التحول إلى ريادة الأعمال الاجتماعية

رائد الأعمال الاجتماعي
shutterstock.com/Harish Marnad
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ماذا يحدث عندما يجلب رائد أعمال بنجاحٍ خصائصَه الشخصيةَ للتأثيرِ على توازنٍ دونَ المستوى الأمثل؟ يقومُ هو أو هي بخلقِ توازنٍ مستقرٍّ جديدٍ؛ توازنٌ يُوفّرُ مستوىً أعلى من الرضا للمشاركين في النظام. للتوسُّعِ في رؤية ساي الأصلية؛ قام رائد الأعمالِ بتصميمِ نقلةٍ دائمةٍ من التوازنِ مُنخفضِ الجودةِ إلى توازنٍ عالي الجودة؛ هذا التوازنُ الجديدُ دائمٌ لأنه ينجحُ أولاً ثم يستقر، على الرغم من أن بعض جوانب التوازن الأصلي قد تستمر (مثل أنظمة البريد السريع باهظةُ الثمنِ والأقلُّ كفاءةً، ومبيعاتِ المرآب، وما شابه ذلك)، وفي النهايةِ< يتجاوزُ بقاؤها ونجاحها رائدَ الأعمال والمشروعَ الرياديَّ الأصلي. يستقرُّ التوازنُ الجديدُ أولاً ثمَّ يستمرُّ بثباتٍ من خلال تبنِّي السوقِ الشامل، والمستوياتِ الكبيرةِ من المُحاكاة، وإنشاءِ نظامٍ بيئيٍّ حوله وداخله.

خلق التوازن المستقر

عندما اخترعَ ستيف جوبز وستيف وازنياك الكمبيوتر الشخصي، لم يُخفّفا ببساطةٍ من اعتماد المستخدمين على الكمبيوتر الرئيسي – لقد حطموه، ونقلوا التحكم من “المنزل الزجاجي” إلى سطح المكتب. بمُجرَّدِ أن رأى المستخدمون أنَّ التوازنَ الجديدَ يظهرُ أمامَ أعيُنِهم، فقد احتَضَنوا ليسَ فقط آبل ولكن أيضاً العديد من المنافسين الذين قفزوا إلى المعركة. في وقتٍ قصيرٍ نسبياً، أنشأَ المؤسسون نظاماً بيئياً كاملاً به العديد من الأجهزةِ والبرامج والمُورِّدين المُحيطيِّين، وقنواتُ التوزيعِ والبائعون بالتجزئةِ، ومجلاتُ الكمبيوتر، والمعارض التجارية، وهلمَّ جرّاً.

بسببِ هذا النظام البيئي الجديد؛ كان بإمكان آبل الخروج من السوق في غضونِ بضعةِ سنواتٍ دون زعزعة استقراره. بمعنىً آخر؛ لم يعتمدِ التوازنُ الجديدُ على إنشاءِ مشروعٍ واحدٍ، في هذه الحالة آبل؛ ولكن على استملاكِ النموذجِ واستبداله ونشوءِ مجموعةٍ من الشركات الأخرى ذات الصلة. وفقاً لمصطلحات جوزيف شومبيتر، أنشأ التأثيرُ المشتركُ نظاماً جديداً للحوسبة وجَعَلَ النظام القديم القائم على حاسبٍ مركزيٍّ أمراً طيَّ النسيان.

في حالة أومبيديار وسكول، قدّمَ إنشاء إي باي طريقةً ممتازةً مَكَّنَتِ المُشترين والبائعين من التواصل؛ ما حقَّقَ توازناً أعلى. نشأت طرقٌ جديدةٌ كلِّياً لممارسة الأعمال التجارية والشركات الجديدة في سبيلِ إنشاءِ نظامٍ قويٍّ لا يُمكنُ تفكيكُهُ ببساطة، وبالمثل؛ ابتكر سميث عالماً جديداً لتسليم الطرود أدّى إلى رفع المعايير، وغَيَّرَ ممارسات الأعمال، ونتج عنه منافسونَ جدد، كما أنه تسبَّبَ في إضافةِ فعلٍ جديدٍ إلى اللغة الإنجليزية: “to FedEx” أي “إرسال طرد عن طريق فيد اكس”.

في كل حالةٍ من هذه الحالات؛ كان التغيُّرُ بين جودةِ التوازنِ القديمِ والجديدِ ضخماً، وسُرعان ما أصبح التوازن الجديد مستداماً ذاتياً، وأنتج المشروع الريادي الأوليُّ العديد من المُقلِّدين. ضمنت هذه النتائج مجتمعةً أن كل من يستفيد يؤمِّنُ مكانةً أعلى.

