قوة الاجتماع من أجل التأثير الاجتماعي

ريادة الأعمال الاجتماعية
unsplash.com/Tim Marshall
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يعد جمع الأشخاص معاً في بيئةٍ تُشجّع وتُسهّل تبادلَ الأفكار إحدى أقوى استراتيجيات الاتصال لدفع التغيير.

قبل اثني عشر عاماً، عندما عقدت مؤسسة “سكول” أول منتدى “سكول وورلد” في كلية سعيد للأعمال في أوكسفورد بالتعاون مع مركز “سكول” للريادة الاجتماعية، كان الهدف بسيطاً ومباشراً: الجمعُ بين الأكاديميين والمُمارسين وغيرِهم من القادة المُبتكِرين لاستكشافِ المقاييس، ومناقشةِ دراساتِ الحالة، وبناءِ مجالِ ريادة الأعمال الاجتماعية. لا يزال مفهومُ وتطبيقُ ريادة الأعمال الاجتماعية قيدَ التحديد، ونحن نعتقد أنه لم يكن هناك الكثير من الأشخاص يقومون بالفعل بهذا النوع من العمل.

فرصة للاتصالات

بينما كان التجمُّعُ الأول يتألّفُ من مجموعةٍ صغيرةٍ نسبياً، اكتشفنا أن المنتدى أصبحَ بسرعةٍ وفي غضون بضع سنواتٍ، مركزَ ثقلٍ ومحوراً نشطاً لمجموعةٍ واسعةٍ من الأفراد الذين رؤوا عمَلَهم كجزءٍ من حركةِ ريادة الأعمال الاجتماعية.

تمّ قلبُ افتراضِنا الأوليِّ الساذجِ إلى حدٍّ ما بأننا نحتاج للمساعدة في “بناء المجال” رأساً على عقب، واكتشفنا بدلاً من ذلك فرصةً لتنظيم مساحةٍ آمنةٍ وداعمةٍ للممارسين من جميع القطاعات للالتقاء واستكشافِ نماذجَ جديدةٍ للتأثير الاجتماعي. أدركنا أننا لسنا بحاجةٍ إلى بناء حركة، فقد كانت الحركة موجودةً بالفعل؛ لكن كانت لدينا فرصةٌ للمساعدة في تشكيلِ وتضخيمِ عملِ أولئكَ الذين يُكرّسون جهودهم لتسريع طرق التفكير الجديدة حول التقدم الاجتماعي العالمي.

في غضون بضع سنوات، أصبحنا نشغلُ كل مقعدٍ في كلية سعيد للأعمال، ونستضيفُ مناقشاتٍ حول قضايا متنوعةٍ؛ مثل الحدِّ من الفقرِ، والتنميةِ الاقتصادية، والصحةِ العالمية، وحقوقِ الإنسان، والتعليم. كان المُفوّضون قادرين على توجيه الأفكار والحلول والتقدم من خلال تعزيز التأثير وتقريب أصحابِ المصالح المتعددة من رواد الأعمال الاجتماعيين لإحداثِ تغييرٍ مُستدامٍ في مركزِ كلٍّ من هذه المناقشات.

قوة وتحدي الاجتماع

على مر السنين، أنشأت المؤسسة منشوراتٍ ومنصاتٍ على الإنترنت للمساعدةِ في دفعِ العمل وبناءِ العلاقات. حتى مع التقنياتِ والتطبيقاتِ الجديدة؛ يظلُّ منتدى “سكول وورلد” طريقتَنا الرئيسية لجمع الناس، وتسهيلِ التعاون بين الشركاء، وكسرِ الجليد، ورعايةِ المجتمع.

إن جمع الأشخاص والأصوات المتنوعة معاً في عالم اليوم سريعِ الوتيرة لا يخلو من التحديات، للعثور على وجهاتِ نظرٍ وأصواتٍ جديدةٍ من جميع أنحاء العالم، نواجهُ حواجزَ لوجستيةً في تأمينِ التأشيرات وإدارة السفر وتجاوزِ مخاوفِ الصحة العالمية والأمن القومي. يواجهُ الممارسون المشغولون عبءَ ترك عملهم وعائلاتهم والالتزامات الشخصية الأخرى وراءهم لحضور حدثٍ يمتدُّ لعدَّةِ أيامٍ ويتطلّبُ، بالنسبةِ للكثيرين، رحلةٌ طويلةٌ بالطائرة.

