الفرص الخضراء: 4 عوامل لنجاح مشاريع تنموية تدمج تكافؤ الفرص مع الاستدامة البيئية

الفرص الخضراء
https://www.shutterstock.com/Kamolrat
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يوجد رابط يجمع بين مجالات الحياة المختلفة بطريقة أو بأخرى، فالمساواة الاجتماعية تساعد على تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية، كما يعزز النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية ومواجهة تغير المناخ من فرص القضاء على مشاكل اجتماعية مثل الفقر والبطالة. من هنا برزت فكرة المشاريع التنموية التي تتصدى لأوجه عدم المساواة الاجتماعية بأسلوب صديق للبيئة، وعلى الرغم من أنها فكرة حديثة نسبياً في المنطقة العربية، فإن مؤسسة الملك خالد في السعودية تبنّتها حين راجعت استراتيجيتها من أجل تحقيق تكافؤ الفرص والاستدامة البيئة في آنٍ معاً، فأطلقت أولى استثماراتها الاجتماعية، “الفرص الخضراء“، وسنستعرض في هذا المقال أسباب نجاحها في تحقيق المساواة الاجتماعية بالتزامن مع الاستدامة الاقتصادية والبيئية.

الفرص الخضراء

ضمن خطتها الاستراتيجية الجديدة 2022- 2026 أطلقت مؤسسة الملك خالد في السعودية في الربع الثاني من عام 2022 الفرص الخضراء، وهي عبارة عن دعم مالي يُقدم للمؤسسات الاجتماعية والمنظمات غير الربحية من أجل العمل على مشاريع ومبادرات تُمكِن الأسر محدودة الدخل والفئات الأقل حظاً عبر تزويدهم بالمهارات الوظيفية والحرفية التي تؤهلهم للعمل في قطاعات تسهم في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.

وتتاح المِنَح لأي مشروع يخلق فرص عمل في المجالات الصديقة للبيئة، مثل الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير ومكافحة التصحر، والزراعة المستدامة والسياحة البيئية وغيرها، ما يساعد على تحسين المستوى المعيشي للأفراد والأسر المحتاجة.

ما أسباب نجاح الفرص الخضراء؟

إن ارتباط القضايا الاجتماعية بالبيئة، يُبرِز أهمية التفكير في المجتمعات المحرومة عند وضع خطط مواجهة الكوارث، وضرورة أن تكون المساواة الاجتماعية نقطة البداية، وإليكم أسباب نجاح الفرص الخضراء في تحقيق ذلك:

1. تبني أدوات مبتكرة للحماية الاجتماعية

تعكس المشكلات البيئية العديد من أوجه عدم المساواة الاجتماعية، إذ غالباً ما يكون الفقراء المتضرر الأكبر من هذه المشاكل، فبحسب تقرير البنك الدولي عام 2016 بعنوان “جدار منيع: بناء قدرة الفقراء على مواجهة الكوارث الطبيعية” (Unbreakable: Building the Resilience of the Poor in the Face of Natural Disasters)، تقود العوامل الطبيعية نحو 26 مليون شخص إلى براثن الفقر سنوياً، ومن المتوقع أن يدفع التغير المناخي أكثر من 100 مليون شخص إلى الفقر بحلول عام 2030.

إن ارتباط رفاهية البلدان النامية بحالة البيئة الطبيعية والفرص التي تتيحها، يجعل العلاقة بين الاستدامة البيئية والحد من الفقر أقوى، وكذلك الفرص الجديدة المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، من هنا رأت مؤسسة الملك خالد في الفرص الخضراء وسيلة لربط المجتمعات والفئات المهمشة بسياسات الحفاظ على البيئة، واعتبارهم شركاء في بناء القدرة على الصمود بدلاً من اعتبارهم مجرد مستفيدين.

