بعد فترة وجيزة من توظيف الصحفية ميشيل سينغليتاري في صحيفة ذا واشنطن بوست (The Washington Post) في عام 1992، سألت محرر الأعمال في الصحيفة فيما إذا كان لون بشرتها الداكنة هو السبب خلف تعيينها، مع أن "ميشيل" توظفت بعمر 29 عاماً، وفي جعبتها سنوات من الخبرة في كتابة التقارير، وجدت نفسها مراراً في موضع تبرير مؤهلاتها لهذه الوظيفة أمام زملائها. عندما أخبرها المحرر أن عِرقها هو السبب الفعلي لتوظيفها، أكد أسوأ مخاوفها. قالت لنفسها وهي تحبس دموعها: "إذاً كان زملائي في غرفة الأخبار الذين يتقصون طريقة حصولي على هذه الوظيفة بهذه السرعة، على حق في نهاية الأمر". وحسب آخر رواية لـ "ميشيل" عن هذه الواقعة، أضاف المحرر: "كما وظفتك لأنك امرأة، ولأنك تنتمين إلى الطبقة الفقيرة، والأهم من كل ذلك، لأنك صحفية ماهرة، كما وظفتك لإمكاناتك الهائلة ولأنني أريد إرشادك".
بشرتي ليست داكنةً، وبصفتي أستاذةً جامعيةً وقائدةً أكاديميةً لم أكن يوماً في غرفة أخبار، لكنني شعرت بألم "ميشيل". فأنا ولدت وترعرعت في الهند، وانتقلت إلى الولايات المتحدة لنيل شهادة الدكتوراة، ثم هاجرت إلى كندا وانضممت إلى "الأقليات المرئية". خلال رحلتي المهنية التي دامت ثلاث عقود، طرح عليّ العديد من الأشخاص الموهوبين الذين وظفتهم نفس السؤال الذي طرحته "ميشيل": هل وظفتموني بسبب موهبتي، أم لتحققوا معايير معينة؟
إن الشعور الناتج عن معاملة الفرد كرمز، وكشخص ليس له قيمةً تذكَر في المؤسسة، شائع في مختلَف النظم والتراكيب السكانية. على سبيل المثال، يؤكد تقرير صدر في عام 2017 عن أفراد من السكان الأصليين الذين يخدمون في الخدمة العامة الفيدرالية الكندية أن "المشاركين فيه عبروا عن إحساسهم بأنهم "يُجعلون رموزاً". إذ أنهم وضحوا هذا الشعور من خلال سرد تجارب اضطروا فيها إلى تبرير أنفسهم وهوياتهم وثقافاتهم. ويوضح التقرير: "لقد شعروا أنهم ملزمون دائماً بالدفاع عن تاريخ وثقافات السكان الأصليين أو شرحها لزملائهم من غير السكان الأصليين". "ذكر الموظفون من السكان الأصليين أن كبار القادة يبحثون عنهم لالتقاط الصور معهم. لكن لم يطلَب منهم مشاركة خبراتهم ومعرفتهم النابعة عن انتمائهم إلى السكان الأصليين عندما يستدعي الأمر ذلك فعلاً، مثل صياغة سياسة أو برنامج موجه إلى مجتمعات وشعوب السكان الأصليين".
إن تقييد مشاركة الموظفين وحصرها في قضايا محددة عن "التنوع" هي إحدى الممارسات الأخرى التي تقلل من قيمة الموظفين ومن مساهماتهم. على سبيل المثال، عندما رفضت الصيدلانية ناماندجي بامبوس دعوةً للعمل في لجنة للتنوع، وهي المرأة صاحبة البشرة الداكنة الوحيدة التي ترأس قسم الصيدلة في كلية الطب الأميركية، ورد أن زميلاً أبيض البشرة قال لها: "بماذا نفعنا انضمامك لنا إذاً؟" الرسالة التي وصلت إلى "ناماندجي" أن معرفتها وخبرتها لا تقدَّر إلا عند المناقشات حول العرق والتنوع، وأن رأيها ليس مشروعاً أو حتى مرغوباً به في أي قضية غير ذلك.