على الرغم من هذه التحديات، فقد رأينا أن الفُرصَ الهائلةَ والحماسَ والأفكارَ التي يُمكن أن تؤتي ثِمارَها، تظهرُ فقط من خلال الجمعِ بين الناسِ وتوفير مساحةٍ آمنةٍ للاستكشاف والابتكار.

الاتصالات غير المُرجّح حدوثُها تُعزِّزُ فرصاً جديدة

في كل عام، نقوم باحتضانِ برنامج ريادة الأعمال الاجتماعية الذي يُركزُ على الاتجاهات العالمية والأساليب الجديدة والدروس المستفادة، ومع ذلك، فإن الكثير من العمل المهم في المنتدى غير ظاهرٍ للجمهور بنسبةٍ كبيرة. حَرِصنا على مدارِ العقدِ الماضي أن يكون المنتدى مكاناً يتيحُ للأشخاص الذين قد لا تُتاحُ لهم فرصة الالتقاء، عقدَ جلساتِ عملٍ خاصةً.

عندما نؤمِّنُ الالتزامات من المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى وقادة الشركات وغيرِهم من المفكرين العالميين البارزين، فإننا نريدُ الحصول على خلاصةِ أفكارِهم وخبراتهم؛ ولكننا أيضاً نتأكدُ من أنهم لا يقفزونَ ببساطةٍ من المسرحِ إلى الطائرة؛ نتوقَّعُ منهم أن يُشاركوا في اجتماعاتٍ أصغرَ وأكثرَ حميميةً؛ حيث يُمكنهم تقديمُ مدخلاتٍ لاتفاقياتِ باريس المناخية الأخيرة، أو الحصولُ على المشورةِ من المُمارِسين حول تحقيقِ أهدافِ التنمية المستدامة الجديدة، أو استكشافُ إدخالِ طرائقٍ جديدةٍ لقياسِ التقدُّمِ الاجتماعي مثل مؤشر التقدم الاجتماعي.

توفِّرُ الجلساتُ الأساسية للمنتدى والبرمجة العامة عاملَ جذبٍ للأشخاص الذين يحضرون؛ ولكنَّ جلساتِ العملِ الخاصةَ هذه هي التي تُركزُ على إحداثِ تأثيرٍ وتوفِّرُ بُعداً آخر من القيمة للجميع.

دعم الأفراد وبناء المجتمع

رواد الأعمال الاجتماعيون وغيرهم من وكلاء التغيير مدفوعون شخصياً لإحداثِ التغيير، وغالباً ما يُواجهون تحدياتٍ هائلة، كما أوضحت “سالي أوسبيرغ” و”روجر مارتن” في كتابهما الجديد “تحقيق الأفضل Getting beyond better“، فإنّ روّادَ الأعمال الاجتماعيين لا يهدفُون فقط إلى تحسين الأمور؛ إنهم “يتخيلونَ العالمَ كما ينبغي أن يكونَ ويقولون ’لماذا لا؟’”؛ هذا الطموح الذي لا يتزعزعُ والالتزام الذي لا يلين يعني أن العديد منهم يحققون النجاح بتكلفةٍ شخصيةٍ للغاية.

تُوفّرُ الأحداث الشخصية فرصةً لبناء مجتمعٍ داعمٍ؛ نُنظّمُ المنتدى لإلهامِ وتحفيزِ رواد الأعمال الاجتماعيين وغيرهم من المبتكرين من خلال الاحتفاءِ بعملهم والاعتراف بأن استدامَتهم الشخصية أمرٌ أساسيٌّ لنجاحهم.

