ماذا بعد صمت الملاعب؟ ما الآثار الاجتماعية المستدامة لكأس العالم؟

3 دقائق
التأثير الاجتماعي المستدام
shutterstock.com/HasanZaidi

ليس هناك شك في أن بطولة كأس العالم 2022 تحظى بمتابعة الصغير قبل الكبير، لكن ليس وحده الفائز بالبطولة من سيبقى في الذاكرة، بل يمكن للحفاظ على التأثير الاجتماعي المستدام للبطولة أن يسهم في بقاء إرث البطولة على أرض الواقع ملموساً، خاصة في الدول النامية.

وقبيل انطلاق البطولة هذا العام، أكدت قطر أنها تعتزم تقديم بطولة مستدامة تضع معايير جديدة للتنمية الاجتماعية، والبشرية، والاقتصادية، والبيئية، على أن تغير هذه النسخة من طريقة تنظيم البطولات المستقبلية ومختلف الفعاليات الرياضية الكبرى. كما ستعمل على إرساء إرث يسهم في تعزيز أهداف التنمية المستدامة.

التأثير الاجتماعي والبيئي

المعادلة صعبة عندما نفكر في كيفية الحفاظ على التأثير الاجتماعي المستدام لبطولة عالمية كبرى، لكن الرياضة تصنع المعجزات، ويمكنها الانسجام جيداً مع أهداف التنمية المستدامة، فهي تؤثر إيجاباً في التعليم ودعم مجتمعات اللاجئين وتعزيز الوعي بقضايا البيئة والمناخ، وذلك دفع مكتب الأمم المتحدة المعني بتسخير الرياضة لأغراض التنمية والسلام إلى مواصلة برنامجه للقيادة الشبابية من أجل استخدام الرياضة كأداة للتقدم.

كما ركزت منظمة الأمم المتحدة، بالتزامن مع اليوم العالمي للرياضة في أبريل/ نيسان 2022، على دور الرياضة في التصدي للأزمة المناخية مع تسليط الضوء على إجراءات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتخفيف من تغير المناخ.

وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم، أول اتحاد رياضي ينضم لمبادرة الرياضة من أجل العمل المناخي وذلك ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، فيما اهتم بالترويج لبرامج المسؤولية الاجتماعية خلال كأس العالم؛ دعماً للفئات المهمشة والأكثر احتياجاً.

أما بالنسبة لكأس العالم، فعلى الرغم من استثمار قطر المليارات ليصبح كأس العالم 2022 الأغلى على الإطلاق وتوفير تجربة مميزة للمشجعين من كل بقاع الأرض، لم تغفل ضرورة الإبقاء على الاستدامة الاجتماعية نصب عينيها عند استضافة هذه البطولة العالمية للمرة الأولى في المنطقة العربية، فالعالم خاصة بعض الدول العربية يعاني من تفاقم أزمات متتالية منها الفقر والجوع بسبب جائحة كوفيد-19 مؤخراً، لذا وجب التركيز على ضرورة الاستفادة من الموارد المخصصة لكأس العالم لأطول فترة ممكنة، وفي هذا السياق، أكد الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، حسن الذوادي، أن بلاده استعانت بمواد من مصادر مستدامة ونفذت خططاً مبتكرة لضمان ألا تترك البطولة أي فيل أبيض، في إشارة إلى مصير الملاعب المخصصة لمباريات كأس العالم في قطر.

واعتمدت قطر عدة مبادئ لإدارة النفايات الناجمة عن بناء الملاعب، عن طريق تقليل النفايات، وإعادة استخدامها، وإعادة تدويرها، والتخلص منها نهائياً في حالة عدم التمكن من اتباع ما سبق.

ماذا بعد كأس العالم؟

واجهت البرازيل انتقادات لاذعة عندما استضافت بطولة كأس العالم عام 2014، حيث اضطرت الآف الأسر لإخلاء منازلهم قسرياً لإنشاء ملاعب جديدة. وفي الوقت الذي رصدت فيه أكثر من 13 مليار دولار للبطولة، ازدادت معدلات الفقر وانتشرت الأوبئة والأمراض، كما عانت البلاد من زيادة الأسعار، وانخفاض الرواتب، وانتشار أعمال العنف.

هنا، تتجلى أهمية إجراء ترتيبات صارمة من أجل الحفاظ على التأثير الاجتماعي الإيجابي لهذه البطولة الضخمة، وقد تبدو الخطط واضحة في أثناء الاستعداد للبطولات الرياضية الكبرى، أو بعد انطلاقها بالفعل على المدى القصير، أما العمل على حماية الطبقات الفقيرة التي تقبع وراء حفل الافتتاح والمراسم المبهرة والألعاب النارية، وتسحق بسبب تكاليف استضافة البطولة العالمية، يستدعي الكثير من الإجراءات، والرؤى المعنية بتقديم الحلول المبتكرة.

ملاعب مستدامة

بالنسبة لكأس العالم 2022، فقد شيدت قطر 7 ملاعب في حين شهد ملعب خليفة الدولي أعمال تطوير شاملة، ومن المنتظر أن تتبرع قطر بنحو 170 ألف مقعد من أجل تحسين البنية التحتية الرياضية في الدول النامية. ومن ثم، فمن المتوقع إنشاء 22 ملعباً جديداً في الدول النامية، وسيُحوّل ملعب لوسيل إلى وجهة مجتمعية تضم مدارس ومتاجر ومقاهي ومرافق رياضية وعيادات طبية.

وكانت قطر قد اهتمت بتأسيس ملاعبها بناءً على أسس مستدامة، مثل ملعب البيت الذي شُيد من أكثر من 900 حاوية معاد تدويرها، كما تتسم ملاعب البطولة بأنها صديقة للبيئة وتستخدم أحدث التكنولوجيات لإعادة تدوير النفايات واستخدام المياه.

إرث مستدام لذوي الهمم

نظراً لعجز أصحاب الهمم عن أداء أبسط المهام، حضرت قضاياهم بقوة في بطولة كأس العالم، إذ أسهم إنشاء أرصفة ودورات مياه مخصصة لهم، وتصميم وبناء المواقع لتكون أكثر راحة ويُسر، وتطوير شبكة نقل توفر خدمات تناسب احتياجاتهم، في وجود إرث مستدام لهم لما بعد انتهاء البطولة، ما يعود بالنفع على ذوي الهمم.

تمرير الاستفادة إلى البطولة المقبلة

التقى 30 شاباً وشابةً، خلال المهرجان السنوي لمؤسسة الجيل المبهر، وفداً من كندا والمكسيك والولايات المتحدة، ضمن فعالية تلقي الضوء على تعلم المهارات الرئيسية من خلال كرة القدم، بما في ذلك العمل الجماعي والقيادة.

وحرصت مؤسسة الجيل المبهر على تمرير ما تعلمته خلال رحلة الإعداد لاستضافة كأس العالم 2022، إلى منظمي النسخة القادمة من البطولة العالمية، كما سلطت الضوء على تأثير مبادراتها على مدار 12 سنة، على أكثر من مليون شخص على مستوى العالم.

المحتوى محمي