إن هذه التجارب ما هي إلا أمثلةً لما يمكن أن نطلق عليه اعتبار التنوع نقصاً؛ وهو التصور السلبي للأشخاص، وجعلهم رموزاً بسبب هويتهم، الذي ينتج عنه انتقاص منهجي من كرامتهم وقيمتهم ومهاراتهم الكلية وحصرها في "تنوعهم". سأدرس في هذه المقالة أثر الاعتقاد بالنقص على الموظفين المنتمين إلى المجموعات التي لا تمثَّل تمثيلاً كافياً، وكيف يثبّط ذلك شعورهم بالانتماء، وأبحث عن السبل الممكنة لتعزيز هذا الانتماء. أستخدم مصطلح "لا تمثَّل تمثيلاً كافياً" للإشارة إلى أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين وأصحاب البشرة الملونة (BIPOC)، لكن هذه التجارب منتشرة بين الفئات المهمشة الأخرى.
اعتبار التنوع نقصاً
تنبع هذه السلوكيات من الاعتقاد السائد بأن "التنوع" و"الجدارة" مفهومان متضادان. في هذه الثنائية المتناقضة، تتضمن جدارة الفرد قدرته على استيفاء مجموعة من المعايير "الموضوعية". يعتبَر نجاح أي شخص مبني على "الجدارة فقط"، مثل قبوله في وظيفة أو جامعة مرموقة، ويعتبَر الفشل نتيجة قلة الجدارة؛ أي "النقص".
يحتوي مفهوم الجدارة هذا العديد من المغالطات في مجال العمل؛ أولاً، هو قائم على الفردية: أي الادعاء أن الأفراد سينجحون بمفردهم دون أي مساعدة أو أي امتياز مستمد من خلفيتهم أو تنشئتهم أو هويتهم. ضمن هذا الإطار، لن ينجح الفرد الذي لا يستطيع استيفاء المعايير "الموضوعية" لـ "الجدارة" في نظام قائم على الجدارة. هذه هي النتيجة "الصحيحة". فكر الآن في احتمالية الاستبعاد المنهجي لتلك النتائج "الصحيحة" لفئات اجتماعية معينة، وبوجود مخاوف من أن هذا الاستبعاد يجب أن ينعكس. من المنظور الثنائي للجدارة/النقص، لا يمكن عكس هذا الاستبعاد إلا إذا قدمنا "تنازلات"، و"خفضنا معاييرنا"، وقررنا دعم الأفراد "الأقل جدارةً".
لكن عندما ينتمي الأفراد المستبعدون منهجياً إلى مجموعات عرقية معينة، فإن نقص الجدارة يصبح مقترناً بهذه المجموعات أيضاً. فتكون النتيجة أنه عند تعيين أفراد هذه المجموعات "الناقصة" في مناصب أو قبولهم في مؤسَّسات "تقوم على الجدارة"، يُنظر إليهم لاحقاً أنهم تمكنوا من الانضمام بسبب "تنوعهم" الناتج عن هويتهم العرقية فقط. بمعنى آخر، إذا "نجحت" وكنت تنتمي لمجموعة "لا تمثَّل تمثيلاً كافياً"، فإن الرسالة التي ستتلقاها مراراً هي: لا بد أنك عيِّنت بسبب هويتك فقط، لأن هويتك هي القيمة الوحيدة التي يمكنك تقديمها للمؤسَّسة، لولا هويتك، لشغل شخص آخر يتصف "بجدارة أكبر" مكانك.
وضحت المختصة في العلوم السياسية في جامعة ألبرتا ماليندا سميث أن هذا التفكير المتحيز موجود حتى عندما تثبت العديد من الأمثلة أن التنوع يساهم مباشرةً في تحقيق النجاح. توضح "ماليندا" أن هذه الثنائية المتناقضة تلمح إلى أن "بعض الأفراد، بحكم انتمائهم إلى فئة اجتماعية معينة، هم أقل جدارةً. يتوافق هذا الموقف والرأي مع التعريف الموحَّد للصورة النمطية السلبية، وهذه الصورة النمطية تولد وتعزز اعتبار التنوع نقصاً. بعيداً عن تعزيز وأد الجدارة كما أشار إليها بعض النقاد، فإن الصورة النمطية لاعتبار التنوع نقصاً تعزز وهم الجدارة دون سواها".
يوضح الباحثان لوري باتون ديفيس وساميول موسيوس ذلك قائلين: تنعكس السمة الرئيسية للاعتقاد بالنقص في الميل إلى إلقاء اللوم على الضحية. على سبيل المثال، إذا حاولنا فهم سبب الأداء المنخفض للطلاب ذوي البشرة الملونة في الاختبارات الموحدة، فإن منظور الاعتقاد بالنقص سيرجع هذه الأسباب إلى ضعف إمكانيات الطلاب أنفسهم. لكن يوجد بحث مهم يكشف أن الاختبارات المُوَحَّدة تستند على نظام التحيز العنصري تاريخياً، ما جعل نجاح بعض الطلاب مستحيلاً.