التحول إلى ريادة الأعمال الاجتماعية

إذا كانت هذه هي المكونات الرئيسية لريادة الأعمال، فما الذي يُميّزُ ريادة الأعمال الاجتماعية عن مثيلتها الربحية؟ أولاً؛ نعتقد أن الطريقة الأكثر فائدةً وإفادةً لتعريف ريادة الأعمال الاجتماعية هي إثبات تطابُقِها مع ريادة الأعمال، عبرَ رؤيةِ ريادة الأعمال الاجتماعية على أنها ترتكزُ على هذه العناصر الثلاثة نفسها؛ أيُّ شيءٍ آخر سيكونُ مُحيِّراً وغيرَ مفيد.

لفهمِ ما يُميزُ مجموعتي رواد الأعمال عن بعضهما البعض؛ من المهم تبديدُ الفكرة القائلة بأن الاختلافَ يُمكنُ أن يُعزى ببساطةٍ إلى الدافع – حيث يُحفِّزُ المالُ روادَ الأعمال بينما يدفعُ الإيثارُ أصحابَ المشاريع الاجتماعية. الحقيقةُ هي أن روادَ الأعمال نادراً ما يكونون مدفوعينَ باحتماليةِ المكاسبِ المالية، لأن احتمالات جنيِ الكثيرِ من المال تتراكمُ ضدَّهُم بوضوح. بدلاً من ذلك، فإن كلاً من رائد الأعمال ورائد الأعمال الاجتماعي مدفوعٌ بقوةٍ بالفرصةِ التي يسعون إلى استغلالها، والسعيِ وراءَ تحقيقِ تلك الرؤيةِ بلا هَوادةٍ، والحصولِ على مكافأةٍ معنويةٍ كبيرةٍ من عمليةِ تحقيقِ أفكارِهم. بغضِّ النظر عما إذا كانوا يعملون في إطار السوق أو في سياقٍ غيرِ هادفٍ للربح، فإنَّ مُعظمَ روادِ الأعمال لا يتم تعويضُهم بالكامل عن الوقتِ والمخاطرِ والجهد ورأس المال الذي يصبُّونَه في مشاريعهم.

نعتقدُ أن الفرقَ الجوهريَّ بين ريادة الأعمال وريادة الأعمال الاجتماعية يكمن في عرضِ القيمةِ بحدِّ ذاته. بالنسبة لرائد الأعمال، فإنَّ عرضَ القيمة يتوقَّعُ حركة الأسواقِ ويتمُّ تنظيمُهُ لخدمةِ الأسواقِ التي يُمكنُها تحمُّلُ تكلفةِ المُنتجِ أو الخدمةِ الجديدةِ بشكلٍ مُريح؛ وبالتالي فهو مُصممٌ لتحقيق ربحٍ مالي. منذ البداية؛ كان التوقُّعُ هو أن رائد الأعمال ومستثمريه سوف يَجنونَ بعض المكاسب المالية الشخصية؛ الربحُ شرطٌ لا غنى عنه، وهو ضروريٌّ لاستدامةِ أيِّ مشروعٍ والوسيلةُ لتحقيقِ نهايتهِ النهائيةِ على شكلِ اعتمادِه في السوقِ على نطاقٍ واسعٍ، وفي النهايةِ؛ تحقيقِ توازنٍ جديد.

ومع ذلك؛ لا يتوقَّعُ رائدُ الأعمال الاجتماعي تحقيقَ أرباحٍ ماليةٍ كبيرةٍ ولا يُخطِّطُ لذلك؛ سواءً لمُستثمريه، والذين يتشكلون من منظماتُ خيريةُ وحكومية في الغالب، أو لنفسهِ. بدلاً من ذلك؛ يسعى رائدُ الأعمال الاجتماعي إلى تحقيقِ القيمةِ على شكلِ فائدةٍ ملموسةٍ واسعةِ النطاقِ تفيدُ إما شريحةً كبيرةً من المجتمع أو المجتمعَ ككُلّ. على عكسِ عرضِ قيمةِ رائدِ الأعمال الذي يفترض وجود سوقٍ يُمكنُه دفعُ تكاليفِ الابتكار، وقد يُوفرُ أيضاً ميزةً إيجابيةً كبيرةً للمستثمرين؛ يستهدفُ عرض قيمة رائد الأعمال الاجتماعي السكانَ المحرومين أو المهملين أو الذين يفتقرونَ إلى الوسائلِ الماليةِ أو النفوذِ السياسيِّ لتحقيقِ الفائدةِ التحويليةِ من تلقاءِ أنفُسِهم؛ هذا لا يعني أن رواد الأعمال الاجتماعيين، كقاعدةٍ صارمةٍ وثابتةٍ، يتجنَّبونَ مُقترحات القيمةِ الهادفةَ لتحقيقِ الربح؛ من المؤكد أن المشاريع التي أنشأها رواد الأعمال الاجتماعيون يمكن أن تولِّدَ دخلاً، ويمكنُ تصنيفها إما على أنها غيرُ ربحيةٍ أو ربحيةٌ. ما يُميزُ ريادة الأعمال الاجتماعية هو أولويةُ المنفعةِ الاجتماعية، وهو ما وصفه الأستاذ في جامعة دوك؛ غريغ ديس، في عملهِ الأساسي في هذا المجال بالسعيِ لتحقيقِ “التأثير المُرتبطِ بالرسالة”.

