الأثر غير المرغوب للمنح الموجهة للفئات المتنوعة

3 دقيقة
المنح الموجهة
shutterstock.com/ITTIGallery
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما يتقدم طلاب من الفئات غير الممثلة تمثيلاً كافياً بطلب للحصول على منح تعليمية، عليهم الاختيار بين المنح غير المقيدة والمنح المخصصة لدعم شريحتهم السكانية بالذات. تمول الجامعات والمؤسسات هذه المنح لتجذب إليها عدداً أكبر من الأقليات والطلاب محدودي الدخل أو الذين ينتمون إلى الأوساط الفقيرة، وهدفها البعيد من ذلك دعم الجامعات في ضمّ كيان طلابي أكثر تنوعاً.

تكمن المشكلة في أنه عند توفر المنح الدراسية المخصصة لتشجيع التنوع، يميل المتقدمون من الأقليات إلى اختيارها، حتى لو أتيحت لهم منح غير مخصصة وأكبر تمويلاً. إذ توصل فريق من الباحثات في جامعة واشنطن أن هؤلاء المتقدمين قد يفضلون عدم الترشّح للحصول على منحة أكبر بسبب شعورهم أن فرصتهم أكبر في نيل المنح الدراسية لتشجيع التنوع.

وقالت الباحثات: “قد تقلل المنح المخصصة لتشجيع التنوع احتمال تقديم المتقدمين من الفئات المهمشة للحصول على المنح غير المقيدة، ما يحصر مجموعات المتقدمين إليها بالطلاب الذكور وذوي البشرة البيضاء”.

أجرى هذا البحث ثلاث طالبات في علم النفس، هن أدريانا جيرمانو وسيانا زيغلر ولورا بانهام وأستاذة علم النفس سابنا تشيريان. تألف بحثهن من 4 تجارب، تناولت إحداها منح الأقليات العرقية وركزت الثلاث الأخرى على المنح الدراسية المخصصة للنساء. في التجربة الأولى، استعن الباحثات بعينة من طلاب جامعيين من المجموعات غير الممثلة تمثيلاً كافياً، الذين عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من أصحاب البشرة الداكنة واللاتينيين والأميركيين الأصليين. كشف المشاركون من خلال الإجابة عن سلسلة من الأسئلة إذا ما كانوا يميلون إلى التقديم على المنح غير المقيدة الأكبر أو المنح الأصغر التي تكون مخصصة للمتقدمين من الأقليات فقط أو المنح المتاحة للجميع.

وجد الباحثات أنه على الرغم من تفضيل المشاركين التقديم على منح دراسية أكبر، كانت احتمالية التقديم على منح غير مقيدة أكبر أقل بكثير عندما قُدِّمت منح أصغر موجهة لتشجيع التنوع داخل الجامعات. حيث كتبن: “شعر المشاركون أن منح التنوع تلائمهم أكثر وأن فرصة نيلهم لها أكبر من فرص نيلهم للمنحة غير المقيدة”. وتوصلن إلى النتائج ذاتها عندما كان المشاركون من النساء فقط وكن يفكرن في الاختيار بين التقدم للحصول على منحة دراسية غير مقيدة أو منحة مخصصة للنساء فقط.

اختبرت التجربة النهائية هذه النتائج في ظل ظروف واقعية. إذ دُعيَت الطالبات لتقديم مقالات للمشاركة في مسابقة لنيل منح دراسية إما متاحة لجميع الطلاب وإما مخصصة للنساء فقط، إضافةً إلى تقديم جائزة نقدية للفائزين. كانت نتائج هذه التجربة مطابقة لنتائج السيناريوهات الافتراضية: “حتى بوجود جائزة نقدية فعلية عند استكمال طلبات الحصول على منح حقيقية، فضلت النساء منح التنوع على المنح غير المقيدة الأكبر”.

بحثت الدراسة في مجموعة متنوعة من الأسباب التي تدفع المتقدمين إلى اختيار المشاركة في مسابقات منح التنوع أكثر من المنح غير المقيدة، وكان السبب الأهم الملاءمة، أي “تصورهم بأن منحة التنوع تلائم من مثلهم”. لم تتغير هذه النتيجة حتى عندما راعت الباحثات ظروفاً أخرى.

تقول جيرمانو إن الباحثات أصبحن مهتمين بهذه المسألة بعد سماع زملائهن يتحدثون كيف تقدموا بطلبات للحصول على منح التنوع بدلاً من المنح الدراسية غير المقيدة. نالت جيرمانو درجة الدكتوراة من جامعة واشنطن عام 2021، وهي الآن باحثة أكاديمية في مرحلة ما بعد الدكتوراة في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال. وتقول: “كنا نشعر بالفضول لمعرفة إذا ما كان المتقدمون الآخرون من الفئات المهمشة سيتخذون القرار نفسه، وإذا كان كذلك، فلماذا؟”

وتضيف: “مع أنه من الواضح أن منح التنوع تحقق هدفها المتمثل في تشجيع المتقدمين من الفئات المهمشة على السعي للحصول على تمويل لمتابعة دراستهم في مراحل التعليم العالي، ثمة تأثير متبادل بين هذه المنح والمنح غير المقيدة.

فعندما يفضّل المتقدمون من الفئات المهمشة التقدم بطلب للحصول على منح التنوع، تميل كفة المتقدمين الذكور وأصحاب البشرة البيضاء في مجموع المتقدمين للحصول على منح غير مقيدة”.

وتقول جيرمانو في تفسير النتائج: من المهم ألا نفترض أن المتقدمين من المجموعات غير المُمثلة تمثيلاً كافياً “مخطئون في اختيارهم” عندما يفضلون اختيار التقدم بطلب للحصول على منح التنوع. ومن الأجدى التفكير في حلول لهذه المشكلة دون إلقاء العبء على المتقدمين. تتضمن بعض الأفكار التي تقترحها الباحثات “إتاحة التقدم التلقائي إلى مجموعتي المنح المخصصة وغير المقيدة كليهما، وإعطاء المزيد من الاهتمام لخبرات المتقدمين المتنوعة في المنح غير المقيدة”.

تقول الأستاذة المشاركة في قسم السلوك التنظيمي بكلية لندن لإدارة الأعمال أنيتا راتان: “تُبرز هذه الدراسة بوضوح مدى أهمية دراسة عواقب مبادرات التنوع حسنة النية، فهي توضح كيف يمكن للمؤسسات أن تنشئ برامج تعوق تحقيق أهدافها في تحقيق التنوع”.

أدريانا جيرمانو وسيانا زيغلر ولورا بانهام وسابنا تشيريان، “هل تُثني منح التنوع المتقدمين من المجموعات المهمشة عن السعي للحصول على فرص سخية؟” “سايكولوجيكال ساينس”  (Psychological science)، المجلد 32، العدد 9، 2021.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.