هناك مليار شخص؛ أي 15% من سكان العالم، هم من أصحاب الهمم، لكن قلة الأبحاث والموارد أدت إلى حجب المشكلة وتفاقم العوائق التي يواجهونها. في المقابل، تهدف مبادرة «ميسينغ بليون» (Missing Billion) إلى معالجة أوجه التفاوت في الحصول على الرعاية الصحية لأصحاب الهمم بحلول عام 2030؛ وهي تندرج ضمن الهدف الثالث لـ«أهداف التنمية المستدامة» التي وضعتها الأمم المتحدة «لضمان حياة صحية وتعزيز الرفاه للجميع ومن جميع الأعمار»، وتوضح الشريكة المؤسسِة حنّا كوبر؛ عالمة الأوبئة ومديرة «المركز الدولي لإثبات حالات الاحتياجات الخاصة» (International Centre for Evidence in Disability) بـ «كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة» (LSHTM)، أن المشروع «ظهر نتيجة إدراكنا للإهمال الكبير لأصحاب الهمم في قطاع الرعاية الصحية على مستوى العالم».
جاءت فكرة إطلاق المبادرة من «تقرير ميسينغ بليون»؛ وهي دراسة أُجريت عام 2019، وشاركت كوبر في تأليفها بالتعاون مع فيليس هيدت؛ مديرة «مكتب سفير منظمة الصحة العالمية للاستراتيجية العالمية» (Office of the World Health Organization Ambassador for Global Strategy)، بدعم من اللجنة التوجيهية للأفراد من منظمة «اليونيسف»، و«الأولمبياد الخاص»، و«شراكة الأمم المتحدة لتعزيز حقوق أصحاب الهمم»، وجهات أخرى، وبالإضافة إلى ذكر تفاصيل التحديات التي يواجهها هؤلاء الأشخاص في الوصول إلى الرعاية الصحية وتلقيها؛ يقدم التقرير توصيات للحكومات لإزالة العوائق أمام الخدمات الصحية، وضمان الوصول إلى التقنيات المساعدة وخدمات إعادة التأهيل.
تتضمن الوثيقة قدراً هائلاً من البيانات حول حالة الرعاية الصحية والوصول إليها في مجتمع أصحاب الهمم على مستوى العالم، وجاء في التقرير أن «أصحاب الهمم أكثر عرضةً للحرمان من الرعاية الصحية بثلاث مرات، وتلقّي معاملة سيئة بمعدل أربع مرات؛ بما في ذلك التمييز والإساءة، وهم أكثر عرضة بنسبة 50% للمعاناة من أزمة صحية وخيمة، أو تحمل تكاليف باهظة مقابل الرعاية، وبنسبة تتراوح بين مرتين وأربع مرات للإصابة بأمراض مزمنة تستلزم رعاية مستمرة؛ مثل فيروس عوز المناعة البشري أو المكتسب أو مرض السكري، كما أنهم أكثر احتمالاً للوفاة بمرتين بسبب نقص الرعاية الأساسية مقارنةً بغيرهم».
بعد مرور عام على نشر التقرير، أسست كل من هيدت وكوبر بالتعاون مع ماري تيكانين؛ الشريكة المؤسسة لشركة الابتكار الاجتماعي «سكوب إمباكت» (Scope Impact)، وعلا أبو الغيب؛ مديرة السياسات والحقوق في «شراكة الأمم المتحدة لتعزيز حقوق أصحاب الهمم»، لتأسيس مبادرة «ميسينغ بليون»؛ التي تسعى إلى تحويل النظم الصحية في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030، وتحديد أهداف 20 حكومة وطنية لجعل خططها الصحية متاحة وشاملة بالكامل لأصحاب الهمم، وكذلك ضمان أن جميع الجهات الفاعلة في مجال الرعاية الصحية؛ إلى جانب المستثمرين والممولين، يعملون من هذا المنظور الذي يركّز على هذه الفئة المهمشة.
من أجل تلك الرؤية، تقول تيكانين إن المبادرة تعمل مع أصحاب الهمم لتحديد الثغرات، وجمع الأدلة وأفضل الممارسات من أجل «التعاون على تقديم خدمات جديدة ونماذج تنفيذ من خلال مسرّع الابتكار، وكذلك تنظيم الحملات وجمع الأموال لهذا العمل الهام»، ويركز المسرّع على رسم خرائط التطوير على مستوى العالم، وبناء القدرات، وتوسيع نطاق التصميم لتقديم الحلول المناسبة.
تهدف المبادرة إلى معالجة أوجه التفاوت في الوصول إلى الرعاية الصحية من خلال مجموعة من أدوات التشخيص والتطوير؛ المصممة خصيصاً للوزارات وإدارات الصحة في جميع أنحاء العالم، لتوسيع نطاق التدخلات وتحديد أولوياتها بهدف تعزيز الوصول إلى الرعاية، وتوضح هيدت أن مجموعة الأدوات «تتضمن إطار عمل النظام الصحي ومؤشرات يمكن استخدامها لتقييم وقياس وضع الدولة؛ فيما يتعلق بقدرة أصحاب الهمم على الوصول إلى الرعاية الصحية، مع خطة لتحديد أفضل الممارسات لكل جزء من إطار عمل النظام الصحي؛ والذي يمكن للحكومات تطبيقها بعد ذلك لوضع استراتيجيات التطوير».
يجري هذا العام اختبار مجموعة الأدوات فيما تسميه هيدت «تجربة بسيطة» للمبادرة، لتقييم الدلائل الحالية لمتطلبات خدمات الرعاية الصحية؛ مثل إمكانية الوصول والقدرة على تحمل التكاليف، ونظم الدعم؛ مثل المرافق والخدمات، وتقول إن الاختبار يجري «مع شركاء أبحاث كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة في البرازيل وجزر المالديف وجنوب أفريقيا».
تُعدّ المبادرة شخصية بالنسبة إلى تيكانين؛ إذ تقول «بعد مشاهدتي كيف تخذل الخدمات الصحية ابنتي باستمرار؛ التي هي بحاجة إلى تلك الخدمات، وتعرفي على الإهمال العام للاحتياجات الصحية لـ15% من سكان العالم، توجهت إلى فيليس وحنّا وعلا للمشاركة في تأسيس المبادرة».
تقوم المبادرة حالياً على التمويل الذاتي بالكامل، لكن المؤسِّسات يسعين بجد إلى البحث عن ممولين من خلال ارتباطاتهم وشبكاتهم الشخصية. تقول كوبر: «إنها رحلة أكثر من كونها وجهة، ولن نشعر أبداً أننا وصلنا إلى مرحلة الدمج النهائية، لكننا سنسعى باستمرار إلى فعل ما هو أفضل».
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.