وستساعد الاستثمارات الجديدة التي ستنفذها مؤسسة آي دي آتش على زيادة دخل المزارعين الصافي عن طريق تطوير التكنولوجيا التي تعزز الإنتاجية وجودة المنتجات وتتيح تتبعها عبر سلسلة التوريد.

5. جمع الإجراءات التدخلية في حزم

يتعين على الشركات أيضاً جمع الإجراءات التدخلية للإنتاجية وجودة المنتجات من خلال المشاريع التي تبني قدرة أسر المزارعين على التعافي (تشمل تنويع المحاصيل والثقافة المالية والأنشطة التي تزيد مشاركة النساء في عمليات الزراعة) وتعزز سلسلة التوريد الكلية (مثل رفع السعر بناء على الأداء والحد الأدنى من السعر وبناء قدرات تنظيمات المزارعين).

خذ مثلاً الشراكة بين كل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس أيد) (USAID) وشركة مارس ومعهد أثر التنمية (I4DI) لإطلاق مبادرة تحالف التنمية العالمي (Global Development Alliance) التعاونية بقيمة 7.2 مليون دولار التي ستستمر على مدى 4-7 أعوام بهدف الوصول إلى 9 آلاف مزارع يعملون في زراعة الكاكاو بإندونيسيا. تركز المبادرة على ممارسات الحراجة الزراعية بهدف تحسين القدرة المناخية على التعافي وزيادة دخل صغار المزارعين وضمان توريد الكاكاو عالي الجودة، وستتيح الحصول على المواد الأولية الزراعية والمساعدة الفنية والتمويل الميسور وخدمات تأمين المحاصيل وتنويعها ورفع مستوى الشمول للنساء. تهدف هذه المبادرة التعاونية عن طريق جمع هذه الإجراءات التدخلية في حزم إلى بناء سلسلة توريد للكاكاو تتمتع بالقدرة على التعافي وتقدم زيادة مستدامة في دخل أسر المزارعين.

الأعمال الجديدة بالأساليب المعتادة

لصغار المزارعين دور أساسي في أنظمة الغذاء العالمية، ومع ذلك فهم لا يحصلون سوى على النزر اليسير من قيمة السلع التي يقدمونها ولا يتمتعون بالنفوذ في غالبية سلاسل التوريد، وهم مثل آفي لا يستطيعون الاعتماد على إيرادات مزارعهم للتخلص من الفقر، وتواجه مصادر رزقهم تهديد التغير المناخي الذي تزداد خطورته يوماً بعد يوم.

تستدعي التنمية المستدامة عملاً جماعياً تتمتع الشركات بدور حيوي فيه، وإذا استثمرت في العدالة المناخية اليوم فستخفف الآثار الطويلة الأمد التي توقعها سلاسل التوريد المتقلبة وتحدّ من تناقص اليد العاملة في الزراعة. وإذا استثمرت الشركات في الاستراتيجيات التي تعمل على بناء علاقات طويلة الأمد مع المزارعين وتخفيف تقلب الأسعار والمخاطر والاستثمار في النساء وتبني الابتكارات التكنولوجية وتعالج العقبات الهيكلية، فستمهد الطريق لمستقبل عادل يتمتع بالقدرة على التعافي يوفر الغذاء للجميع.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي