نثني على كين باكر لتذكيره قادة القطاع بدورهم المهم في تبني الشركات ممارسات مستدامة أكثر لتعزيز الاقتصاد الدائري، ونتفق مع دعوته لتسريع التعاون عبر القطاعات في عمليات التصنيع بما يضمن اكتساب هذه الممارسات الزخم المطلوب. إذا كان القائمون على قطاع الأزياء ملتزمون حقاً بالانتقال إلى اقتصاد دائري، فيجب عليهم التخلي عن التفكير المنغلق وتبني عقلية تجارية تعاونية لإنشاء أنماط إنتاج مسؤولة قائمة على الحلقة المغلقة لتقليل النفايات.
العمل التعاوني محفز أساسي لاكتشاف النهج المبتكرة التي تنقل صناعة الأزياء نحو النموذج الدائري، وتوسيع نطاقها، ونعتقد أن التكافل الصناعي هو أحد هذه الأساليب التي تبشر بالخير. ابتكرت أسلوب التكافل الصناعي عالمة الإدارة البيئية الصناعية، ماريان تشيرتو، واعتمدته القطاعات المنفصلة كي تشكل وحدة مترابطة وتكتسب ميزة تنافسية من خلال تبادل المواد والطاقة والمياه والمنتجات الثانوية. يعالج هذا النهج نفايات النسيج من خلال تحويل نفايات صناعة ما إلى مورد لصناعة أخرى، وقد اعتمده كل من الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لتعزيز الاقتصاد الدائري.
يمثل تقليل استهلاك الموارد وإعادة استخدام ما بين أيدينا من مواد عنصرين أساسيين في نهج التكافل الصناعي (وهما أيضاً اثنان من ثلاث استراتيجيات للحد من النفايات إلى جانب إعادة التدوير). بالنظر إلى الدور المهم الذي يمكن أن يؤديه هذا النهج في تعزيز أنماط الإنتاج المسؤولة، فمن المفاجئ أن يلمح باكر إليه فقط عندما يذكر التحدي المتمثل في ربط النفايات الصناعية بعملية الإنتاج المستندة إلى إعادة التدوير، إذ يشير على وجه التحديد إلى أن سلوك الاستهلاك المفرط، وهو السبب الرئيسي لنفايات الألبسة، هو المصدر الأهم لتحقيق الاقتصاد الدائري في قطاع الأزياء، وعلى الرغم من ذلك فتغيير هذا السلوك صعب جداً، ويوضح باكر أن الاقتصاد الخطي السائد في صناعة الأزياء يولد منتجات غير مكلفة يمكن التخلص منها، ما يشجع على مستويات استهلاك عالية ضرورية لربحية قطاع الأزياء ونجاحه، وهذا هو الانتقاد الأساسي الذي وجهه إلى مجموعة شركات ساستينابيليتي إنك (Sustainability Inc) التي لم تتجاوز جهودها الجماعية فيما يخص الاقتصاد الدائري أكثر من تعديلات طفيفة على نماذج أعمالها الخطية الطويلة الأمد.
يتطلب التخلص من الاعتماد على نماذج الأعمال والمعايير الخطية الراسخة استثماراً كبيراً في الموارد المالية والتقنية، ومع ذلك، فالمخاطر وعدم اليقين المرتبطين بالتكاليف الأولية للانتقال إلى نماذج الأعمال الدائرية، إلى جانب المخاوف بشأن هذه ربحية النماذج، تجعل هذه الشركات الراسخة أقل مرونة في اكتشاف الفرص التي يمكن أن يتيحها التعاون عبر القطاعات والممارسات الدائرية مقارنة بالشركات المتوسطة الحجم في قطاع الأزياء.
يمكن للشركات التي تتردد في تبني النموذج الدائري أن تستفيد من الأبحاث المعمقة التي توضح الأمثلة الناجحة للتكافل الصناعي والاسترشاد بها للانتقال إلى نموذج العمل هذا. تكشف النتائج التي توصلنا إليها من مركز أبحاث الاقتصاد الدائري (CERC) أن الاقتصاد الدائري يغير عمليتي إنتاج السلع والخدمات واستهلاكها تغييراً جذرياً، ويتمثل التحدي الملح من منظور الشركات في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام مع الحفاظ على البيئة الطبيعية في الوقت ذاته. يُظهر مركز أبحاث الاقتصاد الدائري مزيداً من الأدلة على أن نماذج الأعمال، والتكافل الصناعي، وريادة الأعمال هي عوامل أساسية لنجاح الاقتصادات الدائرية. تتيح هذه العناصر إنشاء حلول مبتكرة ومستدامة ومجدية اقتصادياً تركز على كفاءة الموارد وحماية البيئة. يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، إلى جانب الشركات المتعددة الجنسيات، تغيير عملياتها من خلال الاستثمار في التكافل الصناعي والاعتراف بالأهمية الاستراتيجية للتعاون عبر القطاعات وشراكات الاقتصاد الدائري.
ومع ذلك ، فالتكافل الصناعي لا يوفر وحده حلاً شاملاً لمشكلة الاستهلاك العالمي أو آثار الاستهلاك المفرط على المناخ، لكنه يتيح إمكانية هائلة للمضي قدماً في المساعي نحو الحياد الكربوني مع توليد فوائد الاقتصاد الجزئي والكلي. يمكن للشركات الكبرى ذات سلاسل القيمة العالمية الواسعة أن تستخدم التكافل الصناعي لمعالجة العوائق العديدة التي أشار إليها باكر والتي تحول دون تبني النموذج الدائري. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الشركات الدعوة إلى خفض الاستهلاك وإعادة استخدام الموارد (هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلقة بأنماط الاستهلاك والإنتاج المسؤولة) من خلال الالتزام بنماذج أعمال جديدة تولد إيرادات بناءً على تدفقات الموارد المحسّنة المنفصلة عن إنتاج المواد الخام.
في النهاية، يجب على الخبراء مثل باكر التشديد على التكافل الصناعي بوصفه حلاً قابلاً للتطبيق للتعامل مع تحديات الاستدامة العديدة التي تواجه قطاع الأزياء، لكي يحظى بقبول واسع النطاق.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.