كيف يمكن للتعليم التعافي من تداعيات الجائحة؟

3 دقائق
أزمة تعليم عالمية

في أعقاب أزمة تعليم عالمية أشعلتها تبعات تفشي جائحة "كوفيد-19"، تحمل الأنظمة المدرسية على عاتقها مسؤولية مساعدة الطلاب في تعويض ما فاتهم.

في أحدث تقاريرنا عن التعلم غير المكتمل، نتناول تأثير جائحة "كوفيد-19" في تعلم الطلاب ورفاههم، ونحدد الاعتبارات الممكنة للأنظمة المدرسية، التي تدعم الطلاب للعودة إلى مستوى التحصيل الطبيعي. وجاءت أهم النتائج التي توصلنا إليها على النحو التالي:

تفاوتت مدة إغلاق المدارس على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم. فقد أغلقت المنشآت المدرسية في دول أميركا اللاتينية وجنوب آسيا ذات الدخل المتوسط كلياً أو جزئياً لمدة كانت الأطول؛ بلغت 75 أسبوعاً أو أكثر. وأغلقت المدارس في دول أوروبا وآسيا الوسطى ذات الدخل المرتفع كلياً أو جزئياً لمدة أقل بلغت 30 أسبوعاً في المتوسط، بينما كانت مدة الإغلاق في دول إفريقيا جنوب الصحراء ذات الدخل المنخفض 34 أسبوعاً في المتوسط.

تباين مستوى إتاحة التعلم الجيد، سواءً عن بعد أو وفق نمط هجين، سواء بين الدول أو في داخل الدولة نفسها. ففي تنزانيا، على سبيل المثال، وبينما أُغلقت المباني المدرسية، تمكن 6% فقط من التلاميذ من الاستماع إلى دروس إذاعية، ونحو 5% إلى دروس تلفزيونية، بينما شارك أقل من 1% منهم في التعلم عبر الإنترنت.

1 جاكوبوس سيليرز وشاردول أوزا، "ما الذي قام به التلاميذ خلال إغلاق المدارس؟ أفكار ورؤى من استطلاع رأي الآباء في تنزانيا"، بحث في تحسين أنظمة التعليم، 19 مايو 2021 

علاوة على ذلك، فإن تأخر العملية التعليمية نتيجة تفشي الجائحة يضاف إلى مشكلة مستمرة تتمثل في عدم المساواة في التعلم. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه في حين أن الطلاب في الدول ذات الدخل المرتفع حققوا ما متوسطه 50 نقطة من نقاط مخرجات التعلم المنسقة (HLO) في العام السابق على الجائحة، كان نظراؤهم في الدول منخفضة الدخل يحققون 20 نقطة فقط، الأمر الذي يعني أن هؤلاء الطلاب متخلفين عن الركب بعدة سنوات.

2 نوم أنغريست وفريقه البحثي، "قياس رأس المال البشري وفق بيانات التعلم العالمية"، مجلة نيتشر، مارس 2021، العدد 592.

في المتوسط، يتأخر الطلاب على مستوى العالم بثمانية أشهر عن المستوى الذي كانوا ليصلوا إليه لولا الجائحة، ولكن التأثير يتفاوت إلى حد كبير، حيث يمكن تصنيف الدول إلى ثلاثة نماذج أساسية:

  • أنظمة مدرسية عالية الأداء، ذات مستويات أداء عالية نسبياً في ما قبل الجائحة، وفيها قد يتأخر الطلاب بنحو شهر إلى خمسة أشهر بسبب الجائحة، ففي دول أمريكا الشمالية وأوروبا، على سبيل المثال، يتأخر الطلاب في المتوسط أربعة أشهر.
  • الأنظمة المدرسية في الدول ذات الدخل المنخفض والتي تواجه تحديات في التصدي للجائحة، وهي ذات مستويات تعلم منخفضة للغاية فيما قبل تفشي الجائحة، حيث قد يتأخر الطلاب بنحو ثلاثة إلى ثمانية أشهر بسبب الجائحة. ومنها، على سبيل المثال، دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يتخلف الطلاب بنحو ستة أشهر في المتوسط.
  • الأنظمة المدرسية في الدول ذات الدخل المتوسط والتي تأثرت بالجائحة، وهي ذات مستويات تعلم معتدلة فيما قبل تفشي الجائحة، حيث قد يتأخر الطلاب بنحو تسعة إلى 15 شهراً ومنها، على سبيل المثال، دول أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا، حيث يتخلف الطلاب بنحو 12 شهراً في المتوسط.

فاقمت الجائحة من عدم المساواة داخل الأنظمة المدرسية. فعلى سبيل المثال، اتسعت الفجوات بين المدارس ذات الغالبية من الطلاب أصحاب البشرة السمراء والمدارس ذات الغالبية البيضاء في الولايات المتحدة، كما اتسعت هوة الانقسام الموجودة من الأصل بين مناطق الحضر والريف في إثيوبيا.

بخلاف التعلم، للجائحة آثار اجتماعية ونفسية أوسع نطاقاً على الطلاب في أنحاء العالم؛ مع تزايد مخاوف الصحة النفسية، تقارير العنف ضد الأطفال، زيادة السمنة، زيادة حالات الحمل بين المراهقات، وارتفاع مستويات التغيب المتكرر والتسرب من التعليم.

يعني انخفاض مستويات التعلم إلى محدودية إمكانية تحقيق الطلاب لأي عائد مادي مستقبلاً؛ وبالتالي انخفاض الإنتاجية الاقتصادية للدول. وبحلول عام 2040، قد يؤدي التأثير الاقتصادي لتأخير التعلم المرتبط بالجائحة إلى خسائر سنوية تبلغ 1.6 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم، أو نحو 0.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

يمكن للأنظمة المدرسية تحقيق الاستجابة عبر آفاق متعددة، ووضع استراتيجياتها بناءً على نماذج الأداء التعليمي الموجودة مسبقاً، وعمق واتساع فجوة التعلم، وكذلك قدرة النظام وموارده:

  • المرونة: إعادة فتح المدارس للتعلم بالطريقة التقليدية مع تطبيق الإجراءات الاحترازية، وضمان مرونة الإجراءات في مواجهة المستجدات مستقبلاً.
  • العودة: تشجيع الطلاب وأسرهم والمعلمين على إعادة الانخراط في التعلم في بيئات تعلم فعّالة.
  • التعافي: دعم الطلاب أثناء تعافيهم من آثار الجائحة الأكاديمية والاجتماعية والنفسية، على أن تكون البداية هي فهم احتياجات كل طالب.
  • صياغة جديدة: تجديد الالتزام بجودة التعليم لكل تلميذ، ومضاعفة جهود توفير أساسيات التميز في التعليم والابتكار.

تعاون في كتابة هذا المقال كل من جيك براينت، فيليبي تشايلد، إما دورن، جوزيه إسبينوزا، وستيفن هول، وتوبيسي كولا أوينيين، وشيريل لي، وفريدريك بانييه، جيمي ساراكاتسانيس، ديرك شماوتزر، سيكين أونغر، وبارت وورد، لتقديم وجهات نظر قطاع التعليم في ماكنزي.
يتوجه الكتاب بالشكر إلى آني تشين، كونال كاماث، آن لانه، سادي بات، وإلين فيروليغ لمساهماتهم في المقال.

المحتوى محمي