هل يمكن إعادة تدوير المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد؟

إعادة التدوير
shutterstock.com/Simol1407
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُوصف ساحل فيتنام بأنه بؤرة تلوث بالنفايات البلاستيكية. فمع وجود 13 نظاماً للأنهار، ونظام غير منظم لإدارة النفايات، يؤول الحال بالمواد البلاستيكية المهملة إلى الحرق في مكبات النفايات أو الانجراف عند هطل الأمطار في الأنهار التي تتدفق بعد ذلك إلى بحر الصين الجنوبي.

ويقول رائد الأعمال والمناصر البيئي، الذي يمتلك شركة “بي كيه باغز” (Bkbags) المتخصصة في إعادة تدوير الأكياس البلاستيكية، باراك إكشتاين: “فيتنام بلد ملوث لكنه جميل”.

ويبيّن إكشتاين أنه لا يجري عادة إعادة تدوير معظم النفايات البلاستيكية بعد استهلاكها، إما لأن التكنولوجيا غير موجودة أو لاعتقاد الشركات بأن الجهد المبذول لا يستحق التكلفة. ويقول: “يوجد بجانب كل زجاجة بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير كيس بلاستيكي، أو عبوات لتغليف الطعام، أو غير ذلك من البلاستيك غير القابل لإعادة التدوير الذي لا يجري جمعه لأنه لا ينطوي على أي قيمة سوقية”.

عندما حضر إكشتاين مؤتمر “تحويل بلاستيك المحيط إلى فرصة في الاقتصاد الدائري” في عام 2019، أدرك أنه يمكن استخدام البلاستيك كبديل للفحم في إنتاج الإسمنت. واكتشف أيضاً أن البرامج الحكومية لا توفر غالباً خيارات تمويل مستدامة لتحفيز الشركات على إعادة التدوير.

وألهمته تلك الأفكار تأسيس شركة “طن تو طن”، وهي شركة هادفة للربح تمنع المواد البلاستيكية من الوصول إلى المحيطات وتقدم للشركات الكبرى حلاً مستداماً لتقليل أثر التلوث البلاستيكي. يقوم نموذج أعمال شركة “طن تو طن” الذي تأسس في عام 2020 على دفع أجور لجامعي النفايات غير الرسميين لجمع النفايات البلاستيكية “العديمة القيمة” أو “ذات الاستخدام الواحد” ونقلها، ثم دفع أموال للشركات الخاصة لتحويلها إلى طاقة بديلة.

ولتعويض تلك التكاليف الأولية، تبنّى إكشتاين فكرة رصيد انبعاثات الكربون المسموح بها لتطوير “رصيد البلاستيك” الذي يمنح الشركات فرصة دعم جهود جمع البلاستيك من خلال عملية منح شهادات اعتماد. فمقابل كل رصيد تشتريه الشركات، يجري تحويل طن من النفايات البلاستيكية المجمعة وغير القابلة لإعادة التدوير إلى وقود بديل لإنتاج الإسمنت. في المقابل، تموّلُ العائدات المتأتية من الأرصدة المشتراة عمليات الجمع المستقبلي للبلاستيك وتنظيفه وتحويله.

شارك إكشتاين رؤيته المتعلقة بأرصدة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد مع شركة “زيرو بلاستيك أوشنز” (Zero Plastic Oceans)، وهي منظمة غير حكومية وضعت معايير دولية للمواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير تجارياً في المحيطات (OBP). كما أدرجت معايير جديدة للمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في عملية الاعتماد.

