مع بدء موسم العودة إلى المدرسة؛ تداهمني رغبة عارمة للعودة إلى المقاعد الدراسية لأغراض الاستجمام الفكري والاعتماد على الذات. فمن الجيد الاستمرار في التعلم في مجال دراسي قد يكون خارج نطاق تطوير الحياة المهنية أو زيادة مستوى الدخل.
يمكن أن يساهم التحصيل الأكاديمي في سن متقدمة إلى تحقيق كلا الهدفين المتمثلين بري العطش المعرفي والتهيئة لمراحل متقدمة من النجاح. غالباً ما تتشابك الأبعاد الشخصية والمهنية لإشباع رغبات الذات.
تساهم التحديات الكبرى في عصرنا الحالي بالكشف عن القيمة الكامنة للتعلّم المتأخّر. يتمثّل هدفي بإشباع فضولي حول العالم وتطوير قاعدة معرفية أكثر قوة يمكن أن تعود بالفائدة مدى الحياة. من خلال السعي لتحقيق ذلك، أود أيضاً الاستمتاع بهذه الرحلة الفكرية، والاستفادة من نشاط بعض مجموعات الخلايا العصبية الخاصة بي والتي يبدو أنها تقف مكتوفة الأيدي طوال اليوم!
إن تعلّم أشياء جديدة مثيرة للاهتمام، والتفكير في قيمتها أو حالات استخدامها المحتملة في الحياة اليومية، يمثّل أحد أشكال تمارين الدماغ التي قد تكون أكثر فاعلية من القراءة، على سبيل المثال، لا يسعنا إلا التفكير بمدى أهمية المعرفة الزراعية في وقتٍ يتعرض فيه الأمن الغذائي العالمي للتهديد، أو مدى أهمية الدراسات الطبية في زمن الأوبئة. وفقاً للإحصاءات، يعيش الأشخاص المتعلمون لفترة أطول ويتمتعون بصحة أفضل، ناهيك عن المزارعين أو الأشخاص المتعلمين طبياً الذين يمكنهم الاعتناء بأنفسهم وذويهم في أوقات الحاجة، وبالتالي تحسين جودة حياتهم.
هل سبق لك أن عانيت من أعراض خفيفة وتناولت أدوية بسيطة من دون وصفة طبية بناءً على التشخيص الذاتي من خلال البحث عبر الإنترنت بدلاً من زيارة الطبيب؟ يمكن أن تؤدي معرفة وظائف الجسم وكيفية علاج الأمراض إلى تقليل القلق وعدم اليقين وتحسين صحتك الجسدية والعقلية. بالإضافة إلى القدرة على علاج نفسك بنفسك، تمنحك دراسة علم الأحياء أو الطب مستوى من الثقة قد لا تجده لدى طبيبك. يمكنك أيضاً ادخار المال من خلال عدم اللجوء دائمًا للرعاية الطبية الفورية في مثل هذه الحالات البسيطة.
كواقع الحال في التعليم الثانوي أو الجامعي، يمكن أن يكون لقرارات تعلّم الكبار تأثير عميق علينا على المدى الطويل. سواء من خلال التعلّم الرسمي أو الذاتي، ولكن القدرة على الاستفادة من العلم من أجل تحسين أنفسنا، يجب أن تسترشد بالعقل والخيارات الصحيحة، لا سيما أن اقتصاد المعرفة اليوم قائم على الأوساط الأكاديمية والمعلومات بدرجة كبيرة.
العودة من التمرّس المهني إلى النظرية
حتى لو كان هدفك هو تطوير دراستك في مجال عملك الحالي، فمن المثير فكرياً العودة إلى التعلّم الأكاديمي للتعمّق في بعض حيثيات مهنتك. من الناحية النظرية، يساعدك ذلك في تعزيز العديد من المفاهيم الأساسية لعملك، ويتيح لك فرصة تطوير مهاراتك في التواصل. إن دراسة المفاهيم والنظريات الأساسية لممارستك المهنية من شأنها تعزيز قدرتك على التعبير عن أفكارك. هذه كانت تجربتي مع الدراسات العليا، والتي تابعتها بعد ثلاث سنوات من العمل المهني عقب حصولي على شهادة البكالوريوس.
ضرورة العمل المهني في الفترة بين التخرّج ومتابعة الدراسة العليا
يسعى العديد من الطلاب إلى الحصول على درجة الماجستير مباشرةً بعد الانتهاء من دراساتهم الجامعية. لكن من المفترض أن يعمل الخريجين الجدد لبضع سنوات قبل متابعة دراساتهم العليا ضمن مجال يثير اهتمامهم ويضيف قيمة إلى حياتهم المهنية. قبل الاندماج في سوق العمل، يكون لدى الطلاب معرفة محدودة بما يريدونه لأنفسهم. إن تذوّق طبيعة العمل الذي تمحورت دراستك حوله، قد يدفعك إلى تغيير رأيك تجاه تفضيلاتك الوظيفية، واتخاذ القرار لتحويل تركيزك إلى مهنة معينة أو قطاع آخر أو تغيير حياتك المهنية بالكامل. لذلك، إن اختيار تخصّص ماجستير مختلف عما كان يدور في ذهنك بعد الحصول على درجة البكالوريوس، سيمنحك فرصة جديدة لاستكشاف العمل الذي تحبه حقاً.
مواصلة الإلمام بالبدائل المهنية
يمثّل العبور من التعليم الثانوي إلى الجامعي ومن ثم إلى العالم الحقيقي أحد أكثر الأوقات الحرجة في حياتنا. نجد أنفسنا على مفترق طرق وفي حالة شك اتجاه المسار الوظيفي الذي يجب أن نسلكه. اليوم وفي ظل ثقافة التعلّم مدى الحياة، ترافقنا تلك الخيارات الصعبة طوال حياتنا.
المشورة واتخاذ القرار السليم
على عكس تجربني في الصغر عندما اخترت تخصّص جامعي بناءً على محادثات جانبية أجريتها مع العائلة والأصدقاء والمستشارين الأكاديميين، أعتمد اليوم كطالب أكثر نضجاً على الحكمة في التحليل والاختيار. فتركيز مستشارو التوجيه في الجامعات على التواصل داخل إطار الحرم الجامعي؛ قد لا يمكنهم من مساعدة الطلاب في اختيار مسار يكمّل نقاط قوتهم وشغفهم وتطلعاتهم، ولذلك. قد تعطي العائلة والأصدقاء أيضاً نصائح سيئة في هذا السياق.
تكريس الذات لاتخاذ القرار الصحيح
في مرحلة متقدمة نسبياً من السن مقارنةً بالطلاب الجامعيين، باستطاعتنا اتخاذ قرارات أفضل بشأن تجديد رحلتنا التعليمية. يحتاج المرء ببساطة إلى وقت كافٍ لاكتساب المعرفة اللازمة وتطوير الصفات الشخصية التي تعده لاتخاذ قرارات متوازنة وسليمة.
مواصلة مسيرة التعلّم مدى الحياة
خلال السنوات الماضية عقب التخرّج من الجامعة، تعلمت أكثر مما اكتسبته في سنوات دراستي الجامعية. بصرف النظر عن دروس الحياة، يعد التعلّم الرسمي للبالغين مثيراً للاهتمام ومحفزاً أساسياً نظراً للمرحلة العمرية التي يكونوا فيها قادرين على اكتشاف الفجوات المعرفية والمجالات الشخصية الشغوفين بها. من المحفّز أيضاً أن نكون قادرين على اكتساب المعرفة التي من شأنها تحسين جودة حياتنا اليومية. على سبيل المثال، أحرص اليوم شخصياً إلى العودة إلى المقاعد الدراسية للتحصيل العلمي المكثّف في مجال الاقتصاد والتمويل، وعلم النفس والإرشاد، الطب وعلم الأحياء، أو علم الفيزياء الذي يعد الحقل الأكثر روعة بالنسبة لي.
تواجه الهيئات الأكاديمية اليوم موجة من التشكيك والاستجواب على اعتبار أنها أصبحت غير منسجمة نسبياً مع الواقع الحالي لسوق الوظائف ومستقبل العمل. على الرغم من مثل هذه السلبيات التي تحيط بالتعليم الرسمي، لدي إيمان راسخ بقوة المؤسسات الأكاديمية والمناهج النظامية للتعليم على تثقيف وصقل مهارات الكبار والصغار على حد سواء.