ثانياً، يعتمد مفهوم اعتبار التنوع نقصاً على أنظمة القمع المعقدة. لنأخذ مثالاً على ذلك، العنصرية التي يواجهها الأطباء ذوي البشرة السمراء والبنية والمنتمين إلى السكان الأصليين، عندما يرفض المرضى من أصحاب البشرة البيضاء أن يتلقوا العلاج منهم، معبرين عن معتقدات راسخة بأن الأطباء ذوي البشرة الملونة أقل كفاءةً من الأطباء من أصحاب البشرة البيضاء. ثالثاً، على عكس هذه التصرفات المكشوفة، يمكن أن يتجلى الاعتقاد بالنقص على هيئات خفية ومستترة، ويتجسد هذا في النساء ذوات البشرة الملونة في الأوساط الأكاديمية اللائي يُفترض أنهن غير أكفاء بسبب عرقهن و/أو إثنيتهن، وبمجرد دخولهن إلى أماكن عملهن في ظل هذا الافتراض، تحتد عليهن وطأة هذه المعركة الشاقة لدرجة أن بعضهن تشعرن بأنهن مضطرات للانسحاب. رابعاً، يعزز الاعتقاد بالنقص الأنظمة الحالية القائمة على الاستبعاد وعدم المساواة. أحد الأمثلة على هذا النوع من الاعتقاد بالنقص هو "تشجيع" الأطفال من فئات معينة على الالتحاق بمسارات تعليمية ووظيفية معينة وتثبيط همتهم عن الالتحاق بمسارات أخرى، ما يديم الانقسامات المجتمعية الحالية خلال الأجيال القادمة.
الضريبة العاطفية
تفرض الأشكال الخفية والمكشوفة للعنصرية الناتجة عن اعتبار التنوع نقصاً ضريبةً عاطفيةً على الأشخاص الذين ينتمون إلى المجموعات التي لا تمثَّل تمثيلاً كافياً. وبحسب المؤلفين دنيكا ترافيس وجينيفر ثورب-موسكون، فإن الضريبة العاطفية هي "عبء نفسي يلزم المرء باستهلاك موارده العقلية للبقاء يقظاً إزاء التحيز والتمييز والاستبعاد"، وبمرور الوقت، تسبب هذه الضريبة العاطفية أذىً شخصياً ومهنياً على رفاه الشخص ونجاحه المهني.
إليك أربع حالات بارزة تتجلى فيها الضريبة العاطفية:
العزلة والتهميش: تصف الطبيبة النفسية الأكاديمية صاحبة البشرة الداكنة ليا توماس نفسها "بالبقعة الداكنة على قماشة بيضاء"، تعبيراً عن نظرة زملائها إليها حسب اعتقادها. وبحسب ما يبين هذا القول، يشعر أصحاب البشرة الملونة بالوحدة لأنهم فعلاً بمفردهم في معظم الأحيان ضمن المؤسَّسة، ويزداد هذا الشعور كلما ارتقت مناصبهم. يبين مشروع "فجوة التنوع" الافتقار الدائم إلى التنوع في أرفع المناصب القيادية في الجامعات ضمن الأوساط الأكاديمية الكندية. كما أن الفجوات الناتجة عن عدم وجود ممثلين عن أصحاب البشرة الملونة في القطاعات الربحية وغير الربحية موثقة بدقة، إضافةً إلى توثيق آثارها عليهم عندما يشغلون مناصب في هذه المجالات.
متلازمة المحتال: تشير هذه المتلازمة إلى تشكيك المرء المتواصل بنفسه على الرغم من وجود دلائل على نجاحه. يُظهر لنا بحث حالي مدى التفشي المنهجي لمتلازمة المحتال، فضلاً عن آثارها المفرطة على أصحاب البشرة الملونة. لكن عندما استُحدِث مفهوم متلازمة المحتال، لم تؤخذ آثار التمييز العرقي أو أشكال التحيز الأخرى في الاعتبار، لذا ضمن السياق الحالي، علينا الإقرار بأن هذه المتلازمة قضية اجتماعية وثقافية، وهي ليست مشكلةً فرديةً تحتاج إلى "حل" فردي.
