كيف تقنع منصة نوى المتبرعين بدعم مبادراتها؟

3 دقائق
منصة نوى
shutterstock.com/Honza Hruby

يرفض المانحون الاستمرار في تقديم تبرعات إلى المؤسسات الخيرية التي لا تقدم معطيات موثوقة عن مصير تبرّعاتهم، على ما أُنفقت ولصالح من وبأية نتائج. لذا تحرص المؤسسات الخيرية على تقديم نشر تقارير مسنودة بمعطيات دقيقة تبيّن رحلة التبرّعات من لحظة تلقيها إلى توزيعها وصرفها مع بيان آثارها على الفئات المستهدفة. فاستقرار المؤسسات الخيرية يعتمد على تبرعات الأفراد والشركات. لذا كلما كان مسار الأموال واضحاً وقابلاً لتتبع وشفافاً؛ زادت ثقة المانحين بالمؤسسة ما ينعكس بدوره على استقرارها وقدراتها. ففي الأردن مثلاً، تربط منصة نوى، وهي إحدى مبادرات مؤسسة ولي العهد، المتبرعين بالجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية، وتتيح قياس الأثر الناتج عن هذا التعاون.

كما تتيح المنصة طرق سهلة وآمنة للتبرع للمشاريع التي تنفذها مؤسسات خيرية موثوقة، وتوّثق مراحل تطور هذه المشاريع ونتائجها إلكترونياً بما يعزز الثقة بين الجهات المعنية بالعمل الخيري.

تنمية الأثر عبر العمل المشترك

يساعد العمل الاجتماعي المشترك في رفع سوية القطاع الخيري، من خلال توزيع الموارد بطريقة منظمة، وزيادة كفاءة التنفيذ وتعزيز التواصل بين كافة عناصر المجتمع. ويتطلب التغيير الاجتماعي على نطاق واسع تنسيق أفضل بين المانحين والمتبرعين ومؤسسات المجتمع المدني لتحسين نتائج العمل الخيري على المدى البعيد، وأظهرت دراسة الباحث الكويتي عبد الرحمن صالح بوبشيت بعنوان: "دور التنسيق بين مؤسسات العمل الخيري في تطوير التعاون والشراکة تحقيقاً لأهداف المسؤولية المجتمعية بدولة الكويت"، الحاجة إلى اهتمام قيادات المؤسسات الخيرية بالتخطيط الاستراتيجي، وتوضيح آليات محددة للتنسيق من أجل تحقيق أهدافه وخططه.

يعتمد استقرار المؤسسات الخيرية على تبرعات الأفراد والشركات، وتساعد منصات مثل نوى في جذب المتطوعين والاستعانة بقاعدة معرفية أوسع لإحداث تأثير إيجابي أكبر، وبصورة عامة، تلجأ المؤسسات للعمل الاجتماعي المشترك من أجل ثلاثة أسباب رئيسة:

  1. تعزيز الكفاءة التنظيمية: لتكون المؤسسة قادرة على إنجاز عملها بسرعة أكبر وموارد أقل.
  2. زيادة الفعّالية التنظيمية: لتكون المؤسسة قادرة على النهوض بمهمتها المعلنة بنجاح أكبر، على سبيل المثال، تعمل مؤسسة بوسطن الكبرى بين الأديان (Greater Boston Interfaith Organization) على بناء قوة جماعية لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إشراك الأفراد في معالجة المشكلات الجوهرية، واستخدام أساليب تنظيم فعّالة لإشراك القادة وتطويرهم.
  3. تغيير اجتماعي أوسع: تتبنى العديد من المؤسسات غير الربحية التعاون كوسيلة لإيجاد حلول مختلفة لمشكلة ما من خلال توحيد الجهود مع الجهات الأخرى.