المكونات الرئيسة لريادة الأعمال الاجتماعية

نحن نُعرّفُ ريادةَ الأعمال الاجتماعية على أنها تشتملُ على المكونات الثلاثة التالية:

(1) تحديدُ توازنٍ مُستقرٍ ولكنَّهُ غيرُ عادلٍ بطبيعتهِ ويتسببُ في إقصاءِ أو تهميشِ أو معاناةِ شريحةٍ من الإنسانيةِ تفتَقِرُ إلى الوسائلِ الماليةِ أو النفوذِ السياسيِّ لتحقيقِ أي فائدةٍ تحويليةٍ من تلقاءِ نفسها.

(2) تحديدُ فرصةٍ في هذا التوازن غير العادل، وتطويرُ عرضِ القيمةِ الاجتماعية، وجلبُ الإلهامِ والإبداع والعملُ المباشرُ والشجاعةُ والثبات؛ وبالتالي تحدّي هيمنة الحالةِ المستقرة.

(3) إقامةُ توازنٍ جديدٍ ومستقرٍّ يُطلقُ الإمكانات المُحاصَرةَ أو يُخفِّفُ من معاناةِ المجموعةِ المُستَهدَفة، ومن خلال المحاكاة وإنشاءِ نظامٍ بيئيٍّ مُستقرٍّ حولَ التوازنِ الجديد لضمانِ مستقبلٍ أفضل للفئة المستهدفة وحتى المجتمع ككلّ.

رائد الأعمال الاجتماعي في الواقع

  • محمد يونس

يُقدِّمُ محمد يونس؛ مؤسس بنك “غرامين” وأبُ القروضِ الصغيرة، مثالاً كلاسيكياً على رائد الأعمال الاجتماعي وريادة الأعمال الاجتماعية؛ إن التوازن المستقر ولكن المُؤسِف الذي حدَّدَهُ، يتمثَّلُ في الخياراتِ المحدودةِ للبنغلادشيينَ الفُقراء لتأمينِ حتى أصغرِ مبالغِ الائتمان.

وبسبب عدم قُدرَتِهم على التأهُّلِ للحصولِ على قُروضٍ من خلالِ النظامِ المصرفيِّ الرسميِّ؛ لا يُمكنُهم اقتراضُ المالِ إلا عن طريقِ الرضوخِ لأسعارِ الفائدةِ الباهظةِ من مُقرِضي الأموالِ المحليين، وفي الغالبِ؛ كانوا ببساطةٍ يستسلمون ويلجؤون للتسوُّلِ في الشوارع.

كان هناك توازنٌ مستقرٌّ من أكثرِ الأنواعِ تعاسةً؛ وهو التوازن الذي أدَّى إلى استمرارِ الفقرِ المستوطنِ في بنغلادش والبؤسِ الناجمِ عنه؛ بل والذي أدَّى حتّى إلى تفاقُمه.

واجهَ يونس النظام، وأثبت أن الفقراء لم يكونوا يمثلون مخاطرَ ائتمانيةً كبيرة للغاية من خلالِ إقراضِ مبلغِ 27 دولاراً من جيبهِ الخاص – المبلغُ الذي أصبحَ واسعَ الشهرةِ الآن – إلى 42 امرأةٍ من قرية جوبرا؛ قامتِ النساءُ بسدادِ كاملِ القرض.

وجدَ يونس أنه حتى مع توفيرِ مبالغَ ضئيلةٍ من رأسِ المال، استثمرتِ النساءُ في قدرتهنَّ على توليدِ الدخل.