كانت جمعية التنمية الأهلية في الأحساء من المؤسسات التي حصلت على المنحة عام 2022، لدورها في تدريب العاطلات عن العمل على صنع أكياس ووسائد ومنتجات أخرى من سعف النخيل بدلاً من إلقاءه في مكب النفايات، وتلقّت جمعية المسؤولية الاجتماعية بمحافظة جدة المنحة أيضاً عن مشروعها لتدريب السعوديين العاطلين عن العمل على تحويل نفايات المصانع إلى أدوات قرطاسية ولوازم منزلية، وكيفية القطع والحفر باستخدام الليزر.

2. الاستفادة من الشراكات

إن التحديات المتنامية الناتجة عن الأزمات العالمية والصراعات وتهديدات التغير المناخي التي تؤثر بشكل كبير في فئات الفقراء والنساء والأطفال، تتطلب التعاون وعقد الشراكات الناجحة لتنمية حلول فعالة لهذه التحديات وتوسيع نطاقها.

لذا استفادت مؤسسة الملك خالد من شراكاتها وعلاقاتها الجيدة مع القطاعات الأهلية والحكومية والجامعات والجهات ذات الصلة بالعمل الخيري، وتعاونت مع كبرى الشركات والبنوك لإتاحة فرص التدريب والتوظيف.

3. العمل وفق رؤية واضحة

يعتمد نجاح أي مشروع تنموي على الرؤية الواضحة والمحددة من ناحية الأهداف والموارد، وفهم تأثيره وارتباطه بالواقع، وبما أن منح الفرص الخضراء تسعى لتقديم نموذج مبتكر من شأنه تعزيز ممارسات التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة في آنٍ معاً؛ استعانت مؤسسة الملك خالد بمتخصصين في مجال البيئة وحمايتها لتنظيم ورش عمل تستهدف المنظمات غير الربحية والمؤسسات المعنية بتنفيذ مشاريع ومبادرات الفرص الخضراء، لتعريفهم بماهية الاقتصاد الأخضر والوظائف الخضراء المتوفرة داخل المملكة، ما ساعد على خلق تصور استراتيجي بعيد المدى وأهداف محددة بدقة، وأيضاً تحفيز تلك المنظمات والمؤسسات للوصول إلى حلول جديدة للمشاكل البيئية والاقتصادية وكيفية تطبيقها.

4. تحسين آليات الاستهداف

يكمن المقياس الحقيقي لأي مجتمع حيوي ومزدهر في كيفية تعامله مع فئاته الضعيفة والمحرومة، فالطريقة التي نختار بها التعامل مع الفقراء والنساء والشباب العاطل عن العمل لن يكون لها آثار أخلاقية فقط، وإنما ستحدد قوة النُظم البيئية والاقتصادية المستقبلية.

وبما أن بعض الفئات الاجتماعية معرضة بشكل خاص للأزمات البيئية، مثل الأسر التي تعيلها نساء، وذوي الهمم، والعمال المهاجرين وغيرهم من المجموعات التي تعاني من ضعف الخدمات الاقتصادية والاجتماعية وقلة الموارد، ركزت منح الفرص الخضراء على المبادرات والمشاريع التي تحقيق منافع مزدوجة تعمل على تحسين البيئة وتحقيق المساواة بين الجنسين والنمو الاقتصادي في آنٍ معاً، كما دعمت مؤسسة الملك خالد هذه المبادرات بعد دراستها بشكل مفصّلة وعميق لضمان الوصول إلى الفئات المستحقة بالفعل.

عملت مؤسسة الملك خالد على مبدأ “نحو مجتمع سعودي مزدهر فُرَصه متكافئة وبيئته مستدامة”، ومن خلال “الفرص الخضراء” نجحت في دعم المشاريع التنموية التي ترفع من المستوى المعيشي للمحتاجين وتعزز الاستدامة البيئية، وأكدت التزامها في تنمية المجتمع بطرق صديقة للبيئة، إذ تعد أول مؤسسة على مستوى المنطقة توقع على الالتزام الدولي للعمل الخيري من أجل المناخ، الذي أطلقته منصة وينغز (WINGS) العالمية للعمل الخيري والتحالف الأوروبي للعمل الخيري من أجل المناخ (European Philanthropy Coalition for Climate).