قطعت الجامعات العربية شوطاً مهماً لتحقيق الاستدامة، حيث انضمت 16 جامعة عربية إلى تصنيف شركة كواكواريلي سيموندس (كيو إس)، للجامعات العالمية في مجال الاستدامة، والذي اعتمد على فئة التأثير البيئي التي تشمل المؤسسات المستدامة والبحث المستدام والتعليم المستدام، وفئة التأثير الاجتماعي التي تقيس مؤشرات المساواة وتبادل المعرفة والتوظيف والفرص وتأثير التعليم وجودة الحياة.
وحلّت الجامعة الأميركية في بيروت في المرتبة 140، وجاءت جامعة الملك سعود بالسعودية بالمرتبة 191، فيما شملت قائمة أفضل 300 جامعة في مجال الاستدامة، ثلاث جامعات عربية، وهي: جامعة القاهرة، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في الإمارات، وجامعة الملك عبد العزيز في السعودية. فما الإجراءات التي اتبعتها هذه الجامعات لتعزيز جوانب الاستدامة؟
خطوات نحو الاستدامة في الجامعات العربية
تُعرف الجامعة المستدامة بأنها المؤسسة التي تراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في عملياتها وأنشطتها، من خلال دمج الاستدامة في جميع أنحاء الحرم الجامعي، من أجل الانتقال إلى أسلوب حياة مستدام وخلق مستقبل أفضل للمجتمع.
على سبيل المثال، قد تساعد الجامعة على تحقيق الاستدامة البيئية من خلال تقليل انبعاثات الكربون واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة تدوير النفايات، وتعزيز التنوع الحيوي وتوسيع نطاق المساحات المزروعة، وكذلك إدراج الاستدامة في المقررات والمناهج الدراسية، ونشر الأبحاث والدراسات حول التنمية المستدامة.
وجاءت الجامعة الأميركية في بيروت ضمن أفضل 20 جامعة أداءً في مؤشر التعليم المستدام، والذي يقيس كيفية تعليم الطلاب شؤون البيئة وطرائق تغييرها للأفضل، وتمكنت الجامعة من الحصول على هذه المكانة من خلال توسيع نطاق التخصصات ذات الصلة بالبيئة والتنمية المستدامة، والورش والدورات التدريبية التي تنظمها وحدة البيئة والتنمية المستدامة التابعة للجامعة بهدف تزويد الطلاب بالمعلومات والمهارات اللازمة للتحول إلى السلوك المستدام.
ومؤخراً، أطلقت وحدة البيئة مبادرة دوّرها بهدف تصميم بدائل للمياه والنفايات والطاقة في المناطق الريفية، وتحقيق الأمن الغذائي عبر تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري واعتماد طريقة التفكير بالأسلوب النُظُمي للربط بين القطاعات المختلفة ذات الصلة.
أما جامعة القاهرة، فتعمل على المشاركة في تقديم حلول عملية مبتكرة لتحديات المياه والمناخ من خلال العديد من الأنشطة والفعاليات، ومنها المسابقات التي تفتح أفق الإبداع أمام الطلاب وتنمّي مهاراتهم وقدراتهم، مثل مسابقة الواقع الافتراضي ودعم الاستدامة، والتي تهدف إلى توظيف الواقع الافتراضي لدعم التوعية بثقافة الاستدامة البيئية في الجامعة.
تتطلب تحديات تغير المناخ نهجاً دائم التطور لمواجهتها، لذا تركز استراتيجية جامعة القاهرة في التحول إلى جامعات الجيل الرابع على الالتزام البيئي، وجعْل الحرم الجامعي مستداماً ويعزز مهمتها البحثية والتعلمية ودورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لذا استحدثت في عام 2021 مكتباً للاستدامة، وأصدرت دليل الحياة المستدامة للطالب الجامعي الذي يتضمن بعض الإرشادات التي يمكن للطلاب اتباعها من أجل تقليل تأثيرهم على البيئة والعيش بطريقة أكثر استدامة.
ينعكس الجانب المستدام في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا من خلال إطلاق مراكز أبحاث مختلفة مثل منصة معهد مصدر للرصد البيئي، واتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة، ومعهد مصدر للطاقة الشمسية، وفي عام 2021 أطلقت الجامعة برنامج سفير لأهداف التنمية المستدامة بهدف تزويد الطلاب بأدوات ريادة الأعمال والقيادة والابتكار في مجال الاستدامة عبر تنظيم سلسلة من الورش المتخصصة تعزز مساهمة الطلاب في المبادرات المجتمعية وتطوير الحلول المبتكرة.
على الرغم من التقدم التي تحرزه الجامعات العربية في مجال الاستدامة؛ فإنها لا تزال بحاجة إلى الاستفادة من تجارب الجامعات العالمية وتطوير المزيد من الإجراءات مثل تصميم خطة لإدارة الكربون ووضع استراتيجية للاستدامة وتشكيل اللجان المختصة بالبيئة والاستدامة. على سبيل المثال، تهدف جامعة كولومبيا البريطانية (University of British Columbia) للوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050، وتشجع جامعة فراي أمستردام (Vrije Universiteit Amsterdam) على الطعام النباتي والتقليل من استهلاك اللحوم في الحرم الجامعي من خلال ما يعرف بـ "يوم الإثنين الخالي من اللحوم"، بالإضافة إلى جعل الجمعة يوم خالٍ من النفايات.
آلية تحقيق الجامعة المستدامة
في عام 1990، صدر إعلان تالوار (The Talloires Declaration) للالتزام بالاستدامة البيئية في التعليم العالي، ووقع عليه أكثر من 500 من قادة الجامعات في أكثر من 50 دولة، وتضمن خطة عمل لدمج الاستدامة ومحو الأمية البيئية في التدريس والبحث والعمليات والتوعية في الكليات والجامعات، ومنها نستعرض بعض الإجراءات اللازمة لتحقيق الاستدامة في الجامعات:
- زيادة الوعي بأهمية التنمية البيئية المستدامة لتسريع عجلة التحرك نحو مستقبل مستدام بيئياً.
- خلق ثقافة مؤسسية للاستدامة عبر تشجيع الجامعات على الانخراط في البحث والتعليم وتبادل المعلومات وصياغة السياسات المرتبطة بالاستدامة.
- وضع برامج توعوية حول البيئة والتنمية الاقتصادية المستدامة ودمج متطلبات التنمية المستدامة البيئية في مناهج التعليم لضمان إطلاق جيل من الخريجين المثقفين بيئياً.
- محو الأمية البيئية لدى الطلبة من خلال تنظيم المؤتمرات والورش والدورات التدريبية.
- وضع سياسات وممارسات مؤسسية صديقة للبيئة للحفاظ على الموارد وإعادة التدوير، وتقليل النفايات.
- تطوير مناهج متعددة التخصصات بالتعاون بين أعضاء هيئة التدريس والإداريين بالجامعة والممارسين البيئيين.
- توسيع نطاق التعاون مع المؤسسات المحلية والدولية لتعزيز جهود الجامعة نحو مستقبل مستدام وللمساعدة في إيجاد حلول للمشاكل البيئية.