مبادرة السبت البنفسجي: 3 نصائح لإطلاق حدث تنموي ناجح يكسب دعم المستثمرين

3 دقائق
السبت البنفسجي

حينما حلت الأزمة المالية في الولايات المتحدة عام 1869، تضرّر الاقتصاد بشدة وكسدت الكثير من المتاجر، وتطلبت الأزمة أفكاراً مبتكرة للتعافي. حينها بدأت موضة التخفيضات الكبرى، تلك التي تصل إلى 90% أحياناً، وكان الهدف منها جذب العملاء وحثهم على الشراء حتى في وقت الأزمة.

أثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها، ومنذ ذلك الوقت صار يوم التخفيضات الكبرى حدثاً سنوياً ثابتاً، تشارك فيه أغلب المتاجر وينتظره المشترون، ويعرف باسم الجمعة السوداء أو الجمعة البيضاء في البلاد العربية.

اليوم نسلط الضوء على تجربة تنموية خيرية استلهمها القائمون عليها من مفهوم "يوم التخفيضات الكبرى"؛ فصارت الجمعة البيضاء سبتاً بنفسجياً، واكتسبت التخفيضات طابعاً خيرياً فصارت تهدف لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم.

مبادرة "السبت البنفسجي"

"السبت البنفسجي" مبادرة تنموية أطلقتها هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة السعودية، والهدف منها تقديم عروض وتخفيضات ومزايا تجارية وخدمية للأشخاص ذوي الإعاقة في يوم محدد وهو السبت الأخير من شهر يوليو/ تموز كل عام.

أطلقت الهيئة هذه المبادرة منذ 3 سنوات بالتواصل والتنسيق مع جميع الغرف التجارية والشركات والمتاجر للتعريف بالمبادرة والحث على المشاركة فيها، كما أعلنت أن التجار يمكنهم المشاركة دون أن يتأثر رصيدهم السنوي من العروض والتخفيضات، بالتنسيق مسبقاً مع وزارة التجارة.

لاقت المبادرة دعماً واسعاً في عامها الأول، إذ شارك فيها أكثر من 1,500 نقطة بيع استفاد منها الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف أنحاء المملكة، وتضاعف هذا الرقم في النسخة الثانية منها.

أما عن النسخة الثالثة وهي نسخة هذا العام، فكانت برعاية أكثر من 300 شريك تجاري من مختلف مناطق المملكة وفي مختلف القطاعات، الصحية والتعليمية والرياضية والترفيهية والخدمية. ومع انطلاقها تصدر هاشتاج #السبت_البنفسجي وسائل التواصل الاجتماعي، وتسابق أصحاب الأعمال للمشاركة فيه، منهم تطبيق مرسول، وموقع شي إن، وشركة زين، وغيرها.

من الجدير بالذكر أن مبادرة السبت البنفسجي حازت على جائزة الحوار الوطني برعاية الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض لعام 2022. وذلك لدورها في تعزيز قيم التعايش والتسامح، بما يواكب التطورات التنموية التي تشهدها الساحة السعودية عموماً تحقيقاً للرؤية الوطنية 2030.

3 عوامل أسهمت في نجاح "السبت البنفسجي"

بالتأمل في تجربة السبت البنفسجي، والنتائج المبهرة التي حققتها على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، يمكننا أن نستخلص 3 عوامل أساسية أسهمت في نجاح المبادرة وتحقيق أهدافها، وهي:

1. توضيح المنافع

حرص القائمون على المهمة التسويقية للمبادرة على إبراز المنافع المرجوة منها وتأطيرها في صيغة واضحة تمس الجماهير، سواء كانوا عملاء من ذوي الإعاقة أو أصحاب أعمال، وتدفعهم للمشاركة.

بالنسبة لمجتمع ذوي الإعاقة، فرسالة المبادرة إليهم هي أن جودة الحياة حق ثابت لهم، وأن التشبيك بينهم وبين أصحاب الأعمال هدف ثانوي يخدم هدفاً أكبر وهو تحقيق الاندماج والشمولية لهم في كافة مناحي الحياة.

وبالنسبة لأصحاب الأعمال، فمشاركتهم تعني مدّ جسور التواصل مع فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، تلك الفئة المهمة من العملاء التي تغيب عن أذهان الكثيرين في أغلب الأحيان.

ومن خلال تجارب السبت البنفسجي السابقة، استطاع كثير من الشركاء تطوير تجربة العملاء الخاصة بهم لتكون شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، سواء في الوصول المكاني عبر توفير المنحدرات والإشارات الدلالية، وكذلك الوصول الرقمي مثل خدمات وصف الصورة للمكفوفين. لينتقل التعامل والشمولية للأشخاص ذوي الإعاقة من العاطفة إلى الحقوق الثابتة والأساسية لهم.

2. إبراز البيانات المؤثرة

تبلغ نسبة ذوي الإعاقة في المملكة 7.1% أي نحو 1,445,723 مليون شخص من عدد السكان، وذلك بحسب آخر إحصائية أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء عام 2017.

من خلال التركيز على هذه الأرقام وإبرازها على مدار مبادرة السبت البنفسجي، يمكننا القول أنها نجحت في لفت أنظار المستثمرين وأصحاب الأعمال لهذه الفئة المفقودة في الحركة الاقتصادية، وإقناعهم أن الاستثمار في شملهم يعد موقفاً رابحاً للجميع.

إذ يتحقق للأشخاص ذوي الإعاقة هدف الشمولية والاندماج، ولأصحاب الأعمال هدف تحريك عجلة الاقتصاد.

3. الاستعداد المبكر

كما الحال مع أيام الجمعة البيضاء أو السوداء التي يستعد لها أصحاب الأعمال مبكراً، أسهم اختيار تاريخ محدد ومميز لمبادرة السبت البنفسجي، والترويج الواسع لها في زيادة نسب المشاركة. فالتسعير عادةً عملية معقدة ، لذلك يسهم تحديد وقت الحدث مبكراً في الحصول على شركاء بشكل أكبر خصوصاً من العلامات التجارية الكبرى والعالمية كذلك.

تُعد مبادرة "السبت البنفسجي" الخطوة الأولى في مشوار طويل وُجهته تحقيق الاندماج والشمول في المملكة، وتمكين أفراد مجتمع ذوي الإعاقة، وتعزيز جودة حياتهم والخدمات المقدمة إليهم. وبناءً على النتائج التي نلمسها الآن، يمكننا القول بأنها كانت خطوة أولى مُوفقة وعلى المسار الصحيح، ولا يسعنا سوى الاعتماد على جهود الحكومة ووعي الجماهير لنضمن الوصول للوجهة النهائية.

المحتوى محمي