العجز: تتألف المؤسَّسات من هيكليات من العلاقات بين القوى. فمثلاً تتألف الجامعة من تراتبية تتمثل فيها العلاقات بين القوى بين الأنواع/المناصب المختلفة من الهيئة التدريسية والطلاب والموظفين والإدارة. تفاقم هذه التراتبية تأثيرات القوى المنهجية الأخرى، لا سيما عندما يكون الشخص الذي يتعرض للتمييز العرقي غالباً هو الشخص الأقل نفوذاً. فمثلاً يتضاعف اختلال موازين القوى بين طالبة وأستاذ، عندما تكون الطالبة هي صاحبة البشرة الداكنة الوحيدة في الفصل الدراسي؛ ما يزيد شعورها بالعزلة والاستضعاف والتردد في التحدث. كما يغير التمييز العرقي العلاقات بين القوى من نواحٍ مهمة، فعلى سبيل المثال، عند تناول العلاقة بين الطالب والأستاذ، نتوقع عادةً أن يكون للمعلم "سلطة" على الطالب، وأن الطالب هو من سيتعرض للتمييز العرقي، مع أن هذا أمر صحيح، لكن المعلمين يتعرضون أيضاً للتمييز العرقي الذي يتجلى في تقييم تدريسهم، والذي يكشف عن كثرة الافتراضات حول قلة كفاءة المرء الذي ينتمي إلى غير العرق الأبيض.
الغموض: عندما تكون قواعد المشاركة مبهمةً، تبقى أدوار الأفراد ومسؤولياتهم غامضةً وعرضةً للتأويل، فمثلاً ماذا سيحدث إذا انتقد المرء تصرفاً عنصرياً علناً؟ صحيح أن قادة المؤسَّسات يحثون موظفيهم على فعل ذلك، لكنهم لم يحددوا لهم العواقب المحتملة لذلك بوضوح. هل سيترتب قصاص على التصرف العنصري؟ هل سينظَر في الأمر ليحكَم فيه؟ هل سيحدث تفاهم؟ هل تُحدِث هوية الشخص الذي انتقد الفعل العنصري فرقاً؟ هل تختلف الاستجابة لانتقاد تصرف عنصري من شخص داكن البشرة أو ينتمي إلى السكان الأصليين لأميركا عن الاستجابة لانتقاد من شخص أبيض؟ نادراً ما تقدم المؤسَّسات إجابات واضحة على مثل هذه الأسئلة، ويبرز هذا خاصةً في قواعد المشاركة التي تتبعها لجان المؤسَّسة. إذ تكون اللجان مسؤولة عن اتخاذ القرارات المهمة، ويحدَّد تشكيل اللجنة في معظم المؤسَّسات من خلال مبادئ توجيهية أو سياسات معينة. إن الهدف من تشكيل اللجان إتاحة الفرصة لجميع أصحاب المصالح للمشاركة في صنع القرار، لكن اللجان تعمل في إطار مصفوفات من العلاقات بين القوى، التي تفرض قيوداً على مدى المشاركة المجدية لكل عضو فيها. إن شعور الأفراد بالتهميش أو الإسكات ضمن اللجان التي ينضمون إليها آملين أن يؤثروا على عملية اتخاذ القرارات، له تأثير محبط، فهو يرسخ مشاعر العجز التي تحدثنا عنها في هذه الفقرة. يصعب تجاوز هذه المشاعر، التي تتسبب في انسحاب المرء نهائياً من المؤسَّسة.
ثلاث خطوات لتعزيز الشعور بالانتماء
تنتج عن اعتبار التنوع نقصاً، ضريبة عاطفية تمنع أصحاب البشرة الملونة من الشعور بالانتماء إلى مؤسَّستهم، لكن يمكن للمؤسَّسات - بل ويجب عليها - اتخاذ تدابير تتعمد فيها استئصال الممارسات والثقافات التي تغذي هذه الضريبة العاطفية. يجب أن تتعدّى هذه التدابير مجرّد إجراءات مبسَّطة تتخذها الموارد البشرية أو تدريبات على تجنب الانحياز اللاإرادي، وأن تمحِّص في السياسات والممارسات المؤسَّسية. فيما يلي أربعة اقتراحات تبين كيف يمكن للمؤسَّسات أن تبدأ في تحقيق ذلك:
توقف عن اعتبار الإساءات البسيطة حوادث منفصلة. تستطيع المؤسَّسات تحديد أشكال الإساءات البسيطة التي تطلق العنان لدوامة الشك الذاتي السامة، وتبذل جهوداً متضافرةً مكثفةً للقضاء عليها. علينا التوقف عن التعامل مع الشكاوى من الإساءات البسيطة على أنها أحداث جرت لمرة واحدة وستعالَج على أنها مشكلة موظف واحد، بل علينا أن ننظر إليها على أنها ظاهرة تدل على سلوك نمطي أوسع في كامل المؤسَّسة (والمجتمع). ويمكننا قول الشيء نفسه عن متلازمة المحتال، فكما أشار الباحثان الطبيان ساميوكتا مولانغي وريشما جاغزي في مقال نشراه مؤخراً: "ليست متلازمة المحتال سوى أحد أعراض داء عدم التكافؤ". إن فهم هذه الحالات على أنها حالات تمييز عرقي واعتبارها جزءاً من النزعة المنهجية ناحية اعتبار التنوع نقصاً، أمر ضروري لبناء ثقافة انتماء مؤسَّسية.
