أصبح العالم على مفترق طرق حاسم مع عجزه عن وضع حد للجوع بحلول عام 2030 كما هو مُسطر بالهدف الثاني من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. فمع استمرار الصراعات والتغير المناخي والصدمات الاقتصادية؛ ستتفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وسيُعاني 670 مليون إنسان من الجوع بحلول نهاية العقد الجاري.
ويتطلب هذا الوضع تكثيف الجهود لاتخاذ تدابير مثل تعميم الحماية الاجتماعية وإحلال السلام في المناطق التي تشهد نزاعات، ودعم المزارعين وتمكينهم مادياً لمواجهة تقلبات المناخ، وتحسين جودة سلاسل إمداد النظم الغذائية، والقضاء على الفقر وأوجه عدم المساواة، وتغيير نمط استهلاك الغذاء.
وقد اعتمدت حملة المليار وجبة، التي أطلقتها دولة الإمارات في شهر رمضان عام 2022، على مفهوم التمويل الجماعي لتوفير الدعم الغذائي للفئات الأكثر احتياجاً، إذ استهدفت الحملة توزيع مليار وجبة في 50 دولة حول العالم عبر جمع التبرعات من الأفراد والمؤسسات ومجتمع الأعمال والمؤسسات الخيرية والإنسانية، وتعزيز الوعي الفردي والمجتمعي والمؤسسي بأهمية مكافحة هدر الطعام، فلماذا اختارت هذا النهج؟
حلول التمويل الجماعي لتحقيق التنمية المستدامة
يُدمج التمويل الجماعي الموارد المحلية مثل المجتمعات المستفيدة والسلطات المحلية والمستثمرين من القطاع الخاص في عملية التنمية، بما يضمن توليد مصادر تمويل إضافية للمشاريع الإنسانية والإنمائية، وأيضاً تعزيز المساءلة والشفافية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
وتساعد حلول التمويل الجماعي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتنظر إليه المؤسسات الخيرية كوسيلة لاستقطاب الداعمين للقضايا التي تعمل عليها، مثل الإغاثة في حالات الكوارث، وجمع التبرعات المادية لعلاج المتضررين من العواصف أو الزلازل المدمرة، أو بناء ملاجئ مؤقتة وشراء الإمدادات الطبية، وقد تكون هناك حملات لاحتياجات محددة مثل تأمين الملابس والغذاء للمناطق الأشد احتياجاً.
وفي هذا الإطار، نفذت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، حملة المليار وجبة، المتممة لحملتي 10 ملايين وجبة و100 مليون وجبة في شهر رمضان من عامي 2020 و2022، بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم الخيرية والإنسانية، والشبكة الإقليمية لبنوك الطعام، وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وغيرها من المؤسسات المختصة في الإمارات والدول المستهدفة، وحققت هدفها من خلال جمع تبرعات من مؤسسات وشركات ورجال أعمال و320 ألف فرد.
تعد التبرعات من الطرق الرئيسية التي تضمن وصول الدعم لمستحقيه؛ وعليه خصصت الحملة 4 آليات لاستقبال تبرعات ومساهمات الأفراد والمؤسسات والشركات لدعم جهود مكافحة الجوع وسوء التغذية عالمياً، وهي: الموقع الإلكتروني للحملة، وإرسال رسالة نصية، والتحويلات المصرفية، ومركز الاتصال التابع لها.
توظيف التكنولوجيا لزيادة حجم التبرعات
مع التطور التكنولوجي؛ تغيرت طرق جمع التبرعات وباتت أكثر سهولة وقدرة على استقطاب الآلاف من المتبرعين، إذ تعتمد منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، على موقعها الإلكتروني في جمع التبرعات لإنقاذ الأطفال من الجوع في أكثر من 190 دولة.
كما يعتمد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة على تطبيق شارك الوجبة (sharethemeal) لمساعدة أطفال سورية في مواجهة الجوع بطريقة سهلة.
ونظراً لما قد يتخلل التبرع عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية عمليات احتيال واستغلال لسخاء المتبرعين، تركز المؤسسات والحملات الخيرية، مثل حملة المليار وجية على توفير طرق دفع آمنة، ومتابعة التقدم نحو هدف جمع التبرعات لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين.
تحقيق الهدف الأساسي من جمع التبرعات
تساهم التحويلات النقدية في الحد من الجوع والفقر وتحسين نتائج التعليم والصحة في سياقات متنوعة، وكانت إحدى الطرق الفعّالة التي اعتمدتها حملة المليار وجبة في جمع التبرعات وإيصالها للمحتاجين.
ويستخدم ذوو الدخل المحدود مبالغ التحويلات النقدية التي حصلوا عليها في تلبية حاجاتهم الأساسية مثل السكن والطعام، على سبيل المثال، حصل بعض المشاركين في مشروع نيو ليف بروجكت (New Leaf Project) الذي أطلقته مؤسسة فاونديشنز فور سوشال تشينج (Foundations for Social Change) في عام 2018 لتقديم التحويلات النقدية للمشردين في مدينة فانكوفر الكندية، على ما يعادل 5,700 دولار أميركي لمساعدتهم في تأمين الغذاء والحصول على سكن.