آثار اجتماعية قابلة للقياس

وتلبي منصة نوى دوافع العمل الاجتماعي المشترك من خلال التعاون مع الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية ومناقشة المشاريع ومتابعة تنفيذها، وقياس الأثر الاجتماعي لمساهمات الشركات والأفراد لضمان فاعليتها، إذ تركز آلية عمل المنصة على:

  • بناء الشراكات مع الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية الملتزمة بمعايير الحوكمة لكسب ثقة المانحين والمتبرعين، إذ أكدت دراسة أردنية بعنوان: "أثر تطبيق مبادئ الحوكمة على المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات الخيرية"، أهمية تطبيق الحوكمة المؤسسية لتعزيز الثقة بالقطاع الخيري، وأوصت باعتماد المؤسسات الخيرية دليلاً مكتوباً حول مبادئ الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية.
  • تحديد المشاريع التنموية ذات الأثر الاجتماعي القابل للقياس، واستقطاب المتبرعين لدعمها، فمن خلال قياس الأثر ونشره؛ تُظهر المؤسسة الخيرية الفرْق الذي تحدثه في حياة المستفيدين، وتتمكن من استخدام الموارد المحدودة بكفاءة أعلى، ويفهم أصحاب المصلحة طبيعة عمل المؤسسة للمشاركة فيه.
  • متابعة تنفيذ المشاريع وفق الخطة المحددة لتحقيق الأثر المرجو، وتوثيق مراحل العمل ونتائجه على المنصة، لمعرفة مدى فاعلية الجهود المبذولة وتحسينها، وتلبية توقعات المتبرعين والمانحين من العمل الخيري، إذ أكد 71% من المتبرعين المشاركين في استطلاع العطاء العربي التي أعدتها مجلة زمن العطاء، وشركة يوغوف (YouGov) للدراسات عام 2015، أنهم سيوقفون تبرعاتهم إلى المؤسسات الخيرية التي لا توضح كيفية إنفاق الأموال والجهات المستفيدة منها، فيما يطالب 76% من المانحين المؤسسات الخيرية بتقديم أدلة على مدى فعاليتها، واعتماد الشفافية في الإفصاح عن نتائج أعمالها.

تحفيز الأفراد على العطاء

تُطبق منصة نوى هذه الآلية على مشاريع متنوعة في مجالات الفن والتعليم والصحة والبيئة والمجتمع والتمكين. إذ جمعت شركة الإنترنت بيجو تكنولوجي السنغافورية، الشركة الأم لمنصة البث المباشر الاجتماعي بيجو لايف (Bigo Live)، تبرعات عبر منصة نوى بقيمة 20 ألف دولار أميركي خلال حملتها الرمضانية لعام 2022، وخُصص المبلغ لدعم مؤسسات خيرية بما فيها قرى الأطفال (SOS) الأردنية، لتعزيز صحة الأطفال وتعليمهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

بهدف تحفيز الأفراد على العطاء وتعزيز الشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص؛ تمكنت منصة نوى من خلال حملة خلي الشتا أدفى، التي تنظمها شركة كريم للنقل عبر تطبيق الهاتف الذكي، وبنك الاتحاد، وتطبيق ووشي ووش (Washy Wash) للتنظيف الجاف للملابس، من توزيع 4,268 قطعة ملابس على الأسر المحتاجة في إقليم الوسط.

وفي مجال الصحة؛ ساهمت منصة نوى في مشروع لنجعل خطواتهم أفضل الذي أطلقته الجمعية الأردنية للعون الطبي للفلسطينيين، لتغطية تكلفة أجهزة خلع الولادة وتوفيرها لأطفال المخيم، ومساعدة أهاليهم غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج.

على صعيد التمكين، ركزت نوى على دمج الطاقات الشابة في البرامج والمبادرات التنموية، وتعاونت مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف، ومؤسسة ولي العهد، ووزارة الشباب، لإطلاق المنصة الوطنية لتطوع الشباب ومشاركتهم، نحن، التي تساعد الشباب في الوصول إلى الفرص التطوعية وتوضح لهم كيفية المشاركة فيها حسب اهتماماتهم، واستقطبت نحو 94 ألف متطوع سجلوا 2.6 مليون ساعة تطوعية. ومن جهة أخرى، أطلقت المنصة عام 2020 صندوق لتمويل المبادرات الشبابية الجديدة، بهدف دعم الشباب مادياً ومساعدتهم في تنفيذ برامجهم ومبادراتهم في المجتمعات المحلية.

بالمحصلة، إنّ تعقُد حجم التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية يتطلب جهوداً مشتركةً لمواجهتها، وتوفر منصة نوى رابط فعّال بين المؤسسات غير الربحية والمانحين والمتبرعين للعمل معاً من أجل إحداث تأثير اجتماعي حقيقي.

المحتوى محمي