تشجع العديد من جلسات المجموعات المغلقة المندوبين على استكشاف توازنهم الشخصي، والتأثيرِ الذي قد يُلحِقُه عملُهم بأنفسهم روحياً وجسدياً، وكيف يُمكنهم أن يكونوا أكثر فاعليةً في أدوارهم القيادية المختلفة سواءً في العمل أو في العائلة. توفّرُ الاجتماعات وجهاً لوجهٍ مساحةً آمنةً عاطفياً وفكرياً تُتيحُ للمندوبين التعرّفَ على ما قد يُعيقُهم – أو ما قد يُساعدُ في تسريعِ فعاليتهم.

“طريقٌ سهل” لتجلب أشخاصاً جدداً معك

بينما يُركزُ المنتدى غالبية برنامجه على إنشاءِ مساحةٍ حيث يمكن للناس أن يرفعوا عن سواعدهم وينجزوا العمل، فإننا ندرك أن هناك مجتمعاً أوسع مهتمٌّ بمعرفةِ المزيد عن رواد الأعمال الاجتماعيين والقضايا المُلحَّةِ التي تواجه عالمنا.

ولتلبية هذا الطلب، فإننا نعقد فعاليات البرمجة العامة في مسرحٍ تجاريٍ في موقعٍ مركزيٍّ في أوكسفورد؛ يمكنُ لأعضاءِ المجتمع شراءُ تذاكر لحضور الجلسات العامة وحفلِ توزيع الجوائز السنوي؛ مما يجعل المنتدى أكثرَ شمولاً ويوفر “طريقاً سهلاً” للأشخاص لمعرفة المزيد. بالإضافةِ إلى ذلك، فقد استثمرنا في بناءِ حضورٍ رقميٍّ قويٍّ لمساعدةِ الأشخاص من جميع أنحاء العالم على تجربةِ المنتدى فعلياً؛ نقوم ببثٍّ مباشرٍ للجلساتِ العامةِ على موقعنا، وننتجُ مُدوّناتٍ ومنشوراتٍ على وسائلِ التواصل الاجتماعي تتيحُ للأشخاص الانخراطَ والمشاركةَ في المحادثات عبر الإنترنت.

أثر الاتصالات والأفكار والالتزامات

في كل عام، نسمع قصصاً عن الاتصالات الجديدة والتزامات التمويل الجديدة والأفكار الجديدة التي تطوَّرَت إلى مؤسساتٍ ناجحةٍ. إنّ شرارةَ الفكرةِ التي أصبحت في النهاية “سوكاب SOCAP“، والتجمع السنوي للمدراءِ الذين يقودون ويُنفّذونَ مؤشر التقدم الاجتماعي، هما مثالان على التأثيرِ الاستثنائيِّ لجمعِ الناس معاً.

يمنحنا الاجتماع أيضاً الفرصةَ لنكون أعضاءً نشطين داخل المجتمع، فعند إنشاء المنتدى، أنشأنا سوقاً للأفكار حيث يُمكننا أن نكون المضيفَ وأصحابَ المصلحةِ في الوقت ذاته؛ وهذا يسمحُ لنا بإعادة النظر في مناهِجِنا والتفكير في أفكارٍ جديدةٍ لدفع عملنا إلى الأمام.

على الرغم من كلّ التطورات التكنولوجية؛ نحن نعلمُ أن البشر سيستمرّون في تقديرِ الاجتماعِ شخصياً باعتبارهِ الطريقة الأساسية لبناءِ العلاقات والحفاظ عليها. قد تُصبحُ الاتصالات وجهاً لوجه أكثرَ أهميةً في عالمنا الرقمي المتزايد؛ حيثُ يبحثُ الأشخاصُ عن اتصالاتٍ تتجاوز حدودَ دردشةٍ على تويتر أو منشوراً في مدونة. على مدار الـ 12 عاماً الماضية، شَهِدنا القوةَ الفريدة للتجمع لمساعدةِ الأشخاص على التواصل والتعلم والنمو – وفي النهاية؛ قيادةُ نوع التغيير الذي يُريدونَ رُؤيَتَه في العالم.

يُمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من هذا المقال من خلال الرابط، علماً أن المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخَ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.