وفي أوائل عام 2021، أصبحت شركة “طن تو طن” أول شركة في العالم تحصل على شهادة اعتماد من قبل شركة “زيرو بلاستيك أوشنز” لتطبيقها بروتوكول تحييد المواد البلاستيكية في المحيطات. تتضمن عملية منح شهادة الاعتماد طرفاً ثالثاً مستقلاً، وهي شركة “كونترول يونيون” (Control Union)، التي تضمن استيفاء معايير تحييد آثار التلوث البلاستيكي. وتُصدر شركة “كونترول يونيون” شهادة تسجّل رسمياً في شركة “زيرو بلاستيك أوشنز”. تمنح الشركة “طن تو طن” رصيداً مقابل كل طن من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد المعالجة، وتلك المهمة هي ما ألهمت اسم الشركة، “طن تو طن” (طن إلى طن).

“يوفر نظام الرصيد البلاستيكي لشركة “طن تو طن” حلاً للشركات لتحمل المسؤولية عن جميع مخلفاتها البلاستيكية، وليس فقط المواد القابلة لإعادة التدوير السهلة الجمع وذات القيمة العالية. ويمكنها أن تسهم من خلال شراء أرصدة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في تنظيف التلوث الهائل في الأرض ومنعه من الوصول إلى المحيطات” بحسب ما يقول إكشتاين.

موّل إكشتاين شركة “طن تو طن” بشكل شخصي بداية، لكنه سعى سريعاً إلى البحث عن استثمارات خارجية للحفاظ على استدامة الأعمال. وتلقت شركة “طن تو طن” أول استثمار خارجي لها في ربيع عام 2021، عندما اشترت شركة “كلايم كو” (ClimeCo)، وهي وسيط عالمي في السلع البيئية مقرها الولايات المتحدة، 600 طن من الأرصدة البلاستيكية لبيعها بمجرد حصولها على شهادة اعتماد.

ويقول مدير إدارة برنامج “كلايم كو بلاستكس” كريس باركر: “لا نريد أن تتنظر شركة “طن تو طن” مدة شهر أو عام لتبيع الأرصدة. فهي تنجز أعمالاً لا تفكر أي شركة أخرى في أدائها”.

ويقول إكشتاين إن التدفق النقدي منح شركة “طن تو طن” “الأموال والثقة على حد سواء” للتوسع إلى مواقع جديدة في فيتنام وكمبوديا في ذلك العام.

ويمتد التزام شركة “طن تو طن” إلى موظفيها أيضاً الذين يجري تزويدهم بالتدريب ومعدات الحماية الشخصية والرعاية الصحية. يكسب جامعو النفايات، وهم حوالي 50 شخصاً في فيتنام وحوالي 250 شخصاً في كمبوديا، ما بين 5 دولارات إلى 25 دولاراً في اليوم لجمع المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وتنظيفها، مثل الحقائب والملابس والأحذية.

وقد تم جمع أكثر من 450 طناً من النفايات البلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير من فيتنام وكمبوديا منذ شهر مارس/آذار 2021. وعلى الرغم من أن الأمطار الموسمية وجائحة “كوفيد-19” أدت إلى إبطاء عملية التجميع، تمكنت شركة “طن تو طن” من استيفاء أول 600 طن هذا الربيع. واشترت شركة “كلايم كو” مؤخراً 1,750 طناً. وهي تعمل اليوم مع 4 مصانع للإسمنت لتحويل البلاستيك.

وبدأت شركة “طن تو طن” مؤخراً في كمبوديا حملة توعية حول “السواحل الخالية من البلاستيك” بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمات غير الحكومية المحلية والحكومة الملكية في كمبوديا. وهي تخطط لعقد برنامج تعليمي حول إعادة التدوير في 15 مدرسة كمبودية، لتصل إلى 10,000 طالب بحلول نهاية عام 2023. وهي تعتزم بحلول ذلك الوقت بناء 4 مراكز تجميع أخرى بهدف جمع 3,000 طن من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.

ويقول إيكشتاين: “إن افتتاح مراكز تجميع جديدة سيساعد على الحد من الفقر، وخلق مجتمعات أكثر استدامة، وتحسين الحياة البحرية، ومساعدة الشركات على تحمل المسؤولية عن نفاياتها البلاستيكية”.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.