باستخدامِ ماكينةِ الخياطة، على سبيل المثال، يُمكنُ للنساءِ خياطة الملابس وكسبُ ما يَكفي لسدادِ القرض، وشراءِ الطعام، وتعليمِ أطفالهنّ، وانتشالِ أنفسهنّ من الفقر.

حافظ بنك “غرامين” على نشاطهِ من خلال فرض فائدةٍ على قروضهِ ثم إعادةِ تدويرِ رأسِ المال لمساعدةِ النساءِ الأخريات.

جلب يونس الإلهام والإبداع والعمل المباشر والشجاعة والثبات لمشروعه، وأثبَتَ جدواه، وعلى مدى عقدين من الزمن انتشرت شبكةٌ عالميةٌ من المنظماتِ الأخرى التي قامت بتكرارِ أو تكييفِ نموذجهِ مع البلدان والثقافات الأخرى؛ ما أدّى إلى ترسيخِ القروضِ الصغرى كصناعةٍ على مستوى العالم.

  • روبرت ريدفورد

يُقدّمُ الممثلُ والمخرجُ والمنتجُ الشهير روبرت ريدفورد حالةً أقلَّ شهرةً؛ ولكنها توضيحيةٌ أيضاً لريادة الأعمال الاجتماعية، ففي أوائل الثمانينيات، تراجع ريدفورد عن مسيرته المهنية الناجحة لاستعادةِ مساحةٍ في صناعةِ السينما للفنانين.

صُدمَ ريدفورد بمجموعةٍ من القوى المتعارضة في العمل؛ لقد حدَّدَ توازناً قمعياً بطبيعته ولكنه مستقرٌّ في الطريقةِ التي تعمل بها هوليوود، مع نموذجِ أعمالِها مدفوعاً بشكلٍ متزايدٍ بواسطةِ المصالح المالية، وانجذابِ إنتاجاتِها إلى الأفلام الرائجةِ البرّاقةِ والعنيفةِ في كثيرٍ من الأحيان، وأصبحَ نظامُها الذي يُهيمنُ على الاستوديوهات أكثرَ وأكثرَ مركزيةً في التحكّمِ في طريقةِ تمويلِ الأفلامِ وإنتاجِها وتوزيعها.

في الوقت نفسه؛ أشارَ إلى أن التكنولوجيا الجديدة آخذةٌ في الظهور – أقلّ تعقيداً وأقلّ تكلفةً لمقاطعِ الفيديو ومعدّات التحرير الرقمية – والتي مَنَحت صانعي الأفلام الأدواتَ التي يحتاجونها لممارسةِ المزيد من السيطرةِ على عملهم.

عند رؤية الفرصة، انتهزها ريدفورد لرعاية هذا الصنف الجديد من الفنانين.

أولاً؛ أنشأ معهد “صن دانس” لإخراجِ الأموالِ من الصورة وتزويدِ صانعي الأفلام الشباب بالمساحة والدعمِ لتطوير أفكارهم. بعد ذلك؛ أنشأ مهرجان “صن دانس” السينمائي لعرض أعمال صانعي الأفلام المستقلين. ثم ركّزَ عرضُ القيمة الخاص بـ “ريدفورد” منذ البدايةِ على المُخرِجِ المُستقلّ الناشئ الذي لم يَتمّ التعرُّفُ على مواهبهِ أو خدمتها بسبب سيطرة نظام استوديو هوليوود على السوق.

أسس ريدفورد معهد “صن دانس” كشركةٍ غير ربحيةٍ، مُستفيداً من شبكة علاقاتهِ من المُخرجين والممثلين والكُتّاب وغيرهم للمساهمةِ بخبراتِهم كمُوجِّهينَ مُتطوّعين لصانعي الأفلام الناشئين.

كما سعر مهرجان “صن دانس” السينمائي بحيث نال استحساناً، وكان في متناول جمهورٍ عريض.

بعد 25 عاماً، يُنسب إلى “صن دانس” دورهُ في دخولِ حركةِ الأفلام المستقلة، والتي تضمن اليوم قُدرةَ صانعي الأفلام “المستقلين” إنتاج أعمالهم وتوزيعها، وتمكينِ روّادِ السينما من الوصول إلى مجموعةٍ كاملةٍ من الخيارات – بدءاً من الأفلام الوثائقية المُثيرةِ للفكر إلى العمل الدولي المثير للجدل والرسوم المتحركة المرحة. التوازن الجديد، الذي كان حتى قبل عقدٍ من الزمان لا يزالُ ضعيفاً ومُتخلخلاً، أصبحَ الآن راسخاً.

