3 دروس مستفادة من تجربة مؤسسة التعليم فوق الجميع في الحفاظ على فرص التعلم

3 دقائق
مؤسسة التعليم فوق الجميع
shutterstock.com/Vita_Dor

أجبرت الأوضاع في سوريا مزون المليحان على الفرار إلى مخيم الزعتري في الأردن عام 2013، ولإدراكها أن التعليم يمهد لمستقبل أفضل؛ لم تحمل معها في رحلة لجوئها سوى كتبها المدرسية، وانتابها الحزن من ترك الفتيات اللاجئات للمدرسة ليتزوّجن، فتحولت إلى الصوت الذي يُوعّي بأهمية تعليم الأطفال لتغيير واقعهم الصعب. بعد ثلاث سنوات أُعيد توطينها في المملكة المتحدة وتابعت تعليمها وعادت لزيارة مخيم الزعتري في عام 2017 كأصغر سفيرة للنوايا الحسنة في اليونيسف في سن 19 عاماً.

تؤكد مزون للأطفال نجاح تجربتها في الاعتماد على التعليم لمواجهة الأزمات وصُنع التغيير، إذ تحرِم الحروب والصراعات الأطفال من حقهم في التعليم، ما ينذر بالخطر على مستقبل الأجيال المقبلة ويزيد من مخاوف اتساع دائرة الهجمات إلى مناطق جديدة. من هنا تأسست مؤسسة التعليم فوق الجميع في قطر عام 2012 لتوفير فرص التعليم النوعي والعادل والشامل في المجتمعات التي تعاني من النزاعات والفقر.

فرص التعليم الضائعة

رصد التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات (Global Coalition to Protect Education from Attack. GCPEA)، الذي تعد مؤسسة التعليم فوق الجميع عضواً مؤسساً فيه، مكامن الخطر على منظومة التعليم في عدد من المناطق حول العالم، ووثق تقرير التعليم تحت الهجوم 2020 (Education Under Attack 2022) ما يزيد عن 11 ألف هجوم على التعليم واستخدام المرافق التعليمية لأغراض عسكرية بين عامي 2015 و2019، كما شهدت منظومة التعليم أكثر من 5 آلاف هجوم موثق بين عامي 2020 و2021، تعرض خلاله نحو 9 آلاف طالب ومعلم إلى اعتقال أو اختطاف أو قتل أو إصابة.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تزداد صعوبة واقع التعليم مع وجود 15 مليون طفل خارج المدرسة والتوقعات بتسجيل 5 ملايين طفل وطفلة إضافيين خارج المدرسة بحلول 2030، وتعمل مؤسسة التعليم فوق الجميع على تغيير هذا الواقع من خلال توفير فرص التعليم وضمان المساواة في حق المعرفة، ونجحت منذ تأسيسها حتى عام 2018 في إلحاق عشرة ملايين طفل بالتعليم في أكثر من 55 دولة حول العالم، بالشراكة مع أكثر من 80 جهة دولية منها اليونيسف واليونسكو.

اعتمدت مؤسسة التعليم فوق الجميع على نهج مرن ومتطور يمكن الاستفادة منه في مهمة الحفاظ على فرص التعليم، وفقاً للنقاط الثلاث التالية:

1. الشراكات وإدارة شبكة العلاقات

يتطلب النجاح في تعزيز فرص التعليم المتكافئة، إعادة التفكير في إدارة علاقة المؤسسات غير الربحية مع مقدمي التمويل والخدمات العامة بأسلوب أكثر كفاءة وفعالية واستدامة. وبهذا النهج ضمّت مؤسسة التعليم فوق الجميع في عام 2017 مؤسسة أيادي الخير نحو آسيا، روتا، ضمن برامجها الأساسية، وعملت على توفير فرص التعليم الابتدائي والثانوي عالي الجودة للأفراد في المناطق المتضررة من الأزمات في جميع أنحاء آسيا وخارجها، ليتمكنوا من المساهمة في تطوير مجتمعاتهم. وبجهود 5 آلاف متطوع، نجح برنامج أيادي الخير نحو آسيا من توفير تعليم ابتدائي نوعي لنحو 400 ألف طفل، كما ساعد أكثر من تسعة آلاف شاب على اكتساب المعارف والمهارات من أجل تحسين فرصهم في العمل.

وتقوم الشراكة الناجحة أيضاً على تعظيم أثر المهمة بدلاً من الاكتفاء بتنمية المؤسسة، وتجلى ذلك في الشراكة بين مؤسسة التعليم فوق الجميع مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، والتي تتضمن تخصيص مبلغ 10 ملايين دولار لإعادة بناء المدارس المتضررة في لبنان أو ترميمها، لضمان استمرار التعلم وإعادته إلى مساره الصحيح.

2. سد الفجوة الرقمية

فرضت جائحة كوفيد-19 تحدياً كبيراً أمام قطاع التعليم، إذ تأثر تعليم نحو 1.6 مليار طالب فيما يزيد عن 190 دولة حول العالم، وفي الدول منخفضة الدخل التي تعاني تراجعاً في مستويات التعليم، تأخر الطلاب بثمانية أشهر عن المستوى الذي كانوا ليصلوا إليه لولا الجائحة.

وعلى الرغم من نموذج التعلم عن بعد الذي فرضته الجائحة؛ إلا أن إمكانية الوصول إلى الإنترنت والأجهزة اللوحية غير متاحة لجميع الطلاب، وأدركت التعليم فوق الجميع هذه المشكلة مبكراً، وأطلقت بنك الموارد التعليمية غير الإلكترونية المصمم خصيصاً لإفادة المؤسسات غير الحكومية والمدارس والأسر محدودة الدخل والتي لديها وصول ضعيف للعالم الرقمي، أو لا تستطيع الوصول إليه، وكذلك الأطفال الذين قد يكون ذويهم أميين أو غير قادرين على مساعدتهم في دراستهم. ونجح البنك في دعم تعليم نحو نصف مليون طفل حول العالم، خلال عامين فقط، وحُمّلت مواده أكثر من 33 ألف مرة في 175 دولة.

3. دعم الجانب الاجتماعي العاطفي

اضطر الأطفال إلى الفرار من منازلهم بسبب الصراع، وتغير روتين حياتهم اليومي مع إغلاق المدارس بسبب الجائحة، الأمر الذي أثر سلباً في قدرتهم على التعلم والتواصل الاجتماعي. وتعرض الأطفال لهذا المستوى من الصدمات جعل التعليم طوق نجاة بالنسبة لهم وأداة للتأقلم مع الظروف القاسية، وهنا ركزت مؤسسة التعليم فوق الجميع على التعلم الاجتماعي العاطفي لتعزيز قدرات الأطفال على التواصل وإكسابهم مهارة الثبات الانفعالي.

ويُعرف التعلم الاجتماعي العاطفي بأنه العملية التي يكتسب من خلالها الأشخاص المهارات والمعرفة والمفاهيم اللازمة ليتمكنوا من اتخاذ قرارات مسؤولة وبناء هويات سليمة، وإدارة عواطفهم وتحقيق أهدافهم الشخصية والجماعية والتعاطف مع الآخرين وإقامة علاقات داعمة والحفاظ عليها، ويشمل 5 اختصاصات رئيسية، هي: الوعي الاجتماعي، والوعي الذاتي، والإدارة الذاتية، واتخاذ القرارات المسؤولة ومهارات بناء العلاقات.

التعليم حق للجميع، ومجرد توفير ملجأ أو غذاء لا يكفي، بل يجب تعزيز الأمل والمساواة في فرص الحصول على تعليم نوعي وشامل لضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.

المحتوى محمي