تفعيل المشاركة المجدية. تعَد المشاركة المجدية لجميع أفراد المؤسَّسة أمراً بالغ الأهمية لتنمية إحساس حقيقي بالانتماء، لكن يشعر أفراد المجموعات التي لا تمثَّل تمثيلا كافياً بأنهم مستبعدون من المشاركة في معظم الأحيان، أو الأسوأ من ذلك، أنهم يشعرون بأن مشاركتهم مطلوبة فقط كإجراء رمزي. وكما سبق وذكرت، أن مشاركتهم في اللجان التي تتخَذ فيها القرارات المؤسَّسية المحورية، ذات أهمية بالغة. يجب على المؤسَّسات أن توضّح قواعد المشاركة في اللجان، مع مراعاة ديناميكيات السلطة والحضور القوي لاعتبار التنوع نقصاً.
التوقف عن اعتبار التنوع نقصاً. يحثنا الباحثون المناهضون للتمييز العرقي مثل "لوري" و"ساميول" على التوقف عن اعتبار التنوع نقصاً، وتبنّي منظور مناهض لهذا. يرفض المنظور المناهض لاعتبار التنوع نقصاً الرأي بأن المجموعات التي لا تمثَّل تمثيلاً كافياً تتسم "بنواقص" معينة لن تفي بالمعايير "الموضوعية" "للجدارة". يشرح ذلك مدرس الرياضيات أديتيا أديريدجا في مقالته عما يسمى "التحصيل الدراسي الضعيف" في الرياضيات للطلاب من أصحاب البشرة الملونة:
يبدأ المنظور المناهض لاعتبار التنوع نقصاً بافتراض أن الطلاب من أصحاب البشرة الملونة قادرون على التفكير بأسلوب رياضي وأنهم يقدمون موارد منتجةً لتعلم الرياضيات. وبتحدي وجهات النظر التي تعتقد بالنقص في بناء المنطق الرياضي، تدرك وجهات النظر المناهضة لاعتبار التنوع نقصاً إنتاجية المعرفة التي يكتسبها هؤلاء الطلاب من خلال تجاربهم داخل الفصل الدراسي وخارجه.
هذه هي القضية الجوهرية للمنظور المناهض لاعتبار التنوع نقصاً، وهي أن نعترف بأن أفراد المجموعات التي لا تمثَّل تمثيلاً كافياً ليسوا "ناقصين" بل بحكم تجاربهم الحياتية والعوائق المنهجية التي يواجهونها ويتغلبون عليها، هم يقدمون وجهات نظر قيمة وفريدة من نوعها.
لنأخذ معرفة السكان الأصليين في المجال الصحي مثالاً: توضّح نادين كارون، أول امرأة من السكان الأصليين تعمل في الجراحة العامة في كندا: لو حظيَت معرفة السكان الأصليين في المجال الصحي بالتقدير، لأصبح السكان الأصليون يوماً ما "قادةً في مجال الصحة، ليس في مجال صحة السكان الأصليين فحسب، بل في مجال الصحة بشكل عام". المتوقَّع هنا هو تحول جوهري في المنظور عن معارف السكان الأصليين والشعوب الأصلية يركز على الثروة التي يمكنهم المساهمة بها بدلاً من "نواقصهم". في عالم يتبنى مثل هذا المنظور المناهض لاعتبار التنوع نقصاً، لن يضطر خبراء مثل "ميشيل" إلى التساؤل عن سبب تعيينهم.
لن تتحقق هذه التحولات بسهولة. يجب أن يكون إصغاؤنا لبعضنا، وممارستنا للتأمل الذاتي القاسي، وتحلينا بالتواضع للاعتراف بأهمية التغييرات المطلوبة هي نقاط انطلاقنا. وأعتقد أننا بدأنا بالفعل. وعلى الرغم من تباين مراحل عملية التغيير بين مؤسَّسة وأخرى، لا أخشى من التمسك بالأمل.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.