  • فيكتوريا هيل

فيكتوريا هيل هي مثالٌ لرائدة أعمالٍ اجتماعية لا يزال مشروعها في مراحله الأولى والتي تنطبقُ عليها معاييرنا مسبقاً.

هيل عالمةٌ صيدلانيةٌ أصبحت مُحبَطةً بشكلٍ مُتزايدٍ من قوى السوق التي تُهيمنُ على صناعتها، وعلى الرغم من أن شركات الأدوية الكبرى لديها براءات اختراعٍ لأدويةٍ قادرةٍ على علاجِ أي عددٍ من الأمراض المُعدِية؛ إلا أن الأدوية لم يتم تطويرها لسببٍ بسيطٍ: السكّانُ الأكثرُ احتياجاً للأدوية لم يتمكَّنوا من تَحمُّلِ تكاليفها.

بدافعٍ من الحاجة إلى تحقيق أرباحٍ ماليةٍ لمُساهميها؛ كانت صناعة الأدوية تُركِّزُ على ابتكارِ وتسويقِ الأدوية للأمراض التي تصيبُ الأثرياء الذين يعيشون في الغالب في أسواق العالم المتقدم، والذين يمكنهم دفع ثمنها.

صممت هيل على تحدّي هذا التوازن المستقر؛ الذي اعتبَرَتهُ ظالماً وغير مُحتَمل. أنشأت مؤسسة “ون وورلد هيلث” (oneworldhealth)؛ وهي أوّل شركةِ أدويةٍ غير ربحيةٍ تتمثل مهمتها في ضمانِ وصول الأدوية التي تستهدفُ الأمراضَ المُعدية في العالم النامي إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها، بغضِّ النظرِ عن قُدرَتِهم على دفعِ ثمن الأدوية.

لقد تجاوز مشروع هيل الآن مرحلة إثبات المفهوم؛ لقد نجحَت في تطويرِ واختبارِ وتأمينِ الموافقة التنظيمية الحكومية الهندية لأولِ دواءٍ لها، الباروموميسين؛ والذي يُوفرُ علاجاً فعالاً من حيث التكلفة لداء الليشمانيات الحشوي؛ وهو مرضٌ يقتلُ أكثر من 200 ألف شخص كلّ عام.

على الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هيل ستنجح في خلق توازنٍ جديدٍ يضمن معالجةً أكثرَ إنصافاً للأمراض التي تصيب الفقراء، فمن الواضح أنها تُلبّي معاييرَ رائد الأعمال الاجتماعي.

أولاً؛ حددت هيل توازناً مستقراً ولكنه غيرُ عادل في صناعة الأدوية، ثانياً؛ لقد رأت واغتنمت الفرصة للتدخل وتطبيق الإلهام والإبداع والعمل المباشر والشجاعة في إطلاق مشروعٍ جديدٍ لتوفير خياراتٍ للسكان المحرومين، وثالثاً؛ تُظهرُ ثباتاً في إثبات إمكانيات نموذجِها بنجاحٍ مُبكّر.

سيُحدّدُ الوقتُ ما إذا كان ابتكارُ هيل يُلهِمُ الآخرين لتكرارِ جهودها، أو ما إذا كانت مؤسسة “ون وورلد هيلث” نفسها تحقّقُ النطاقَ اللازمَ لتحقيقِ هذا التحوّل الدائم في التوازن؛ لكنّ العلاماتِ مُبشِّرة. بالنظرِ مُستقبلاً عقداً أو أكثر من الزمان، يُمكنُ لمُستثمريها – مؤسسة “سكول” – أن يتخيّلوا اليوم الذي ستكون فيه مؤسسة هيل “ون وورلد هيلث” التي قد أنشأت نموذجاً جديداً للأدوية، نموذجاً له نفس الفوائد الاجتماعية الدائمة الظاهرة في القروض الصغرى الراسخة الآن وصناعة الأفلام المستقلة.

يودُّ المؤلفون أن يشكُروا زملائهم في مؤسسة “سكول”: ريتشارد فاهي كبير مسؤولي التشغيل، وروث نوريس، كبيرة مسؤولي البرامج، اللذان قرآ المسودّات السابقة لهذا المقال وساهما بأفكار مهمة في تطوّره.

لمتابعة الجزء الأول من السلسلة؛ أقرأ: ريادة الأعمال الاجتماعية: تعريف الحالة

لمتابعة الجزء الثاني من السلسلة؛ اقرأ: ريادة الأعمال الاجتماعية: سياق ريادة الأعمال

لمتابعة الجزء الرابع من السلسلة؛ اقرأ: ما هي حدود ريادة الأعمال الاجتماعية؟

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.